الصابون النابلسي.. يقاوم الفناء أمام هجمات الصابون المستورد
كما يقاوم أهالي مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، الاحتلال الإسرائيلي، فإن صناعة الصابون النابلسي التقليدي الشهيرة ما زالت تقاوم لحفظ بقائها وهويتها أمام غزو أنواع الصابون المستورد.

قيس أبو سمرة
فيديو: معاذ حامد
تصوير: قيس أبو سمرة
نابلس- الأناضول
كما يقاوم أهالي مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، الاحتلال الإسرائيلي، فإن صناعة الصابون النابلسي التقليدي الشهيرة ما زالت تقاوم لحفظ بقائها وهويتها أمام غزو أنواع الصابون المستورد.
وتعد صناعة الصابون النابلسي إحدى سمات الهوية التراثية لمدينة نابلس؛ ولا تزال تصنعه بالطريقة اليدوية القديمة، مستخدمة زيت الزيتون كمكون رئيسي في صناعته.
ورغم تراجع الصناعة من حيث الكمية المنتجة وعدد المصابن، لكثرة منافسيها في الأسواق من منتجات مستوردة بأسعار منخفضة وبكميات كبيرة، فإن الصابون النابلسي لا يزال يحافظ على شهرته.
في مصبنة طوقان، وسط المدينة، ينهمك طهاة وعمال في إنجاز مادة الصابون بطريقة تقليدية؛ حيث تطبخ مادة الزيت الصافي مع الصودا الكاوية والمياه على نار الحطب.
وتحتاج "الطبخة" أسبوعًا منذ وضعها على النار حتى تصب على الأرض وتقطع، فيما تحتاج إلى التنشيف عن طريق تصفيتها بشكل أبراج شهرًا كاملاً ومن ثم تورد للمستهلك.
ويقول العامل الحاج زهري عبد العظيم للأناضول: "منذ ما يزيد على 40 عامًا وأنا أعمل في الصابون، فبات لديّ خبرة كبيرة في مقادير كل طبخة صابون وبنظرة بالعين المجرة أستطيع معرفة إذا ما كانت قد استوفت الطهي".
ويقدم شرحًا حول صناعة الصابون قائلا: "يتكون الصابون من زيت الزيتون والصودا الكاوية والماء تطبخ على النار في مكان مخصص لمدة 5 أو 6 أيام ومن ثم يبدأ العمال في انتشالها وصبها على أرضية ملساء، ثم تقسم إلى أشكال رباعية أو طولية، بواسطة سكاكين خاصة، وتصف بشكل برج فني تكون القطع متباعدة عن بعضها البعض ليسمح بدخول الهواء بينها.
وتعد عملية لف القطع بالغلاف الورقي المرحلة الأخيرة قبل عرضها للبيع أو تصديرها.
وبحسب عبد العظيم فإن "الصابون النابلسي مُصنع بجودة عالية، لا تستخدم فيه الروائح أو المواد الكيماوية باستثناء الصودا التي تعد المكون الرئيسي لإنتاجه".
ولا يرى عبد العظيم في المهنة مصدر رزق له فقط، بل هي هواية باتت جزءًا من حياته.
وفي الوقت ذاته، أشار إلى أن العائد المادي للمصبنة بات محدودًا، إلا أنه لن يقبل التخلي عن هذه المهنة.
وأرجع معاذ النابلسي، صاحب مصبنة النابلسي، التراجع في عائد وحجم هذه الصناعة إلى هجرة أربابها للذهاب إلى التعليم والأكاديمية، بالإضافة إلى كثرة الصابون المستورد وإعاقة الاحتلال الإسرائيلي لدخول المواد اللازمة لتصنيعها.
ويرى النابلسي، الذي يملك مصبنة يعود عمرها إلى 800عام، أن صناعة الصابون "مهنة تراثية توارثها عن والده وأجداده".
ومن ناحية أخرى، قال مدير الإعلام بغرفة تجارة وصناعة نابلس، أحمد عكوبة، للأناضول، إن مصانع الصابون في نابلس صدرت لدول عربية وإسلامية منتجات بقيمة مليوني دولار خلال العام الماضي 2012.
وفي الوقت ذاته، أشار إلى تراجع الإنتاج، قائلا للأناضول: إن "سياسة السوق المفتوح التي تنتهجها السلطة الفلسطينية أدت إلى إغراق السوق الفلسطيني بمنتجات عالمية مما تسبب بكساد وتراجع في المنتجات المحلية الفلسطينية كالصابون".
ولفت إلى أن نابلس كانت تحوي في منتصف القرن الماضي على 44 مصبنة بينما اليوم تعمل خمسة مصابن فقط، منها ثلاثة تعمل بشكل جيد، فيما تم تحويل عدد من المصابن المتوقفة إلى مخازن للبضائع أو متاحف ومراكز ثقافية.