تركيا تمنح غزة لحظة فرح.. 406 عرسان وعرائس يتحدَّون الحرب بالأمل (تقرير)
جمعية "رباط" التركية نظمت أحد أكبر حفلات الزفاف الجماعي في غزة منذ اندلاع حرب الإبادة في رسالة أمل وصمود رغم الدمار والحصار
Gazze
إسطنبول/ الأناضول
في مكان غابت عنه مظاهر الفرح منذ أكثر من عامين، اجتمع 406 عرسان وعرائس، الخميس، في قطاع غزة للمشاركة في حفل زفاف جماعي بتنظيم تركي، أعاد شيئا من البهجة إلى وجوه الفلسطينيين.
وتحت سماء شتوية باردة، احتضنت بلدة الزوايدة، أحد أكبر حفلات الزفاف الجماعي التي شهدها القطاع منذ اندلاع حرب الإبادة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، في مشهد أعاد للفرح حضوره، ولو مؤقتا، وسط الدمار والركام.
وفي إطار مبادرة إنسانية، نظمت جمعية "رباط" التركية حفل الزفاف الجماعي، الذي جمع 203 عرسان و203 عرائس، في رسالة دعم وتضامن حملتها تركيا إلى الفلسطينيين الذين أنهكتهم الحرب.
وغالبية المشاركين من النازحين والمتضررين من الحرب؛ فبينهم من فقد منزله، وآخرون فقدوا أقارب وأصدقاء، لكنهم اجتمعوا على بداية حياة جديدة، متحدين واقعا قاسيا يحاول سلبهم أبسط حقوقهم في الفرح والاستقرار.
** "جئنا لرسم الابتسامة"
وقال المنسق الإعلامي لجمعية "رباط" في غزة "عبد الفتاح النملة"، إن هذا الزفاف الجماعي يمثل "هدية متواضعة من شعب تركيا الأصيل، الذي وقف معنا دائما مساندا، وعلى رأسه جمعية رباط".
وأوضح المنسق الإعلامي، في حديث مع الأناضول، أن الفعالية جاءت لتكريس معاني التضامن والإنسانية في واحدة من أقسى اللحظات التي يعيشها القطاع.
وأضاف: "جئنا لنرسم الابتسامة وندخل السعادة إلى نفوس الشبان الذين يحاولون الاستمرار وإعادة الحياة إلى غزة، رغم محاولات الاحتلال بث رسائل الإحباط والألم".
واعتبر أن هذا الزفاف يبعث الأمل من جديد، ويؤكد أن غزة ما زالت قابلة للحياة والديمومة والاستمرار.
ولفت المنسق الإعلامي، إلى أن إدخال الفرح إلى قلوب الشباب يعد من صميم رسالة جمعية "رباط"، التي "واصلت على مدار عامين تقديم الدعم الإنساني إلى غزة، من الغذاء وتوفير المياه، إلى برامج إغاثية شملت الأطفال والشبان ومخيمات النزوح والإيواء".
وبيّن أن "رسالة الفرح اليوم، هي رسالة الحياة الجديدة والأسرة الجديدة من قلب غزة، التي ستتجاوز الجراح"، مشيرا إلى أن غزة تحب الحياة.
وأضاف: "سنمحو آثار الحزن والدمار بهذا الفرح، وسنبني الحياة من جديد، ونبقى صامدين على أرضنا رغم محاولات الاحتلال التهجير والإبعاد، فنحن متشبثون بالحياة".
وأكد عبد الفتاح، على أن رسالة الفلسطينيين إلى العالم واضحة، قائلا: "نحن شعب مكلوم ومنكوب، قدّم التضحيات من جرحى وشهداء، ودُمّرت منازله ومدنه، لكن رسالة اليوم هي رسالة الحياة والفرح".
واعتبر أن هذا الزفاف يمثل "باكورة أفراح جديدة في غزة، وبداية لاستعادة الأمل من تحت الركام".
ويأتي تنظيم هذا الزفاف الجماعي في وقت يواجه فيه قطاع غزة أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة، في ظل استمرار الحصار، ونقص مقومات الحياة الأساسية، ودمار واسع طال المنازل والبنية التحتية، خلّفته حرب إبادة إسرائيلية استمرت لعامين.
وخلفت الحرب أكثر من 70 ألف قتيل فلسطيني، وما يزيد على 171 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب دمار هائل، قدّرت الأمم المتحدة كلفة إعادة إعماره بنحو 70 مليار دولار.
ورغم ذلك، يصر الفلسطينيون في غزة على صناعة الفرح كلما سنحت الفرصة، إيمانا بأن الحياة، مهما اشتدت قسوتها، تستحق أن تُعاش، وأن الأمل يمكن أن يولد حتى من تحت الركام.

** فرحة رغم الألم
من بين صفوف العرسان، وقف العريس محمد شلبي، بملامح امتزج فيها الفرح بالحزن، وقال للأناضول: "جئنا لنسعد أنفسنا وشعبنا، ونثبت للعالم أننا، رغم القصف والدمار والنزوح، ما زلنا صامدين".
وأضاف: "الألم كبير، والفقد موجع، لكن فرحة اليوم تقول إننا نحب الحياة، ولن تنكسر إرادتنا".
وتابع شلبي، وقد بدت الفرحة واضحة في صوته: "الفرحة لا توصف، فأجمل شعور في العالم هو الإحساس بالاستقرار والعفة، وأن تكون إلى جانبك زوجة تخاف عليك وتصونك".
وأكد أن رسالته إلى العالم واضحة، وهي أن "شعب غزة صامد وقوي، ولا شيء في هذا العالم قادر على كسره".
وأشار إلى أن الفلسطينيين في غزة واجهوا "كل أشكال البشاعة والظلم والجرائم" خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، ومع ذلك "ما زالت الابتسامة حاضرة على وجوه الناس".
وعبّر شلبي، عن شكره العميق لـ"تركيا الشقيقة وكل من ساهم في إدخال الفرح إلى قلوبنا".
وأضاف: "نحن نعلم أن الشعب الفلسطيني يستحق الفرح، ورغم أن العالم خذلنا، ما زالت هناك دول تقف معنا وتمنحنا بصيص أمل بالحياة"، قبل أن يضع يده على صدره ثلاث مرات، تعبيرا عن امتنانه الصادق وشكره من القلب لتركيا.
من جهتها، اعتبرت العروس وعد الشافعي، مشاركتها في الزفاف "بداية أمل بعد سنتين من حياة قاسية".
وقالت الشافعي، للأناضول: "نحاول أن نستمر رغم كل شيء، سنعيش ونكون أقوى، وسنعيد إعمار غزة بإرادة الله".
وأضافت: "علينا أن نستمر رغم كل الظروف، نحن ما زلنا على أرضنا وسنواصل العيش فيها، وسنكون أقوى ونعمر غزة".
وعبّرت العروس، عن شكرها العميق لتركيا، التي أسهمت في إدخال الفرح إلى قلبها وإلى نفوس مئات الشباب الفلسطينيين في قطاع غزة، مؤكدة أن هذه المبادرة منحتهم أملا جديدا بالحياة رغم كل الجراح.
وتواصل تركيا تقديم دعمها الإنساني لقطاع غزة عبر مؤسساتها الرسمية والأهلية، من خلال مشاريع إغاثية شملت الغذاء والمياه والإيواء ورعاية الفئات المتضررة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
