غزة بالظلام منذ 17 شهرا.. ما الجديد بقرار إسرائيل قطع الكهرباء! (إطار)
- في إجراء متناقض، قررت إسرائيل وقف تزويد قطاع غزة بالكهرباء رغم أنها تقطعها منذ 7 أكتوبر 2023

Gazze
غزة / الأناضول
- في إجراء متناقض، قررت إسرائيل وقف تزويد قطاع غزة بالكهرباء رغم أنها تقطعها منذ 7 أكتوبر 2023- مراقبون يرون أن القرار موجه للداخل الإسرائيلي لإظهار وجود ضغط على "حماس" بملف مفاوضات الأسرى
- قبل اندلاع الإبادة، كانت قدرة الكهرباء المتوفرة في قطاع غزة تقدر بنحو 212 ميغاوات
- 120 ميغاوات كانت تُشترى من إسرائيل، و32 تُشترى من مصر، و60 تنتجها محطة توليد الكهرباء
في إجراء متناقض يحمل أهدافا غير معلنة، قررت إسرائيل الأحد وقف تزويد قطاع غزة بالكهرباء بشكل فوري، رغم أنها تقطع الكهرباء عن القطاع منذ بدء الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيشها بحق الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
فمنذ 17 شهرا تغرق غزة في ظلام دامس، ضمن سلسلة عقوبات فرضتها تل أبيب خلال الإبادة، ما أفرز أزمة إنسانية مأساوية فاقمت من معاناة 2.4 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع المحاصر منذ منتصف 2006.
ويرى مراقبون فلسطينيون أن قرار وقف تزويد غزة بالكهرباء المقطوعة أصلا منذ 7 أكتوبر 2023، هو تصريح موجه للداخل الإسرائيلي لإظهار وجود ضغوط على "حماس" في ملف مفاوضات تبادل الأسرى من أجل تحقيق مكاسب.
لكن القرار الأخير أعاد ملف الطاقة إلى الواجهة، ففي 7 أكتوبر 2023 قطعت إسرائيل الكهرباء المباعة إلى غزة والمقدرة بنحو 120 ميغاوات، وفي التاسع من ذات الشهر منعت جميع الإمدادات الأساسية من بينها الوقود الواصل لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة ضمن حصار مشدد على القطاع، في إجراء ما زال متواصلا حتى اليوم.
وعلى مدار أشهر الإبادة لجأ الفلسطينيون إلى ألواح الطاقة الشمسية كبديل عن التيار الكهربائي إلا أن إسرائيل تعمدت استهداف تلك الألواح إمعانا بالعقاب الجماعي بحقهم.
** قبل الإبادة
قبل اندلاع الإبادة، كانت قدرة الكهرباء المتوفرة بقطاع غزة تقدر بنحو 212 ميغاوات من أصل احتياج يبلغ حوالي 500 ميغاوات لتوفير إمدادات الطاقة على مدار 24 ساعة يوميا.
مقدار العجز وصل آنذاك إلى نحو 288 ميغاوات، فأطلقت شركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو) في 21 سبتمبر/ أيلول 2023 مشروع "طاقة أمل" لتزويد القطاع بنحو 50 ميغاوات من الكهرباء من الطاقة الشمسية فيما حالت الإبادة الجماعية دون تنفيذه.
من إجمالي الكهرباء التي توفرت بغزة قبل 7 أكتوبر 2023، كان يتم شراء نحو 120 ميغاوات منها من إسرائيل وتصل القطاع عبر 10 خطوط تغذية.
بينما كان يتم شراء نحو 32 ميغاوات من إجمالي الكهرباء المتوفرة بغزة من مصر وتصل القطاع عبر 3 خطوط.
فيما كانت شركة توليد الكهرباء توفر ما إجماله 60 ميغاوات فقط قبل اندلاع الإبادة، كانت هذه الكميات تزداد أحيانا وتقل في أحيان أخرى وفق الدعم الذي يتم توفيره من قطر لشراء الوقود .
وفق ما كان متوفرا، فإن شركة توزيع الكهرباء كانت تعمل وفق جدول يومي لوصل التيار بمعدل 8 ساعات، فيما تتسبب بالعادة زيادة الأحمال بحسب الشركة، خاصة في ذروتي الصيف والشتاء بتقليل ساعات الوصل لتصل إلى 6 فقط.
ولجأ الفلسطينيون في تلك الفترة إلى الحصول على التيار الكهربائي البديل عبر مولدات كبيرة تزود مناطق بالطاقة مقابل أجر مدفوع، لكن قطع الوقود بعد الإبادة أوقف عمل هذه المولدات.
** أضرار الإبادة
شركة توزيع الكهرباء قالت إن إسرائيل دمرت خلال الإبادة 70 بالمئة من شبكات التوزيع في القطاع، بما يعادل 3 آلاف و680 كيلو متر، وفق المكتب الإعلامي الحكومي.
وأضافت في بيان نشرته الاثنين، أن 90 بالمئة من مستودعات ومخازنها دمرت بالكامل، وأن 80 بالمئة من آليات ومركبات التوزيع دمرت بالكامل.
وأشارت إلى أنه منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بغزة في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي لم يدخل أي معدات مستعجلة للشركة، لافتة إلى وجود خطة لإصلاح الأعطال لكنها مرهونة بتوفير موزعات كهربائية وتجهيزات.
وفي السياق، أكدت الشركة حاجتها لمولدات الطاقة الصغيرة لتشغيل آبار المياه في المناطق المنكوبة، مطالبة بتدخل دولي لوقف انهيار كافة القطاعات جراء توقف الكهرباء.
وفي 7 أكتوبر 2024، قالت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية إن أكثر من 68 بالمئة من شبكات الجهد المتوسط والمنخفض والنقل تعرضت لأضرار فادحة .
وأشارت إلى أن الإبادة أدت إلى تضرر نحو 830 كيلو مترا من شبكات الجهد المتوسط والنقل ونحو 2700 كيلو مترا من شبكات الجهد المنخفض، كما دمرت أكثر من ألفين و105 محولات لتوزيع الكهرباء.
** تداعيات انقطاع الكهرباء
انقطاع الكهرباء عن غزة منذ 17 شهرا تسبب بتداعيات كارثية خففت من حدتها قليلا دخول وقود منذ وقف إطلاق النار لكن ملامحها عادت مع إغلاق المعابر، وكان أبرزها:
- انقطاع الكهرباء عن المستشفيات: مع توقف محطة توليد الكهرباء اعتمدت المستشفيات على مولدات بديلة للطاقة لكن إغلاق المعابر منع دخول الوقود المشغل لتلك المولدات.
اعتمدت المستشفيات خلال أشهر الإبادة على الكميات الشحيحة من الوقود التي كانت تصلها كمساعدات من مؤسسات دولية فيما كانت إسرائيل تعرقل وصول كميات منها بشكل متعمد إلى المشافي، وفق تصاريح سابقة لمسؤولين في صحة غزة.
وبحسب تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في سبتمبر/ أيلول 2024، فإن القطع التعسفي للكهرباء تسبب بتوقف مستشفيات ومراكز صحية عن العمل عدة مرات لعدم وجود بدائل ما أدى لتسجيل وفيات نتيجة توقف الخدمات الصحية كما أثر ذلك على عملية تخزين الأدوية والدم.
- تعطل شبكات المياه والصرف الصحي: أدى انقطاع الكهرباء إلى الإمعان الإسرائيلي في استخدام التعطيش كأداة حرب حيث حرم انقطاع التيار من وصول مياه الآبار الجوفية للمواطنين وأوقف عمل محطات التحلية، وفق المرصد.
إلى جانب ذلك، فقد تسبب تسرب مياه الصرف الصحي إلى الشوارع والمناطق السكنية لانتشار الأوبئة والأمراض والتي كان أبرزها التهاب الكبد الوبائي والأمراض الجلدية.
- توقف عمل المخابز: انقطاع الكهرباء ومنع إمدادات الوقود تسبب أيضا بتوقف عمل المخابز ما أدى إلى تفاقم أزمة الغذاء التي تحولت إلى مجاعة مع تقنين دخول المساعدات الغذائية بشكل كبير خلال الإبادة.
ومع إغلاق إسرائيل للمعابر رغم سريان اتفاق يناير، تبقى تلك التداعيات كما هي بل وتتفاقم مع محاولة فلسطينيي غزة العودة إلى حياتهم الطبيعية فيما يضاف إليها تعطيل استئناف العملية التعليمية في المدارس والتي انطلقت في فبراير/ شباط الماضي، وفق ما أوردته شركة توزيع الكهرباء في بيانها السابق.
وفي 1 مارس/ آذار 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" إسرائيل، بدأ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة.
وتنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، إذ يرغب في إطلاق سراح مزيد من الأسرى الإسرائيليين، دون تنفيذ التزامات هذه المرحلة، ولاسيما إنهاء حرب الإبادة والانسحاب من غزة بشكل كامل.
ولذلك زعم نتنياهو في 8 مارس، أن "حماس" ترفض التجاوب مع مقترح أمريكي لوقف إطلاق نار مؤقت خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، مبررا بذلك استخدام سلاح "التجويع" المحرم دوليا، بمنع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة في 2 مارس/ آذار الجاري.
وحوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصرها للعام الـ18، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.
في المقابل أكدت "حماس" مرارا التزامها بالاتفاق وطالبت بإلزام إسرائيل به، ودعت الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية، واعتبرت قرار منع المساعدات "ابتزازا رخيصا وجريمة حرب وانقلابا سافرا على الاتفاق".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.