دولي, الدول العربية, أخبار تحليلية

نحو نظام جيوسياسي جديد في الشرق الأوسط (تحليل)

مخاطر الخسارة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي بسبب التضخم وارتفاع أسعار البترول جراء الحرب الروسية على أوكرانيا دفعت واشنطن لتولي دور أكثر فاعلية في الشرق الأوسط من جديد.

03.07.2022 - محدث : 04.07.2022
نحو نظام جيوسياسي جديد في الشرق الأوسط (تحليل)

Istanbul

صقاريا/محمد رقيب أوغلو/ الأناضول

يعتزم الرئيس الـ46 للولايات المتحدة جو بايدن القيام بجولة شرق أوسطية منتصف شهر يوليو/ تموز الجاري.

وجرت العادة أن يقوم كل الرؤساء الأمريكيين سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين خلال جولاتهم بالشرق الأوسط بزيارة إسرائيل والمملكة العربية السعودية وحضور اجتماعات مجلس التعاون الخليجي.

ومن المقرر أن يلتزم بايدن أيضا بذلك إذ سيبدأ جولته بزيارة إسرائيل ثم التوجه إلى السعودية وحضور قمة التعاون الخليجي بالرياض.

- هل يتم تأسيس نظام إقليمي جديد؟

تمت دعوة العراق ومصر والأردن إلى قمة مجلس التعاون الخليجي التي سيحضرها بايدن في الرياض، وقد أثار ذلك نقاشات وتساؤلات حول ما إذا كان هناك نظاما إقليميا جديدا يتم تأسيسه في الشرق الأوسط بدعم من الولايات المتحدة.

من المعروف أن بايدن قد تراجع خطوة للخلف بزيارته للسعودية لأنه طوال حملته الانتخابية وطوال فترة رئاسته كان يعلن نبذ السعودية وولي العهد محمد بن سلمان.

إلا أن مخاطر الخسارة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بسبب ارتفاع نسب التضخم وارتفاع أسعار البترول بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا دفعت بايدن للتراجع واتخاذ هذه الخطوة ولذلك فإن الأوضاع الدولية والإقليمية دفعت واشنطن لتولي دور أكثر فاعلية في الشرق الأوسط من جديد.

في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تم توقيع اتفاقات "إبراهام" للتطبيع بين إسرائيل من جهة والإمارات والبحرين والمغرب والسودان من جهة أخرى، ويمكن أن يتم التشجيع على اتفاقات وتقاربات مماثلة خلال فترة رئاسة بايدن.

ترغب إسرائيل ودول المنطقة أن يكون لواشنطن دور أكثر فاعلية في المنطقة، مثلاً يتحدث الإعلام الإسرائيلي عن مطالب بتأسيس اتفاق دفاع جوي مشترك في الشرق الأوسط ضد إيران.

ونجد الدول الخليجية متحمسة جداً لاتفاق مثل هذا، فالسعودية خاصة تعاني من الهجمات الجوية التي تشنها جماعة الحوثي المدعومة إيرانياً في اليمن.

وكل ذلك يشير إلى أن هناك مساع لتأسيس نظام جديد بالشرق الأوسط ستتخلل زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للشرق الأوسط.

** التقارب التركي الإسرائيلي

كان التقارب بين أنقرة وتل أبيب أولى الديناميات التي يمكن أن تؤثر تأثيراً مباشراً على النظام الإقليمي الجديد الذي ظهر للسطح قبيل زيارة بايدن.

وظهر تأثير التقارب في العلاقات بين البلدين كجزء من التطبيع الإقليمي، في الكثير من المجالات، وكان اختيار إيران لتركيا مسرحاً لتنفيذ اغتيالات ضد شخصيات إسرائيلية كرد على اغتيال إسرائيل شخصيات بارزة ومسؤولين إيرانيين سبباً في إكساب زخم للتقارب بين تل أبيب وأنقرة.

وفي هذا الإطار نفذت أنقرة عمليات ناجحة ضد أنشطة استخباراتية سعت إيران لتنفيذها على الأراضي التركية، لأن هذه الأنشطة كانت تهدف للإضرار بصورة تركيا أمام الرأي العام العالمي.

بالنسبة لتل أبيب زادت العمليات الناجحة التي نفذها جهاز الاستخبارات الوطني التركي من أهمية التعاون مع تركيا.

يبدو أن هذا التقارب بين أنقرة وتل أبيب يتطور بمعزل عن السياسة الداخلية في إسرائيل، فبعد قرار إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل زار وزير الخارجية الإسرائيلي أنقرة وصرح بأن التقارب بين الدولتين سيستمر.

في مقابل ذلك زار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أنقرة في 27 يونيو/ حزيران الجاري وصرح أنه يجب اتخاذ الخطوات اللازمة بخصوص تبديد المخاوف الأمنية التركية في سوريا، أي أن طهران تقوم بتحركات دبلوماسية حتى لا يتحول التقارب التركي الإسرائيلي إلى تعاون استراتيجي يتعارض مع المصالح الإيرانية.

** تطبيع العلاقات بين تركيا ودول الخليج

من الديناميات الأخرى للنظام الجيوسياسي الذي سيتم تأسيسه في الشرق الأوسط قبيل زيارة بايدن مرحلة تعزيز التطبيع في العلاقات بين تركيا ودول الخليج.

وقد بدأ تطبيع العلاقات التركية-الخليجية بزيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان لتركيا أغسطس/ آب 2021، ثم زيارة رئيس الدولة محمد بن زايد آل نهيان في نوفمبر/ تشرين ثاني 2021.

وتقدمت مرحلة التطبيع بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإمارات في فبراير/ شباط، ومايو/ أيار الماضيين ثم زيارته للمملكة العربية السعودية في 28-29 أبريل/ نيسان الماضي، ومع زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتركيا في يونيو/حزيران الماضي اكتسب التطبيع التركي الخليجي بعداً مؤسساتياً.

مع هذه التحركات للقادة نرى أن التعاون بين تركيا والخليج حل محل التنافس والتوتر الذي ساد بينهما منذ عام 2018، ولذلك فإنه من المتوقع أن يتم تطبيع وتعزيز العلاقات متعددة الأبعاد بين الأطراف بسرعة.

وتُظهر زيارة بن سلمان لتركيا في أعقاب زيارتين لمصر والأردن وتأجيل زيارته لليونان وقبرص الرومية زيادة الاهتمام بالتعاون الإقليمي كما تُظهر أن الرياض ترى أنقرة لاعباً مهماً جداً في المنطقة.

عدم حصول السعودية على الضمانات الأمنية المرجوة من واشنطن واستمرار هجمات المليشيات المدعومة إيرانياً انطلاقاً من اليمن والعراق، جعل التعاون الأمني مع أنقرة أمراً ضرورياً، ولذلك فإنه من المحتمل القيام بتعاون أمني شامل وطويل الأجل بين تركيا ودول الخليج في العديد من الملفات على رأسها ملف اليمن.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.