الشرع: سوريا تحولت من بلد أزمات إلى فرصة للاستقرار والسلام
في كلمة للرئيس السوري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

Syria
ليث الجنيدي / الأناضول
قال الرئيس السوري أحمد الشرع، الأربعاء، إن بلاده تحولت من دولة تصدر الأزمات إلى "فرصة تاريخية" لإحلال الاستقرار والسلام والازدهار في المنطقة بأسرها.
حديث الشرع جاء خلال كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، هي الأولى لرئيس سوري منذ عام 1967.
وأشار إلى أن "الحكاية السورية حكاية تهيج فيها المشاعر ويختلط فيها الألم بالأمل، الحكاية السورية حكاية صراع بين الخير والشر، وبين الحق الضعيف الذي ليس له ناصر إلا الله، والباطل القوي الذي يملك كل أدوات القتل والتدمير".
وتابع الرئيس السوري: "حكايتنا عبرة من عبر التاريخ وتمثيل حقيقي للمعاني الإنسانية النبيلة".
وبين أنه "في هذه المعركة الأزلية بين الحق والباطل تروى الحكاية السورية لتحكي فصلا جديدا من فصول هذا الصراع، فصلا عظيما ومشرقا بالإبداع".
وأردف: "جئتكم من دمشق عاصمة التاريخ ومهد الحضارات، تلك البلاد الجميلة التي علّمت الدنيا معنى الحضارة وقيمة الإنسان والتعايش السلمي، لتصبح منارة يقتدي بها العالم".
واستدرك الشرع: "غير أن سوريا منذ 60 عاما وقعت تحت وطأة نظام ظالم غاشم يجهل قيمة الأرض التي حكمها ويقهر الشعب الودود المسالم".
ومضى قائلا: "صبر شعبنا لسنين طويلة على الظلم والقهر والحرمان ثم ثار مناديا بحريته وكرامته، فقوبل بالقتل والتنكيل والحرق والاغتصاب والتهجير".
❞#سوريا تحولت من بلد يصدر الأزمات إلى "فرصة تاريخية" لإحلال الاستقرار والسلام والازدهار، للمنطقة بأسرها❝
— Anadolu العربية (@aa_arabic) September 24, 2025
❞الحكاية السورية حكاية تهيج فيها المشاعر ويختلط فيها الألم بالأمل، الحكاية السورية حكاية صراع بين الخير والشر، وبين الحق الضعيف الذي ليس له ناصر إلا الله، والباطل القوي… pic.twitter.com/NN1QEYgeHg
وزاد: "استخدم النظام السابق في حربه على شعبنا أبشع أدوات التعذيب والقتل والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والتعذيب في السجون والتهجير القسري وأثار الفتن الطائفية والعرقية واستخدم المخدرات سلاحا ضد الشعب والعالم".
وأكمل الشرع أن "النظام السابق مزق بلادنا طولا وعرضا وهدّم أهم حواضر التاريخ فيها، واستقدم قوات أجنبية وعصابات ومليشيات من أصقاع الأرض".
كما بين أن النظام المخلوع "ارتهن بلادنا الجميلة، وقتل نحو مليون إنسان وعذب مئات الآلاف وهجّر نحو 14 مليون إنسان وهدّم ما يقرب من مليوني منزل فوق رؤوس ساكنيها".
وأوضح: "لقد استُهدف الشعب الضعيف بالأسلحة الكيميائية بأكثر من 200 هجوم موثق، نعم لقد استنشق نساؤنا وأطفالنا وشبابنا الغازات السامة".
واستطرد: "لقد فعل النظام (المخلوع) كل ذلك ليسكت صوت الحق، ومع كل هذا الإجرام أنهى أي لغة سياسية للحل رغم ما كان يعرض عليه".
واعتبر الشرع أنه "ما كان أمام الشعب إلا أن ينظم صفوفه وأن يستعد للمواجهة التاريخية الكبرى في عمل عسكري خاطف".
ولفت إلى أن ما جرى هو "مواجهة أسقطت منظومة إجرام استمرت 60 عاما مع كل داعميه، عمل عسكري كان ملؤه الرحمة والخير وتغليب العفو والتسامح، معركة لم تتسبب بتهجير إنسان ولا قتل مدني، توّجت بنصر لا ثأر فيه ولا عداوات، واستعاد الشعب فيها حقه".
وأكد: "انتصرنا في المعركة للمظلومين والمعذبين والمهجرين قسرا، لأمهات الشهداء والمفقودين، انتصرنا لكم جميعا أيها العالم".
ورأى أن "سوريا تحولت بهذا النصر من بلد يصدر الأزمات إلى فرصة تاريخية لإحلال الاستقرار والسلام والازدهار لسوريا وللمنطقة بأسرها".
وأوضح أن "الإنجاز السوري الفريد والتكاتف الشعبي الحاصل دفع بأطراف لمحاولة إثارة النعرات الطائفية والاقتتالات البينية، سعياً لمشاريع التقسيم وتمزيق البلاد من جديد".
وشدد في السياق ذاته على أن "الشعب السوري كان يملك من الوعي ما يمنعه من استمرار حصول الكوارث والعودة بسوريا إلى مربعها الأول".
وبين أن "الدولة السورية عملت على تشكيل لجان لتقصي الحقائق، ومنحت الأمم المتحدة الإذن بالتقصي كذلك، وخلصت إلى نتائج متماثلة في شفافية غير معهودة في سوريا".
وتعهد الرئيس السوري بـ"تقديم كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء إلى العدالة".
من جهة أخرى، قال الشرع إن "التهديدات الإسرائيلية ضد بلادنا لم تهدأ منذ 8 ديسمبر (كانون الأول 2024) إلى اليوم".
ولفت إلى أن "السياسات الإسرائيلية تعمل بشكل يخالف الموقف الدولي الداعم لسوريا ولشعبها في محاولة لاستغلال المرحلة الانتقالية، ما يعرض المنطقة للدخول في دوامة صراعات جديدة لا يعلم أحد أين تنتهي".
وجدد الشرع موقف بلاده باستخدام "الحوار والدبلوماسية لتجاوز هذه الأزمة"، وتأكيد "الالتزام باتفاق فض الاشتباك لعام 1974" مع إسرائيل.
وتنتهك إسرائيل منذ سقوط نظام بشار الأسد سيادة سوريا عبر قصف وتوسيع رقعة احتلالها لأراضيها، رغم أن الإدارة الجديدة لم تبد أي توجه عدائي إزاءها.
ومنذ عام 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد بعد إسقاط الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين الموقعة عام 1974.
ودعا الشرع المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب بلاده "لمواجهة هذه المخاطر واحترام سيادة ووحدة الأراضي السورية".
وزاد: "بنشاط دبلوماسي مكثف استعادت سوريا علاقاتها الدولية وأنشأت شراكات إقليمية وعالمية توّجت برفع معظم العقوبات تدريجيا عن دمشق".
وطالب الشرع برفع العقوبات "بشكل كامل حتى لا تكون أداة لتكبيل الشعب السوري ومصادرة حريته من جديد".
وتوجه بالشكر لمن وقف إلى جانب قضية الشعب السوري، وخصّ بالذكر تركيا وقطر والسعودية، وكل الدول العربية والإسلامية، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
واعتبر أن "الألم الذي عاشته سوريا لا تتمناه لأحد، فنحن من أكثر الشعوب التي تشعر بحجم معاناة الحرب والدمار".
وتابع الشرع: "لذا فإننا ندعم أهل غزة وأطفالها ونساءها، وباقي الشعوب التي تتعرض للانتهاك والاعتداء، وندعو لإيقاف الحرب فوراً".
والأحد، وصل الشرع وعدد من الوزراء إلى نيويورك، ليكون أول رئيس سوري يشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ 1967.
ومنذ حرب 1967 وخسارة سوريا منطقة الجولان أمام إسرائيل، اتخذت دمشق موقفا متشددا من المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، معتبرة أنها منحازة لتل أبيب بسبب الدعم الأمريكي والغربي لها.
ولذلك لم يشارك أي رئيس سوري منذ الرئيس السابق نور الدين الأتاسي (1966 - 1970)، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة على مستوى القمة.
وفي 8 ديسمبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.
وأعلنت الإدارة السورية الجديدة، في 29 يناير/ كانون الثاني 2025، الشرع رئيسا للبلاد خلال مرحلة انتقالية من المقرر أن تستمر خمس سنوات.
ومنذ الإطاحة بنظام الأسد، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى تحسين علاقات مع دول المنطقة وعلى مستوى العالم.