تركيا, دولي, archive, archive, الدول العربية

افتتاح جامع الفاتح مجددا في الذكرى الـ559 لفتح "القسطنطينية"

افتتح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس الثلاثاء جامع السلطان محمد الفاتح ومكتبة السلطان محمود الأول تزامنا مع الذكرى الـ559 لفتح القسطنطينية التي سيمت فيما بعد إسطنبول

30.05.2012 - محدث : 30.05.2012
افتتاح جامع الفاتح مجددا في الذكرى الـ559 لفتح "القسطنطينية"

وتم افتتاح الجامع بعد عمليات ترميم شاملة للمبنى الرئيسي وجميع ملحقاته، واستغرقت الترميمات أربع سنوات ونصف.

وشارك في مراسم الافتتاح عدد من كبار الشخصيات الحكومية في قص الشريط إيذانا بافتتاح الجامع خلال حفل نظمته رئاسة الشؤون الدينية التركية، وتم اختيار يوم التاسع والعشرين من شهر أيار (مايو) المصادف لذكرى فتح السلطان العثماني "محمد الثاني" الملقب بـ"الفاتح" لمدينة "القسطنطينية" ودخول جيوشه إليها.

 وقال أردوغان في كلمة له خلال حفل الافتتاح إن عملية ترميم الجامع كانت تهدف لحمايته من خطر أي انهيار قد يلحق به وهذا ما استدعى تدخلا لتدعيم المبنى وتقويته مجددا، وبارك أردوغان للأمة الإسلامية "استعادتها لفرصة العبادة" في الجامع الذي بني بعد "الفتح المبين" حيث أصبح "منارة علمية" للأمة الإسلامية، مؤكدا عزم حكومته على استكمال ترميم الأماكن الأثرية المتبقية.

 وأضاف أردوغان مستذكرا أيام دراسته في مدرسة الجامع إن فتح إسطنبول جاء "ثمرة جهد العالم الإسلامي في سعيه لنيل شرف فتح المدينة وفق الحديث النبوي المبشر بفتح القسطنطينية، وهو ما جعل العالم الإسلامي يحمل شعلة البشارة إلى كل مكان ولايزال يحمله حتى هذا اليوم".

 وأوضخ أردوغان أن تكلفة عملية الترميم بلغت ما يقارب 24 مليون ليرة تركية أي نحو 13 مليون دولار، منوها بأن حكومته انهت ترميم 4 آلاف مركز أثري في عموم تركيا وتم افتتاحها للزائرين، وانتقد رئيس الوزراء الجهات التي ساهمت في إهمال الأماكن التراثية ومنعت ترميمها مؤكدا وجود المئات منها في المنطقة واعدا بجهوزية حكومته لترميمها.

 وشرح أردوغان الخطوات الدقيقة التي تم اتباعها في عملية الترميم للمحافظة على هوية الجامع مشيرا إلى أن المشرفين على المشروع قد أبدوا "حساسية كبرى" في التعامل مع أدق التفاصيل أثناء عملية الترميم. وتوجه اردوغان بالشكر إلى كل الفنيين والمهندسيين الذين أظهروا "حماستهم" لإنهاء الترميم بالشكل المناسب والمطلوب.

 وأشار أردوغان إلى أن جامع الفاتح يحضى بـ"رمزية كبيرة" في نفوس المسلمين أجمعين، فهو "ميراث من الأجداد يجب المحافظة عليه" وهو ما دفع حكومته إلى توسيع عمليات الترميم لتطال الجوامع المنتشرة خارج تركيا كما حدث في ترميم جامع "الفاتح" في برشتينا الألبانية عام 2010.

 واختتم أردوغان حديثه متوجها بالدعاء إلى الله لكي "يعلو صوت الآذان دائما في سماء العالم الإسلامي".

 وقال محمد غورماز رئيس الشؤون الدينية في كلمة له بالمناسبة: "إن فتح القسطنطينية لا يعني احتلال المدينة أو تهديم أسوارها، إنما هو فتح القلوب ونشر الخير في المدينة، الفتح هو الذي يجلب معه العدل والأخلاق ويراعى الحقوق، ومن هذه المفاهيم فإن فتح القسطنطينية جلب لها النور والحضارة وأخرجها من الظلم والظلمات".

 وأعرب غورماز عن حزن بلاده للأحداث والمظالم التي يشهدها عدد من الدول الإسلامية، متمنيا لمسلمي العالم "فتح قولبهم لله ورسوله والتحلي بالصبر والتمسك بالإيمان والعلم" ودعا كذلك إلى ضرورة "تآلف قلوب المسلمين فيما بينهم لأن ذلك هو الكفيل بنصرهم في محنتهم".

 وكانت أعمال ترميم جامع فاتح قد بدأت عام 2007 في واحدة من أوسع الترميمات في تاريخ الجمهورية التركية مستهدفة جميع مرافق الجامع بكامل تفاصيلها. حيث تم استبدل التلييسة الإسمنية بأخرى خرسانية، وإزالة الطبقة المتأكسدة على الحلقات النحاسية وتنظيفها بمواد مناسبة.

 واستبدلت الأخشاب المتآكلة بأخرى جديدة، وتم طلاء الأبواب بمواد تحميها من الحشرات وعزلها عن العوامل الخارجية المؤثرة بعد سد الثقوب المنتشرة فيها، وأخيرا وضعت طبقة من مواد خاصة أكسبت الأبواب لمعانا جديدا.

 وتمت مراقبة أماكن تسرب المياه وسدها ثلاث مرات لعزل داخل المسجد من الرطوبة والمياه، كما تم ترميم الدرجات الرخامية في المسجد واستبدال المنكسرة منها، وتم الاعتماد في عملية الترميم على صور تعود للقرن التاسع عشر للمسجد لإعادته إلى الوضع الذي كان عليه بعد إعادة بنائه عام 1766م بعد تهدمه جراء زلزال ضرب المدينة عامئذ.

 ويذكر أن السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح قد تمكن مع جيشه من فتح القسطنطينية ودخولها عام 1453م بعد انتصاره على البيزنطيين معتمدا على مدافع ضخمة مكنته من اختراق الأسوار، وبعدها أطلق على المدينة اسم إسطنبول منذ ذلك التاريخ حتى هذا اليوم.

وعقب دخوله المدينة وجد السلطان فيها دمارا كبيرا فانطلقت عملية إعادة البناء معتمدة على العنصر البشري الإسلامي من مختلف مناطق الأناضول مثل "قونيا وأكسراي ونيغده"، وهدف السلطان إلى تحويل المدينة إلى منارة للعلم لتصبح إسطنبول قبلة العالم الإسلامي والدولي أجمع.

 وكانت أولى خطوات تعزيز الإسلام في المدينة إضافة إلى إعمارها تحويل كنيسة "آيا صوفيا" أكبر كنيسة في ذلك التاريخ إلى مسجد جامع وركز السلطان تعزيز مكانة التعليم وتدريس العلوم الإسلامية. وبعد تحديد مكان قبر الصحابي أبي أيوب الأنصاري تم إنشاء مدرسة قرب قبره لتصبح مؤسسة تعليمية هامة أيضا.

 ويعتبر جامع السلطان محمد الفاتح أول مسجد يحمل أسماء السلاطين العثمانيين حيث تم إنشاؤه بين عامي 1462-1470 بإشراف المهندس المعماري "سنان الدين يوسف" وكان اسم الجامع بداية بـ"الجامع الجديد" ولكن تم تحويله ليصبح جامع السلطان محمد الفاتح بعد انتشار الجوامع السلطانية في إسطنبول.

 وتم اختيار مكان الجامع على إحدى تلال إسطنبول السبعة المطلة على مضيق البوسفور من الجانب الأوروبي، وقد ألحق بالجامع مدرستان شمالية سميت بمدرسة البحر الأسود وجنوبية سميت بمدرسة البحر الأبيض لترمز إلى انتشار الحكم الإسلامي آنذاك في البلاد المطلة على البحرين المتوسط والأسود.

 وعمل السلطان أثناء إنشاء مدارسه تلك على تأمين كافة الاحتياجات الاجتماعية والنفسية والصحية والتعليمية من خلال المرافق الملحقة بالمدارس من بينها المشافي والمكتبات ودور الضيافة، وذلك لتشجيع العلم والحض عليه.

 وقد توافد خلال القرون الماضية على مدرسة الفاتح كبار العلماء من العالم الإسلامي، من أمثال هزار بك جلبي، وعلي توسون، وعلى كوشتشو، والملا لطفي والملا كورجاني، والمعماري سنان. وقد دمر زلزال ضرب مدينة إسطنبول عام 1766 الجامع ليعاد بناؤه من قبل السلطان مصطفى الثالث وأعيد افتتاحه عام 1772.

 وفي الثالث من شهر آذار (مارس) عام 1924 صدر قرار جمهوري بتوحيد مناهج التدريس في الجمهورية التركية، مما أدى إلى إغلاق مدرسة الفاتح، وبذلك القرار أنتهى عهد من التعليم في مركز كان منارة للعلم في العالم الإسلامي.


الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın