دولي, الدول العربية, أخبار تحليلية, التقارير, فلسطين, إسرائيل

"كيرين هايسود".. تمويل صهيوني لاستيطان فلسطين وجلب المهاجرين (تقرير)

"الصندوق التأسيسي - الجباية الموحدة لإسرائيل" (كيرن هايسود) أُسس خلال المؤتمر السنوي للمنظمة الصهيونية بلندن عام 1920

Khaled Yousef  | 22.12.2025 - محدث : 22.12.2025
"كيرين هايسود".. تمويل صهيوني لاستيطان فلسطين وجلب المهاجرين (تقرير) صورة أرشيفية

Quds

خالد يوسف / الأناضول

- "الصندوق التأسيسي - الجباية الموحدة لإسرائيل" (كيرن هايسود) أُسس خلال المؤتمر السنوي للمنظمة الصهيونية بلندن عام 1920
- من أوائل الكيانات التي دُشنت لتمويل الهجرة اليهودية وبناء المستوطنات في فلسطين ونقل مقره عام 1926 من لندن إلى القدس
- يرأسه صموئيل جروندوفورج وهو صديق لنتنياهو وسبق له الخدمة في الجيش الإسرائيلي وكان قنصل عام إسرائيل بلوس أنجلوس
- حتى 1982 ساهم الصندوق بتمويل هجرة 1.4 مليون يهودي إلى إسرائيل ودشن 500 مستوطنة زراعية وشيَّد ربع مليون وحدة استيطان
- الصندوق جمع نحو 220 مليون دولار تبرعات من يهود العالم منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية بغزة بحسب صحيفة "معاريف"

معتمدةً بشكل كبير على دعم مالي وسياسي خارجي، صادقت إسرائيل قبل أيام على بناء 19 مستوطنة جديدة بالضفة الغربية المحتلة؛ مما أثار إدانات عربية وتحذيرات من تداعيات إقليمية.

وتمثل هذه الخطوة تحدٍ متواصل من تل أبيب لقرارات الشرعية الدولية وإصرارا صهيونيا على عملية استيطان وتهجير وهجرة بدأت حتى قبل إعلان قيام دولة إسرائيل بالعام 1948.

ففي سبيل تأسيس ما يُسمى "وطن قومي لليهود" على أراضي الشعب الفلسطيني، وضعت الحركة الصهيونية نُصب أعينها إنشاء صناديق لجمع التمويل اللازم للاستيطان والهجرة اليهودية.

وكان لهذه الصناديق دور محوري في إقامة إسرائيل على أراضٍ فلسطينية احتلتها عصابات صهيونية مسلحة ارتكبت مجازر وهجرّت مئات آلاف الفلسطينيين من منازلهم.

ويعد "الصندوق التأسيسي - الجباية الموحدة لإسرائيل" من أوائل الكيانات المالية التي دُشنت لتمويل الهجرة اليهودية وبناء المستوطنات في فلسطين.

وأُسس الصندوق عام 1920، ويُسمى اختصارا "كيرين هايسود"، ويعتبر الكيان الثاني بعد "الصندوق القومي اليهودي" الذي أُسس في 1901، لتمويل الاستيطان والهجرة اليهودية.

و"الصندوق التأسيسي" هو أحد الكيانات الرئيسة التي شاركت في تدشين مؤسسات تعد النواة الأولى لإسرائيل، مثل شركة الكهرباء، وشركة طيران "العال"، والجامعة العبرية بالقدس المحتلة.

ويركز الصندوق على ثلاثة مجالات أساسية هي: "تعزيز المجتمع الإسرائيلي، وتعميق العلاقات مع الشتات، والهجرة اليهودية"، وبتمويل منه وصل أكثر من 3.5 ملايين مهاجر إلى إسرائيل.

وفي هذا الإطار تركز الأناضول على صندوق "كيرين هايسود":

** تبرعات صهيونية

خلال المؤتمر السنوي للمنظمة الصهيونية العالمية المنعقد بالعاصمة البريطانية لندن في يوليو/ تموز 1920، أُسس "كيرين هايسود" ليكون ذراعا لجمع التبرعات للحركة الصهيونية، بحسب موقعه الإلكتروني.

آنذاك كان "الصندوق القومي اليهودي" هو الوحيد المخوَّل بجمع الأموال لتأسيس ما يُسمى "وطن قومي لليهود" في فلسطين.

وجرى تشكيل "كيرين هايسود" ليستند إلى فرض ضريبة سنوية إلزامية وثابتة على اليهود، باعتبارها ضريبة "توراتية" تخدم إقامة "وطن قومي لليهود".

وخرج مؤتمر 1920 بنتيجة أساسية هي إنشاء "الصندوق التأسيسي - الجباية الموحدة لإسرائيل" ليكون مسؤولا عن تمويل الهجرة والاستيطان".

وبذلك أصبح الصندوق المؤسسة الاقتصادية الرئيسية لتطوير البنية التحتية تمهيدا لإقامة ما يدعى "الوطن القومي لليهود" في فلسطين.

** من لندن إلى القدس

في العام 1926 انتقل مقر الصندوق من لندن إلى مدينة القدس الفلسطينية، وشرع من خلف ستار بشراء أراضٍ من فلسطينيين لأهداف صهيونية سرية.

ويتم تعيين مجلس إدارة الصندوق من جانب اللجنة التنفيذية الصهيونية والوكالة اليهودية، وله مقر في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل فيها تحت اسم "الصندوق اليهودي الموحد".

** صديق نتنياهو

يرأس الصندوق حاليا صموئيل جروندوفورج، وسبق له الخدمة في الجيش الإسرائيلي، كما شغل منصب القنصل العام لإسرائيل في مدينة لوس أنجلوس، بحسب صحيفة "ماقور ريشون" العبرية في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

ووفقا لجروندوفورج في نوفمبر 2023، يعمل الصندوق في 45 دولة، ولديه 70 موظفا في مكتبه بالقدس، بعد أن قلص العدد من 80، بداعي التقشف وزيادة تمويل بناء المستوطنات.

وجروندوفورج صديق لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) ولوزير الشؤون الاستراتيجي المستقيل رون ديرمر، بحسب صحيفة "ذا ماركر" في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2018.

** الذراع المالي

في كتابه "المعجم الصهيوني" الصادر عام 1982، قال إفرايم تلمي إن "كيرين هايسود" كان الذراع المالي لـ"الدولة في الطريق" (إسرائيل)، حيث موَّل موجات الهجرة إلى فلسطين وبناء الاستيطان وإقامة البنية التحتية ومساعدة العاطلين عن العمل.

وعدّد جروندوفورج، في حوار مع "ماقور ريشون"، أهداف الصندوق في "دعم القضايا التي تعد أولوية وطنية لإسرائيل، ممثلة في الهجرة والاستيعاب، ودعم الفئات السكانية الضعيفة، وتوطيد العلاقات مع يهود الشتات وأصدقاء إسرائيل"، على حد قوله.

واعتبر أن "الصندوق ليس مجرد وسيلة لجمع التبرعات، فمن وجهة نظر مانحينا في الخارج، يمثل كيرين هايسود حلقة الوصل مع إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي".

وبحسب جروندوفورج فإن الصندوق لا يجمع تبرعات من اليهود فقط، ولكنه يتلقى أيضا تبرعات من مسيحيين في أنحاء العالم "تتوافق رؤاهم مع رؤية اليهود".

ومع إقامة إسرائيل على أراضٍ فلسطينية محتلة، بدأ الصندوق يولي الاهتمام الأكبر لتمويل عمليات الهجرة، حتى أن جروندوفورج يستقبل بنفسه كل المهاجرين القادمين إلى إسرائيل في مطار بن غوريون الدولي بتل أبيب.

وأشادت وزارة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية بما يقدمه جروندوفورج من دعم للهجرة وبناء المستوطنات.

وشارك جروندوفورج في افتتاح مكتب جديد للوزارة في قلب مطار بن غوريون، على هامش استقباله 49 مهاجرا قادمين من فرنسا، بحسب الموقع الإلكتروني للوزارة في 26 مارس/ آذار 2025.

وحاليا، يقيم نحو 750 ألف مستوطن في مئات المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، بينهم 250 ألف بالقدس الشرقية، ويرتكبون اعتداءات يومية بحق المواطنين الفلسطينيين بهدف تهجيرهم قسريا.

** هجرة وتوطين

بحلول العام 1948، جمع الصندوق 143 مليون دولار، وموّل هجرة وتوطين نحو نصف مليون مهاجر إلى الأراضي الفلسطينية، وساهم في إنشاء 257 مستوطنة، بحسب تلمي في "المعجم الصهيوني".

وفي 1957 اعترف الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بالصندوق جهةً لجمع التبرعات لصالح إسرائيل، وأصبح بذلك كيانا دوليا معترف به لتمويل الاستيطان وتشجيع هجرة اليهود إلى الأراضي الفلسطينية.

وحتى 1982، ساهم الصندوق في تمويل هجرة أكثر من مليون وأربعمائة ألف يهودي من جميع أنحاء العالم إلى إسرائيل، معتمدا على التبرعات.

وحتى العام نفسه، دشن الصندوق وطوَّر 500 مستوطنة زراعية، وشيَّد ربع مليون وحدة سكنية استيطانية، وأنشأ مدارس عبرية لأكثر من 100 ألف مهاجر.

** تمويل الإبادة

في 4 مايو/ أيار 2025، ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أن الصندوق جمع نحو 220 مليون دولار تبرعات من يهود بأنحاء العالم، منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وبدأت إسرائيل بدعم أمريكي حرب إبادة جماعية بغزة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلّفت أكثر من 70 ألف قتيل و171 ألف جريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء.

الصحيفة قالت إن هذه الأموال جُمعت بداعي "مساعدة ضحايا الحرب من الإسرائيليين، وللمساهمة في المشاريع الاجتماعية والتأهيلية والبنية التحتية في جميع أنحاء البلاد".

وأفادت بـ"وصول ثلاثة وفود من مانحي الصندوق إلى إسرائيل قادمة من أستراليا والمكسيك، تضم نحو 130 شخصا التقوا بضحايا الحرب والناجين وعائلاتهم، وذوي مختطفين محتجزين في غزة لدى حماس".

وتحتجز إسرائيل في سجونها أكثر من 9300 أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا قتل العشرات منهم، وفقا لتقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية.

كما زار وفد الصندوق عددا من المستوطنات في محيط غزة، والتقى مستوطنين وتجول في أماكن اقتحمتها عناصر "حماس" في 7 أكتوبر 2023.

وآنذاك هاجمت "حماس" قواعد عسكرية ومستوطنات، فقتلت وأسرت مئات الإسرائيليين؛ ردا على "جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى"، بحسب الحركة.

ومن الشخصيات الصهيونية التي التقى بها وفد الصندوق دانييلا فايس، وهي يمينية إسرائيلية من أبرز قادة حركة الاستيطان، والتي حثت الوفد على جلب مزيد من التبرعات لبناء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومنذ أن بدأت حرب الإبادة بغزة، كثفت إسرائيل جرائهما بالضفة الغربية المحتلة، وبينها الاعتداء على فلسطينيين وهدم منازل وتهجير مواطنين وتوسيع البناء الاستيطاني، تمهيدا لضم الضفة رسميا إليها.

وأسفر هذا العدوان على يد الجيش الإسرائيلي ومستوطنين عن مقتل نحو 1100 فلسطيني، وإصابة حوالي 1 ألفا، واعتقال قرابة 21 ألفا، وفقا لمعطيات فلسطينية رسمية.

ومن شأن ضم الضفة الغربية أن ينهي إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، المنصوص عليه في قرارات عديدة صدرت عن الأمم المتحدة.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.