المغرب.. هل غير "جيل زد 212" استراتيجيته؟ (تحليل)
عدّلت حركة "جيل زد 212" الشبابية بالمغرب طريقة عملها، عبر الاقتصار على يوم واحد للتظاهر أسبوعيا وخفض المطالب والتركيز على الفضاء الرقمي.
Rabat
الرباط / الأناضول
** حركة "جيل زد 212" الشبابية تحولت من التظاهر اليومي إلى الأسبوعي وخفضت مطالبها بشأن التعليم والصحة ومحاربة الفساد** رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير محمد العوني :
- الحركة لم تغير استراتيجيتها بل غيرت تكتيكاتها وأساليبها فهي توظف التواصل الرقمي وكسرت حاجز الخوف لدى الشباب
- الحراك بدأ يحقق بعض أهدافه إذ أعلنت الحكومة استعدادها للحوار ورفع ميزانية التعليم والصحة وتوفير 27 ألف فرصة عمل
- الحراك قد يخفت وقد يتوقف ولكن مستقبل المطالب والنقاش والفعل والانخراط في قضايا البلاد والمجتمع هو لصالح الحراك
عدّلت حركة "جيل زد 212" الشبابية بالمغرب طريقة عملها، عبر الاقتصار على يوم واحد للتظاهر أسبوعيا وخفض المطالب والتركيز على الفضاء الرقمي.
وبين 27 سبتمبر/ أيلول الماضي و9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، نظمت الحركة مظاهرات يومية للمطالبة بإصلاح التعليم والصحة وبمحاربة الفساد.
وانخرط في الاحتجاجات شباب ما يُعرف بـ "جيل زد" المولودين بين منتصف تسعينات القرن الماضي والسنوات الأولى من القرن الحالي، في أوج ثورة التكنولوجيا الحديثة والإنترنت.
لكن الحركة أوقفت احتجاجاتها لفترة ثم قررت تنظيمها كل سبت فقط، وجددت مطالبها بـ"ربط المسؤولية بالمحاسبة، والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين على خلفية مشاركتهم السلمية".
بالمقابل أعلنت الحكومة في أكثر من مناسبة استعدادها للحوار، وتسريع البرامج الاجتماعية الإصلاحية، وزيادة ميزانية قطاعي التعليم والصحة.
** تغيير في الأساليب
واعتبر رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير (أهلية) محمد العوني، أن "الحركة لم تغير استراتيجيتها، بل غيرت تكتيكاتها وأساليبها".
وفي حديث للأناضول، قال العوني وهو حقوقي أيضا، إن "حراك جيل زد حاول أن يكون واقعيا منذ البداية بالتركيز على مطالب محددة".
وتابع: "حيث ركز في الأول على 4 مطالب أساسية هي إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد واستقلالية القضاء، وتم التخلي عن الأخيرة بعد أيام من انطلاقه، واهتم بمطلب محاربة الفساد".
ولفت إلى أن الحركة كانت تردد شعارات دأب الحقوقيون على ترديدها سابقا، إضافة إلى شعارات حركة 20 فبراير (النسخة المغربية من "الربيع العربي")، فمن أبرز شعارتها: "حرية، عدالة، كرامة اجتماعية".
ولا تزال الحركة المغربية تركز على مطالب اجتماعية، مثل إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد، بينما قللت من الدعوة إلى إسقاط الحكومة.
كما بدأت تركز على مطلب إطلاق سراح الموقوفين على خلفية مظاهراتها.
** تظاهر ليوم واحد
وبعدما كانت تنظم مظاهرات بشكل يومي، باتت الحركة تقتصر على يوم واحد أو يومين أسبوعيا.
وعن هذا التغيير اعتبر العوني أنه "من المقبول في البداية أن تكون الدعوة إلى المظاهرات بشكل يومي".
واستدرك: "ولكن الحركة اختارت الاقتصار على يوم في الأسبوع بسبب إكراه الوقت، فعمليا من الصعب التظاهر المستمر، فضلا عما يتطلب ذلك من إعداد".
"كما أوقفت الحركة المظاهرات في بعض الأيام خلال المرحلة الأولى لبعث رسائل للحكومة"، بحسب الحقوقي المغربي.
وقال متحدث الحكومة مصطفى بايتاس في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، إن "الحكومة التقطت الرسالة، وتعمل بسرعة لتوفير الإمكانات، ومستعدة لحوار مع الشباب من أجل العمل المشترك".
باتياس أضاف أن "الحوار يحتاج إلى طرفين، وإلى أن يتوفر هذا الطرف، فالحكومة تواصل تسريع البرامج الاجتماعية، خصوصا في التعليم والصحة".
** مستقبل المطالب
ومستبعدا أن يقل زخم الحراك الشبابي، اعتبر العوني أن "هذا الحراك يحاول أن يكون ابن بيئته".
وأوضح أن "الشباب يوظفون التواصل الرقمي، وبالتالي الزخم ينبغي قياسه بعدد المتظاهرين والمتفاعلين الرقميين".
ورأى أن "الحراك بدأ يحقق بعض أهدافه، مثل اضطرار المسؤولين للتجاوب، وهو ما تبين عندما قررت الحكومة الرفع من (زيادة) ميزانية التعليم والصحة".
وخصصت الحكومة 140 مليار درهم (14 مليار دولار)، للتعليم والصحة في موازنة العام المقبل 2026، فضلا عن توفير أكثر من 27 ألف فرصة عمل في القطاعين.
وبحسب بيان للحكومة، ينص مشروع موازنة 2026 الذي أحيل إلى البرلمان في أكتوبر الحالي على تشييد مركزين استشفائيين جامعيين بكل من أكادير (جنوب) والعيون (إقليم الصحراء).
كما ينص على استكمال بناء وتجهيز مركز ابن سيناء الاستشفائي بالرباط (غرب)، و المراكز الاستشفائية الجامعية في بني ملال (شمال) وكلميم (جنوب) والرشيدية (جنوب شرق)، وتأهيل وتحديث 90 مستشفى.
كذلك "سيتم العمل على تسريع تفعيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التربوية، عبر تعميم التعليم الأولي (رياض الأطفال)، وتعزيز خدمات دعم التدريس، وتحسين جودة التعليم"، وفقا للبيان.
وبحسب العوني، فإن "من أهم أهداف الحراك، بداية العودة إلى تحرير الفضاء العام، مثل ما وقع إبان حركة 20 فبراير (2011)، والذي دام عدة شهور وتم التراجع عنه".
واعتبر أن "حراك شباب زد في المملكة كسر هاجس الخوف على فئات واسعة من الشباب، بالإضافة إلى فتح نقاش بين مختلف المواطنين إزاء الدولة".
وواصفا هذا النقاش بـ"المهم"، قال العوني إنه "سيساهم في رفع من مستويات الوعي لدى الجميع".
وزاد بأنه "سيكون هناك إنصات وتفاعل، خاصة بعد الأحكام المسبقة التي طالت شباب جيل زد بكونهم لا علاقة لهم بالسياسة والقضايا المجتمعية".
العوني رأى أنه "بالنظر إلى كون القائمين وراء المظاهرات هم الشباب، فإن المستقبل بين أيديهم".
وزاد بأن "الحراك قد يخفت وقد يتوقف، ولكن مستقبل المطالب والنقاش والفعل والانخراط في القضايا البلاد والمجتمع هو لصالح هذا الحراك".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
