
عبد الرحمن فتحي - صبحي مجاهد
القاهرة - الأناضول
إن أردت أن تأخذ فتواه في أمر ما عليك أولاً أن تمكث معه في المسجد يومًا كاملاً، وإن أردت أن تقصده في رمضان فاستعد لنصب ظهرك خلفه من المغرب حتى مطلع الفجر، وإن أردت أن توصف بتلميذه فالزم الجلباب وطول اللحية، وإن أردت أن تزداد قربًا منه فخذ معك إلى المسجد التلفاز والحاسب لتضمن ألا يشاهد أهلك "ما يغضب الله" في غيابك.
هذه بعض من صفات تشكل في مجموعها حالة فريدة للشيخ أسامة عبد العظيم، إمام المصلين في مسجد "عباد الرحمن"، الكائن إلى جوار ضريح الإمام الشافعي بحي الخليفة، بالقاهرة، يصطبغ بها رواد المسجد الذين ينتمون لشريحة سلفية خاصة.
ويكمل خصوصية هذه الحالة، معمار المسجد نفسه فرغم أنه يحاكي الطراز العصري في ارتفاعه إلى 7 طوابق، إلا أنه يحاكي أيضًا القرون الخالية ويفترش رواده جلود الأغنام كنوع من التقشف والزهد والتقرب لحالة البساطة التي كانت عليها مساجد المسلمين الأوائل.
والشيخ أسامة عبد العظيم، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، صاحب مدرسة سلفية خاصة، ويتفرد بأسلوب فريد في أدائه للعبادة في شهر رمضان.
فطقوسه الرمضانية المميزة تبدأ مع صلاة المغرب التي يؤمها عبد العظيم، ويطيل ركعاتها كعادته في سائر صلواته، كما يطيل سجوده وركوعه لتنتهي قبل موعد صلاة العشاء بفترة قصيرة قد يتلو في ركعتها الأولى سورة هود وفي الثانية يوسف أو نحوها من السور.
وبخلاف معظم المساجد بمصر يبدأ الشيخ أسامة صلاة العشاء عند الساعة الحادية عشرة حيث يقضي مع مريديه فترة ما بين فراغه من صلاة المغرب وحتى إقامته لصلاة العشاء في تناول طعام الإفطار ثم تلاوة القرآن والتنفل بصورة منفردة.
ويستمر الشيخ في صلاته للتراويح بعد أداء صلاة العشاء في هذا الوقت المتأخر حتى قبل صلاة الفجر بساعة، لينشغل بعض مريديه بتحضير طعام السحور في المطبخ الملحق بالجامع، وبعدها يؤدي الشيخ صلاة الفجر ويبقى حتى طلوع الشمس ويصلي الضحى وقد يستمر في الصلاة حتى صلاة الظهر أو قد ينصرف ليعود عند صلاة الظهر.
الخصوصية تتجاوز نهج الشيخ في أدائه للصلاة إلى شخصه، فرغم بلوغه السبعين من العمر إلى أنه لا يزال على عهده في إطالة الصلاة في جميع فروضه ونوافله؛ حيث عُرف بذلك حتى بات لا يطيق الصلاة خلفه إلا تلامذته ومن يتبعون مدرسته في العبادة.
ورغم كونه أستاذًا لأصول الفقه في جامعة الأزهر الشريف ورئيسًا لقسم الشريعة بإحدى كلياتها الشرعية إلا أنه عُرف كذلك بآرائه الجانحة للتورع والحيطة في فتاواه، كما أنه من علماء السلفية الذين لا يزالون يرون أن الثورة المصرية كانت خطأ وخروجًا على الحاكم ومذنب كل من شارك فيها.
ورفض الشيخ بشكل قاطع تسجيل أي مقاطع فيديو له أو للمسجد عند محاولة مراسل وكالة الأناضول ذلك، كما رفض حتى تصويره فوتوغرافيًا ليؤكد لنا بعدها جيرانه أنه لا مجال لذلك بحال؛ نظرًا لتبنيه آراء محرمة لذلك.
ويستغل الشيخ أي موقف لكسب مريدين جدد في مسجده؛ حيث لا يسعى أحد لاستفتائه في أمر حتى يطلب منه قضاء يوم كامل في مسجده حتى يستحق تلك الفتوى، وكان هذا الحال مع مراسل الأناضول حينما حاول الحصول على تصريحات خاصة منه، لتكون إجابة الشيخ بمطالبة المراسل بقضاء يوم كامل في المسجد أولاً ثم ينظر في طلبه.
ولا يقتني الشيخ أيًا من وسائل الإعلام الحديثة كالتلفاز والحاسوب، وينصح تلامذته ومريديه بذلك، إلا أنه لا يلزمهم بتركها، وبحسب جيران المسجد فإن بعض المصلين عند الاعتكاف في العشر الأواخر يأتون بما لديهم من أجهزة حاسب أو تلفاز؛ تحسبًا من استخدام أهليهم لها بصورة "لا ترضي الله"، آخذين في ذلك بنصيحة شيخهم.
وفي بساطة تعد امتدادًا طبيعيًا لبساطة الحال في هذه المنطقة يؤكد لنا أحد سكانها، عبده طياب، أنهم يعتبرون الشيخ أسامة "بركة المنطقة"، وأنهم في حال فقدهم له سيتغير حال شارعهم بصورة كاملة، رغم إقراره بأنه لم يدخل مسجده قبل ذلك.
ويشير طياب إلى حالة تعكس انعزال الشيخ عن محيطه الاجتماعي بصورة كبيرة، فيكشف عن عدم معرفة الشيخ لاسمه رغم كونه جارًا للمسجد منذ أكثر من 20 عامًا، لم يزد فيها الشيخ عن إلقائه السلام عليه قبل دخوله للمسجد أو بعد خروجه منه.
وتمتد انعزالية الشيخ لتفصله بشكل كبير عن الواقع السياسي للبلاد وكذلك واقع الأمة، فرغم إعلانه لموقفه الرافض للثورة المصرية، إلا أنه يحرص على عدم التطرق لأي مساحة سياسية أو اجتماعية متعلقة بحال البلاد، ويحصر حديثه على الوعظ وإلقاء الدروس العلمية، كما لا تكاد تجد في دعائه تخصيصًا لأهل بلد بالدعاء وإنما يكون التعميم هو الأصل لديه.
ويحكي طياب كيف رفض الشيخ أسامة لقاء حازم صلاح أبو إسماعيل، المحامي والقيادي السلفي المحسوب على التيار السلفي حينما أتى الأخير لزيارته ومحاولة كسب تأييده حين رشح نفسه للانتخابات الرئاسية، اضطر حينها أبو إسماعيل للصلاة في مسجد آخر مجاور لمسجد الشيخ أسامة لما أبداه من موقف سلبي تجاهه.
وإذا كان الشيخ وأسلوبه في العبادة يشكلان خصوصية فريدة إلا أن تلك الخصوصية لا تتوقف عندهما حيث يتميز مريدو الشيخ ورواد مسجده بحالة خاصة كذلك.
فلا تكاد ترى بينهم أحدًا من أهل منطقة الشيخ، فرغم كثرتهم وكثافتهم إلا أنهم جميعًا يقصدون مسجده من مناطق شتى في مصر كلها، ويلفت الانتباه وجود أجناس أخرى عربية وإفريقية أتت لتقف الساعات الطوال خلف الشيخ في صلاته.
ويتشابه جميع المصلين بمسجد عباد الرحمن في الهيئة؛ حيث الجلباب القصير واللحية الكثيفة، فلا يوجد بين رواد المسجد من تختلف هيأته عن ذلك.
وتتميز شريحة من مريدي الشيخ بيسر الحال والغنى؛ حيث تصطف سياراتهم الفارهة في الشارع المجاور لشارع المسجد.
المسجد نفسه يشكل حالة خاصة كذلك، نادر تكرارها في مصر؛ حيث يتكون من 7 طوابق، ورغم ارتفاعه إلا أن بناءه متواضع إذا ما قورن بغيره من المساجد، كما أن الشيخ لم يحرص على أن يكون له أي شكل خارجي جمالي.
وفي محاولة لإيجاد حالة من التقشف والانفصال عن "متاع الدنيا" لتقترب إلى ما كان عليه الحال في عهد الرسول محمد - خاتم الأنبياء - وأصحابه، على حد وصف أحد تلامذة الشيخ، يفترش الشيخ ورواد مسجده جلود وفراء الأغنام بعد دباجتها، ولا يظهر في ساحة المسجد أي مظهر من المظاهر المعاصرة.
ويختم الشيخ القرآن مرات عديدة في شهر رمضان، وتنتظم تلك الختمات في العشر الأواخر؛ حيث يختمه مرة كل 3 أيام.
وفي استطلاع لرأي الشرع حول الإطالة في صلاة التراويح قال مفتي مصر، علي جمعة، لمراسل وكالة الأناضول للأنباء إن الإطالة في التراويح "لم يقل به أحد العلماء.. حيث إن صلاة التراويح سنة صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث ليال ثم تركها بعد ذلك؛ رحمة بأمته، ومخافة من أن تفرض فتشق عليهم".
وأشار إلى أن "صلاة التراويح بعشرين ركعة بدأت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، والتمسك بما كان عليه الصحابة هو مذهب الأئمة الأربعة".
وفيما يخص عدد مرات ختم القرآن قال المفتي: "يندب ختم القرآن كاملاً في صلاة التراويح، بحيث يوزع جزء في كل ليلة".
من جهته قال أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر لمراسل وكالة الأناضول للأنباء إن إصرار الإمام على الإطالة في التراويح وجعلها من العشاء لقرب صلاة الفجر "مغالاة وتشدد، ولم يرد بمثله شيء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو عن صحابته الكرام".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.