التقارير, إسرائيل, قطاع غزة

حصار وإبادة.. سوق الصحابة بمدينة غزة يقاوم خطط التهجير الإسرائيلية (تقرير)

السوق الكائن بحي الدرج وسط مدينة غزة يواصل العمل بأعداد قليلة من البسطات والمحال التجارية رغم قلة مرتاديه بسبب موجات النزوح واستمرار القصف الإسرائيلي

Hosni Nedim  | 04.10.2025 - محدث : 04.10.2025
حصار وإبادة.. سوق الصحابة بمدينة غزة يقاوم خطط التهجير الإسرائيلية (تقرير)

Gazze

غزة / حسني نديم / الأناضول

وسط الدمار الواسع في مدينة غزة، يشهد سوق الصحابة نشاطا محدودا، ليبقى واحدا من الأماكن القليلة التي لا تزال تنبض بالحياة رغم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.

هذا الحي الواقع في قلب مدينة غزة، والذي كان قبل الإبادة الإسرائيلية من أكثر المناطق حيوية، بات اليوم شبه خالٍ باستثناء هذا السوق الذي يواصل عدد قليل من الباعة العمل فيه رغم المخاطر والهموم.

ويقصد السوق عدد من الفلسطينيين الذين يتجولون بحثا عن احتياجاتهم وسط دوي انفجارات الغارات المتواصلة، حيث يتجاهل الجيش الإسرائيلي دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للوقف الفوري للقصف على غزة.

وتفاقمت أزمة توفر المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية في مدينة غزة، بعد إغلاق الجيش الإسرائيلي الأربعاء "شارع الرشيد" البحري أمام العائدين من مناطق جنوبي القطاع إلى شماله حيث مدينة غزة ومحافظة الشمال.

هذا الشارع، يشكل الطريق الرئيسي الذي يربط شمالي القطاع بجنوبه، خاصة بعدما أغلق الجيش الإسرائيلي شارع صلاح الدين شرقا في مارس/ آذار الماضي.

ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أنشأ الجيش الإسرائيلي محور "نتساريم" من أقصى الحدود الشرقية (تتقاطع مع شارع صلاح الدين) لقطاع غزة وصولا إلى شاطئ البحر غربا، حيث أغلق آنذاك شارع الرشيد أمام الفلسطينيين وفتحه لأول مرة أمام حركة المرور مع الهدنة الإنسانية في يناير/ كانون الثاني 2024، قبل أن يعيد إغلاقه مؤخرا.

وآنذاك، دخل شمال قطاع غزة في حالة مجاعة بعدما رفضت إسرائيل مرور شاحنات المساعدات من المناطق الجنوبية، كما أجبر الجيش الفلسطينيين على المرور إلى الجنوب عبر حاجز أمني تعرضوا خلاله للتفتيش والتحقيق.

في 8 أغسطس/ آب الماضي، أقرت حكومة إسرائيل خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لاحتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة، التي يسكنها نحو مليون فلسطيني.

وبعد ذلك بـ3 أيام، بدأ الجيش الإسرائيلي هجوما واسعا على مدينة غزة، شمل تدمير منازل وأبراج وممتلكات مواطنين وخيام نازحين، وقصف مستشفيات، وتنفيذ عمليات توغل.

** نقص البضائع

ورغم دفع إسرائيل مئات الآلاف من الفلسطينيين للنزوح إلى مناطق جنوبي القطاع، فضّل ماهر محمود (40 عاما) البقاء في مدينة غزة.

وعلى بسطته الصغيرة في سوق الصحابة، يعرض محمود أصنافا قليلة من الخضراوات، قائلا للأناضول وهو يشير إليها: "هذا كل ما تبقى لدي بعد إغلاق شارع الرشيد".

وأشار إلى أن إغلاق شارع الرشيد حال دون وصول البضائع والسلع الغذائية إلى مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين ما زالوا داخل المدينة رغم أهوال الإبادة.

وحذر من أن منع وصول البضائع إلى مدينة غزة سيؤدي إلى ارتفاع مضاعف بالأسعار "ما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة حينما نتحدث عن الأساسيات الغذائية كالدقيق والمعلبات وأحيانا الخضار إن توفرت".

وخلال الفترة السابقة، اتهم المكتب الإعلامي الحكومي إسرائيل بالإمعان في تجويع الفلسطينيين بغزة بعدما أغلقت منذ أكثر من 3 أسابيع معبر "زيكيم"، الذي تدخل منه شاحنات المساعدات إلى مناطق شمالي القطاع.

فيما قنن أعداد الشاحنات الواصلة إلى جنوبي القطاع عبر معبري "كيسوفيم" (وسط) و"كرم أبو سالم" جنوب، وفق بيان للمكتب الحكومي في 22 سبتمبر/ أيلول الماضي.

يأتي ذلك رغم إعلان "المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، في 22 أغسطس/ آب الماضي عبر تقرير، "حدوث المجاعة في مدينة غزة (شمال)"، وتوقعت أن "تمتد إلى مدينتي دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب) بحلول نهاية سبتمبر/ أيلول" 2025.

** مخاوف الغلاء

بدوره، يقول الشاب أحمد دلول (27 عاما)، وهو خريج كلية الإعلام في جامعة الأزهر، إنه لم يجد وسيلة لتوفير قوت عائلته سوى بيع أنواع مختلفة من المعلبات على عربة متنقلة يتحرك بها في سوق الصحابة.

وأدت الإبادة الإسرائيلية المتواصلة إلى فقدان معظم العاملين وظائفهم، وحولت جميع الفلسطينيين في القطاع إلى فقراء، وفق تصنيف سابق للبنك الدولي.

وأوضح دلول خلال حديثه للأناضول، أن إغلاق إسرائيل شارع الرشيد تسبب في ارتفاع أسعار البضائع.

ووصف الحركة الشرائية في سوق الصحابة بـ"الضعيفة" بسبب الغلاء وقلة مصادر الدخل لدى المواطنيين، مؤكدا وجود فلسطينيين "ليس لديهم ما يأكلونه".

وأشار بيده إلى مجموعة من المعلبات، بينها علب الفول وهي واحدة من المواد الغذائية التي تناولها الفلسطينيون لأيام وأشهر وسط انقطاع الدقيق خلال الفترة السابقة التي تلت إغلاق إسرائيل لمعابر القطاع أمام المساعدات الإنسانية.

ولفت إلى أن ثمن علبة الفول الواحدة بلغ 15 شيكلا (نحو 4 دولارات)، في إشارة منه لحالة الغلاء الحالية، فيما كانت قبل الحرب تباع بنحو 3 شواكل (أقل من دولار).

وتوقع دلول مزيدا من الارتفاع بالأسعار في حال واصل الجيش الإسرائيلي منع وصول السلع الغذائية إلى مدينة غزة.

وبينما كان الشاب يقف أمام عربته، التفت بسرعة إلى السماء عقب دوي صوت انفجار قوي، ومحدقا في سحابة دخان أبيض تصاعدت بعد انفجار قذيفة أطلقتها مدفعية الجيش الإسرائيلي في أجواء حي الدرج، قبل أن تتشعب منها 4 قذائف دخانية غطت المنطقة وحجبت الرؤية.

متجاهلا هذه الهجمات، عاد دلول إلى عربته لاستكمال بيع ما يتوفر لديه من سلع غذائية وتوفير قوت عائلته.

** ندرة البضائع

وبين بسطات سوق الصحابة، يتنقل الفلسطيني خالد سيف الدين عبر دراجة هوائية، محاولاً البحث عن أفضل سعر لشراء ما يسد رمق عائلته وأطفاله.

وقال للأناضول، بنبرة غاضبة: "قضيت ساعات وأنا أبحث عن الدقيق وبعض السلع والخضراوات"، مشيرا إلى عدم توفرها في الأسواق بعد إغلاق شارع الرشيد.

ويخشى سيف الدين أن تشتد المجاعة في غزة مع مرور الوقت بالتزامن مع اختفاء البضائع من الأسواق في مدينة غزة ونفادها، في محاولة إسرائيلية للضغط عليهم ودفعهم إلى النزوح بحثا عن الطعام.

ووفق المكتب الإعلامي الحكومي، فإن ما يزيد على نصف مليون نسمة ما زالوا في مدينة غزة، ويرفضون النزوح باتجاه المناطق الجنوبية لافتقارها إلى مقومات الحياة.

ويواصل الجيش الإسرائيلي قصفه مناطق متفرقة بالقطاع، مكثفا استهدافه لأحياء مدينة غزة ومنذرا الفلسطينيين بالنزوح الفوري ومغادرتها، رغم دعوة ترامب لوقف القصف فورا على غزة.

ومساء الجمعة، أعلنت حماس في بيان، موافقتها على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات وفق خطة ترامب، وتسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناء على التوافق الوطني الفلسطيني، واستنادا إلى الدعم العربي والإسلامي، مؤكدة أن مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب سُتناقش في إطار فلسطيني.

وفي تعليقه على ذلك، قال ترامب، في منشور على حسابه بمنصته "تروث سوشيال": "بناء على بيان حماس، أعتقد أنهم مستعدون لسلام دائم".

وأضاف: "على إسرائيل أن توقف قصف غزة فورا، حتى نتمكن من إخراج الرهائن (الأسرى الإسرائيليين) بأمان وسرعة، وفي الوقت الحالي، من الخطير جدا القيام بذلك".

وتقدر تل أبيب وجود 48 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها نحو 11 ألفا و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، قتل العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

وفي 29 سبتمبر/ أيلول المنصرم، أعلن ترامب خطة تتألف من 20 بندا، بينها: الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح حركة حماس.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، خلّفت 67 ألفا و74 قتيلا، و169 ألفا و430 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 459 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın