الدول العربية, التقارير, تونس

سمك الشاوري.. يزور تونس شهرا ويسعد الصيادين عاما (تقرير)

مزود الثلج بدر الدين الفْقَيِّر: موسم صيد سمك الشاوري ينتظره الفقير ومتوسط الحال

Adel Bin Ibrahim Bin Elhady Elthabti  | 20.06.2025 - محدث : 20.06.2025
سمك الشاوري.. يزور تونس شهرا ويسعد الصيادين عاما (تقرير)

Tunisia

تونس / عادل الثابتي / الأناضول

- مزود الثلج بدر الدين الفْقَيِّر: موسم صيد سمك الشاوري ينتظره الفقير ومتوسط الحال
- الباحث في التراث حاتم سعيد: هناك عادات غذائية مرتبطة بسمك الشاوري
- منسق مهرجان الشاوري بمدينة الماتلين حمدي زغبيب: نقيم المهرجان سنويا منذ 2022

في شهر واحد من العام، يجتمع عشاق سمك "الشاوري" مرة بالفترة بين مايو/ أيار ويونيو/ حزيران بميناء "كاب زبيب" الصغير التابع لبلدية الماتلين بولاية بنزرت التونسية لتذوق سمك لا يأتي إلى سواحل البلاد سوى شهرا واحدا في العام.

عندما يصل الزائر الميناء الصغير الرابض تحت تل صخري حيث ترسي قوارب الصيادين الصغيرة، تجذبه رائحة شواء الشاوري الذي يقدم مجانا خلال المهرجان المخصص له والذي يقام سنويا ليوم واحد.

** يأتي مرة في الشهر

محمد جمال، بحار في الخمسينات، قال للأناضول وهو يجهز شباكه للخروج في رحلة صيد على قاربه الصغير: "هذا السمك يأتي مرة في السنة لمدة شهر، وجميع البحارة ينتظرونه لتحسين مداخيلهم وتجديد مراكبهم من دخله".

وأشار إلى أن الشاوري "يأتي بين منتصف مايو ومنتصف يونيو، ونحن نعرف أماكن تواجده على سواحل بنزرت وهو يتنوع بين الكبير والصغير".

وتابع جمال: "يتم استهلاك هذا السمك بشكل كبير في منطقتنا خاصة في منطقة رأس الجبل المحاذية لميناء كاب الزبيب".

وقال: "البعض يقوم بتمليح هذا السمك ويبقى مخزنا ويقدم على طول السنة مع السلطات بعد شوائها".

** بحر غني ولكن

ويؤكد جمال أن "البحر في بنزرت غني بهذا السمك الذي يباع عادة بين 15 دينار/ كلغم (5 دولار) في أول الموسم ثم ينحدر سعره إلى 8 و10 دينار ( 2.6 دولار و 3.3 دولار)".

واشتكى جمال من قلة تنظيم صيد سمك الشاوري بالقول: "الصيد الدائم لا يترك فرصة للبحر للراحة اللازمة ليتجمع السمك من جديد".

وأضاف: "يتجمع الشاوري حول الذريع (التسمية التونسية لنبتة البوسيدونيا) ويبيض في سواحل بنزرت ثم يغادرها".

بدوره يقول بدر الدين الفْقَيِّر (سبعيني) وهو مزود ثلج بميناء كاب زبيب، إن "سمك الشاوري أو الزميمرة أو الجامور له طريقة عيش خاصة".

ويضيف أن "الشاوري له خاصيات فريدة، حيث يبدأ بالتجمع منذ 25 أبريل/ نيسان في مكان للتزاوج وينتظر ريح الشرش (الرياح الشمالية الغربية وفق تسمية البحارة) ليشكل كرة كبيرة وينزل في آخر هبوب الريح فتتجنب الدلافين أكله ويأتي البحارة لصيده".

** الصيد العشوائي

وأضاف الفْقَيِّر: "يبدا العمل على صيد الشاوري من 10 مايو ويستمر إلى حزيران، وإذا تم تكثيف الصيد يغادر الشاوري المكان ويصبح فريسة سهلة للدلافين".

وتابع: "ليس هناك من يوجه البحارة لطريقة صيد جيدة لسمك الشاوري الذي يختلف عن باقي أنواع الأسماك إذ له نمط حياة خاص به".

ويقول الفْقَيِّر: "موسم صيد الشاوري ينتظره الفقير ومتوسط الحال والغني للحصول على مردود مالي، ولكن منذ 3 سنوات تراجعت مداخيل البحارة من صيده وبيعه".

وأضاف: "كان البحارة يدخرون منه المال لمواجهة مصاريف كامل الصيف (..) منذ 10 سنوات كانت مداخيل الصيادين خلال موسم الشاوري لقارب لا يتجاوز طوله 9 أمتار نحو 40 ألف دينار (26.6 ألف دولار آنذاك)".

** انتشار تجاوز بنزرت

ووفق الفْقَيِّر: ينتشر الشاوري بين (مدينتي) طبرقة وقليبية ومنه يمر حتى ولاية الشابة، ولكن من يحتفي به هو مدينة الماتلين ويستهلكونه بكثرة".

وقال: "بحكم علاقات المصاهرة بيننا وبين جهات أخرى انتشر استهلاك هذا السمك في مناطق أخرى (من تونس) وأصبح الجميع يسأل عنه ويأتون من العاصمة لشرائه".

وأوضح الفْقَيِّر أنه "بصفة عامة 90 بالمئة من السكان يستهلكونه مقليا، ولكن في منزلنا كانت والدتي تشويه بقليل من الزيت ويكون لذيذ جدا."

وتابع: "هناك طريقة ثالثة أن أنثى الشاوري يتم تجفيفها وتمليحها وتخزينها، ويتقن هذا سكان رفراف (قرية مجاورة لمدينة الماتلين)".

** يرافق سمك التونة

حاتم سعيد، باحث في التراث قال للأناضول: "علاقة سواحل بنزرت بالسمك عريقة جدا فمنذ حضارة قرطاج (814 ق م – 146 ق م) إلى روما نجد فسيفساء تشير إلى صيد السمك والإخطبوط في بحيرة بنزرت".

وأضاف: "الشاوري يتبع مسار في البحر تكون فيه درجة معينة لحرارة المياه"، مبينا أن "المسار من ميناء كاب زبيب إلى الرأس البحري لمدينة الماتلين يمر به سمك التونة ويمر معه الشاوري الذي يطلق عليه في أماكن أخرى الزميمرة أو الزرقة".

وتابع أن سمك الشاوري "يعيش في أعماق بين 20 و50 مترا في البحر المتوسط ثم يتوجه للتكاثر في جزيرة جالطة (قبالة مدينة بنزرت) ثم يأخذ مساره نحو السنغال في المحيط الأطلسي".

وقال سعيد: "تاريخيا معروف فإذا ظهر سمك التونة يظهر الشاوري والعكس صحيح، والآن ليس لنا بحارة مختصين في صيد التونة لأنه لنا فقط قوارب صغيرة تهتم بصيد الشاوري والبحارة يقولون إن التونة تقتفي أثر الشاوري لالتهامه".

** العائلة والشاوري

وأكد سعيد على أهمية وجود سمك الشاوري في مطبخ مدينة بنزرت والقرى الساحلية المحيطة بها، مبينا أنه "من مدينة غار الملح إلى بنزرت هناك عادات غذائية مرتبطة بهذا السمك فهو يجفف للاستعمال كامل العام".

وذكر أن الشاوري "له كذلك أهميته في المطبخ الأندلسي البنزرتي لأن الأندلسيين عندما أتوا إلى تونس (بداية من القرن 13) حملوا معهم عادات غذائية منها تمليح الأسماك".

** مهرجان سنوي

وتابع سعيد: "لتثمين هذا المنتوج البحري نقيم سنويا مهرجانا لتذوق سمك الشاوري مجانا".

بدوره قال حمدي زغبيب منسق عام مهرجان الشاوري بمدينة الماتلين: "منذ عام 2022 نقيم مهرجانا سنويا للشاوري وأردنا من خلاله أيضا التعريف بالمنطقة سياحيا واقتصاديا وعرض منتجات حرفية لمدينة الماتلين".

وفي حديثه للأناضول، أضاف زغبيب وهو رئيس سابق لبلدية الماتلين: "الشاوري هو علامة من علامات كاب زبيب ومنطقة بنزرت بصفة عامة".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.