الدول العربية

مهند إيهاب.. "نحلة الثورة" المصري يحلّق على "تويتر" بعدما صرعه السرطان

هاشتاغ "#مهند_مات" على تويتر تصدر محادثات التواصل الاجتماعي بمصر

04.10.2016 - محدث : 05.10.2016
مهند إيهاب.. "نحلة الثورة" المصري يحلّق على "تويتر" بعدما صرعه السرطان

القاهرة/ حسين محمود / الأناضول

على سرير طبي، في أحد مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية، أغمض الشاب المصري، مهندإيهاب، الذي تجاوز العشرين بقليل ويلقب بـ"النحلة"، عينيه ورحل عن الدنيا، بعد معاناة مع مرضالسرطان، وبينما فارق عالم الواقع، بُعث بالعالم الافتراضي بعدما تصدر الوسم الذي يحمل اسمه محادثات التواصل الاجتماعي بمصر. 

"مهند" الذي كانت محنة مرضه، محط اهتمام رواد التواصل الاجتماعي منذ نحو أشهر قليلة، كان يطمئن نفسه وزملاءه قبيل وفاته، بحسب فيديو تنقله صفحة والده بـ"فيسبوك"، أنه سيخرج قويًا من محنة مرضه بسرطان الدم، الذي فاجأه بمحسبه بمصر في مايو/آيار 2015، قبل أن يفرج عنه قبل عام وينتقل لمشفى أمريكي بحثًا عن علاج ينقذه من الموت.

"إيهاب حسن" والد "مهند"، وضع نهاية لأشهر أخيرة سلّطت الأضواء على محنة نجله بالدعوات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي بنعي لوحيده، قائلًا: "إنا لله وإنا إليه راجعون.. اصطفى الله ابنيمهند إلى جواره الآن (في وقت متأخر مساء الأحد)".

الوالد الذي يتواجد بنيويورك، بجوار نجله، لم يجد في محنة فقد وليده الوحيد، إلا أن يسترجع ما كتبه نجله عبر صفحته بـ"فيسبوك"، التي كانت تذيل بلقب "نحلة" وأشبه بيوميات تسجل معاناته ومشاعره وطلبه الدائم بالدعاء، وأطلق البعض عليه يوم وفاته "نحلة الثورة المصرية". 

واختار والد مهند استعانة نجله ببيت شعر عربي يقول "أي يوم من الموت أفر.. من المقدور لا ينجو الحذر"، وبكلمتي "الله كريم"، ليعرف الشاب الذي فقد حياته مبكرًا لزوار صفحته، الذين تباروا في تقديم النعي والدعاء له.

في مقبرة "الرحمة" بنيوجيرسي، الأمريكية، سيكون مستقرّ جثمان "مهند"، بعيد ساعات قليلة، بعد أداء صلاة الجنازة عليه في مسجد "مصعب بن عمير"، ظهر اليوم بتوقيت شرق الولايات المتحدة الأمريكية، كما يقول محمد مسعد أحد المصريين المقيمين بالولايات المتحدة والقائمينعلى مراسم دفنه، في اتصال هاتفي مع الأناضول.

أما أحمد شحاته، صديق العائلة، المتواجد بالولايات المتحدة، وأحد المرافقين لـ" مهند" فيسترجع رحلة علاج قاربت العام في أحد المشافى الأمريكية بنيويورك، قائلًا: "مهند وحيد والديه، كان لا يخشي الموت رغم آلامه من المرض الذي ابتلي به في سجنه، ويقول إنه يخشى فقط علىصدمة والده لفراقه".

شحاته، في حديث هاتفي مع الأناضول، قال إن "مهند رمز لمعاناة جيل الشباب المظلوم، كان كلما التقيه يقارن بين علاجه في المستشفى الأمريكي، وما كان يعانيه في مستشفى سجنه بمصر، ويؤكد أن التعاطف الكبير معه يجب أن يتحول لشيء يدافع عن الشباب المسجون في مصر". 

وأضاف أن "مهند كانت أمنيته الشهادة، وأراه بعد كل أوجاعه نالها، بعد صبر على بلائه، واستمراره في حبه لوطنه رغم ما ناله منه (مصر) في محبسه".

مروان طارق، أحد الأصدقاء المقربين لـ"مهند"، كما يعرفه الراحل، كتب ناعيًا صديقه، بصفحته علىفيسبوك "ربنا رحمك من أرض الظلم اللي احنا فيها (التي نعيش بها).. نتقابل في عالم مفيهوش (ليس به) سجون ولا كانسر (سرطان) ولا ظلم ولا غربة ومليان (يمتلأ) بالناس اللي (اللذين) حبناهم (أحببناهم) أنا وأنت يا صاحبي.. في الجنة يا مهند".

ومهند، وفق صفحة والده على فيسبوك، ألقى القبض عليه في 27 ديسمبر/أيلول 2013، وهو يصور إحدى المظاهرات، وكان عمره آنذاك 17 عامًا، فأودع إصلاحية الأحداث بكوم الدكة (مقر احتجاز عقابي لمن دون 18 عامًا في محافظة الإسكندرية شمالي البلاد)، وصدر الحكم بسجنه 5 سنوات تم تخفيفها في الاستئناف إلى 3 أشهر.

وفي 21 يناير/ كانون ثان 2015، وكان عمر مهند 19 عامًا، سجن مرة أخرى ولنفس السبب "تصوير مظاهرة"، بسجن برج العرب (شمالًا) في مارس/آذار 2015، وفق المصدر السابق، وفي مايو/آيار 2015، ظهرت علامات مرض على مهند، تم تشخيصها في مستشفى السجن بأنها "أنيميا، ثم تايفود، ثم إصابة بفيروس في الكبد"، حتى استطاع والده الحصول على تحليل أجري له بالمستشفى وعرضه على أطباء بالخارج وعرف وقتها أن نجله مصاب بسرطان الدم.

وفي يونيو/ حزيران 2015 تلقى مهند علاجه الكيماوي بالمستشفى الحكومي وهو مسجون، وبعد تدهور صحته، ومع كثرة الشكاوى من أهله وأصدقائه، أُخلي سبيله مهند على ذمة القضية أواخر يوليو/تموز ليطير إلى الولايات المتحدة للعلاج حتى أعلن عن وفاته اليوم، وفق ما كتبه والده.

أحمد مفرح، ناشط حقوقي مصري، اطلع على حالة مهند إيهاب بحكم عمله الحقوقي المختص بالسجون ومراكز الاحتجاز المصرية، قال للأناضول: "قضية مهند هي مثال على ما نقوله منذ فترة أن هناك سجناء يعانون من سوء المعيشة والرعاية الصحية داخل مراكز الاحتجاز في مصر". 

وأضاف أن "حالة مهند ليست الأولى، هناك المئات من المصابين، وحالات وفاة عديدة جراء الإهمال الطبي بالسجون، ولكن الاهتمام الكبير بقضية مهند وتسليط الضوء الذي لاحقه علىمواقع التواصل جدير بأن يدفع أصحاب الضمائر لأن يناقشوا قضية الإهمال الطبي في السجون بجدية بعيدًا عن أي تجاذبات سياسية أو حزبية، فهذه حقوق إنسانية".

وتنفي الحكومة المصرية مرارًا، في بيانات صحفية عديدة عن وجود إهمال في السجون، وتتحدث عن أن "قطاع السجون بوزارة الداخلية يتعامل مع جميع المحبوسين، وفقًا لما تنص عليه قوانين حقوق الإنسان من رعاية صحية وحقوقية لهم".

وعن موقعي التواصل الاجتماعي لم يرحل مهند، بل صار أيقونة يتصدر الترتيب الأول عبر "تويتر"، بهاشتاغ "#مهند_مات"، بتغريدات اطلع عليها مراسل الأناضول، تنيعه، مشيرة إلى أنه من لم يمت بالغرق مات بالمرض، ومحذرة من تكرار مصير مهند أيضًا في السجون المصرية.

وبعض التغريدات جعلت من مهند بطلًا، ورمزًا لدعوة معارضين في 11 نوفمبر/ تشرين ثان المقبل تحت عنوان" ثورة الغلابة"، للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية بمصر، مشبهة بينه وبين الشاب خالد سعيد، أيقونة ثورة 25 يناير/ كانون ثان 2011، التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın