غزّة... أول مصنع صمم يدوياً لاستخلاص الزيوت الطبيعية (تقرير)
- نجحت هذه الزيوت في علاج أشخاص يعانون من أمراض مزمنة ونزلات البرد

Gazze
غزة/ محمد أبو دون/ الأناضول
- بدأ الشاب الغزي مشروعه باستخدام إمكانيات محلية متواضعة بسبب المنع الإسرائيلي لاستيراد الأجهزة الخاصة باستخلاص الزيوت
- زرع الشابّ مجموعة من النباتات الطبية والعطرية، غير المتوفرة في قطاع غزّة، لأجل استخدامها في منتجاته
- يحرص على عدم استخدام أي مواد كيميائية في عمله
- نجحت هذه الزيوت في علاج أشخاص يعانون من أمراض مزمنة ونزلات البرد
سريعاً تمرّ ساعات الصباح، التي يقضيها الشابّ فداء أبو عليان (30 عاماً) داخل غرفة صغيرة داخل منزله بقطاع غزة، جمع فيها عدد من الآليات التي صنعها يدوياً، لتساعده في ممارسة مهنته في استخلاص الزيوت الطبيعية، وتركيب الكريمات وصنع الصابون الزيتي.
ودرس الشاب أبو عليان، الذي يقيم في مدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة، الصيدلة والطب المخبري بعد تفوقه في الثانوية العامّة وتخرج من جامعته قبل عدّة سنوات.
** بداية المشروع
ويروي أبو عليان أنّ فكرة مصنع الزيوت والكريمات الطبية، جاءت من خلال بحثه المستمر بهذا المجال، إضافة للشغف الذي تواجد بداخله منذ الطفولة، وحفزه دائماً عن البحث عن كلّ جديد ومختلف.
ويضيف أنّه قبل بداية العمل بإنشاء المصنع، أجرى بحثاً عن الآليات التي ستلزمه لاستخراج الزيوت، ووجد أنّها غير متواجدة بالقطاع، كون إسرائيل تحظر توريدها، الأمر الذي دفعه بالتفكير كثيراً بكيفية توفير تلك الماكينات.
وشكلّ الأمر ذلك، صدمةً للشاب الفلسطيني، واعتقد في لحظةٍ ما أنّ حلمه الذي درس لأجله عدّة تخصصات وبحث كثيراً، سيغدو سراباً، وبعد فترة عاد من جديد لفكرته، وقرر إنشاء المصنع، بأيّ طريقة كانت، لأنّه كان يدرك جيداً أن الخطوة الأولى هي الأهم بالنسبة لأيّ مشروع.
ولأجل ذلك، بدأ أبو عليان بجمع بعض المعدات التي تستخدم في تشغيل الأجهزة الطبية، وتابع على مواقع الانترنت، الطرق التي يمكن من خلالها تصنيع الآليات اللازمة، ونجح بذلك وفقاً لما قال، قبل عدّة سنوات، وشرع في جلب البذور النباتية والأزهار، لإدخالها لعملية الاستخلاص.
ويشير إلى أنّ هناك سبب آخر دفعه لخوض تجربة استخلاص الزيوت بنفسه، وهو حاجته لها، كونه يعتمد عليها في تركيب الكريمات التي تعلم أصول شغلها خلال دراسته الجامعية.
ويتابع: "لجأت في البداية للزيوت الموجودة في السوق المحلي، والتي يستوردها التجار من الخارج، فوجدت أنّ أغلبها مغشوش، وفاقد لمعظم خصائصه، كما أنّ سعرها كان مرتفعاً، وهذا زاد إصراري على إتمام المشروع".
** فعالية علاجية
ويبّين أبو عليان أنّ الفوائد التي تحققها الزيوت الطبيعية والكريمات المصنعة منها عظيمة، وهي الحل الأمثل لعلاج الكثير من الأمراض الصدرية والجلدية التي قد تصيب الإنسان، كما أنّها تساعد في تحسين أداء أجهزة الجسم وتنظّم الدورة الدموية إذا ما أجاد الشخص استخدامها.
ولدى الشابّ الغزي في محيط المنطقة التي يسكن بها، مختبر للتحاليل والفحوصات الطبية، يستقبل فيه المواطنين والحالات المرضية، ويوزع وقته يومياً بين المصنع والمختبر، حيث يقضي ساعات الصباح بين آليات استخراج الزيوت، وساعات المساء بين أجهزة الفحص الطبي.
وفي وقتٍ سابق زرع الشابّ أرضاً صغيرة، بمجموعة من النباتات الطبية والعطرية، غير المتوفرة في قطاع غزّة، لأجل استخدامها في منتجاته، التي تخلو كما يؤكّد من أيّ مركبات كيميائية قد تكون مضرّة للإنسان.
ويشير إلى أنه يعمل حاليا على ترخيص مشروعه ليكون أول مصنع للزيوت يحمل طابعا رسميا في القطاع.
ونجح أبو عليان في استخلاص نوعين من الزيوت داخل مصنعه، الأول هو بذري والثاني هو العشبي أو الورقي، مثل زيتوت الخروع، والنعنع، والخس، وجوز الهند، والينسون، والحلبة، واللوز، والصبّار، وحبّة البركة، والسمسم، وغيرها، وبالنسبة للكريمات فهو يعمل على تركيبات متعددة، منها ما يستخدم لعلاج حب الشباب، ولترطيب البشرة.
ويؤكّد أنّ زيوته كانت بمثابة الحل والشفاء لكثير من الأشخاص الذي يعانون أمراضاً مزمنة، أو نزلات برد وغيرها، كما أنّه ينبّه إلى أنّ الزيوت الطبيعية بشكل عام، لو لم تفيد الجسم، فإنّها لا تضره مثل الأدوية الكيمياوية.
** التسويق والعقبات
ويستثمر الشابّ مواقع التواصل الاجتماعي لترويج منتجاته كافّة، ويسرد أنّه نسج مع الوقت علاقة طيبة جيداً مع الزبائن والمتابعين، وهي مبنية على الثقة فيما يقدم لهم من زيوت وكريمات وما يشتق منهما.
ويردف: "تصلني الطلبات من كلّ أماكن قطاع غزّة، وأحاول أن ألبيها جميعاً، وأحياناً لا أمتلك الوقت والقدرة الكافية، لتلبية الجميع، لاسيما وأنّ المصنع الذي أعمل من خلاله صغير، ومحدود الإنتاجية".
وفيما يتعلق بثمن الزيوت والكريمات، يوضح أنّها تتناسب مع معظم الناس في قطاع غزّة، وهي مساوية تقريباً لسعر تلك التي يتم استيرادها، وتكون غير سليمة تماماً.
ويواجه أبو عليان خلال عمله عقبات كثيرة، أهمها انقطاع التيار الكهربائي الذي يصل للمنازل في قطاع غزّة، 8 ساعات فقط باليوم الواحد، وذلك يحدّ من قدرته على تشغيل آليات ضغط الحبوب والأوراق النباتية ويقلل من معدل إنتاجه الدوري.
ويتأثر المشروع الصغير بالحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 13 عاماً الذي أدى لتراجع في كلّ المناحي الحياتية، بحسب قول صاحبه، وذلك لأنّ القدرة الشرائية لدى كثير من المواطنين أصحبت ضعيفة جداً وبعضهم يكاد لا يجد قوت يومه.
ويحلم الشاب أن يكون قادراً في المستقبل القريب على توسيع مشروعه، وتوفير مكان واسع خاص به، يمكنه من تشغيل أكبر قدر ممكن من الأيدي العاملة، علّه يساهم في الحد من مشكلة البطالة، المنتشرة بشكلٍ خاص، بين خريجي تخصصات التحاليل الطبية والصيدلة.