من الموت لأهوال النزوح.. التعذيب والاختطاف يواجهان الفارين من الفاشر (تقرير)
يتعرض الهاربون من الحرب في الفاشر إلى خطر الاختطاف طلبا للفدية من قبل "قوات الدعم السريع" بحسب نازحين وزعماء محليين
Istanbul
عادل عبد الرحيم / الأناضول
- يتعرض الهاربون من الحرب في الفاشر إلى خطر الاختطاف طلبا للفدية من قبل "قوات الدعم السريع" بحسب نازحين وزعماء محليين- نازحة من الفاشر: تم اختطاف ابنة أختي وهي طفلة عمرها 13 عاما ولا نعرف مصيرها
- رئيس الإدارة الأهلية بمحلية شطايا: دفعنا أموالا لإطلاق سراح 5 مختطفين بينما نزح من الفاشر 70 ألفا
- شبكة أطباء السودان: "الدعم السريع" أعادت فارين قسرا إلى الفاشر بينهم مصابون
لم تعد المخاطر التي تواجه المدنيين في مدينة الفاشر غربي السودان تقتصر على الموت بجحيم الحرب فحسب، بل أصبح النزوح من المدينة التي سيطرت عليها مؤخرا "قوات الدعم السريع" محفوفا بتحديات جسيمة.
تلك التحديات تتمثل بطول المسافات الواجب قطعاه وما يصاحب الرحلة من جوع وعطش، وتعذيب والاختطاف من قبل "قوات الدعم السريع" طلبا للفدية أو مواجهة الموت.
والسبت، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، في بيان، إن النازحين من الفاشر قطعوا 60 كيلومترا مشيا على الأقدام إلى منطقة "طويلة" من دون طعام أو ماء.
وتشح الأنباء عن المتواجدين في المدينة، والذين يقدرون بعشرات الآلاف، جراء انقطاع الاتصالات، إلا من بعض أحاديث الناجين الذين وصلوا إلى منطقة "طويلة".
ويزداد الوضع الإنساني سوءا جراء انقطاع الإمدادات الطبية و الغذائية، بحسب المنظمات الدولية التي لا زالت تطلق تحذيراتها من الكارثة الإنسانية في الفاشر ومحيطها ومناطق النزوح الجديدة التي لجأ إليها سكان المدينة.
وفي 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استولت "قوات الدعم السريع" على الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، وارتكبت مجازر بحق مدنيين وفقا لمنظمات محلية ودولية، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي للبلاد.
بعدها بأيام، أقر قائد "قوات الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي) بارتكاب "تجاوزات" من قواته في الفاشر، مدعيا تشكيل لجان تحقيق.
وأدانت دول ومنظمات إقليمية ودولية عديدة "جرائم قوات الدعم السريع" في الفاشر، مع دعوات إلى هدنة تمهد لعملية سياسة تنهي الحرب بين الجيش و"قوات الدعم السريع".
**خطف نازحين
يروي النازحون من مدينة الفاشر أهوال الطريق ومشاهد الموت وما تعرضوا له من تعذيب وضرب من قبل "قوات الدعم السريع"، بالإضافة إلى سلب ما يحملون من مقتنيات.
وفي مقطع فيديو بثه مجلس تنسيق غرف طوارئ طويلة (لجنة إغاثية) عبر منصة فيسبوك الأمريكية، تقول النازحة من الفاشر فاطمة يحيى إن ابنة اختها (13 عاما) "اختطفت في الفاشر من أمها ولا نعرف مصيرها".
وزادت يحيى: "لا نريد شيئا سوى أن يطلق سراحها".
وفي مقابلة مع الأناضول السبت، قالت وزيرة الدولة للرعاية الاجتماعية السودانية سليمى إسحاق للأناضول، إن "قوات الدعم السريع" قتلت نحو 300 امرأة واغتصبت 25 في مدينة الفاشر، ضمن "تطهير عرقي ممنهج".
وأضافت إسحاق أن "أي أحد يخرج في طريق الموت، وهو الطريق بين الفاشر و(منطقة) طويلة، يتعرض لمخاطر عديدة منها خطر الموت، والناجون من الموت قلائل".
وتابعت: "البقية التي لم تنجُ تم قتلهم وذبحهم، وهناك أسر لا تزال موجودة في الفاشر، إذ لم يكن لدى كل الناس القدرة على التحرك".
**الخطف وطلب الفدية
وليس الموت هو الخطر الوحيد الذي يواجه نازحي الفاشر، بل يواجههم أيضا الاختطاف وطلب الفدية من قبل "قوات الدعم السريع".
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات عن الاختطاف من قبل "قوات الدعم السريع" للمدنيين بالفاشر طلبا للفدية.
وينشر الخاطف مقطع فيديو للمخطوف وهو تحت التهديد، مطالبا أهله وذويه بإرسال أموال عبر تطبيقات بنكية من أجل إطلاق سراحه، أو يكون مصيره الموت.
وعن هذه الظاهرة، يقول رئيس الإدارة الأهلية بمحلية شطايا في جنوب دارفور أبو القاسم عمر قندول للأناضول، إن "حصار الدعم السريع للمواطنين في الفاشر 500 يوم دون دخول طعام أو علاج وما تبعه من معارك شديدة، أرغم عددا كبيرا من المواطنين على مغادرة المدينة".
وأضاف قندول أن "المواطنين يخرجون إلى منطقة طويلة أقرب المناطق الآمنة من الفاشر، وهم في الطريق تتواجد قوات الدعم السريع التي تلقي القبض عليهم".
"وبعد القبض عليهم يحققون معهم، ثم يطلبون أموالا من أجل إطلاق سراحهم"، وفق قندول الذي قال: "أعرف أشخاصا تم أخذ أموال فدية من ذويهم لإطلاق سراحهم".
ومتحدثا عن بعض الحالات، تابع قندول: "دفعنا 20 مليون جنيه (الدولار يعادل 3700 جنيه) لإطلاق سراح 3 أشخاص، ودفعنا 18مليون جنيه لإطلاق سراح شخصين".
وأكد أن "هؤلاء الأشخاص الذين تم إطلاق سراحهم وصلوا إلى طويلة".
وعن الفارين إلى طويلة، قال إن "عددهم 70 ألف شخص، لكن لازال هناك مواطنون في الفاشر، والوضع الإنساني هناك سيئ".
والأحد، قالت منظمة الهجرة الدولية: "بلغ عدد النازحين من مدينة الفاشر حوالي 70 ألفا".
ولم يُعرف مصير من تبقى والبالغ عددهم 260 ألفا بحسب الأمم المتحدة، عقب سيطرة "قوات الدعم السريع"، بينما تقول أرقام غير رسمية أن عدد السكان عند استيلاء الدعم السريع على الفاشر يتجاوز 600 ألف.
**احتجاز آلاف المدنيين
والأحد، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن آلاف العائلات بحاجة ماسة إلى المأوى والحماية والرعاية وسط "أعمال عنف وحشية" في مدينة الفاشر.
وأوضحت المفوضية الأممية أن "أعمال عنف وحشية في الفاشر أجبرت الآلاف على الفرار"، مشددة على أن "آلاف العائلات بالفاشر بحاجة ماسة إلى المأوى والحماية والرعاية".
وأشارت إلى أن "فرقها في السودان تقدم مساعدات مُنقذة للحياة، إلا أن الموارد في انخفاض حاد".
كما قالت شبكة أطباء السودان، في اليوم نفسه، إن "قوات الدعم السريع لا تزال تحتجز آلاف المدنيين داخل مدينة الفاشر، وتمنعهم من المغادرة".
وأضافت الشبكة المستقلة في بيان : "كما أعادت عدداً من الفارين إلى داخل المدينة قسرا، بينهم مصابون بطلقات نارية أثناء محاولتهم الهروب، وآخرون يعانون من سوء التغذية".
وتسيطر "قوات الدعم السريع" حاليًا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربًا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور، التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، وتشمل محافظات كرنوي وأمبرو والطينة شمالي الولاية.
كما توجد مناطق تحت سيطرة قوات حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، بما فيها منطقة "طويلة" التي تضم أكبر عدد من نازحي الفاشر.
بينما يسيطر الجيش على أغلب مناطق الولايات الـ13 المتبقية من أصل 18 ولاية في الجنوب والشمال والشرق والوسط، بما فيها العاصمة الخرطوم.
ويشكل إقليم دارفور نحو خمس مساحة السودان، غير أن غالبية السودانيين، البالغ عددهم 50 مليون نسمة، يعيشون في مناطق تحت سيطرة
ويشهد السودان منذ أبريل/ نيسان 2023، حربا دامية بين الجيش و"قوات الدعم السريع" أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
