دولي, التقارير

حقوقي ألماني: سياسة أوروبا تجاه اللاجئين وراء تصاعد اليمين المتطرف (مقابلة)

** المحامي الدستوري والمختص باليمين المتطرف الألماني أولريش باتيس للأناضول: - التوجه الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي في التعامل مع قضية اللاجئين "كارثة"

Erbil Başay, Muhammed Yusuf  | 20.07.2024 - محدث : 21.07.2024
حقوقي ألماني: سياسة أوروبا تجاه اللاجئين وراء تصاعد اليمين المتطرف (مقابلة)

Berlin

برلين/أربيل باشاي/ الأناضول

** المحامي الدستوري والمختص باليمين المتطرف الألماني أولريش باتيس للأناضول:
- التوجه الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي في التعامل مع قضية اللاجئين "كارثة"
- لن تتمكن أحزاب اليمين من توجيه العمل في البرلمان الأوروبي بشكل مباشر، لكنهم بالطبع سيؤثرون عليه
- نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي جعلت الأحزاب تدرك أن بعض القضايا مثل حماية المناخ، أقل أهمية بالنسبة للمواطنين من قضايا مثل قضية اللاجئين

أرجع المحامي الدستوري والمختص باليمين المتطرف في جامعة هومبولت ببرلين، الألماني أولريش باتيس، تصاعد تيارات اليمين المتطرف في أوروبا إلى عدة عوامل، أبرزها فشل سياسة الحكومات الأوروبية تجاه ملف اللاجئين، وتجاهل هذه الحكومات لمخاوف مواطنيها والعزوف عن الاستجابة لها.

جاء ذلك في مقابلة للأناضول مع باتيس، استعرض خلالها نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت في العديد من الدول الأوروبية مطلع يونيو/حزيران الماضي، وأسفرت عن زيادة الأصوات المؤيدة لأحزاب اليمين، بينما تراجعت الأصوات الداعمة للأحزاب الحاكمة.

تصاعد بألمانيا

في ألمانيا تقدم حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف إلى المركز الثاني في انتخابات البرلمان الأوروبي بنسبة 15.9 بالمئة، وهو ما يمثل زيادة في حجم أصواته بمقدار 4.9 بالمئة مقارنة بالعام 2019.

وبهذا التقدم، أصبح حزب "البديل من أجل ألمانيا" الأول بنحو 30 بالمئة من الأصوات خاصة في الولايات الشرقية، إلا أنه تمكن أيضا من زيادة عدد المصوتين له من الولايات الغربية.

ووفقا لباتيس، حظيت الأحزاب الحاكمة - المعروفة باسم ائتلاف "إشارة المرور" نسبة إلى ألوان الأحزاب والمكونة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر - بخسارة أصوات الناخبين.

وأشارت استطلاعات الرأي العام إلى أن 22 بالمئة فقط من الألمان راضون عن عمل الحكومة الحالية.

تصاعد في فرنسا

وفي فرنسا، وبعد حصول حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف على المركز الأول بفارق كبير في انتخابات البرلمان الأوروبي بنسبة 31.36 بالمئة من الأصوات، قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وفي الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة، استمر هذا التوجه في فرنسا وواصل اليمين المتطرف صعوده، وجاء حزب "التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبان وأحزاب اليمين المتطرف الأخرى التي ضمها التحالف في المركز الأول بنسبة 33.15 بالمئة من الأصوات.

لكن في الجولة الثانية، صعد تحالف اليسار بشكل مفاجئ إلى المرتبة الأولى مع توحد الأحزاب الأخرى ضد اليمين المتطرف، وذلك رغم ارتفاع عدد نواب "تحالف الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف من 89 إلى 125 عضوا في البرلمان.

بينما شهدت تلك الجولة أيضا انخفاض عدد مقاعد حزب ماكرون في البرلمان من 250 إلى 150 مقعدا.

"أوروبا لن تتحول صوب اليمين"

وتعليقا على هذا المسار السياسي، اعتبر باتيس أن الأوروبيين يشعرون بالقلق إزاء زيادة أعداد اللاجئين في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعكسوا ذلك في نتائج الانتخابات.

لكنه المقابل، قال إنه رغم هذه النتائج وصعود تيارات اليمين المتطرف إلا إنه "من غير الصحيح الحديث عن تحول أوروبا صوب اليمين، كما يشاع ويتردد".

واستبعد باتيس أن يكون تأثير أحزاب اليمين ملحوظا بشكل كبير في تشكيل سياسات البرلمان الأوروبي.

وأضاف للأناضول: "لا أعتقد أنهم سيوجهون (تيارات اليمين الأوروبي) العمل من خلال الحصول على الأغلبية بشكل مباشر، بل على العكس، تظهر نتائج الانتخابات الأخيرة في فرنسا أن الأحزاب الأخرى تقف معا بشكل تكتيكي، ولذلك لن يتمكنوا (أحزاب اليمين) من توجيه العمل في البرلمان الأوروبي بشكل مباشر، لكنهم بالطبع سيؤثرون عليه".

وعلي هذا النحو، أبرز باتيس أن نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي "جعلت الأحزاب المكونة له تدرك أن بعض القضايا مثل حماية المناخ، أقل أهمية بالنسبة للمواطنين من قضايا مثل قضية اللاجئين".

فشل حكومي وتجاهل للمخاوف

وذهب الحقوقي الألماني في حديثه إلى الحديث عن أن تركيز الأحزاب الأوروبية سينصب لاحقا على مسألة اللاجئين بشكل جاد.

وقال: "أعتقد أنه في الماضي لم تؤخذ مخاوف قطاعات كبيرة من الشعب بشأن قضية اللاجئين في الاعتبار، ويجب ذكر ذلك بوضوح، ونجد أن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه اللاجئين فشلت حتى الآن".

ورأى باتيس أن التوجه الذي اتخذ في التعامل مع قضية اللاجئين ومخاوف المواطنين حيالها بمثابة "كارثة كاملة".

وأضاف: "القرارات التي اتخذت في هذا الملف غير فعالة، وبالتالي فإن هذه (نتائج الانتخابات) ترجع إلى حقيقة أن الاستياء بين الجمهور يتزايد، وأعتقد أنه رد فعل طبيعي تماما".

وحذر باتيس من استمرار تصاعد اليمين المتطرف في أوروبا "إذا لم يتم حل هذه المشكلات (المرتبطة بقضية اللاجئين)".

وزاد: "هم (الساسة الأوروبيون) يفهمون الآن أن الأمر لا يمكن أن يستمر على هذا النحو".

ولفت باتيس في حديثه إلى أن الحزب الذي تعرض لأكبر قدر من الخسائر في انتخابات البرلمان الأوروبي في ألمانيا ودول أوروبية أخرى هو "حزب الخضر" وهو أحد أحزاب الائتلاف الحكومي في ألمانيا.

وبرر هذه الخسارة قائلا: "العديد من الناخبين في ألمانيا لديهم انطباع بأن السياسة (في حزب الخضر) تتم دون الاستماع إليهم وأخذ مصالحهم في الاعتبار".

وأوضح أن الحكومة الألمانية أدركت بموجب هذه النتائج أنه "لن يتم إعادة انتخابها إذا استمرت على هذا النحو"، مبينا أن هناك خطة داخل الحكومة لإجراء تصحيحات في قضايا مثل المساعدة الاجتماعية، والمساعدات الأساسية المقدمة للأطفال.

وردا على سؤال حول الدروس التي يمكن أن يتعلمها الألمان من الانتخابات في فرنسا، قال باتيس "نحن بعيدون كل البعد عن نوع الانقسام الاجتماعي الذي حدث في فرنسا، هناك وضع مماثل في ولايات شرق ألمانيا أي أنه قابل للمقارنة، ولكن ليس واضحا بعد كما هو الحال في فرنسا".

وشدد على أن الدرس الأبرز المستفاد من الانتخابات التشريعية التي جرت في فرنسا، هو ضرورة "أخذ مخاوف الناس على محمل الجد والاستجابة لها".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.