التعاون الدفاعي بين تونس والجزائر.. "آفاق" جديدة لمواجهة "المخاطر" (تقرير)
- البلدان وقعا اتفاقية للتعاون الدفاعي والأمني ووزارة الدفاع التونسية تقول إنها مكملة لاتفاقية 2001 بما يجعلها أكثر شمولية وتفتح آفاقا جديدة وأرحب للتعاون الثنائي لمواجهة المخاطر المحدقة بالمنطقة

Tunisia
تونس / عادل الثابتي / الأناضول
- البلدان وقعا اتفاقية للتعاون الدفاعي والأمني ووزارة الدفاع التونسية تقول إنها مكملة لاتفاقية 2001 بما يجعلها أكثر شمولية وتفتح آفاقا جديدة وأرحب للتعاون الثنائي لمواجهة المخاطر المحدقة بالمنطقة- عضو جبهة الخلاص الوطني المعارضة رياض الشعيبي: السلطات التونسية لم تعلن مضمون الاتفاقية، وحيثيات إمضائها غريبة ومفاجئة وما تسرب يثير مخاوف حقيقية حول حماية السيادة التونسية
- المحلل السياسي عبد الرزاق الخلولي (مقرب من سعيد): انتقادات وتساؤلات المعارضة هي حملات مست كل تعاون تقوم به الدولة مع أي بلد آخر وهدفها عزل تونس والرئيس عن محيطهما
- الصحفي الجزائري المقيم بتونس نصر الدين بن حديد: الظرف المحلي والإقليمي دفع إلى هذه الاتفاقية ولا نص فيها على توغل الجزائر بتونس. وفي أقصى الحالات ستكون هناك دوريات حدودية مشتركة
تتصاعد في الساحة التونسية تساؤلات منذ أن وقّعت سلطات البلاد اتفاقية للتعاون الدفاعي مع الجارة الجزائر.
وجرى توقيع الاتفاقية خلال زيارة وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي إلى الجزائر بين 6 و8 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وقالت وزارة الدفاع التونسية، عبر بيان في 7 أكتوبر الجاري، إن الاتفاقية الجديدة "مكملة لاتفاقية موقعة في عام 2001، بما يجعلها أكثر شمولية، وتستجيب لتطلعات الطرفين، وتفعل الشراكة الاستراتيجية بينهما".
كما أن الاتفاقية "تفتح آفاقا جديدة وأرحب للتعاون الثنائي لمواجهة التداعيات والمخاطر المحدقة بالمنطقة"، وفقا للبيان.
** مضمون الاتفاقية
"من السابق لأوانه الحديث عن موقف من اتفاقية لم تنشر ولم نعرف ما تضمنته". هكذا بدأ عضو جبهة الخلاص الوطني المعارضة رياض الشعيبي حديثه للأناضول.
وأضاف: "إلى حد الآن لا تزال السلطات التونسية تعتمد الغموض في الحديث عن الاتفاقية".
وتابع: "ننتظر كشف مضمونها حتى نتمكن من إصدار موقف واضح منها. وطالبنا في بيان بنشر مضمون الاتفاقية".
و"الإجراءات القانونية الدستورية واضحة، فلا بد لأي اتفاقية دولية أن تمر عبر البرلمان وتنشر في ’الرائد’ الرسمي (الصحيفة الرسمية)، ولا بد للرأي العام التونسي أن يعرف محتواها، للأسف كل هذا لم يحصل"، بحسب الشعيبي.
واعتبر أن "حيثيات إمضاء الاتفاقية كانت غريبة نوعا ما ومفاجئة وسريعة، وما تسرب يثير مخاوف حقيقية حول حماية السيادة التونسية وما يمكن أن يعتبر ربما تدخلا في الشأن التونسي".
وعن إعلان تونس أن التعاون يتعلق بمخاوف من الإرهاب والاتجار بالبشر، قال الشعيبي إن "هذه التصريحات لا تزال غير واضحة وغير دقيقة".
وأردف: "ننتظر التفاصيل والاطلاع على مضمون الاتفاقية وإجراء نقاش عام حولها داخل المجتمع التونسي حتى نستطيع أن نحكم لها".
الشعيبي استدرك: "العلاقات التونسية الجزائرية دائما وطيدة وكان هناك دائما اندماج مجتمعي قوي" بين البلدين.
وتابع: "ليس لنا إشكالية من حيث المبدأ على الاتفاقية، ولكن فقط بما يحترم السيادة التونسية ومصالح الشعبين".
واعتبر الشعيبي أن "هذه السلطة (الحالية في تونس) تحشر الجميع في صف الإرهاب، ولا تميز بين المعارضة السياسية والتهديد الإرهابي الحقيقي في البلد".
و"في ظل هذه الإشكالية يصبح الحديث عن مخاطر إرهابية ومخاطر أمنية داخل تونس كلام غير واضح وغير دقيق، ونحتاج الاطلاع على الاتفاقية حتى نفهم ما الذي أمضت عليه الحكومة"، كما أضاف.
وبشأن العلاقات بين البلدين قال: "تونس والجزائر ليسا مجرد جارين، بل هما أيضا أشقاء بالتاريخ وبالدم وبالثقافة وبالدين، وبالتالي التكامل الاقتصادي والمجتمعي مطلوب ومهم جدا دعمه".
واستطرد الشعبيي: "كذلك التعاون على المستوى الأمني مطلوب ويجب دعمه".
واستدرك: "لكن في ظل الغموض تبقى التساؤلات قائمة إلى أن تجد أجوبة عبر الاطلاع على الاتفاقية التي لم تنشر إلى حد الآن من الجانب الجزائري ولا التونسي".
** مصالح مشتركة
أما المحلل السياسي عبد الرزاق الخلولي، فقال إن التعاون الأمني والعسكري بين البلدين لم يكن منبثقا من اتفاق رسمي.
واستدرك الخلولي في حديث للأناضول: "إلا أن هذه العلاقات قديمة ارتكزت على وجود مصالح مشتركة وحدود مشتركة أكثر من ألف كلم".
وأضاف أن "هذه الحدود فيها تحديات مشتركة وتقع فيها مشاكل متعلقة بالإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة العابرة للقارات".
و"هذه العلاقات مرتكزة على رؤية واضحة، وهي أن أمن تونس من أمن الجزائر وأمن الجزائر من أمن تونس، وهذه رؤية تشخص مدى وجود مصالح مشتركة"، بحسب الخلولي.
وتابع: "في هذا الوقت تطوّر التعاون والخيارات بين البلدين إلى اتفاق رسمي يشمل تبادل المعلومات والتدريب والدعم اللوجستي ومراقبة الحدود المشتركة".
وعن انتقادات المعارضة التونسية للاتفاقية، قال الخلولي: "هذه التساؤلات هي حملات مست كل تعاون تقوم به الدولة التونسية مع أي دولة أخرى، سواء إيطاليا أو الاتحاد الأوروبي وغيره".
ورأى أن "هدفهم (المعارضة) واضح. يستغلون عمل الدولة ومؤسسات الدولة والعلاقات الخارجية للحد من أي تعاون بين الدولتين".
واعتبر أن "هدف المعارضة، خاصة التي تتبنى مقولات الانقلاب، هو عزل تونس عن محيطها الإقليمي والمغاربي والعالمي، ولذلك تتم شيطنة كل اتفاق لإضعاف الدولة، وليس قيس سعيد، والشعب التونسي بهدف تركه معزولا".
وبخصوص المخاوف من تدخل خارجي، قال الخلولي إن "الجزائر والدولة التونسية ليستا جديدتان على بعضهما، فمنذ قرون هناك علاقات وجوار وتاريخ مشترك".
وأضاف أن "الجزائر ليست في حاجة إلى أن تهيمن على تونس لعقد اتفاق، فمَن له أطماع لا يعقد اتفاقات، بل يعمل في السرية لتحقيق ذلك".
وتابع: "هذا الاتفاق تجسيم لعلاقات مستقرة وتعاون بين البلدين".
وزاد أن "الجزائر في حاجة لتونس المتنفس الوحيد لها، وتونس في حاجة للجزائر كدولة شقيقة قوية عسكريا ومخابراتيا وفي مكافحة الجريمة، وتطرح أن تكون سندا لتونس في مواجهة أي تهديد أمني".
الخلولي قال إن "الاتفاق يساعد على الاستقرار في المنطقة، ويعكس عمق العلاقات الجغرافية والأمنية بين البلدين".
كما أن "له آثارا على البلدين ودول المغرب العربي والساحل الإفريقي. فالاستقرار هو المبتغى، لأن الدولتين تونس والجزائر تتعرضان لمخاطر وتهديدات"، كما أردف.
** ظروف محلية وإقليمية
الصحفي الجزائري المقيم بتونس نصر الدين بن حديد، اعتبر أن "الظرف المحلي في تونس والتوتر الإقليمي في منطقة الصحراء الكبرى وشرق إفريقيا والعالم يدفع إلى هذا الاتفاق".
وأضاف في حديث للأناضول: "ثانيا ما يدفع لهذا الاتفاق هو وجود قراءة تونسية جزائرية مشتركة باعتبار التسليح والوجود الحربي والأمني مهم جدا، وبالتالي وجب التعاون".
ورأى أن "زيارة وزير الدفاع التونسي إلى الجزائر كانت هامة جدا، وهي نقلة نوعية في العلاقات التونسية الجزائرية".
ومتحدثا عن إشارات دلت على أهمية الزيارة ونتائجها، قال إن "السهيلي تم استقباله في الجزائر من قبل وزير الخارجية ووزير الداخلية والرئيس (عبد المجيد) تبون الذي عادة لا يستقبل الوزراء الذين يزورون الجزائر".
وبحسب ابن حديد فإن "العلاقات التونسية الجزائرية تمر بفترة ازدهار وتنوع، وهناك دعم اقتصادي جزائري غير مباشر لتونس".
وبخصوص عدم إعلان نص الاتفاقية وتخوفات المعارضة التونسية، أجاب ابن حديد: "هذا سؤال تونسي ـ تونسي".
وتابع: "أقول تحليلا، ليس هناك بند في الاتفاقية ينص على توغل الجزائر في تونس، والجزائر لا تريد أن تغرق في الرمال التونسية، ولا تريد أن يدخل ترابها أحد".
و"في أقصى الحالات ستكون هناك دوريات مشتركة على الحدود"، كما ختم ابن حديد.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.