الدول العربية

حرب "درنة" الليبية.. معطياتها ومجرياتها (تقرير)

حفتر يفضل القتال خارج المدينة ثم المباغتة من داخلها، و"قوة حماية درنة" تركز على المناورة والاستنزاف.

24.05.2018 - محدث : 24.05.2018
حرب "درنة" الليبية.. معطياتها ومجرياتها (تقرير)

Libyan

طرابلس / جهاد نصر / الأناضول

معارك شرسة تشهدها مدينة درنة الليبية (شرق)، وتضع في المواجهة قوات خليفة حفتر، و"قوة حماية درنة" (مجلس شورى مجاهدي درنة سابقا بالإضافة إلى شباب من المدينة)، وسط تساؤلات حول الفاتورة الباهظة التي يسددها المدنيون في هذه المعركة.

وفي الأول من أبريل / نيسان الماضي، أعلن حفتر قرب "تحرير" درنة من سيطرة تحالف كتائب إسلامية يدعى "مجلس شورى مجاهدي درنة"، تعتبره سلطات شرقي البلاد تنظيما إرهابيا على صلة بـ "القاعدة في بلاد المغرب"، وهو ما ينفيه المجلس.

ويرى الكاتب الليبي علي الزليتني، أن معارك درنة "ستغير إحداثيات الوضع" في البلد الغارق منذ 2011 في أتون أزمة خانقة لم تضع أوزارها حتى الساعة.

** اختلال توازن القوى

نظرا للتعقيد البالغ الذي تتسم به الأوضاع على الأرض، يصعب رصد القوة العددية لكل جانب، لكن الأناضول حاولت البحث عن تقديرات تقريبية دالة على حجم القوى المتقاتلة.

ووفق فيديوهات بثتها قنوات موالية لحفتر، تتفوق قوات الأخير من الناحية العددية وبشكل كبير على خصومها.

فمن جانب حفتر، تقاتل كتائب عديدة بينها "سرية شهداء عين مارة" التي تشكلت حديثا، والكتيبة "302" أجدابيا، واللواء "106"، وكتيبة "155"، وكتيبة "166" مشاة مجحلفة، إضافة إلى كتيبة "طارق بن زياد" بنغازي، وكتيبة "128" قوة عمليات الردع.

كما تقاتل أيضا الكتائب "102"، و"101"، و"206"، و"كتيبة طبرق المقاتلة"، و"سرية الحماية بطبرق"، علاوة على كتيبة العميد سالم رحيل، والكتائب "212"، و"151"، ومجموعات مسلحة مساندة من محيط درنة، قبل أن تلتحق بها مؤخرا القوات الخاصة (الصاعقة) من بنغازي، والتي تعتبر القوة الأكثر تدريبا وتسليحا، بحسب مراسل الأناضول.

أما من جانب قوات "قوة حماية درنة"، فيرجح المحلل السياسي الزليتني أن عددها غير كبير، كما أنها منهكة جراء العديد من العوامل، بينها الحصار المفروض عليها من قبل حفتر، برا وجوا وبحرا لمدة 4 أعوام.

كما أن هذه القوات خسرت العديد من مقاتليها وكبار قادتها خلال الحرب التي خاضتها في يونيو / حزيران 2015 ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، والتي أفضت إلى طرد التنظيم وسيطرة مجلس درنة على المدينة".

وعلاوة على ذلك، فإن معظم مقاتلي القوة والكتائب المشكلة لها، التحقوا قبل أعوام بمجلس شورى ثوار بنغازي (شرق)، للقتال مع الأخير ضد حفتر في الحرب التي انطلقت منذ 2014، ما كبدها خسارة فادحة في تلك المعركة.

وتتألف "قوة حماية درنة" من كتيبة "شهداء أبو سليم"، وهي أكبر الكتائب المسلحة بالمدينة، وكتيبة "صلاح الدين"، بالإضافة إلى كتائب أخرى صغيرة، وليس واضحا إن كان تنظيم "أنصار الشريعة" في درنة ضمن هذه القوة الجديدة أم لا.

وتشكلت هذه القوة باسمها السابق في 12 ديسمبر / كانون الأول 2014، لمواجهة عملية "الكرامة" التي أطلقها حفتر منتصف مايو / أيار من العام نفسه.

** المعارك تتركز في جنوب وغرب درنة

على الأرض، تقول قوات حفتر إن الأمور تجري لمصلحتها، حيث أعلنت أكثر من مرة السيطرة على مناطق جديدة في محيط المدينة، فيما أعلنت قوة حماية درنة تصديها لعدة محاولات لاقتحام المدينة من عدة محاور، في ظل غياب معلومات ذات مصداقية من أطراف محايدة.

اللواء ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة "الصاعقة" التابعة لـ "حفتر"، قال إن قواتهم "سيطرت على مواقع العدو الحصينة في محاور الظهر الحمر، والحيلة، ومرتوبة، ومواقع أخرى جنوب غرب المدينة".

كما أشار إلى السيطرة على "عدد من المواقع الإستراتيجية المرتفعة، بينها عرقوب بولم، وأجزاء كبيرة من منطقة تمسكت، بما في ذلك مزرعة الخجخاج، وقورفة، والزواق، غرب المدينة".

وأفاد بوخمادة أن قواتهم "سيطرت أيضا على مناطق قرب المدخل الغربي الجنوبي للمدينة، الممتد من وادي جرم إلى تمسكت، انطلاقا من وادي الناقة".

وأضاف "تتمركز الآن قواتنا في منطقة تمسكت التي نسيطر على نصفها، وقمنا بتمشيط الأودية التي تقع جنوب غرب المدينة".

وتابع أن وادي المقطع، ووادي بوسن، ومنطقة الأردام تحت سيطرة قواتهم بالكامل، وكذلك معسكر الردع (الهيشة) سابقا.

** قوات حفتر: استدراج العدو خارج المدينة وضربه داخلها

أما عن التكتيك الحربي للأطراف المتقاتلة، فيقول أحد ضباط قوات حفتر: "نعتمد على الطيران الحربي بشكل رئيسي، وذلك لعدة أسباب أهمها صعوبة المنطقة جغرافيا، كما أن معظم مقاتلينا قادمون من مدن أخرى"، في إشارة إلى عدم معرفتهم بطبيعة المكان.

وتابع الضابط في حديث للأناضول مفضلا عدم نشر هويته لـ "دواع أمنية"، أن "العدو يحترف حرب الجبال، فمعظمهم وخاصة قادتهم، قاتل في أفغانستان قبل أعوام، ولذلك تصعب مجاراة تنظيم مماثل في سلسلة جبال وعرة".

وعموما، رجح الضابط أن تتضمن استراتيجية الحرب بالنسبة إلى قوات حفتر، "عدم إعطاء القيادة أوامر دخول المدينة، بل سنكسر العدو في الضواحي وعلى مشارف المدينة، ثم نترك لأهلها المؤيدين للجيش مهمة القيام بالباقي".

وهذا التكتيك سبق أن استعمله حفتر في معركة بنغازي، عندما خرج "ثوار بنغازي" من معاقلهم المحصنة داخل المدينة لمطاردة قوات حفتر في منطقة الرجمة شرق بنغازي، وفي غياب الثوار عن المدينة هاجم "مدنيون مسلحون" موالون لحفتر يدعون بـ "الصحوات"، ما تبقى من الثوار داخل المدينة أو العائدين إليها للاستراحة، ما أجبر "ثوار بنغازي" على فك الحصار على منطقة الرجمة ومطار بنينة والعودة إلى المدينة.

وأوضح ذات المصدر أن "الجيش، وخلال سنوات الحصار الأربع، كان يجهز سرايا مسلحة داخل المدينة ستتحرك في ساعة الصفر، ووقتها يكون العدو قد أُنهك على حدود المدينة".

** قوة حماية درنة: حرب استنزاف لا مواقع

أما تكتيك "قوة حماية درنة" فيعتمد المناورة، عن طريق الانسحاب ثم الانقضاض عبر الالتفاف على العدو، وفق أحد مقاتلي هذه القوة.

المقاتل في قوة حماية درنة، الذي فضل عدم ذكر اسمه، قال في حديث للأناضول، إن "قوات حفتر تريد انتصارا سريعا، ونحن نستغل تلك الرغبة في منحهم مساحات على الأرض نحن أدرى بها منهم، ما يجعلهم يقعون دائما في الفخ".

واستشهد بـ "حجم الخسائر البشرية في صفوف قوات حفتر".

واعتبر ذلك "دليلا على نجاح استراتجيتنا.. صحيح نحن خسرنا عددا من المواقع المهمة، ولكنهم خسروا في المقابل الكثير من أفرادهم، فنحن نعرف ونحفظ كل شبر من الجبال، وحربنا حرب استنزاف وليست حرب مواقع".

وبخصوص حقيقة زرعهم للمفخخات والألغام، قال ذات المصدر، "نعم، ومن حقنا زرعها ومن حقنا الدفاع عن أنفسنا، ومنع تقدمهم، ومن يقترب من درنة سيجد المفخخات في انتظاره".

** كلفة إنسانية

محمد الدرناوي، اسم مستعار لأحد سكان درنة، وكان ذلك شرطه للحديث للأناضول، وصف الوضع في درنة بـ "المأساوي".

وتابع "لك أن تتخيل وضع مدينة محاصرة منذ 4 أعوام، فالنقص هنا يطول كل شيء، بما في ذلك البنزين والدواء والمواد الغذائية".

وأعرب الدرناوي عن أمله أن تتوقف الحرب قائلا: "نعم، نحن نريد جيشا وشرطة ودولة مؤسسات يرفضها مجلس شورى المجاهدين (قوة حماية دونة)، الذي لا يعترف بأي دولة مدنية، ولكننا لا نريد الحرب، لا نريد النزوح وتدمير منازلنا".

وعموما، انقسم الليبيون إلى معسكرين، فمنهم من أيد المعركة معتبرا أنها ضمن مساعي اجتثاث الإرهاب، فيما ندد بها آخرون ممن يخشون تداعياتها على المدنيين.

من جانبه، أعرب رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لحكومة "الوفاق الوطني"، في بيان صدر الأربعاء الماضي، عن "قلقه الشديد من العمليات العسكرية والقصف الجوي في درنة".

وحذر السراج من "الخسائر في صفوف المدنيين والبنية التحتية"، مطالبا بتدخل عاجل للحكماء والأعيان من درنة والمنطقة المحيطة، لإيجاد حل سلمي يحقن الدماء".

أما محمد صوان، رئيس حزب "العدالة والبناء" (محسوب على الإخوان)، فندد من جهته، في بيان، بـ "حصار المدينة من قبل قوات حفتر المدعومة من قوى إقليمية".

وقال صوان: "رغم الاختلاف حول هوية المسلحين في درنة، فإنه لا خلاف على أن محاربة الإرهاب في أي مكان هي مهمة حصرية للمجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، وفقا لبنود الاتفاق السياسي".

فيما أصدر المجلس الأعلى للدولة أكثر من بيان، ندد فيها بالعمليات العسكرية حول درنة، مطالبا بتدخل المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

وفي تغريدة عبر "تويتر"، طالبت البعثة الأممية في ليبيا بوقف العمليات العسكرية، لكنها ركزت فقط على مصير المدنيين، دون أن تتطرق لطبيعة المعركة أو سياقها.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın