archive, الدول العربية

جاسم سلطان: تجاهل الإسلاميين للشباب ينهي حكمهم بعد 4 سنوات

دعا المفكر الإسلامي القطري، في حواره مع "الأناضول"، التنظيمات الإسلامية التي وصلت للحكم بعد الربيع العربي إلى "التخلص من العقلية التنظيمية، وتبني مشروع للوطن يشارك فيه كل تياراته".

24.01.2013 - محدث : 24.01.2013
جاسم سلطان: تجاهل الإسلاميين للشباب ينهي حكمهم بعد 4 سنوات

إيمان عبد المنعم

القاهرة - الأناضول

حذّر المفكر الإسلامي القطري جاسم سلطان من أن "تغافل" التيار الإسلامي الحاكم الآن في عدد من بلدان الربيع العربي لطاقات الشباب من كافة التيارات "سيؤدي لنهاية وجوده في الحكم بعد 4 سنوات".

وأضاف سلطان، الذي يرأس مؤسسة النهضة الفكرية، في حوار مع مراسلة الأناضول، أن "سبب هذا التغافل هو تحكم عقلية التنظيمات العسكرية في قادة التيار الإسلامي، وكذلك تبنيهم مشروعًا يخص التنظيم أكثر مما يخص الوطن ككل".

واعتبر أن "تعاون تركيا مع العالم الإسلامي يمثل عبئًا عليها لما فيه من عدم تكافؤ في الظروف والأوضاع".

وجاسم سلطان هو من ساهم بحل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في قطر وقت أن كان واحدًا من أبرز رموزه، وتناول حواره إمكانية استجابة التنظيمات الإسلامية لدعوات الفصل بين العمل السياسي والدعوي، ومستقبل العلاقة بين الإخوان المسلمين والتيار السلفي، وما إن كان هناك رابط بين اسم المؤسسة التي يرأسها "النهضة" وبين مشروع الإخوان المسلمين للحكم بمصر.

واليكم نص الحوار

*دائما ما ينصب اهتمامك على الشباب فأين هم من ثمار الثورات؟

الشباب هم القوة المحركة للمجتمع، وهم من قاموا بالتحولات التي شهدتها المنطقة العربية وأسقطوا الديكتاتوريات، وهم بحاجة لعمل منظم.

 لكن غالبية الشباب بعد ثورات الربيع العربي لم يجدوا الأوعية التنظيمية المناسبة لهم، واستغرقوا وقتًا وجهدًا كبيرًا في البحث عن طريق يستثمرون فيه طاقاتهم حتي يتمكنوا من إحداث التحولات التي يأملونها.

والقليل منهم انخرط في العمل الحزبي أو التنظيمي، لكن الغالبية العظمي مازالت تبحث عن خيارات وأوعية غير الأحزاب التقليدية لصياغة أحلامها.

*ما هي تلك الأوعية؟

أتمنى أن نرى مشروعًا قوميًّا يطرح على الشباب في الوطن العربي لمعالجة ثالوث المرض والفقر والجهل.

لكن للأسف الشديد القيادات التي جاءت عقب الثورات لم تلتفت لتلك الطاقات الضخمة، وتركتها تصرف طاقتها بأشكال غاضبة.

*هل هذا نمط كان سيتبعه كل من وصل للحكم سواء كان من الليبراليين أو الإسلاميين؟

التيار الليبرالي لم يصل كي نعرف موقفه، ولكن الواضح أن التيار الإسلامي يعيش نفس الأزمة، ولم يستطع أن يستوعب أن القوة الحقيقية هي المجتمع.

كما أن التيار الإسلامي ما زال يعمل بأسلوب تنظيماته الداخلية الذي عاش عليه فترة طويلة.

ونتساءل الآن عما إن كان ممكنًا أن يتحول هذا التفكير بالأسلوب التنظيمي إلى التفكير بأسلوب الدولة.

*وهل ستصبر الشعوب حتى يتحول إلى التفكير بأسلوب الدولة، إن تم التحول فعلاً؟

أعتقد أن الشعوب الآن ليست لها حيلة كبيرة، والناس تريد قدرًا من الأمن والاستقرار.

ستحدث قلاقل واضطرابات، لكن لن تتغير المعادلة تغيّرًا جذريًّا خلال الفترة القادمة إلا إذا وقع حدث استثنائي.

وأري أن قيادات دول ثورات الربيع العربي قد تدفع ضريبة غالية لتجاهلها الأسباب التي قادت الشباب للثورة في الماضي، خاصة في ظل اعتقاد الشباب بأنهم قوة مهملة وانتهى دورها والسلطات تعامله بأنه يجب أن يسلم زمام الأمور لها، وهذا غير ممكن لهذا العصر.

*ما الإشكاليات التي تواجه تجربة الحكم الإسلامي في مصر على سبيل المثال؟

 التجربة المصرية تتمثل في وصول تيار إسلامي حقق فوزًا كبيرًا في الانتخابات، واعتقد للحظة أنه قادر على الاستغناء عن المجتمع، وهذا أدى إلى ظهور انشطار وانشقاق بداخل المجتمع، وبدلا من أن يصبح عندنا مشروع قومي أصبح عندنا مشروع إسلامي وآخر غير إسلامي.

وأرى أنه إذا لم تتغير العقليات فلن يصدق الناس أن هناك مشروعًا وطنيًّا قوميًّا في الأفق، ولكن سيعتقدون أنه مشروع حزبي لفئات كانت محرومة، وتريد تعويض هذا الحرمان في تنفيذ أجنداتها الخاصة في صورة مشروع وطن.

*هل حقا هناك مشروع إسلامي لدى التيار الإسلامي في المنطقة العربية؟

من الصعب الحديث عن مشروع إسلامي، ولكن هناك أحلامًا كبرى عند الإسلاميين تولدت في أوائل القرن الماضي في إعادة الخلافة والتطبيق الكامل للمجتمع النموذجي الذي تفرض عليه أشكال الملابس والفن والعمران، ولكن ليس هناك مشروع واضح لهذا الحلم.

وبالتالي عندما فوجئ الإسلاميون بالحكم نجدهم يلجأون لنفس الأدوات والآليات التي تستخدمها كل النظم في العالم.

تتحدث عن فجائية الحكم.. فهل الإسلاميون مؤهلون للحكم؟

لا يمكن لعاقل أن يقول إن التيارات الإسلامية مؤهلة للحكم بأي طريقة من الطرق، فمناهجها لم تكن تتكلم عن السياسة أو الاقتصاد أو الفلسفة والاجتماع والتاريخ والشأن الدولي.

كما أن قياداتها غير مؤهلة في هذه الجوانب، فمعظمها قيادات تربوية وعظية ومدججة بأدوات تنظيمية.

والآن يوجد خطابان للتيار الإسلامي، الأول داخل التنظيمات التي تتحدث عن وجود مؤامرة على الإسلام من العالم، والثاني تتبعه قادة هذه التنظيمات (التي وصلت للحكم) بمحاولة التواصل مع العالم وإدارة علاقات دولية بدون تدريب.

ونحن كشعوب سندفع تكلفة هذا التعلم والتدريب.

*وكيف يواجه الإسلاميون ذلك؟

أعتقد أنهم أمام أمرين، إما أن يدركوا الواقع سريعًا ويتصرفون في ظله كما فعل الإسلاميون الأتراك، أو استمرار الدفع في الاتجاه الخاطئ، والأمر الأخير سيؤدي إلى فشل المشروع الوطني والإسلامي.

وعلى الإسلاميين ألا يتعاملوا مع المجتمع باعتباره أقلية في وجه أكثرية إسلامية، بل يتعاملون معه بمبدأ المواطنة المتساوية.

وإن لم يحدث ذلك سيختار المجتمع غيرهم بعد 4 سنوات؛ وبالتالي يحدث توازن في الساحة، وتأتي قوى مختلطة ذات خلفية إسلامية وغير إسلامية لإدارة الوطن، باعتباره وطنًا وليس باعتباره مشروعًا إسلاميًّا.

*ومن القادر على إدارة الوطن وقتها؟

الشباب بالتأكيد، ومن كل التيارات، فقادة التيارات غير الإسلامية أيضا مثلها مثل قادة التيارات الإسلامية مسكونة بصراعات الماضي، ولا يمكنها العبور إلى المستقبل، أما الشباب فقادرون على التفاهم بطريقة أكبر لإنشاء الوطن.

*منذ سنوات تدعو للفصل بين ما هو سياسي وما هو دعوي داخل التيار الإسلامي.. هل تتوقع أن يحدث هذا يومًا؟

المشكلة الأساسية أن هذه الدعوات موجودة داخل الحركات الإسلامية، لكن الفصل يبدو مستحيلاً في ظل نمط التفكير السائد بداخلها.

فهي تنظيمات تربوية تقوم على ما يشبه الأخويات عند اليونان، وتعتمد على نمط الولاء لهيئة عليا أبوية تشرف علي التنظيم وتقبض عليه بيد من حديد، وأولويتها لأهل الثقة على أهل الكفاءة.

وبالتالي حين تطلق مشاريع مثل الأحزاب السياسية تكون في ظل المسيطرين الحقيقيين على اتخاذ القرار.

وأخشى أن تكون الأجهزة السياسية للدولة تديرها هذه التنظيمات بهذه الطريقة.

*قلت إن كل حلم يسعى للسيطرة على العالم ينتهي بالتفكك والانهيار في النهاية.. هل تقصد بذلك تنظيم الإخوان؟

ما لا يدركه كثير من التنظيمات أن كل إمبراطورية يتم بناؤها مصيرها الزوال.

*بعد الثورات العربية، ظهر بقوة التيار السلفي في المشهد، فكيف ترى مستقبل العلاقة بينه وبين الإخوان؟

التجمع الحالي بين السلفيين والإخوان هدفه مواجهة المجتمع، وغير قابل للاستقرار؛ فهو عرس قصير المدي لأن الأرضية المشتركة بين الفريقين ليست واحدة، ومساحات الاختلاف كبيرة.

وخلال الفترة المقبلة ستأخذ العلاقة بينهما شكلاً من أشكال التوتر.

مشروعك يحمل مسمى النهضة وكذلك مشروع الإخوان بمصر فهل هناك تعاون مشترك؟

ليس هناك تعاون، بل أعتقد أن المشروعين مختلفان تمامًا، نحن مشروع ثقافي واضح المعالم، يدعو الناس لأساليب تفكير أفضل في اتخاذ القرار.

أما مشروع الإخوان فمصمم لفكرة الدولة والبرنامج السياسي، وبحسب كلام قيادات الجماعة فهو خطوط عريضة وفي طور الإعداد.

وأرى أن العالم يحتاج إلى مصر كقوة استقرار بالمنطقة، وأي تيار سياسي الآن مطلوب منه أن يطرح رؤية لمستقبل مصر تصيغها كافة القوي السياسية.

*تشيد دائما بالتجربة التركية فيكف ترى انفتاحها علي الشرق؟

تركيا دخلت من خلال حزب العدالة والتنمية لعهد جديد، رسمت فيه ملامح تركيا المستقبل بقوة اقتصادية تنافسية مع كبرى الدول.

أما من الناحية السياسية فقد ملأت تركيا الفراغ في المنطقة، متنافسة مع إيران وإسرائيل، وأصبحت لاعبًا مهمًا في المنطقة، وأرى أن انفتاحها على العالم الإسلامي عبء عليها.

*لماذا؟

لأن تركيا تتمتع باستقرار داخلي ووضع اقتصادي جيد، وإدارتها تحمل مشروعًا واضحًا للدولة والمشروع الإسلامي معا، علي عكس بقية العالم الإسلامي الذي يعاني من اضطرابات داخلية وعدم استقرار اقتصادي.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın