بعد انقطاع 15 شهرا.. كيف استقبل طلاب غزة العام الدراسي؟ (تقرير)
انطلق التعليم الوجاهي بالمدارس الحكومية بقطاع غزة الأحد دون مدارس "الأونروا"، فيما يتواصل "التعليم عن بعد" في القطاعين..

Gazze
غزة / الأناضول
داخل مدارس تحولت جدرانها وساحاتها إلى شواهد على حرب إبادة جماعية، انطلقت العملية التعليمة الوجاهية في قطاع غزة الأحد، لأول مرة منذ أكثر من 15 شهرا داخل المدارس الحكومية.
فمع ساعات الصباح الباكر، قطع مئات الأطفال بغزة طريقهم بين البرد والركام الهائل الذي يغلق الكثير من شوارع القطاع للوصول إلى المدارس القليلة الناجية من حرب الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل.
بعضهم قطع هذه الطرق الصعبة بنعال ارتدوا تحتها جوارب خفيفة لتحميهم من برد الشتاء القارس، في ظل انعدام القدرة الشرائية لدى عائلاتهم لشراء أحذية جديدة لهم.
فيما لم يرتد غالبية الطلبة الزي المدرسي الجديد، وتوجهوا إلى الصفوف الدراسية بملابس غير رسمية وبعضهم بملابس منزلية لا تكاد تقيهم من البرد.
ولا يتمكن غالبية فلسطيني القطاع من شراء ملابس أو مستلزمات دراسية جديدة لأطفالهم بعدما حولت الحرب غالبية السكان إلى فقراء، حيث بلغت نسبة الفقر في القطاع 100 بالمئة، بحسب بيانات للبنك الدولي في أكتوبر/ تشرين الأول 2024.
والأحد، أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي بغزة انطلاق العام الدراسي الجديد رغم الدمار الهائل والنقص الكبير في الموارد والإمكانيات.
وقالت الوزارة في بيان، إن الدراسة تنطلق في "المدارس التي لا تزال قائمة أو التي تم ترميمها وتجهيزها، أو عبر مدارس ونقاط تعليمية بديلة أنشئت في العديد من المناطق"، دون ذكر عدد المدارس العاملة أو عدد الطلبة الذين التحقوا بالصفوف الدراسة.
وأشارت إلى أن التعليم الوجاهي يأتي مع استمرار "التعليم عن بعد" للطلبة الذين يتعذر عليهم الحضور للمدارس.
** إصرار على التعلم
مع انطلاق العام الدراسي، نظمت مدارس احتفالات افتتاحية حيث شارك أعداد قليلة من الطلبة بتقديم الدبكة الشعبية الاستعراضية على وقع موسيقى وطنية.
الطلاب الذين وقفوا في طوابير الصباح رفع بعضهم لافتات كتب على بعضها: "نحن باقون ما بقي الزعتر والزيتون"، و"فلسطين أم لم تنجب إلا الأبطال"، و"وطن برائحة الشهداء".
المدارس التي استقبلت الطلاب لم تخلُ من آثار القصف وإطلاق النيران والدمار والحرق، حيث أغلقت نوافذ المدارس بقطع من النايلون بينما تم إغلاق الأبواب المحطمة بقطع من الأقمشة.
بعض اللوحات الدراسية لم تسلم من الدمار أيضا حيث ما زالت تحتفظ بآثار اختراق الرصاص الحي وشظايا الصواريخ لها.
فيما فقدت بعض الصفوف جدرانها بينما دُمرت أجزاء كبيرة من مدارس أخرى خلال الحرب، وأعلنت وزارة التربية والتعليم في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، أن 95 بالمئة من المباني المدرسية والتعليمية تعرضت لأضرار مختلفة فيما خرجت 85 بالمئة منها عن الخدمة نتيجة تدميرها بشكل كلي أو جزئي.
** نازحون يزاحمون الطلبة
ومع الدمار الواسع الذي حل بالقطاع وفقدان الفلسطينيين لمنازلهم خلال الحرب، بعض المدارس التي انطلقت فيها العملية التعليمية ما زالت تؤوي نازحين.
هؤلاء النازحون باتوا يزاحمون الطلبة في ساحة الدراسة والصفوف حيث رفضوا ترك المدارس لعدم وجود أماكن بديلة لإيوائهم.
ويقول المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في آخر إحصائياته إن نسبة الدمار في القطاع بلغت 88 بالمئة بما يشمل البنى التحتية والمنازل والمؤسسات.
وفي مدرسة القطان بمدينة خان يونس جنوب القطاع، التي افتتحت عامها الدراسي الأحد، قال النازح نبيل أبو دقة للأناضول، إنه ومنذ نزوحه من مدينة رفح أقام في هذه المدرسة وما زال بداخلها.
وتابع متسائلا: "إلى أين نذهب؟ لا يوجد لدينا منزل ولا أرض ولا عائلة، ولم نستلم خيمة ولا شوادر (قطع نايلون)، خرجنا من منزلنا خلال الحرب دون اصطحاب أي شيء معنا".
** تحديات وصعوبات
وإلى جانب تواجد النازحين داخل المدارس الحكومية، يواجه المعلمون تحديات وصعوبات أخرى جراء الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها قطاع غزة بفعل تداعيات الإبادة.
مدرسة اللغة العربية إيمان صلوحة، في "مدرسة النصر" تقول للأناضول، إنها اضطرت لتعليم مادة "العلوم" أيضا إلى جانب تخصصها الأصلي بسبب نقص الكوادر التعليمية.
وبحسب بيان الوزارة السابق، فإن إسرائيل قتلت خلال الإبادة أكثر من 800 من العاملين في قطاع التعليم العام، وأكثر من 15 ألف طفل في سن التعليم المدرسي.
وأوضحت المعلمة صلوحة، أن انقطاع الطلبة لأكثر من 15 شهرا عن الدراسة سبب لهم "ضعفا في التركيز".
ورغم الظروف الصعبة إلا أن صلوحة تؤكد على مواصلة التعليم "بكل عزيمة وإصرار" فضلا عن احتضانهم للطلاب لتمكينهم من اجتياز هذه المرحلة.
بدوره، يقول مدير تعليم شرق مدينة خان يونس منار أبو خاطر، إن العملية التعليمية تنطلق للمرة الأولى بعدما فقد القطاع مئات المدارس خلال الإبادة.
وأضاف أن القطاع فقد مئات المدارس، بحيث لا يمكن استمرار العملية التعليمية بداخلها إلا بوجود بدائل كخيام أو كرفانات.
وبيّن أن العام الدراسي الجديد يواجه عدة تحديات تتعلق بتوفر القرطاسية المختلفة، إلى جانب عدم توفر السولار اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في ظل انقطاع الطاقة منذ أول أيام الإبادة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
كما تفتقد المدارس العديد من أثاثها كالمقاعد الدراسية والكراسي، وجرى الاستعاضة عنهم بسجاجيد الصلاة و"الشوادر" (قطع النايلون)، التي يجلس عليها الطلاب داخل الصفوف الدراسية.
**الدراسة عن بعد
يأتي انطلاق الدراسة وجاهيا في مدارس قطاع غزة الحكومية، بالتزامن مع استمرار تقنية "التعليم عن بعد" (الإلكتروني) فيما لم تبدأ الدراسة وجاهيا في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وبالعادة، يتزامن بدء العام الدراسي بين مدراس الحكومة والأونروا في الأراضي الفلسطينية، إلا أن الظروف الاستثنائية التي خلفتها الحرب ووجود النازحين داخل المدارس فضلا عن الدمار الواسع الذي طالها، تسبب بحدوث هذا القطع.
لكن الوكالة الأممية أعلنت في أغسطس/ آب 2024، عودة تدريجية لأنشطة التعليم في بعض مراكز الإيواء في القطاع، حيث تركز على الأنشطة الرياضية وأنشطة الفنون والدراما والألعاب إلى جانب أنشطة الدعم النفسي والاجتماعي للطلبة، وفق ما قالت مديرة الإعلام في "أونروا" إيناس حمدان للأناضول.
بينما أعلنت الأونروا في ديسمبر/ كانون الأول 2024، بدء برنامج التعلم عن بعد لطلابها في قطاع غزة، حيث قال مفوضها العام فيليب لازاريني بعد شهر من وقف إطلاق النار بغزة (صادف 19 فبراير/ شباط الجاري) إن أكثر من 250 ألف طالب وطالبة التحقوا بهذا البرنامج.
وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان وقف لإطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل، يستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.