فيدان يؤكد ضرورة توقف واشنطن عن دعم "بي كي كي" في سوريا
وزير الخارجية التركي قال إنه يجب على الجانب الأمريكي التخلي عن الشعور بأنه مجبر على دعم "بي كي كي" الذي يشكل تهديدا لأنقرة

Ankara
أنقرة / الأناضول
أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ضرورة أن تتخلى الولايات المتحدة عن التزامها بدعم تنظيم "بي كي كي" الإرهابي في سوريا، والذي يشكل تهديدا لتركيا.
جاء ذلك في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية، بثت الخميس، تطرق خلالها إلى التطورات في المنطقة.
وأشار فيدان إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إعادة النظر في معايير علاقاتها لا سيما في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.
وأوضح أنه يجب على الجانب الأمريكي التخلي عن الشعور بأنه مجبر على دعم "بي كي كي" الذي يشكل تهديدا لتركيا.
وشدد الوزير فيدان على أن هذا الأمر يعتبر مسألة أمن قومي بالغة الأهمية لتركيا.
وبين أن الوضع بالنسبة لأمريكا عبارة عن تكتيك يتمثل في إبقاء عناصر "داعش" بالسجن، ولكن في الوقت نفسه، دعم عناصر "بي كي كي" لتحقيق ذلك، يشكل مسألة أمن قومي لتركيا.
ولفت إلى أن هذا الوضع هو بمثابة "مادة سامة في علاقتنا مع أمريكا، ويجب التخلص من ذلك".
وزاد: "على ذلك، أعتقد أن تركيا باعتبارها دولة قوية في المنطقة، يمكنها بالتعاون مع أمريكا وتقديم مساهمات إيجابية جدا في هذه المنطقة".
وتحدث فيدان عن تطلعات تركيا من الإدارة الأمريكية الجديدة، مشيرا إلى أن العلاقات مع الرئيس دونالد ترامب بدأت في ولايته الأولى.
وأكد أن هناك علاقة جيدة على مستوى القادة، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي.
واستطرد: "في علاقات تركيا مع أمريكا، شكل الأمن دائما المحور الرئيسي. وقال رئيسنا إن الأمن هو ركن مهم، ولكننا نعيش في العصر الحديث، والاقتصاد لا يقل أهمية عن الأمن".
وأشار فيدان إلى أن العلاقات التجارية والإمكانات مع الولايات المتحدة مكثفة، وأن هناك صادرات من تركيا إلى الجانب الأمريكي في العديد من المجالات.
وشدد على التعاون مع الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا، وضرورة تعزيزه بشكل بنيوي، بالإضافة إلى تطوير التعاون في مجال الطاقة.
فيدان أكد أن تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" في سوريا يريد إدارة ومنطقة نفوذ خاصة به، ما يجعل توافقه مستحيلا مع الإدارة الجديدة، معربًا عن أمله إيجاد طريقة سلمية لحل هذه القضية.
ولفت إلى أن توصية تركيا هي أن يتمتع الجميع بالمواطنة الدستورية على قدم المساواة، وأن ذلك سيسهم بشكل كبير في تحقيق السلام المجتمعي.
وأكد أن الركيزة الثانية المهمة لهذا السلام هي ألا تحمل أي جهة أسلحة خارج أجهزة الدولة القانونية.
وذكر أن "بي كي كي" والعناصر المرتبطة به يحتلون ثلث أراضي سوريا، مع العلم أن معظم هذه المناطق هي مدن عربية، أي أن التنظيم يحتل مناطق يقطنها العرب.
وأضاف: "لم يكتفوا بذلك، بل إنهم استولوا على المناطق التي تضم النفط والغاز الطبيعي، حيث يأخذونهما من هناك ويبيعونهما لشعب سوريا مقابل المال، ثم يرسلون الأموال لتمويل عمليات بي كي كي في العراق وإيران وتركيا".
وقال إن "هناك قرابة 2000 عنصر من بي كي كي جاؤوا من تركيا والعراق وإيران، يجلسون حاليا على قمة إدارة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)".
وأشار فيدان إلى أن السبب وراء استمرار دعم الولايات المتحدة والدول الأوروبية لـ"بي كي كي/ واي بي جي" هو خدمات السجون التي يقدمها لهم.
وشدد على أن التنظيم يحتل ثلث أراضي سوريا من خلال كذبة، أي مقابل الإشراف على عناصر "داعش" المحتجزين هناك.
وأوضح أن جميع الإرهابيين الذين نُقلوا من العراق وتركيا وإيران يتم احتجازهم على الأراضي السورية.
وأفاد: "هناك تهديدات لوحدة أراضي سوريا، وتهديدات لوحدة أراضي العراق، وتهديدات لتركيا، وبطبيعة الحال يجب القضاء على هذه التهديدات".
وأعرب وزير الخارجية التركي عن أمله القضاء على تلك التهديدات بسلاسة.
ولفت إلى وجود مبادرات معينة فيما يتعلق بهذا الوضع، مؤكدا أن الصداقة بين رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني وتركيا متقدمة للغاية.
وأكد فيدان وجود تضامن كبير جدا بين تركيا وأشقائها الأكراد في إقليم كردستان العراق في مكافحة الإرهاب.
وقال: "مع الأسف، هم أيضا تعرضوا لهجمات بي كي كي وجرائمه، ونحن نظهر تضامنا في مواجهة ذلك".
وأردف: "هم أيضا يعانون من ظلم بي كي كي في سوريا، ولذلك، لديهم جهود ومقترحات في دعوة التنظيم إلى حل نفسه وإلقاء السلاح".
وفيما يتعلق بعلاقات تركيا مع المعارضة السورية قبل سقوط نظام الأسد، أكد فيدان أن أنقرة دعمت المعارضة منذ البداية، وأصبح هذا الدعم أكثر أهمية في السنوات الأخيرة بسبب توجه ملايين الأشخاص من سوريا إلى تركيا نتيجة الحرب.
وأشار إلى أن أكثر من 5 ملايين شخص كانوا يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في ذلك الوقت، وأنه كان من الضروري أن تكون المعارضة قوية وأن يستمر وقف إطلاق النار لمنع تدفق هؤلاء الأشخاص إلى تركيا في حالة تقدم النظام، مؤكدا أن أنقرة سعت إلى ضمان ذلك.
وأكد أن تركيا احتضنت بفخر كبير السوريين الذين لجأوا إلى أراضيها، مضيفا: "هم أيضًا (السوريون) أناس يعملون بجد. إنهم أناس صادقون ونزيهون. نأمل أن يعودوا جميعًا بأمان إلى بلادهم في سوريا الجديدة".
وعن مخاوف بعض الدول تجاه الرئيس السوري أحمد الشرع، وتغير هذا النهج لاحقًا، قال فيدان إن الأخير أدرك أخطاءه واستخلص الدروس، وتولى مسؤولية اجتماعية في محافظة إدلب (شمال غرب) وسعى لتلبية الاحتياجات الأساسية لـ 4 ملايين شخص.
وأوضح فيدان أن العناصر الوطنية السورية تعمل حاليا على تشكيل حكومة جديدة، وأن كل ما تستطيع تركيا فعله هو تقديم الدعم لها.
- "الشرع شخص ذكي"
ولفت فيدان إلى أن مثل هذه المسؤوليات والخدمات وإدارة الدولة لا تكون فقط عبر الأيديولوجيا، قائلاً: "في هذ الصدد، كانت السنوات الماضية في إدلب مفيدة للغاية، وبالطبع فإن اقتراحات تركيا لها أهمية كبيرة فيما يتعلق بهذه النقطة".
وأردف: "إذا استمررتم الآن في استخدام خطاب راديكالي يدافع عن الجهاد الدولي، فإن ما حدث للتنظيمات الأخرى واضح للعيان، فالجميع وعلى رأسهم تركيا يعارضون ذلك، لذلك أعتقد أن هناك قصة تحول جيدة هنا، وإن شاء الله يصبح هذا التحول مفيدًا لسوريا بأكملها".
وأشار فيدان إلى أن تركيا نقلت للشرع خلال الفترة الحالية من التواصل المكثف، تجربتها في العديد من المجالات مثل الإسلام والديمقراطية والخدمات العامة والأساسية والبلدية، وأمثلة من حياة الرئيس رجب طيب أردوغان.
ووصف فيدان الشرع بأنه "شخص ذكي قادر على قراءة العالم"، لافتًا إلى أن سوريا خلال فترة نظام الأسد وصلت إلى مرحلة باتت فيها مصدر تهديد للمنطقة والجميع.
وقال: "والطريقة للتخلص من هذا الآن هو أن يكون هناك إدارة تخاطب كل سوريا، وتحمي وحدة أراضي البلاد، وتكون في سلام مع الشعب السوري، وتنبثق منه، ولذلك اعتبر النهج الإيجابي لمنطقتنا والمجتمع الدولي في التعامل مع هذه النقطة أمراً طبيعياً، وإن شاء الله يستمر على هذا النحو".
- سياسات إيران
وبشأن سياسات إيران في أعقاب التطورات بسوريا، أوضح فيدان أن مسألة إدارة إيران للسياسة الخارجية من خلال ميليشيات في الدول الإقليمية هي سياسة تديرها إيران بمخاطر كبيرة منذ فترة طويلة.
وأضاف: "حققت بعض المكاسب، لكن التكلفة التي أنفقتها للحفاظ على هذه المكاسب أكبر، إذ اضطرت من أجل الحفاظ على المكاسب التي حققتها في العراق وسوريا، إلى التضحية بأكثر من هذه المكاسب".
وأكد أنه أبلغ المسؤولين الإيرانيين بأن هذا النهج في السياسة الخارجية بحاجة إلى التغيير، مشددًا على أن مثل هذه السياسات على الرغم من نجاحها إلا أنها تشكل عبئا كبيرا على النظام الإيراني والمنطقة من الناحية البنيوية وعلى المدى الطويل.
وأفاد أن إيران تعلمت دروسًا كبيرة من الأحداث المتسارعة في الفترة الجديدة، مؤكدًا ضرورة تعزيز التضامن الإقليمي، مبينًا أن الوقت ليس مناسبًا لمواصلة الأخطاء القديمة.
وأكد على ضرورة أن تتخلص المنطقة من "ثقافة الاستحواذ من قبل دولة واحدة".
وأوضح أنه يجب على دول المنطقة الاجتماع وحل المشاكل فيما بينها والتضامن مع بعضها وضمان الأمن والرفاه المشترك، وألا تصبح مصدر تهديد لبعضها.
وردا على سؤال حول مدى احتمال دعم إيران لتنظيم "قسد" الإرهابي، شدد فيدان أنه من غير الصواب أن تواصل طهران سياساتها القديمة.
وأضاف أنه "إذا أرادت أن تتسبب بحالة من القلق في دولة أخرى من خلال دعم مجموعة ما، فمن الممكن أن تقوم الدولة الثانية بدعم مجموعة أخرى في الدولة الأولى".
وأردف "إذا كنتم لا تريدون أن يرمي الناس بيتكم بالحجارة، فلا ترموا بيوت الناس".
وحول سؤال مفاده "إذ كانت إيران ستذهب لتسوية مع دول المنطقة أم لا"، أفاد فيدان أن مجموعات معينة في إيران يمكن أن ترى ملف العراق وسوريا كخسارة لهم، معربا عن ثقته في أن رجال الدولة ذو الحكمة سينظرون للموضوع من منظور مختلف.
وأكد أن سوريا ليست مكسبا لأي دولة، إنما مكسب للسوريين فقط، وأنه يجب على الدول الأخرى أن تطور علاقاتها مع سوريا بعيدا عن أساس السيطرة والاستحواذ.
وأوضح أن التعاون وتطوير العلاقات بين الدول من شأنه أن يحقق مكاسب أكثر للطرفين.
وأضاف أنه في حال مواصلة دولة التفكير بمنطق القرن الـ18 أو 19، فإنها تتحول لمنطق الاستعمار، وتغوص في مشاكل الدول الأخرى.
وأكد أن المشاكل في سوريا زادت في السنوات الأخيرة إلا أن إيران وروسيا لم تتمكنا من حلها، مشددا أن الحكومة السورية هي من تحل مشاكل البلاد، وأنه يجب تقديم الدعم لها، بدلا من محاولة السيطرة والاستحواذ.
- مكانة القدس والتطبيع مع إسرائيل
وأكد فيدان أنه من غير المقبول أن يُقتل ويُسجن الفلسطينيون، بمن فيهم النساء والأطفال، وأن تُحتل أراضيهم، أو يتم المساس بمكانة القدس.
وأضاف: "ليس لدينا أي مشكلة مع اليهود، مشكلتنا مع السياسات التوسعية للدولة الإسرائيلية القائمة على الصهيونية".
وأشاد بموقف الرياض من التطبيع مع إسرائيل قائلا: "ربط السعودية التطبيع بحل الدولتين قضية بالغة الأهمية، هذا موقف يعزز مواقف الأردن ومصر، والحقيقة أن السعودية لديها موقف قوي حقا في هذه النقطة، وهذا الموقف يحتاج إلى دعم".
- القضية الفلسطينية
وقال فيدان إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمكنه لعب دور تاريخي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وأضاف أن ترامب هو الشخص الوحيد القادر على الضغط على إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بشأن حل الدولتين الذي قبله العالم أجمع.
وأكد أنه إذا اختار ترامب القيام بذلك، فإنه سيكون قد اتخذ خطوة أكثر ذكاء فيما يتعلق بأمن إسرائيل، وقد تكون خطوة جادة نحو استقرار الدول العربية وقيام دولة فلسطينية.
وشدد على أن التطبيع في المنطقة سيخفف الأعباء عن الولايات المتحدة، مضيفا أن الأخيرة ستضطر لتخصيص موارد باستمرار، كلما أعلنت إسرائيل أنها تشعر بالتهديد في المنطقة التي تتوسع فيها باستمرار وتنتج أعداء.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.