رغم اندحار حفتر وانتشار كورونا.. ارتفاع الهجرة من ليبيا (تقرير)
- 1 من كل 24 مهاجرا توفوا خلال عبورهم البحر من ليبيا نحو أوروبا خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2020 - أكثر من 7 آلاف مهاجر ولاجئ حاولوا العبور إلى أوروبا عبر السواحل الليبية، 300 منهم توفوا غرقا
Libyan
إسطنبول/ الأناضول
- 1 من كل 24 مهاجرا توفوا خلال عبورهم البحر من ليبيا نحو أوروبا خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2020- أكثر من 7 آلاف مهاجر ولاجئ حاولوا العبور إلى أوروبا عبر السواحل الليبية، 300 منهم توفوا غرقا
- نحو 20 ألف من المهاجرين في ليبيا تم نقلهم إلى أوطانهم بشكل طوعي في 2017
- 40 ألف مهاجر تم اعتراضهم في البحر وأعيدوا إلى ليبيا بين 2017 و2019
"ليبيا تُركت وحيدة في مواجهة ملف الهجرة غير النظامية، الذي كلفها أعباء مالية كبيرة"، بهذا وصف وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا، الحِمل الذي أصبح على عاتق بلاده، التي أصبحت أكبر بوابة للهجرة نحو أوروبا.
إذ شهد عام 2020، ارتفاعا في عدد المهاجرين من ليبيا نحو أوروبا مقارنة بـ2019، لكن مازال أقل مما كان عليه الحال في 2015 و2016، بحسب منظمة الهجرة الدولية.
ويتزامن ارتفاع أعداد المهاجرين واللاجئين من ليبيا نحو أوروبا، مع اندحار مليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، وفشلها في اقتحام العاصمة طرابلس، في يونيو/حزيران الماضي، بعد 14 شهرا من القتال.
وتتحرك قوافل المهاجرين غير النظاميين القادمين من بلدان الساحل الإفريقي وشرق القارة السمراء، وحتى من بلدان عربية ومغاربية إلى سواحل زليتن والخمس والقراه بوللي وتاجوراء وصرمان وصبراتة ومليتة وزوارة وبوكماش، غربي ليبيا.
الكل يحدوه الأمل أن تنقلهم "زوارق الموت" إلى الضفة الأخرى من المتوسط عبر مالطا والجزر الإيطالية.
مئات الآلاف من المهاجرين خاطروا بأرواحهم، وقطعوا آلاف الأميال في الصحراء الإفريقية للوصول إلى الشواطئ الليبية وتلقفهم تجار البشر، لنقلهم في قوارب قديمة ومكتظة إلى أوروبا.
الالآف من هؤلاء قضوا نحبهم غرقا في البحر، منذ 2014 بحسب منظمة الهجرة الدولية، وأعداد كبيرة منهم تمت إعادتهم إلى ليبيا بفضل حرس السواحل.
** الطريق البحري الأكثر دموية
رغم أن دولة مالطا وجزيرة لومبيدوزا الإيطالية لا تبعدان عن السواحل الليبية والتونسية سوى 400 كلم إلا أن منظمة الهجرة الدولية تصف الطريق المركزي للبحر المتوسط بين شمال إفريقيا وإيطاليا بأنه "الممر الأكثر دموية" في المنطقة بالنسبة للمهاجرين.
إذ أن واحدا من كل 33 مهاجرا توفوا أثناء عبورهم من شمال إفريقيا إلى إيطاليا في 2019، في حين أن واحدا من كل 51 مهاجرا توفوا في 2017، مما يعني ارتفاعا في نسبة وفيات المهاجرين الذي يقطعون البحر نحو أوروبا، دون أن يشمل أولئك الذين يموتون عطشا في الصحراء في طريقهم إلى الشواطئ الليبية.
وأحصت البعثة الأممية في ليبيا، محاولة أكثر من 7 آلاف مهاجر ولاجئ العبور إلى أوروبا عبر السواحل الليبية، خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2020، توفي منهم أكثر من 300، بمعدل وفاة واحدة بين كل 24 مهاجرا، وهو معدل مرتفع جدا، يعكس حجم المخاطر التي يلاقيها المهاجرون في عرض البحر.
لكن قد لا يكون هذا الرقم دقيقا، بالنظر إلى أن محاولات للهجرة لا يتم اكتشافها أو إحصاؤها، بدليل أن منظمة الهجرة الدولية، أعلنت، الأربعاء، أن حرس الحدود الليبي أعاد نحو 8 آلاف مهاجر غير نظامي من داخل البحر المتوسط إلى شواطئ البلاد منذ بداية 2020.
وكان أسوأ حوادث غرق المهاجرين هذا العام، مصرع 45 مهاجرا في 18 أغسطس/آب الماضي، عندما غرق قاربهم قبالة الساحل الليبي أثناء محاولتهم العبور إلى أوروبا.
** مراكز احتجاز غير آمنة
بالنطر إلى أن إيطاليا ومالطا أكثر البلدان تضررا من الهجرة غير النظامية، وقعت روما مع الحكومة بطرابلس اتفاقية في فبراير/شباط 2017، لدعم حرس السواحل الليبي في مواجهة تجار البشر وعمليات الهجرة غير النظامية.
كما اتفقت فاليتا مع طرابلس على إنشاء مركزي "تنسيق" بتمويل مالطي، بهدف مواجهة الهجرة غير الشرعية في المتوسط.
لكن هذه الاتفاقات تواجه انتقادات من عدة هيئات أممية وحقوقية، فإعادة المهاجرين واللاجئين الفارين من الحروب والنزاعات أو الراغبين في تحسين أوضاعهم الاقتصادية.
حيث كشفت منظمة العفو الدولية (حقوقية) أنه "خلال السنوات الثلاث التي انقضت منذ إبرام الاتفاق الأصلي (مع إيطاليا)، تم اعتراض ما لا يقل عن 40 ألف شخص، بينهم آلاف الأطفال، في البحر، وأعيدوا إلى ليبيا، وتعرضوا لمعاناة لا يمكن تخيلها".
فالبعثة الأممية شددت على أنه "من غير الممكن اعتبار ليبيا ميناء آمنا للإنزال، حيث أعُيد العديد من المهاجرين واللاجئين الذين تم اعتراضهم في البحر إلى ليبيا ووضعوا قيد الاحتجاز".
وأحصت الأمم المتحدة نحو ألفين و400 مهاجر ولاجئ في مراكز احتجاز رسمية في ليبيا، "حيث يتعرضون بشكل يومي لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وهناك عدد أكبر منهم في مواقع غير رسمية لم تتمكن من الوصول إليها".
لكن أعداد المهاجرين في ليبيا أكبر بكثير، حيث وثقت المنظمة الدولية للهجرة، ما يزيد عن 432 ألف مهاجر في ليبيا، في حين أن عددهم الإجمالي يتراوح ما بين 700 ألف ومليون مهاجر.
وتمكنت المنظمة من نقل نحو 20 ألف من المهاجرين في ليبيا إلى أوطانهم بشكل طوعي في 2017.
غير أن الكثير من المهاجرين ينتظرون فرصة الهجرة إلى أوروبا، فلا الحرب التي خاضها الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، لإخضاع طرابلس لسلطته، أوقفت حلمهم رغم مقتل العشرات منهم في قصف جوي في 2019، ولا حتى فيروس كورونا الذي حصد مئات آلاف الأرواح في العالم.
ويشكل فصل الصيف ذروة موسم الهجرة من ليبيا بسبب هدوء البحر وملاءمة الطقس، وشهد عيد الأضحى الأخير، نهاية يوليو الماضي، محاولة أعداد كبيرة من المهاجرين ركوب البحر نحو أوروبا، اعتقادا منهم بنقص اليقظة لدى حرس السواحل في هذه الأيام.
لكن عددا ليس قليل منهم جرى توقيفهم قبل الإقلاع، أو تم إنقاذهم في عرض البحر بعد غرق مراكبهم، وآخرين تمت عرقلة رسو قواربهم في الموانئ الأوروبية، أو تم توقيفهم بعد وصولهم إلى الجزر الإيطالية والمالطية، وجزءا منهم نجحوا في الإفلات من كل هذه المخاطر.
وفي ظل تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في ليبيا والدول الإفريقية والعربية، وشعور الكثير من الشباب باليأس من إمكانية تحسن أوضاعهم، لا يمكن الحديث عن مؤشرات قوية عن تراجع الهجرة نحو أوروبا، وما يرافقها من مآسي إنسانية، يستغلها مهربو البشر في جني الكثير من الأموال تصل إلى مليار ونصف مليار دولار، بحسب مجموعة الأزمات الدولية.
