تحت مبان متصدّعة.. نازحو غزة كالمستجير من الرمضاء بالنار (تقرير)
- مصطفى أبو ندى: في أي لحظة ممكن أن ينهار المبنى علينا، نعيش فيه مجبرين رغم الخوف
Gazze
غزة / الأناضول
- الدفاع المدني: نحذر من انهيار آلاف المباني المتضررة من الإبادة نتيجة اشتداد الرياح والأمطار- هيام أبو ندى: الظروف القاسية وانعدام البدائل أجبرتنا على العيش في مبان متضررة
- مصطفى أبو ندى: في أي لحظة ممكن أن ينهار المبنى علينا، نعيش فيه مجبرين رغم الخوف
- عوني الحج: خلال المنخفض الأخير تعرضت المباني لتساقط كتل إسمنتية
- محمد الشاعر: نعيد بناء غرفة باستخدام ركام المباني والطين وخطر الانهيار وارد مع الأمطار
مع وقف إطلاق النار بقطاع غزة في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لجأ نازحون فلسطينيون للعيش داخل مبانيهم المتضررة بفعل القصف الإسرائيلي خلال أشهر الإبادة الجماعية، بعدما عجزت الخيمة عن توفير الحد الأدنى من الحماية والأمان لهم.
المباني المدمرة التي تعاني جدرانها المتبقية من تصدعات كبيرة، تزداد مخاطر انهيارها مع كل منخفض جوي يضرب القطاع ويكون مصحوبا برياح وأمطار شديدة.
تحت تلك الأسقف التي يتدلى منها قضبان حديدية وكتل إسمنتية كبيرة، اضطر آلاف الفلسطينيين بينهم أطفال للعيش مع غياب البدائل الآمنة، ومنع إسرائيل دخول البيوت المتنقلة (الكرفانات) لإيوائهم.
هذه المخاطر باتت واقعا مأساويا، الثلاثاء، إثر انهيار جزئي بمبنى غربي مدينة غزة ما أدى إلى مصرع فلسطيني وإصابة 4 آخرين، فضلا عن غرق وتطاير آلاف الخيام، جراء المنخفض العاصف الذي ضرب القطاع مساء الاثنين.
وهذا المنخفض هو الثاني الذي يضرب القطاع في أقل من أسبوع، حيث تسبب الأول القطبي "بيرون" بمصرع 14 فلسطينيا، بينهم 11 جراء انهيار أكثر من 13 مبنى متضرر، و3 بفعل البرد، فضلا عن تضرر وغرق 53 ألف خيمة بشكل كلي أو جزئي، وفق معطيات رسمية.
متحدث الدفاع المدني محمود بصل، حذّر في تصريح للأناضول، من خطر انهيار آلاف المباني المتضررة من الإبادة نتيجة "اشتداد الرياح والأمطار".
وخلال عامي الإبادة، دمرت إسرائيل بشكل كلي 268 ألف وحدة سكنية، و148 ألفا بشكل بليغ غير صالح للسكن، و153 ألفا بشكل جزئي، وفق أحدث معطيات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
دمار الوحدات السكنية هذه، هو جزء من حالة الإبادة الشاملة التي تعرض لها القطاع وطالت 90 بالمئة من بناه التحتية المدنية.
وتواصل إسرائيل في المناطق التي تخضع لسيطرتها بموجب الاتفاق، تفجير ونسف ما تبقى من مباني سكنية ومنازل، مبددة بذلك آمال الفلسطينيين بالعودة إلى مساكنهم عقب انسحاب الجيش الكامل من القطاع.
وانتهت حرب الإبادة التي بدأتها إسرائيل في 8 أكتوبر 2023 وخلفت أكثر من 70 ألف قتيل وما يزيد عن 171 ألف جريح، باتفاق أبرم بين حماس وتل أبيب عبر وسطاء في 10 أكتوبر الماضي، وخرقه الجيش مئات المرات بالقصف والنسف والقتل.
وطالب "بصل" بتدخل دولي عاجل لإنقاذ الفلسطينيين من أي موت محتمل جراء الانهيارات المتكررة، وإدخال الملاجئ الآمنة لهم.
** خيار اضطراري
هيام أبو ندى، واحدة ممن لجأن إلى المباني المدمرة، داخل مجمع "مدينة حمد" السكني جنوبي القطاع، والذي شهد قصفا إسرائيليا مكثفا.
وفي تصريح للأناضول، تقول أبو ندى التي نزحت من الشجاعية شرقي غزة، إنه لا يوجد مكان بديل للجوء إليه بعدما دمرت إسرائيل غالبية المنازل بحيّها، وما زالت تحتل أجزاء واسعة منه.
وذكرت أنه رغم المخاطر المحدقة بأفراد عائلتها، إلا أن انعدام البدائل أجبرهم على العيش داخل المباني المتصدعة.
وتضيف أنها تسمع أصوات انهيارات صغيرة في الجدران بسبب تسرب مياه الأمطار إليها، متابعة: "الرمال تنهار وتتساقط داخل أعيننا".
وتشير إلى أن ما تبقى من جدران بالمباني المدمرة، لا تمنع الصقيع من التسلل لأجسادهم.
فيما يقول مصطفى أبو ندى، إن المباني المتضررة بفعل الإبادة "لا تشكل ملجأ آمنا (..) في أي لحظة ممكن أن تنهار علينا".
ويشير إلى أنهم يعيشون في المباني الآيلة للسقوط "مجبرين رغم الخوف في ظل عدم وجود أماكن إيواء أخرى".
وبيّن أن ظروف البرد تسببت بإصابة أطفاله بأمراض، وأنه يقضي الليل محاولا التقليل من تسرب المياه داخل المنزل عبر تجميعها بآنية بلاستيكية.
وهذا ما يؤكده عوني الحاج، أحد سكان "مدينة حمد"، قائلا: "نضطر للحياة هنا. لأننا غير قادرين على العيش داخل الخيام".
ويفيد بأن غالبية المباني في المنطقة مهددة بالانهيار، ويجري دائما التواصل مع الدفاع المدني لإزالة كتل إسمنتية تتدلى من الأسقف.
أما فتحية عبيد التي فقدت زوجها خلال الحرب وأُسر نجلها، تقول إن المكان الخطير يشكل مأوى أخير للعائلات، لافتة إلى وجود طفلة رضيعة داخله وسط مخاوف من تأثرها بالمنخفض.
** لحظات قاسية
وفي غربي مدينة غزة، حيث مركز رشاد الشوا الثقافي، والذي تعرض لاستهداف إسرائيلي كبير خلال الإبادة، تعيش النازحة حليمة اسليم وأطفالها وسط مخاطر الانهيار.
تقول اسليم التي نصبت خيمة تحت سقف المركز، إنها تمر بلحظات قاسية خلال ساعات الليل مع كل منخفض جوي يضرب القطاع، حيث تقضي تلك الأوقات متيقظة خشية حدوث انهيار مفاجئ.
وتضيف: "حياتنا هنا مليئة بالخوف، في أي لحظة ممكن أن ينهار المبنى"، واصفة المكان الذي اعتقدت أنه سيكون ملجأ آمنا لأطفالها بـ"مصدر الرعب".
وتشير اسليم إلى تساؤلات تراودها كلما وصلها نبأ انهيار مبانٍ آيلة للسقوط، قائلة: "ماذا سيحل بنا؟".
أما محمود حمودة، النازح إلى ذات المركز، فيعرب عن مخاوفه من انهيار سقف المبنى على الخيمة التي تؤوي أطفاله، وسط إصابته بتصدعات وتشققات واضحة.
ويطالب بضرورة توفير البيوت المتنقلة لإيواء الفلسطينيين الذين يطاردهم الموت بخطر انهيار المباني والأمطار.
** محاولة للنجاة
باستخدام الطين، تحاول عائلة الشاعر بمدينة خان يونس إعادة بناء بعض الجدران على ما تبقى من منزلهم المدمر الذي يبعد نحو كيلو متر عن مكان تمركز الجيش الإسرائيلي.
ويوضح محمد الشاعر أن هذه المحاولة جاءت بعدما أثبتت الخيام أنها غير قادرة على توفير إيواء حقيقي للفلسطينيين.
ويتابع: "لملمنا بعض الحجارة الناجمة من ركام المباني المدمرة، ونبني منها غرفة باستخدام الطين".
ويلجأ الشاعر لاستخدام الطين من أجل تشييد الغرفة، نظرا لغياب الإسمنت اللازم للبناء، بسبب الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ومنع دخوله.
وتعيش عائلة الشاعر بين خطرين، أولهما وصول رصاص يطلقه الجيش الإسرائيلي عشوائيا، وثانيهما احتمال انهيار الغرفة مع أي منخفض جوي، لافتا إلى أن الطين يفقد تماسكه مع الأمطار.
ويشير إلى أن العيش داخل هذا المكان يأتي اضطرارا، بعدما كانت الحياة داخل الخيام المصنوعة من القماش صعبة سواء في الصيف أو خلال الشتاء.
وأمام المكان تجلس "أم عماد" التي فقدت 3 من أبنائها بينما أسر الجيش الرابع خلال توجهه لاستلام مساعدات قبل 4 شهور، تطهو الطعام لعائلتها باستخدام الحطب، بديلا عن غاز الطهي.
وتوضح أن الحرب أعادتهم "قرنا إلى الوراء" بعدما اضطروا للبناء باستخدام الطين، وسط تخوفاتها من انهيارات جراء الأمطار أو السيول.
ورغم وقف إطلاق النار إلا أن إسرائيل تتنصل من الإيفاء بالتزاماتها ومن بينها فتح المعابر وإدخال احتياجات القطاع الأساسية وعلى رأسها 300 ألف خيمة وبيت متنقل، وفق ما أكدته تقارير حكومية فلسطينية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
