عمّان/ ليث الجنيدي وتورغوت ألب بويراز / الأناضول

بدموع لا تجف وقلب مثقل بالفقد، غادرت الأم الفلسطينية إيمان سعيد معمر قطاع غزة، متوجهة إلى تركيا عبر طائرة إسعاف من العاصمة الأردنية عمّان.

إيمان (28 عاما) حملت معها طفلها كريم (3 سنوات) المصاب بمتلازمة مرضية، وابنتها آية (13 عاما)، لكنها تركت خلفها زوجا اعتقلته القوات الإسرائيلية عند المعبر، وابنا آخر واراه الثرى في غزة بسبب انعدام الدواء.

** رحلة عذاب

وصلت العائلة إلى الأردن عبر معبر كرم أبو سالم ومنه إلى جسر الملك حسين (اللنبي)، حيث استقبلتها سفارة أنقرة لدى عمان ووفرت لها سيارة إسعاف لنقلها إلى المطار، ومن ثم التوجه بطائرة إسعاف خاصة إلى مدينة أضنة التركية لتلقي العلاج.

وفي حديثها لمراسل الأناضول داخل سيارة الإسعاف، روت إيمان مأساتها قائلة: "في غزة، أنهوا حياتنا ودمروا نفسيتنا. ابني محمد توفي خلال الحرب وهو في الرابعة من عمره، مات في مستشفى ناصر بسبب نقص الأدوية والعلاج".

وأضافت بحرقة: "إسرائيل ظالمة وخائنة وغادرة.. لماذا يريدون سرقة حياتي ومستقبل أطفالي؟ إذا كانوا يرضون بأن يُفعل هذا بأطفالهم فأنا أرضى، أرجوكم أعيدوا لي زوجي".

** غدر عند المعبر

رغم مجيئه تحت مظلة منظمة الصحة العالمية، وحصوله على موافقة للخروج مع عائلته، إلا أن إسرائيل قامت باحتجاز زوجها، عند المعبر دون مبرر.

وعن ذلك قالت إيمان: "والله لا أستطيع العيش بدونه. لقد أخذوه ظلما وغدرا. لماذا يفعلون هذا؟ جئت فقط من أجل علاج ابني، فإلى متى سيستمر الصمت على هذا الظلم؟".

وتابعت واصفة الوضع بعد وقف إطلاق النار بغزة الساري منذ 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي: "الوضع لم يتغير، المداهمات مستمرة، ولا يزالون يسحقون رؤوسنا بأحذيتهم. لقد أخذوا زوجي وصادروا هاتفي المحمول ورفضوا إعادته قائلين لي: ليس لديك هاتف، ارحلي الآن".

** صرخة للطفولة

وبينما كانت تشير إلى طفلها كريم المصاب بمتلازمة صحية، اختتمت إيمان حديثها بالقول: "هو مجرد طفل، لا يعلم شيئا عما يدور في هذا العالم، ليس له ذنب.. ما هو ذنبه؟".

وتأتي هذه الرحلة العلاجية في إطار الجهود التركية المستمرة لإجلاء الجرحى والمرضى من قطاع غزة، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول المساعدات الطبية والغذائية الكافية رغم اتفاق وقف إطلاق النار.

وبدعم أمريكي شنت إسرائيل في 8 أكتوبر 2023 حرب إبادة بغزة، استمرت عامين، وخلّفت أكثر من 71 ألف قتيل وأكثر من 171 ألف جريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء.

ورغم وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر المنصرم، لم يشهد واقع المعيشة لفلسطينيي غزة تحسنا جراء القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات، منتهكة بذلك البروتوكول الإنساني للاتفاق.