الدول العربية

أسرة "العثماني" المغربية.. 5 أعوام حول العالم لعرض حقيقة الإسلام

(تقرير)

Khalid Mejdoub  | 03.11.2016 - محدث : 03.11.2016
أسرة "العثماني" المغربية.. 5 أعوام حول العالم لعرض حقيقة الإسلام

Suudi Arabistan

الدار البيضاء (المغرب)/ خالد مجدوب/ الأناضول

داخل سيارة كرفان صغيرة (منزل متنقل) يتسع لعدد أفرادها الخمسة بالكاد، وينتقل من دولة إلى أخرى حاملا أو محمولا، تجوب أسرة مغربية العالم في رحلة تستمر خمس سنوات بدأتها عام 2013، ليس للترفيه وإنما بهدف تغيير الصورة النمطية عن العرب والمسلمين وعرض حقيقة الإسلام السمحة.

تلك الصورة التي اختصرها البعض في دول العالم في اللحية والجلباب والحجاب، كانت تلاحق أسرة المغربي "أنور العثماني" كلما حطوا في دولة جديدة ضمن جولتهم حيث أخذوا على عاتقهم نقل الصورة الحقيقية للعرب والمسلمين.

أصل الحكاية بدأت مجرد فكرة لتتحول في عام 2013 لواقع ومغامرة، انطلقت من المغرب ثم إسبانيا وفرنسا وبلجيكا، لتتجه صوب أمريكا الجنوبية في رحلة على باخرة دامت أكثر من شهر، لتحط الأسرة الرحال بجميع دول القارة باستثناء باراجواي، لأسباب أمنية.

لم يكن هدف الجولة الترفيه ولكنها، كما قال العثماني للأناضول، "لتغيير صور نمطية عن العرب والمسلمين، خصوصا أن العديد من مواطني الدول التي زرناها يتساءلون: لماذا ليس لي لحية ولا ألبس جلبابا؟".

قصص كثيرة وحكايات على لسان أفراد هذه الأسرة التي اختارت رسالة حياة مغايرة للمألوف، مفادها "التعايش وقبول الآخر رغم اختلاف الأجناس والمرجعيات، والعيش في إطار الإنسانية".

الرحلة التي يقوم بها العثماني (51 عاما) برفقة زوجته (45 عاما) وأطفاله الثلاثة مايا (10 أعوام)، ومهدي (11 سنوات) وميساء (12 سنوات)، لم تكن مفروشة بالورود بل كانت ولا زالت تشهد العديد من الصعوبات والتحديات في البلدان الـ14 التي زاروها.

العثماني الذي يتقن 4 لغات يحكي تلك الصعوبات، قائلا إن "أكبر تحد واجهنا في الأول هو كيف يمكن التعايش في مكان صغير داخل الكارفان (سيارة سياحية تزن 5 أطنان)، بعدما ألفنا العيش في منزل كبير".

كيفية التأقلم في المكان والتعامل مع توفير الاحتياجات اليومية من الماء والكهرباء والحفاظ عليهما لاسيما مع قطع مسافات طويلة، تحد آخر يواجه عائلة العثماني.

أما فيما يتعلق بأمنهم وسلامتهم، قالت الزوجة "مليكة العثماني" في حديث للأناضول إن "مسؤولية 3 أبناء ليست سهلة وهو ما يجعلنا حريصون على اختيار المكان الذي سنبيت فيه قبل حلول الظلام، فضلا عن البحث عن المواقع الآمنة للمبيت".

ورغم تحديات الرحلة إلا أنها لا تخلو من قصص طريفة وخطيرة في الوقت نفسه تقابلها عائلة العثماني من بينها ما حكاه الزوج عند زيارتهم في المنطقة الطبيعية "باتاجونيا" (جنوب الأرجنتين وشيلي).

وبدأت هذه القصة عندما وصلت الأسرة للمنطقة حيث شاهد الزوج لوحات تحذر من تواجد حيوان البوما (حيوان مفترس يشبه النمر ويطلق عليه أسد الجبال)، لكنه عندما ذهب لقضاء بعض الأغراض وجد هذا الحيوان أمامه، ولحسن حظه مر الأمر بسلام.

والقصص لا تنتهي في رحلة العثماني، ومنها أيضا خلال استضافته أسرة في أحد بلدان أمريكا الجنوبية حيث دار الحديث كثيرا معهم، وشم أحدهم رائحة غاز داخل السيارة.

وعن هذه القصة قال العثماني: "في الوقت الذي كنت اعتقد أني قدمت خدمة لهذه الأسرة، فقد قدموا لي خدمة لن أنساها وهي إنقاذ حياة أسرتي من انفجار وشيك جراء تسرب الغاز الذي لم ننتبه له".

بعد السفريات التي قامت بها الأسرة خلال الفترة الماضية، تغيرت نظرتهم للعالم عما كانت قبل الجولة.

وفي هذا الصدد، قال العثماني: "قبل السفر كنا متشائمين حيال العالم، ولكن بعده غيرنا نظرتنا واكتشفنا أن للأفراد قلوبا وقيما، بغض النظر عن جنسياتهم".

وحول تكلفة السفر المرتفعة، أضاف العثماني أن أسرته "اختارت فلسفة حياة رغم كل الصعوبات ومنها المالية، ونحن الآن نبحث عن حلول بديلة لتمويل سفرنا".

وتابع: "نحن نكتري (نستأجر) منزلنا بالدار البيضاء (كبرى مدن المغرب)، وأظن أنه من الطبيعي أن تعمل بعض المؤسسات الدولية أو الشركات الخاصة بتمويل مثل هذه المبادرات خصوصا أنه تحمل رسائل ومعاني إنسانية".

"في جميع البلدان يأتي الناس يسألوننا عن المغرب ودول عربية ومسلمة أخرى، ونلاحظ أن العديد منهم يحملون صور نمطية عن العرب والمسلمين، نصحح لهم التصورات ونناقش معهم".

هكذا لخص العثماني معاني الحياة، حيث يساعد السفر على معرفة معنى التعايش وقبول الآخر.

وداخل السيارة المتنقلة، عالم كبير رغم صغره، فـ"مسك الليل"، وهو الاسم الذي أطلقته الأسرة عليها تشق الطرقات ولا تعترف بالحدود.

فداخل تلك السيارة يتكلف الأب بالطهي وإعداد الطعام، لعدم قدرة زوجته على ذلك لما تعانيه من مرض الحساسية التي يصيبها لدى غسيلها الأواني، لكنه لا يمنعها من مشاركته في القيادة إلى جانب زوجها.

وفي جزء صغير من هذه السيارة المتنقلة، تقوم الزوجة بتدريس أبنائها اللغة العربية حيث يتابعون الدراسة وفق مناهج إسبانيا التي تتيح التعلم عن البعد (المراسلة والإنترنت)، ويجتازون الامتحانات بقنصلياتها بأي دولة يحلون بها، بحسب اتفاق الأسرة مع وزارة التعليم الإسبانية قبل انطلاق رحلتها في 2013.

وتشرح مليكة أن "برنامج الأطفال الدراسي يبدأ من 8 صباحا حيث يتحدثون 4 لغات هي الإسبانية التي يدرسون بها، والإنجليزية التي توجد بمقررات الدراسة، بالإضافة إلى الفرنسية التي سبق أن درسوا بها بالمغرب، في حين أعمل على تعليمهم اللغة العربية، حتى لا ينسوها".

وتعد دراسة الأطفال أولية لدى الأبوين، حيث يعمل الأبناء على تخصيص فترة الصباح لها، ورغم التحديات بحرا، وطول الطريق برا، والتقلبات مناخا، والصعوبات طبيعة، إلا أن النقط التي حصلوا عليها أفضل مما كانوا عليه إبان مكوثهم في المنزل، بحسب تعبير والدتهم.

وللأطفال هم الآخرون قصص عديدة في رحلتهم حول العالم التي يتعرفون خلالها على أطفال بسنهم من شتى الجنسيات.

"ميساء" الابنة أعجبت كثيرا بزيارة عدد من دول العالم ولقاء العديد من الأصدقاء، إلا أنها تحزن لأن اللقاء قصيرا سرعان ما ينتهي، بحسب حديثها للأناضول.

وترى ابنة الاثنى عشر ربيعا أن السفر تعلمت منه معنى العيش المشترك والتعرف على ثقافات عديدة.

وقصص الأطفال لا تكاد تنتهي، وكأنهم يعيشون أحلاما لا يريدون الاستيقاظ منها.

أما "مهدي" فحكى للأناضول قصة سفره من أوروبا إلى أمريكا الجنوبية في رحلة على متن الباخرة دامت أزيد من شهر، وكان الطفل الوحيد بالباخرة.

وقال إن "السفر دام 32 يوما ، بالصباح أتابع دراسي، وبعد الانتهاء أعمل على ممارسة الرياضة بقاعة مخصصة لذلك بهذه الباخرة الضخمة ذات 14 طابقا".

وتابع: "وبينما كنت ألعب مع أبي الكرة فوق الباخرة سقطت الكرة في البحر، نظرت إليها وأحسست بحسرة كبيرة، إلا أن منظر الأسماك والبحر وتجربة السفر ساعداني على نسيان الأمر".

وحاليا تمكث الأسرة في المغرب الذي عادوا إليه الشهر الماضي في استراحة تمتد نحو 3 أشهر، قبل أن يستكملوا رحلتهم التي توقفت عن تشيلي، قاصدين أوروبا وروسيا، وفي مرحلة ثالثة الذهاب إلى تركيا والعديد من الدول الأسيوية والإفريقية.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın