
Istanbul
إسطنبول/ خليل إبراهيم مديت/ الأناضول
سيرجيو غارسيا رئيس جمعية مراكز أبحاث اليمين المتطرف في إسبانيا:- اليمين المتطرف في إسبانيا يرى المسلمين "غزاة" ويطالب بطردهم
- المسلمون في شبه الجزيرة الإيبيرية أجبروا على التنصر أو الموت أو النفي
- يجب تمكين المسلمين من تعليم تقاليدهم ولغتهم وثقافتهم وهذا يساعد على الحفاظ على تراث ثقافي غني
قال رئيس جمعية مراكز أبحاث اليمين المتطرف في إسبانيا سيرجيو غارسيا، إن اليمين المتطرف في البلاد يلجأ إلى التاريخ وأحداثه، في معرض استهدافه المسلمين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ودعا إلى دعمهم في مواجهة هذا الاستهداف.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع غارسيا بعد أن دعا متطرفون يمينيون في إسبانيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى طرد المسلمين، ووصفوهم بـ"الغزاة"، مشيرين إلى الأحداث التاريخية خلال انهيار الأندلس.
وفي أغسطس/ آب 1492، وقعت اتفاقية انتهى بموجبها الحكم الإسلامي الذي دام نحو 8 قرون، في الأندلس، إلا أن جزءا كبيرا من آثار تلك الفترة ما يزال موجودا حتى اليوم.
وظهر تصاعد التيار اليميني في أوروبا من خلال نتائج الانتخابات التي أجريت في الفترة من 6 إلى 9 يونيو/ حزيران الجاري، لتحديد الإدارة المقبلة للاتحاد الأوروبي لمدة خمس سنوات في 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.
وفي إسبانيا، تمكن الحزب اليميني المتطرف الجديد المسمى "انتهى الاحتفال"، من تحقيق المفاجأة بانتخاب ثلاثة برلمانيين في الجزء الإسباني من انتخابات البرلمان الأوروبي، ما قلب التوازنات السياسية في البلاد.
وشهدت الانتخابات المحلية والإقليمية في إسبانيا ميولا نحو اليمين، وجعلت الحزب الشعبي اليميني المعارض "القوة السياسية الرئيسية" في البلاد، وفق صحيفة "ذا لوكال" المحلية.
وفي تصويت البلديات، حصل الحزب الشعبي على 31.5 بالمئة من الأصوات مقابل 28.2 بالمئة للاشتراكيين، حسب المصدر ذاته.
** المسلمون "غزاة"
وأفاد غارسيا بأن أنصار اليمين المتطرف في إسبانيا يشيرون إلى مفهوم "إعادة الفتح"، الذي استخدم في التاريخ لانتزاع الأراضي الإسبانية من أيدي المسلمين وطردهم من أراضيهم، وما ارتبط به من أحداث تاريخية.
وأوضح أنهم يتناول أحداثا من قبيل "معركة كوفادونجا"، ومعركة ألاركوس (الأرك) ، ومعركة لاس نافاس دي تولوسا (العقاب)، ويستخدمون مصطلح "الاسترداد"، في إشارة إلى الحروب مثل غزو غرناطة.
وأشار إلى أن "دعاة التطرف اليميني يشيرون إلى تواريخ رئيسية متعلقة بالحروب على المستوى المحلي، على سبيل المثال حصار مالقة 1487، وكل ذلك يتم من خلال حركات اجتماعية تعمل تحت رعاية الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة في إسبانيا، مثل حزب هاسر ناسيون".
وأكد أن اليمين المتطرف يستحضر في حملاته شخصيات تاريخية لدعم تحركاته ويستخدمها كرموز، مثل الملك المسيحي الدون بيلايو، الذي أسس مملكة أستورياس في شمال إسبانيا بعد تمرده على الحكام العرب.
غارسيا لفت إلى أن "اليمين المتطرف يرى المسلمين غزاة ويسوقهم بهذه الطريقة، ويمكن قراءة منشورات مثل طرد الغزاة على وسائل التواصل الاجتماعي، أو قد تسمع سياسيين من اليمين المتطرف يتحدثون عن أحصنة طروادة أو الأسلمة، أو التغيرات الديموغرافية في إسبانيا".
** إما التنصر أو النفي
كما تطرق الباحث لأحداث التاريخ ومحاولة تطويعها، موضحا أنه "في نطاق حرب الاسترداد، أُجبر المسلمون الذين بقوا في شبه الجزيرة الأيبيرية على الاختيار بين التنصر أو الموت أو النفي".
وأفاد بأن "الموريسكيين هم أحفاد المسلمين الإسبان الذين بقوا في شبه الجزيرة الأيبيرية بعد سقوط مملكة بنو نصر في غرناطة عام 1492، واضطروا للاختيار بين اعتناق الإسلام أو النفي، ونظرا لعدم رغبتهم في التخلي عن أرضهم ودينهم، فقد استمر الموريسكيون في الاحتفاظ بهما".
وتابع: "صدر مرسوم عام 1502، جاء فيه أن جميع رعايا المملكة (بغض النظر عما إذا كانوا مسيحيين أم لا) تحظر عليهم أمور عديدة، مثل اللباس الذي يمكن أن يرتبط بالإسلام، واستخدام الملابس العربية، وبعد مرسوم النفي لم يكن أمام الموريسكيين خيار سوى إخفاء معتقداتهم".
وأشار إلى أنه "خلال هذه الفترة، تم الضغط على الموريسكيين لتناول لحم الخنزير والنبيذ، وتم حظر ممارسات مثل الصيام والصلاة، ما جعل المسلمين يتبعون استراتيجيات للتحايل على ذلك، مثل شراء لحم الخنزير وعدم استهلاكه لتجنب الشبهات خلال هذه الفترة".
وتم خلال تلك المدة، وفق غارسيا، "تنفيذ حملة تبشير غير فعالة إلى جانب الحظر والقيود المفروضة على الموريسكيين، لكن مقاومة الأخيرين للممارسات الدينية المفروضة ظهرت بوضوح في عدة مناسبات جرت بتقاليد إسلامية، مثل الولادة أو الزواج أو الوفاة".
وبين أن "قرار نفي المسلمين لم يكن ممكنا تنفيذه في الممالك ذات الكثافة السكانية الموريسكية الأكبر مثل فالنسيا أو أراغون، بسبب معارضة العديد من النبلاء، ووفقا للمصادر التاريخية، تم نفي نحو 300 ألف موريسكي من شبه الجزيرة الأيبيرية بين 1609 و1613".
وبشأن مكافحة تأثيرات اليمين المتطرف في بلاده، أكد رئيس جمعية مراكز أبحاث اليمين المتطرف في إسبانيا، على "ضرورة القيام بأنشطة من قبل المجتمع المدني ضد حملات الكراهية وجرائم اليمين المتطرف".
وطالب بـ "تعبئة المجتمع المدني من خلال المؤتمرات والندوات، ومواصلة إدانة جرائم الكراهية ومكافحتها من خلال البرامج التي تنفذها الحكومة الإسبانية أو الاتحاد الأوروبي".
كما دعا إلى "عقد لقاءات مفتوحة في المجتمعات الإسلامية، بحيث تحترم هذه المجتمعات القانون الذي يمنحها الحقوق والحريات، بغض النظر عن معتقداتها الدينية".
وختم غارسيا حديثه بالقول: "يجب تمكين المسلمين من تعليم تقاليدهم ولغتهم وثقافتهم بطريقة تليق بالمجتمع، وهذا يساعد على الحفاظ على تراث ثقافي غني، ويعزز التعايش ويساعد على دمج المجموعات المختلفة بغض النظر عن المعتقد الديني أو الأصل".
ونهاية مايو/ أيار الماضي، حذر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، من سيطرة اليمين المتطرف على البلاد "في وقت قريب".
وأضاف أن التيار اليميني "يريد وقف الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتدمير البيئة، وعكس التقدم الاجتماعي وتقليل مزايا حماية العمال".
وتتزامن تلك الاستقطابات مع اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية ما أثار حفيظة اليمين المتطرف وإسرائيل التي تواصل حربا مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى الفلسطينيين، ومار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.