الدول العربية, التقارير

قبائل سيناء.. دور مساعد ضد العنف دون تجاوز "الخطوط الحمراء" (إطار)

يتهم المسلحون في شمال سيناء البدو هناك بشكل معتاد بالإرشاد عنهم للجهات الأمنية، في حين تتهم الدولة بعضا من عناصرهم الشابة بمساعدة الإرهابيين.

27.11.2017 - محدث : 27.11.2017
قبائل سيناء.. دور مساعد ضد العنف دون تجاوز "الخطوط الحمراء" (إطار)

Al Qahirah

القاهرة/ فيولا فهمي/ الأناضول-

يبدو أن ضوءا أخضرا منحته السلطات المصرية لقبائل سيناء في سبيل القضاء على التنظيمات المسلحة في شبه الجزيرة الواقعة في شمال شرقي البلاد، عقب هجوم استهدف مسجدا، غربي العريش، أودى بحياة 305 أشخاص على الأقل، في حادث هو الأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث.

ومنذ أكثر من 4 سنوات، تحولت سيناء إلى بؤرة مواجهات مسلحة بين قوات الجيش والشرطة المصرية من جهة، ومسلحين متشددين من جهة أخرى.

ويتهم المسلحون في شمال سيناء البدو هناك بشكل معتاد بالإرشاد عنهم للجهات الأمنية، في حين تتهم الدولة بعضا من عناصرهم الشابة بمساعدة الإرهابيين.

ويوم الجمعة الماضي، وقع هجوم مسلح على مصلين داخل مسجد الروضة في مركز بئر العبد، غربي العريش بمحافظة شمال سيناء، أسفر عن وقوع 305 قتيلا و128 جريحا، في حادث لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عنه حتى صباح الإثنين. 

** دور يتنامي

ووفق تقارير إعلامية مصرية، جرت اجتماعات مكثفة خلال اليومين الماضيين بين قيادات عسكرية بالجيش المصري وممثلي 10 قبائل في سيناء، لتنسيق جهود وآليات العمل خلال الفترة المقبلة لمواجهة الجماعات المسلحة.

وقال اتحاد قبائل سيناء (غير حكومي) في بيان السبت، عقب اجتماع له "لا عزاء إلا بعد الثأر من التكفيريين (..)".

ودعا الاتحاد "كل رجال وشباب قبائل سيناء للانضمام لإخوانهم في منطقة البرث (قرية جنوبي رفح المصرية)، لتنسيق عملية كبرى مع الجيش، من أجل الإنهاء التام على ذلك الإرهاب الأسود (في إشارة لهجوم مسجد الروضة)".

وتشهد سيناء منذ سنوات، توترا مسلحا وضع قبائلها في قفص الاتهام، إذ تشير تقارير غير رسمية إلى "معاونة أفراد من تلك القبائل للجماعات المسلحة، انتقاما من تربص وتهميش وملاحقات أمنية عانى منها بدو سيناء على مدى عقود مضت".

وعادة ما ينفض شيوخ وعواقل القبائل بشمال سيناء غبار تلك الاتهامات من فوق كواهلهم، مؤكدين تعاونهم ووقوفهم وراء القوات الأمنية والعسكرية بمصر، لاستعادة الأمن والاستقرار اللذان فارقا تلك المحافظة الحدودية منذ أكثر من 4 سنوات.

وخلال الفترات الأخيرة بدأت السلطات المصرية تنفيذ عملية تنمية شاملة بسيناء، بالتوازي مع المواجهات المسلحة للتنظيمات الموجودة هناك، وهو ما أسفر مؤخرا عن عدد من المشروعات، وتراجع لافت للعمليات الإرهابية في المنطقة.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، في تصريحات لفضائية مصرية خاصة، أول أمس السبت، إن "قبائل سيناء وطنية وأثبت دورها الوطني في مواجهة الإرهاب، وساندوا ودعموا (الأمن المصري) بإشراف كامل من الدولة".

**تعاون لا تسليح 

وفي أحاديث منفصلة أجرتها الأناضول مع خبير عسكري، واثنين من عواقل (قادة قبائل) سيناء، فإن التعاون بين الجيش والقبائل لن يتجاوز الخطوط الحمراء، ولن يصل مرحلة المواجهات المسلحة مع العناصر الإرهابية، وإنما سيقتصر على التعاون المعلوماتي والأمني فحسب. 

وبدو سيناء ينتمون لقبائل عربية سكنت شبه جزيرة سيناء منذ القدم، وتبلغ نسبتهم نحو 90% (بحسب مصادر قبلية) من إجمالي تعداد سكان سيناء بمحافظتيها الشمالية والجنوبية، البالغ نحو نصف مليون نسمة، وفق أحدث تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي). 

ومن أبرز قبائل سيناء، الأخارسة، والبياضية، والسواركة، والمساعيد، والسماعنة، والعبايدة، والرميلات، والدواغرة، والترابين. 

وفي أبريل/ نيسان الماضي، وقعت مواجهات بين قبيلة الترابين وعناصر مسلحة، نشر على إثره مقطع مصور لأفراد من القبيلة يحرقون أحد عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، حسب ما أوردت وسائل إعلام مقربة من السلطات آنذاك.

**جيش واحد 

واستبعد الشيخ خالد عرفات، أحد عواقل العريش بشمال سيناء، انخراط قبائل سيناء في مواجهات عسكرية ضد التنظيمات الإرهابية هناك، لافتا إلى أن التنسيق مع الجيش المصري "لن يتجاوز مرحلة المساعدة دون اللجوء إلى التسليح". 

وقال عرفات في تصريح للأناضول: إن "مصر ليست سوريا أو ليبيا (...) لدينا جيش وطني نقف وراءه وندعمه بكل السبل، لمنع تصاعد العنف في سيناء الذي لن يتصاعد". 

وأوضح أحد عواقل سيناء، مفضلا عدم ذكر اسمه نظرا لتوترات الأوضاع الأمنية هناك، أن "الهجوم الأخير لن يدفع القبائل للتحول إلى جيش ثان يواجه الإرهاب". 

وشدد المصدر ذاته على "وجود جيش واحد فقط بسيناء هو الجيش المصري، وخلفه يقف كل السيناوية (أهالي سيناء) ضد الإرهابيين".

** تركيبة مانعة 

مستبعدا تحول قبائل سيناء إلى مسار المواجهات المسلحة مع العناصر الإرهابية، قال الخبير العسكري المصري، عادل سليمان، إن "هذه القبائل لها تركيبة ديموغرافية (خصائص سكانية) مانعة للتحول إلى المواجهات مع الإرهابيين". 

وأضاف سليمان وهو لواء متقاعد بالجيش المصري، في حديث للأناضول أن "قبائل سيناء لا تعاني صراعا طائفيا بين الشيعة والسنة كقبائل العراق على سبيل المثال، ما يحول دون انتهاج مسار العنف المسلح مع الإرهابيين".

ورجح أن يقتصر التعاون بين الجيش المصري وقبائل سيناء على مجالي تقديم المعلومات الاسترشادية والتأمين، دون المشاركة في أعمال مسلحة. 

وعلى الرغم من ترجيح تعزيز التعاون المستقبلي بين الجانبين، فإن سليمان لم يبرئ بعض أفراد قبائل سيناء (لم يسمّهم) من التورط في القيام بأعمال إرهابية ضد الجيش والشرطة في سيناء. 

وأكد أن استمرار إقامتهم في مناطق نفوذ الجماعات المسلحة، ورغبة الانتقام من الأضرار التي لحقت بهم مؤخرا، قد يكونا سببا في القيام بأعمال معادية. 

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2014، أعلن الجيش المصري إخلاء الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، للحيلولة دون وقوع مزيد من أعمال العنف في شمال سيناء، هدم على إثره ذلك آلاف المنازل التي يقطنها آلاف الأسر المصرية. 

وحسب تقارير إعلامية مصرية، يعاني أهالي سيناء ملاحقات أمنية وإخلاء إجباري، إثر تطبيق "إجراءات استثنائية" بموجب حالة الطوارئ المُعلنة، غير أن خبراء عسكريين يقولون إن وقوع تجاوزات غير متعمدة في منطقة صراع مسلح أمر وارد.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.