Istanbul
إسطنبول/ محمد رجوي/ الأناضول
- تبدأ اليوم أعمال مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ "كوب 30" بمدينة بيليم البرازيلية- يوصف المؤتمر بأنه "اختبار حقيقي" لالتزامات الدول تجاه مكافحة التغير المناخي
- من المرتقب أن يناقش المؤتمر حجم المساهمات المحددة وطنيا، وهي الخطط التي تحدد كيف تعتزم كل دولة خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري
تحت شعار "حان الوقت للانتقال من التفاوض إلى العمل"، تنطلق، الاثنين، أعمال مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ بنسخته الحالية "كوب 30"، في مدينة بيليم البرازيلية ويستمر حتى 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
ويوصف المؤتمر، الذي انطلقت جلساته الافتتاحية التمهيدية الخميس، بأنه "اختبار حقيقي" لالتزامات الدول تجاه مكافحة التغير المناخي، خاصة في ظل مؤشرات متزايدة على أن الأرض على وشك تجاوز الحد الأقصى لارتفاع درجة الحرارة المحدد في اتفاق باريس للمناخ بمعدل 1.5 درجة مئوية.
وبرئاسة البرازيل، يتمحور مؤتمر المناخ حول أجندة عمل تتضمن 30 هدفا رئيسيا، يدار كل منها عبر "مجموعة تفعيل" مُكلفة بتحديد الحلول الفعالة وتوسيع نطاقها.
ويعود الدور البرازيلي في قيادة القضايا البيئية العالمية إلى "قمة الأرض" التي استضافتها مدينة ريو دي جانيرو عام 1992، والتي شكلت نقطة انطلاق لنظام الحوكمة المناخية العالمي، وأرست الأساس لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
واليوم، تستضيف البرازيل مجددا مؤتمر "كوب 30" تزامنا مع مرور 20 عاما على "بروتوكول كيوتو" و10 سنوات على اتفاقية باريس.
ومؤتمر "كوب3" في كيوتو باليابان عام 1997، جرى فيه للمرة الأولى اعتماد "بروتوكول كيوتو" الملزم بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلدان الصناعية، ودخل حيز الإلزام في فبراير/ شباط 2005.
وفي 12 ديسمبر/ كانون الأول 2015، تبنت 197 دولة اتفاق باريس الذي يهدف للحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.
** جدول أعمال "كوب30"
وتركز النسخة الحالية من المؤتمر على وضع الالتزامات السابقة موضع التنفيذ، وزيادة تمويل العمل المناخي إلى 1.3 تريليون دولار سنويا، ومراجعة الخطط المناخية الوطنية، واعتماد مؤشرات التكيف مع تغير المناخ، ودفع أجندة الانتقال العادل بمجال المناخ لضمان عدم تعميق التفاوتات الاجتماعية نتيجة تدابير معالجة أزمة المناخ، وفق ما أعلنته الأمم المتحدة.
ويتضمن جدول أعمال المؤتمر أكثر من 30 هدفا مترابطا، تتوزع على ستة محاور رئيسة وهي: الطاقة والنقل والصناعة، والغابات والمحيطات والتنوع البيولوجي، والزراعة والأنظمة الغذائية، والمدن والبنية التحتية والمياه، والتنمية البشرية والاجتماعية، والموضوعات الجامعة.
ويتضمن البرنامج التفصيلي المستمر حتى 21 نوفمبر الجاري، مناقشة التكيف والمدن والمياه يومي 10 و11، والعدالة وحقوق الإنسان والصحة يومي 12-13، والتحول في الطاقة والصناعة والتمويل يومي 14-15، والغابات والمحيطات ودور المجتمعات المحلية يومي 17-18، والزراعة والأمن الغذائي يومي 19-20، ويُختتم المؤتمر بيوم مخصص للعلوم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في يوم 21.
** لماذا "بيليم"؟
ينعقد المؤتمر في مدينة "بيليم" وسط غابات الأمازون، التي تواجه تحولات بيئية خطيرة، في رسالة رمزية بأهمية التكامل بين الاستراتيجيات البيئية والسياسية.
وتشكل بيليم مركزا حيويا للتنوع البيولوجي والثقافي، ويقطنها نحو 1.3 مليون نسمة، وتحتضن مؤسسات بحثية دولية بارزة، مثل مركز الأبحاث الدولية للغابات (CIFOR) والمركز العالمي للزراعة الحرجية (ICRAF)، ما يجعلها منصة مثالية لتطوير الحلول القائمة على الطبيعة.
تمتد بيليم على سطح عشرات الجزر النهرية، وتعتمد على النقل النهري لتصدير منتجاتها المحلية الشهيرة مثل ثمار الأكاي والجمبري ودقيق الكسافا، في نموذج يعكس التكامل بين الاقتصاد المحلي والنظام البيئي الطبيعي.
** خارطة طريق
يناقش المؤتمر تقرير "خارطة الطريق من باكو إلى بيليم"، الذي أعدته رئاستا مؤتمري المناخ الـ29 في باكو عاصمة أذربيجان، والـ30 في البرازيل، ويضم خمس مجالات ذات أولوية لجمع الموارد اللازمة لمكافحة التغير المناخي.
ويضم التقرير مقترحات لجمع الموارد أهمها "تعزيز صناديق المناخ الستة متعددة الأطراف التي أُنشئت على مدى العقود الماضية، وتعزيز التعاون الدولي في فرض الضرائب على الأنشطة شديدة التلوث، وتحويل الديون السيادية إلى استثمارات مناخية، ما يُتيح جمع ما يصل إلى 100 مليار دولار للدول النامية".
كما يدعو التقرير إلى "إزالة العوائق، مثل بنود معاهدات الاستثمار التي تسمح للشركات بمقاضاة الحكومات لتبنيها سياسات مناخية قد تؤثر على المصالح التجارية".
وفقا للتقرير، خسرت الحكومات بالفعل 83 مليار دولار أمريكي في 349 نزاعا من هذا القبيل.
ومن المرتقب أن يناقش أطراف المؤتمر حجم المساهمات المحددة وطنيا، وهي خطط المناخ الوطنية التي تحدد كيف تعتزم كل دولة خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وللحفاظ على الاحتباس الحراري دون 1.5 درجة مئوية، يجب خفض الانبعاثات بنسبة 60 بالمئة بحلول عام 2030.
ومع ذلك، فإن المساهمات الوطنية الحالية لن تحقق سوى خفض بنسبة 10 بالمئة، وفق الأمم المتحدة، وفق ما نشره موقع الأمم المتحدة حول المؤتمر.
كما يتوقع أيضا، حسب ذات المصدر، موافقة مندوبي الدول في بيليم على 100 مؤشر عالمي لرصد التقدم المحرز في التكيف مع المناخ، ما يضمن نتائج قابلة للقياس والمقارنة بين البلدان.
إضافة لذلك، يُتوقع أن تسهم البيانات الناتجة عن المؤشرات الجديدة في صياغة سياسات عامة أكثر شفافية وفعالية.
ويشدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة على ضرورة زيادة تمويل التكيف 12 ضعفا بحلول عام 2035 لتلبية احتياجات الدول النامية.
ويسعى مؤتمر المناخ أيضا إلى تعزيز برنامج عمل الانتقال العادل في مجال المناخ، المصمم لضمان ألا تُعمّق تدابير معالجة أزمة المناخ التفاوتات الاجتماعية.
