دولي, أفريقيا, التقارير

من ركوب الأمواج إلى حماية المحيطات.. ناشط سنغالي يطلق ثورة "صفر نفايات" (تقرير)

بابكر تياو، مؤسس أول مطعم خالٍ من النفايات البلاستيكية في السنغال، يقود حملة توعوية للأطفال وينظّم أنشطة تنظيف الشواطئ من أجل بيئة بحرية نظيفة ومستدامة

Fatma Esma Arslan Özdel, Hişam Sabanlıoğlu  | 11.06.2025 - محدث : 11.06.2025
من ركوب الأمواج إلى حماية المحيطات.. ناشط سنغالي يطلق ثورة "صفر نفايات" (تقرير)

Dakar

دكار/ فاطمة أسماء أصلان أوزدِل/ الأناضول

بهدف حماية المحيطات من التلوث البلاستيكي، أطلق الناشط السنغالي بابكر تياو، الرياضي الشغوف بركوب الأمواج، حملة بيئية رائدة عبر تأسيسه أول مطعم "صفر نفايات" في البلاد فضلا عن تنظيمه برامج توعية بشأن البيئة موجهة للأطفال.

ويقود تياو حراكًا اجتماعيًا وبيئيًا في بلاده يسعى من خلاله إلى إرساء ثقافة الاستدامة والمسؤولية تجاه بيئات السواحل والمحيطات.

ويعود ارتباط تياو بالمحيط إلى طفولته، حيث نشأ على شواطئ العاصمة دكار، وبدأ ممارسة ركوب الأمواج وهو في السادسة من عمره.

تلك العلاقة الوثيقة بالمحيط دفعت تياو لاحقًا إلى تسخير شغفه بالرياضات البحرية لخدمة قضايا البيئة.

** صفر نفايات

عام 2013، ورث تياو مطعمًا على شاطئ منطقة يوف في دكار عن والده، وأطلق عليه اسم "قرية كوباكابانا لركوب الأمواج".

وبعد أن لاحظ حجم النفايات البلاستيكية التي تلوث الشواطئ، حوّل هذا المطعم عام 2019 إلى أول مطعم في السنغال يعمل وفق مبدأ "صفر نفايات"، حيث ألغى استخدام القوارير والمصّاصات البلاستيكية، واستبدلها بعبوات زجاجية ومصّاصات من الخيزران.

نجاح هذا التحول ألهم أكثر من 65 مطعمًا آخر في العاصمة السنغالية للسير على النهج نفسه، في خطوة غير مسبوقة عززت التوجه نحو بيئة خالية من النفايات في البلاد.

جهود تياو لم تقتصر على المطعم فحسب، إذ أسس عام 2020 "جمعية راكبي الأمواج" في السنغال، وهي منظمة تُعنى بتنفيذ برامج تعليمية وتوعوية، تركز بشكل خاص على فئة الأطفال لتعزيز الوعي البيئي لديهم وتشجيعهم على حماية المحيطات.

وقال تياو في حديث مع الأناضول: "في أحد الأيام كنت أركب الأمواج مع أصدقائي الأجانب، وأدركت أننا محاطون بالكامل بالنفايات البلاستيكية".

وأضاف: "سألت نفسي هم سيغادرون هذا المكان بعد أيام، لكن هل أنا مضطر أن أعيش وسط هذا التلوث طوال حياتي؟ وهكذا بدأت رحلتي في مجال البيئة".

​​​​​​​وتستضيف مدينة نيس الفرنسية بين 9 و13 يونيو/ حزيران الحالي مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات بحضور رؤساء دول وحكومات، تحت شعار "حفظ المحيطات واستخدامها على نحو مستدام من أجل تنمية مستدامة".

** تثقيف الأطفال

ولفت تياو إلى أنه يؤمن بأن الأطفال هم "عماد المستقبل"، وأن الوصول إليهم هو الطريق الأكثر فاعلية لتغيير سلوك المجتمع.

وأضاف: "لذلك، أقوم منذ عامين بتنظيم برامج تثقيف بيئية وتدريب على ركوب الأمواج لتلاميذ المدارس الابتدائية، حيث تجمع البرامج بين التوعية البيئية والنشاط البدني".

وتشتمل هذه البرامج مواد بصرية وصورا توضح آثار التلوث على الكائنات البحرية مثل السلاحف، ما يساعد الأطفال على إدراك عمق المشكلة، ويدفعهم إلى نقل هذا الوعي إلى أسرهم ومجتمعهم، وفق تياو.

وأردف: "نُريهم صورًا لسلاحف تموت لأنها تناولت البلاستيك. عندما يدرك الأطفال ذلك، يصبحون أكثر حرصًا على البيئة. بل إنهم يعودون إلى منازلهم ويطالبون عائلاتهم بالمحافظة على نظافة الشاطئ، شارحين لهم أضرار البلاستيك".

** النفايات السائلة

ولا تقتصر التهديدات البيئية في السنغال على النفايات الصلبة فحسب، إذ يسلط تياو الضوء أيضًا على مشكلة النفايات السائلة، مؤكدًا أنها أحد أخطر التحديات البيئية التي تواجه الشواطئ والمجتمعات الساحلية.

وقال: "مياه الصرف الصناعي والسكني تُفرغ مباشرة في المحيط، دون أي معالجة. هذا لا يضرّ البيئة فحسب، بل يُشكّل تهديدًا خطيرًا على الصحة العامة".

وشدد تياو على أن الجهود الفردية وحدها لا تكفي، داعيًا الحكومة إلى التعاون مع دول لديها خبرة في تنظيف المحيطات، من أجل مواجهة هذا التحدي المشترك.

** تلوث متزايد

وتمتد سواحل السنغال على طول يزيد عن 700 كيلومتر على المحيط الأطلسي، وهي تزخر بثروات بحرية متنوعة وتُشكّل مصدر رزق أساسي للعديد من السكان من خلال قطاع الصيد.

إلا أن هذه السواحل تواجه اليوم خطر التلوث، إذ صنّفت مجلة "ساينس" العلمية السنغال ضمن قائمة الدول الأكثر تلويثًا للبحار.

وأشارت دراسة للمجلة عام 2015 إلى أن البلاد أفرغت أكثر من 254 ألف طن من النفايات البلاستيكية في المحيط خلال عام 2010، ومن المتوقع أن تتجاوز هذه الكمية 738 ألف طن سنويًا بحلول عام 2025.

وتُشير تقديرات منصة "ساينس دايركت" العلمية إلى أن نحو 80 بالمئة من النفايات البلاستيكية في المحيطات مصدرها اليابسة، بينما يُعزى الباقي إلى معدات الصيد مثل الشباك والحبال.

ومن خلال مشاريعه وحملاته، يسعى تياو إلى قلب هذه المعادلة، عبر تعزيز الوعي البيئي، وتدريب الأجيال الجديدة، وإرساء ثقافة استدامة تحمي ما تبقى من النظام البيئي البحري قبل فوات الأوان.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın