كاتدرائية وهران.. شاهد على الاستعمار (تقرير)
تتوسط شارعي حمو بوتليليس وعبان رمضان الشهيرين، بمحافظة وهران غربي الجزائر، وتنتصب كمكتبة عامة لا تشبه باقي المكتبات..هي كاتدرائية "القلب المقدس" أحد الشواهد على الحقبة الاستعمارية الفرنسية.
Istanbul
الجزائر/حسام الدين إسلام/ الأناضول\
- تقع الكاتدرائية التي حوّلتها السلطات الجزائرية إلى مكتبة عامة في قلب وهران- يرجع تاريخ الكاتدرائية إلى بدايات القرن العشرين، حيث شيّدها الإخوة "أوغست وغوستاف بيريت" بين سنتي 1904 و1913
- في العام 1984، قررت السلطات الجزائرية تحويل هذا المركز المسيحي إلى مكتبة إقليمية (جهوية)، ثم مكتبة عامة عام 1996
- المكتبة تحتوي على أكثر من 80 ألف مؤلف في تخصصات عدّة
- يفوق عدد المسجلين بها سنويا 1600 طالب
- دعا الباحث بن يوب إسماعيل إلى ضرورة الاعتناء بها وترميمها من الداخل والخارج
تتوسط شارعي حمو بوتليليس وعبان رمضان الشهيرين، بمحافظة وهران غربي الجزائر، وتنتصب كمكتبة عامة لا تشبه باقي المكتبات..هي كاتدرائية "القلب المقدس" أحد الشواهد على الحقبة الاستعمارية الفرنسية.
تقع الكاتدرائية التي حوّلتها السلطات الجزائرية إلى مكتبة عامة في قلب وهران الملقبة بعاصمة الراي (نوع غنائي)، وتحتل مساحة مهمة.
من قبلة للمسيحيين إلى مكتبة لطلبة العلم
ويرجع تاريخ الكاتدرائية (المكتبة حاليا) إلى بدايات القرن العشرين، حيث شيّدها الإخوة "أوغست وغوستاف بيريت" بين سنتي 1904 و1913 بالخرسانة المسلحة عن تصميم المهندس البيرت بالو ودُشنت بعد خمس سنوات أي في 1918.
وفي العام 1984، قررت السلطات الجزائرية تحويل هذا المركز المسيحي إلى مكتبة إقليمية (جهوية)، ثم مكتبة عامة عام 1996 تحمل اسم الكاتب والصحفي الراحل بختي بن عودة (1961-1995).
وكانت كاتدرائية "القلب المقدس" قبلة للمسيحيين إبّان الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830-1962)، لممارسة الطقوس والشعائر المسيحية.
كما كانت مقصد الأقدام السوداء (الأوروبيون الذين سكنوا الجزائر أو ولدوا فيها خلال تلك الفترة) بعد استقلال الجزائر (1962) لاسترجاع الذكريات.
وشُيّدت الكاتدرائية بالاسمنت المسلح والصخور ذات الحجم الكبير وفق نمط العمارة البيزنطية الرومانية، مع اعتماد الزخرفة التي تعكس الطابع الشرقي، حسب مختصين.
وقال، محمد مغربي، مسيّر المكتبة العامة (الكاتدرائية) في تصريح سابق لصحيفة الجمهورية (حكومية)، إنّ "كاتدرائية وهران بنيت بين عامي 1904 و1913 من خلال جمع التبرعات من الرعايا المسيحيين سواء الموجودين بالجزائر أو بأوروبا".
وأضاف مغربي أنّ "الكاتدرائية تعتبر من أكبر الكاتدرائيات في الجزائر، وتعدّ تحفة هندسية تمزج بين الفن الروماني والبيزنطي، مع زخرفة بطابع شرقي، تظهر في الأقواس، الأعمدة.. وغيرها، والتي تتوسّطها قبّة الكاتدرائية الشبيهة إلى حد ما بقباب المساجد".
واعتبر أنّ، "الكنيسة كان يقصدها آلاف المسيحيين في الماضي، كما تبقى شاهدة على الاستعمار الفرنسي الذي حاول طمس هوية الجزائريين بتكريس الطابع المسيحي للمدن".
ووفق مغربي، فإن المكتبة تحتوي على أكثر من 80 ألف مؤلف في تخصصات عدّة سواء علوم أو طب أو أدب ورياضيات..، ويفوق عدد المسجلين بها سنويا 1600 طالب".
مكتبة بملامح كنيسة
وعند القيام بجولة في الكاتدرائية تلاحظ أنّها ما تزال على طابعها الهندسي وشكل الزخرفة ورسومات واجهتها، بداية من السلالم التي تصعد بك إلى البوابة الرئيسية الكبيرة التي تضم ثلاث مداخل على شكل أقواس وبوابتين على شمال ويمين الكنيسة، إلى جانب صومعتين شامخة في السماء بنوافذ خشبية صغيرة وكبيرة وقرميد أحمر، وصليبين بارزين في قمتها.
وبالنسبة للمكتبة من الداخل، ما تزال مكونات الكاتدرائية حاضرة من منصة وكراسي المجلس الذي يطلق عليه "المذبح" وثريات نحاسية وأقواس.
الكاتدرائية وهاجس السياحة
وقال بن يوب اسماعيل باحث في تاريخ وهران ومرشد سياحي إنّ "الكاتدرائية كانت تسمى القلب المقدس وبدأ تشييدها عام 1903 حتى 1913".
وأضاف بن يوب لـ"الأناضول" إنّها "دُشنّت في تلك السنة (1913)، فيما يقول آخرون أنّها دشنت عام 1918".
وتابع قوله إنّ الكاتدرائية صممها المهندس البيرت بالو، وتحمل الكنيسة طابع بناء روماني بيزنطي".
وأشار إلى أنّها بُنيت في الحي الأوروبي الجديد كما كان يسمى، بعد أن كانت الكنيسة القديمة "سانت لويس" متواجدة قبلها بحي سيدي الهواري العتيق".
ووفق الباحث "هذا المعلم ما يزال يحافظ عناصره الهندسية التي تتمثل في رسومات وملامح مثل الأقواس والجدران والنوافذ تعكس الأجواء المسيحية".
وأوضح أنّ "الكاتدرائية كانت معلما من المعالم الدينية وحتى السياحية بوهران خلال الفترة الاستعمارية (1830-1962) ويقصدها المسيحيون من الفرنسيين والأوروبيين".
ودعا إلى، ضرورة الاعتناء بها خاصة ترميمها من الداخل والخارج لاسيما وأنّ وهران الولاية مقبلة على استضافة ألعاب البحر المتوسط في 2022.
من جهتها، اعتبرت نسيمة نور طالبة جامعية من وهران، أنّ "الكاتدرائية، لمن لا يعرف قصتها لا تبدو له أنّها مكتبة".
وقالت نور لـ"الأناضول" إنّ "هذه المكتبة بطابعها الهندسي الفريد توحي أنّها لا تزال كنيسة، ولكن جميل أنّها حولت إلى مكتبة للبحث والمطالعة".
وأضافت "هذه الجوهرة تمثل جزء من ذاكرة وهران، المدينة السياحية الغنية بالمواقع الأثرية".
وتابعت قولها، "الكاتدرائية رفقة معالم أخرى مثل سانتاكروز، وقصر الباي العثماني..قبلة الزوار الجزائريين والأجانب معا".
ومؤخرا، كشفت الجزائر، عن خريطة أثرية جديدة للبلاد تحكي مختلف الحقب التاريخية التي شهدتها الجزائر (ماقبل التاريخ، الرومانية، العثمانية، الفرنسية.. ) وتضم 15200 موقع أثري بمختلف مناطق البلاد، حسب وزارة الثقافة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
