صراع "الهاشتاغات" والتحذيرات يستبق ذكرى ثورة 25 يناير المصرية
قبل أيام من حلول الذكرى التاسعة لثورة يناير/ كانون الثاني المصرية، ارتفعت نبرة مناوشات افتراضية وإعلامية بين مؤيدي ومعارضي الاحتجاجات الشعبية، وسط تشديدات أمنية مكثفة عادة ما تسبق ذكرى الثورة.

Istanbul
إسطنبول/ الأناضول-
-وائل غنيم أحد رموز شباب ثورة يناير 2011 يدعو لعدم النزول مقابل دعوات من المقاول المعارض محمد علي.-إعلامي مقرب من السلطات يحذر من حرب شائعات، وآخر معارض ينبه لوجود توجه لـ"تنويم" المصريين.
-صراع "هاشتاغات" مؤيدة ومعارضة يعلو بالتزامن مع توجهات رسمية بافتتاح مشروعات قومية كبرى.
-خبير سياسي للأناضول: التوترات الإقليمية سحبت "بساط" الاهتمام المحلي من تحت أقدام الذكرى التاسعة لثورة يناير.
- الخبير استبعد أيضا أن يكون للسجالات والمكايدات الافتراضية بشأن ذكرى ثورة يناير انعكاسات واقعية بالشارع.
قبل أيام من حلول الذكرى التاسعة لثورة يناير/ كانون الثاني المصرية، ارتفعت نبرة مناوشات افتراضية وإعلامية بين مؤيدي ومعارضي الاحتجاجات الشعبية، وسط تشديدات أمنية مكثفة عادة ما تسبق ذكرى الثورة.
واستبق ذكرى الثورة، تحذيرات إعلامية وهاشتاغات "أوسمة" متضاربة عبر منصات التواصل الاجتماعي في البلاد، فيما ساد الهدوء الشوارع والميادين.
وتصدر وائل غنيم أحد رموز شباب الثورة بالخارج، عبر حسابه بموقع تويتر، قائمة المعارضين لتنظيم احتجاجات، مقابل دعوات أطلقها المقاول المعارض محمد علي التي تعتبره دوائر السلطة "خائنا للبلاد".
وتسابق هاشتاغان (وسمان) معارضان، وهما "ارحل"، و"نازلين 25 يناير" على جذب المعارضين على منصات التواصل الاجتماعي، للحث على التظاهر والاحتجاج ضد السلطات.
في المقابل، دعا إعلاميون مقربون من السلطات، إلى فتح الميادين الرئيسية في 25 يناير/كانون ثان الجاري، لإظهار فشل دعوات الاحتجاج والتظاهر في حشد الجماهير.
**سجالات افتراضية
ونشر وائل غنيم، الذي ظهر بشكل لافت الأشهر الأخيرة وتعرض شقيقه حازم لتوقيف أمني مؤقت، مقاطع مصورة متتالية، تدعو إلى عدم الإضرار أو استدراج البلاد إلى فوضى.
وأقر غنيم بأن الأوضاع في بلاده ليست جيدة، واصفًا الداعين إلى احتجاجات شعبية بالتزامن مع ذكرى الثورة، بأنهم "تجار غضب" وأن تلك الدعوات تضر بالبلاد.
وأكد غنيم أن دعوات الاحتجاج الشعبي لا تحمل تصورًا بديلًا للسلطة القائمة، قائلًا: "عملنا الثورة في 2011 وباظت (فشلت)".
فيما كثف محمد علي من تغريدات، على حسابه بموقع تويتر، تدعو إلى النزول والمشاركة في احتجاجات شعبية تطالب برحيل النظام.
وبين الدعوات الافتراضية المؤيدة والرافضة، تواترت آلاف التغريدات بمنصات التواصل الاجتماعي، لتنقل حالة الاستقطاب السياسي التي شهدته البلاد خلال السنوات الماضية إلى الفضاء الافتراضي.
وقال أحد المغردين: "يا جماعة حد يقولنا ها نعمل إيه (ماذا) في 25 يناير، زهقنا (مللنا) من العالم الافتراضي".
وعلق مغرد ثان، على تغريدات الحشد للنزول باتهام الداعين لها بـ"العمالة والتآمر والخيانة"، مقابل الحديث عن الاحتفال بعيد الشرطة والذي يتزامن مع ذكرى الثورة.
وقال الأكاديمي المصري المقيم بالخارج، عصام عبد الشافي، عبر حسابه بفيسبوك تحت هاشتاغ "ثورة يناير. تنبيه وتحذير"، "عندما تكون المعارضة عبثية. عندما تكون دعوات النزول عشوائية. عندما تكون رموز الدعوة شخصيات وهمية".
وتابع: "عندما يكون الشك وعدم الثقة وغياب النزاهة وعدم الشفافية هي المعايير الحاكمة لأصحاب الدعوات والرموز الوهمية. فالرهانات على كل هؤلاء خاسرة والنتائج ستكون عكسية".
**مناكفات إعلامية
بدورها اشتبكت الفضائيات المصرية مع الجدل الافتراضي، لتطلق تحذيرات مبكرة أطلقها الإعلامي المقرب من السلطات، أحمد موسى، تتحدث عن وجود حرب شائعات قبل أيام منذ ذكرى 25 يناير.
وقال موسي، في برنامجه المتلفز: "ستنطلق حملات ممنهجة وحرب شائعات مغرضة حتى 25 يناير الجاري"، مستدركا: "لكن المواطن المصري أصبح على علم وإدراك كامل بمتاجرة هؤلاء الإرهابيين".
واستمر موسى في مهاجمة ثورة 25 يناير والقائمين عليها، مؤكدا أنها ستبقى عيدا سنويا فقط للشرطة، في طرح لا يتماشى مع التوجه الرسمي المعتاد بالاحتفاء ومنح المصريين إجازة رسمية بها.
في المقابل، رأى الإعلامي المعارض محمد ناصر، في برنامجه المتلفز بإحدى الفضائيات بالخارج، أن محاولات تهدئة المواطنين لعدم الخروج في تظاهرات مصدرها أذرع النظام لـ"تنويم" المصريين مع اقتراب الذكرى.
وبعيدا عن السجالات الافتراضية والإعلامية، تشهد الشوارع والميادين في مصر هدوءا لافتا، مقابل تكثيف للإجراءات الاحترازية الأمنية في الشوارع، وتوجه رسمي بافتتاح مشروعات قومية كبرى.
**اعتراف وتمجيد دستوري
يرتبط ذكرى ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 في مصر، باعتراف دستوري مرتين، عامي 2012 و2014، وخطاب رسمي بوجهين متناقضين، أحدهما يمجدها والآخر يحذر منها ومن تكرارها.
وشملت ديباجة دستور مصر الصادر عام 2012، تمجيدا مباشرا لثورة يناير، في أربعة مواضع، أبرزها: "هذا هو دستورنا.. وثيقة ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي فجرها شبابنا، والتف حولها شعبنا، وانحازت إليها قواتنا المسلحة".
وفي دستور 2014 الذي جاء تعديلا للدستور السابق عقب الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطي في مصر، ذكرت دباجته يوم 25 يناير/ كانون ثان 2011، في موضعين مرتبطين بلفظ ثورة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2018، قال الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، في كلمة متلفزة، إن بلاده لن تعود إلى ما قبل 7 أو 8 سنوات، في إشارة للاحتجاجات الشعبية التي فجرت ثورة يناير.
**تحذير رسمي
وفي سبتمبر/ أيلول 2019، حمًّل السيسي، ثورة يناير، مسؤولية بناء سد "النهضة" الإثيوبي (قيد الإنشاء) على نهر النيل، وموجهًا حديثه إلى المصريين، في مؤتمر آنذاك: "سأقول لكم عن غلطة واحدة أو ثمن واحد دفعناه وسندفعه، 2011 (في إشارة إلى الثورة) لم يكن أبدًا تبنى سدود على نهر النيل إلا بها".
وحذر السيسي من احتمال اندلاع ثورة جديدة بقوله: "والأخطر منه أنكم تكرر وهتاني (اندلاع ثورة جديدة)".
**التباس شعبي
بدوره استبعد مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة)، أن يكون للسجالات والمكايدات الافتراضية الحالية انعكاسات واقعية في الشارع.
وقال غباشي، في حديث للأناضول، إن الذكرى التاسعة تأتي بالتزامن مع حالة التباس شديدة في المجتمع، إذ يعدها البعض ثورة أو انتفاضة أو هبة شعبية، في حين يعتبرها آخرون مؤامرة حركتها عناصر أجنبية ضد مؤسسات الدولة.
وتابع: أن حالة الالتباس والارتباك المحلية في تقييم أحداث يناير، إضافة إلى التوترات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، لا سيما ليبيا (المتاخمة على الحدود الغربية) تسببت في سحب "بساط" الاهتمام الداخلي من تحت أقدام الذكرى التاسعة للثورة المصرية.
وأوضح غباشي: "ليس هناك حديثًا في الشارع المصري عن ثورة يناير، رغم أن ذكراها التاسعة تحل خلال أيام قليلة، ويظل الفضاء الافتراضي هو المجال الوحيد الذي يشهد معارك بشأنها".
وأكد أن ذكرى الثورة تحل هذا العام وسط استكانة شعبية شبه تامة، وانشغال محلي ودولي بالتوترات الإقليمية، وخاصة في ليبيا، إضافة إلى الموجة الثانية من هبات الربيع العربي والتي شهدتها السودان ولبنان والعراق والجزائر.
ومنذ عدة سنوات، تحولت بوصلة الاحتفال بـ25 يناير/كانون ثان سنويا من تمجيد الثورة المصرية إلى الاحتفاء بإنجازات الجهاز الأمني، والذي يطلق عليه "عيد الشرطة"، إذ يعد إجازة رسمية ومناسبة لإصدار قرارات بالعفو الرئاسي عن السجناء.