الدول العربية, التقارير, تونس

المشاريع الكبرى في تونس.. برامج سترى النور أم دعاية سياسية؟ (تقرير)

طرحت تونس منذ سنوات ثلاث مشاريع ضخمة هي المدينة الصحية بالقيروان والقطار السريع شمال جنوب وميناء بالنفيضة

Adel Bin Ibrahim Bin Elhady Elthabti  | 04.12.2025 - محدث : 04.12.2025
المشاريع الكبرى في تونس.. برامج سترى النور أم دعاية سياسية؟ (تقرير) أرشيفي

Tunisia

تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول

طرحت تونس منذ سنوات ثلاث مشاريع ضخمة هي المدينة الصحية بالقيروان والقطار السريع شمال جنوب وميناء بالنفيضة


** محمد المسيليني القيادي في حركة الشعب ووزير التجارة السابق، للأناضول: أغلب المشاريع الكبرى "لا تزال في مرحلة إعلان النوايا" باستثناء مشروع قنطرة بنزرت الذي انطلق بإشراف شركة صينية


** أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية أرام بلحاج للأناضول: المشاريع الكبرى هي إعلان نوايا وليس هناك أمر حقيقي


** السكرتير العام المساعد لحزب مسار 25 جويلية طارق رحومة للأناضول: هذه المشاريع ليست خيالا ولا كلاما في الهواء بل هي قائمة تعمل الدولة على توفير شروط إنجازها

بعد سنوات من طرح تونس مشاريع ضخمة من شأنها تطوير الخدمات وجذب المستثمرين في البلاد، عادت تلك المشاريع مؤخرا إلى واجهة النقاش العام بشأن مصيرها وعمّا إذا كانت برامج بصدد التحقق فعلا أم هي مجرد دعاية سياسية ويصعب تحقيقها في ظل الظروف التي تعيشها البلاد.

تتصدر تلك البرامج 3 مشاريع ضخمة هي: المدينة الطبية في القيروان (وسط) ومشروع القطار السريع شمال- جنوب، وميناء المياه العميقة بالنفيضة، (شمال شرق).

وبينما يؤكد مسؤولون حكوميون قرب الانطلاق في بعضها، يعتبر خبراء أن هذه المشاريع لا تزال في نطاق "إعلان النوايا" بسبب غياب التمويل وصعوبات القرار السياسي.

ـ مشاريع ستغير وجه البلاد

في مناسبات عديدة، أعلن الرئيس قيس سعيد، عزم حكومته على تنفيذ مشاريع بنية تحتية كبيرة، قال إنها "ستغير وجه البلاد". ولطالما حثّ الرئيس في لقاءاته برئيسة الحكومة سارة الزعفراني، والوزراء على إنجار هذه المشاريع.

ـ المدينة الطبية بالقيروان

في 2019، أعلن الرئيس عن مشروع المدينة الطبية بمنطقة "منزل المهيري" بولاية القيروان.

وفي فبراير/ شباط الماضي، قال سعيد، خلال لقاء بوزير الصحة مصطفى الفرجاني، إنه قريبا ستنطلق أشغال إنجاز مشروع مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان، دون تحديد جدول زمني لذلك.

وعن سبب التأخر في إنجازه، أشار إلى أن المشروع تم تعطيله من الداخل بينما أبدت عديد الجهات الخارجية استعدادها لتمويل هذا المشروع.

وخصصت السلطات أرضا للمشروع بمساحة 550 هكتارا (الهكتار الواحد يساوي 10 آلاف متر مربع)، منها 300 هكتار للمباني والمنشآت، وستكون الأولى من نوعها بكلفة 3 مليارات دينار (نحو 1.1 مليار دولار).

ووفق تصريح سابق للرئيس سعيد، سيساهم المشروع "في توفير نحو 50 ألف وظيفة في مختلف الاختصاصات، وسيعيد للقيروان بريقها ومكانتها التاريخية"، مشيرا إلى أن "عددا من الدول الشقيقة والصديقة (لم يذكرها) أعلنت استعدادها لتمويله".

ـ خطة لجلب الممولين

في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قال الرئيس المدير العام لمدينة الأغالبة الطبية بالقيروان رياض الهنتاتي، في تصريحات للإعلام المحلي، إنّ "فترة دراسة الجدوى الخاصة بتنفيذ المشروع تنتهي في 2026 ليتم إثرها تحديد كيفية ترويج المشروع وجلب المستثمرين".

وأكد الهنتاتي، أن هناك حاجة إلى الكثير من المستثمرين من أصدقاء تونس، وتتطلب المدينة الطبية دعم وتطوير الخدمات فيها على غرار تطوير خدمات التنقل وربط المنطقة بالسكة الحديدية بقصد جلب المستثمرين وطنيا ودوليا.

ولفت إلى أنّه في إطار المخطط الخماسي يوجد في تصور الدولة يوم دراسي لجلب الممولين.

ووقعت تونس والصين، في فبراير الفائت، مذكرة تفاهم من أجل إعداد دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع، وجاري التنسيق بين الطرفين للبحث في كيفية مساهمة الجانب الصيني في دعم هذا المشروع الحيوي خلال مرحلة دراسة الجدوى، وفق تصريح سابق لسفير الصين بتونس وان لي.

ـ القطار السريع شمال جنوب

في فبراير 2021، أعلن الرئيس سعيّد، أن من بين "مشاريع الدولة الكبرى" ربط شمال البلاد بجنوبها عبر قطار سريع. وتعود آخر تقديرات رسمية منشورة عام 2018 لتكلفة المشروع إلى 26 مليار دينار (8.8 مليارات دولار)، وهو رقم يجعل إنجازه رهن تمويلات ضخمة غير متوفرة حاليا.

ـ ميناء المياه العميقة بالنفيضة

تعود فكرة المشروع إلى عام 2004، وأعلنت الحكومة في 2018 نيتها البدء في إنجازه. ويُنتظر أن يمتد المركب المينائي على 3 آلاف هكتار، بتكلفة تقارب مليار دولار.

ورغم تعدد الإعلانات، لم تُسجَّل خطوات تنفيذية ملموسة بعد.

خبـراء: لا تمويلات والمشاريع "إعلان نوايا"

يرى وزير التجارة الأسبق محمد المسيليني، القيادي في حركة الشعب (قومية)، أن أغلب المشاريع الكبرى "لا تزال في مرحلة إعلان النوايا"، باستثناء مشروع قنطرة بنزرت (شمال) الذي قال إنه انطلق بإشراف شركة صينية.

ومشروع قنطرة بنزرت، جسر جديد يربط الطريق السيارة A4 بمدينة بنزرت والمناطق المحيطة ببحيرتها، بهدف تخفيف الازدحام عن وسط المدينة وتعزيز حركة المرور والبضائع وتحسين الربط مع الشبكة الوطنية للطرق بدل الاعتماد على الجسر المتحرك القديم.

وفي 19 يوليو/ تموز 2022 وضع الرئيس سعيّد، حجر الأساس للمشروع، ثم تم في مارس/ آذار 2024 توقيع عقد إنجازه بين الإدارة العامة للجسور والطرقات والشركة الصينية سيشوان للطرقات والجسور بإشراف وزيرة التجهيز والإسكان آنذاك، ورئيسة الحكومة الحالية، سارة الزعفراني الزنزري.

ولفت المسيليني، في تصريح للأناضول إلى أنّ الظروف التي تعيشها البلاد، إضافة إلى ضعف الأداء الإداري، سيجعلان إنجاز هذه المشاريع يستغرق وقتا أطول.

وأشار إلى أنه لا وجود لتمويلات للمشاريع الكبرى، لافتا إلى أن ميناء المياه العميقة في النفيضة الذي هو مشروع قديم يعود لما قبل الثورة ( 14 يناير 2011) تُراجَع دراساته باستمرار، وأحيانًا يُبحث عن حلول بديلة.

وتابع: "ما تقوم به الحكومة حاليا من الحديث حول هذه المشاريع هو عمل سياسي أكثر منه إنجاز فعلي، والبحث عن تمويلات غير متوفر".

وأردف المسيليني، أن مشروعي "القطار السريع والمدينة الطبية مشاريع كبرى تحتاج إلى تمويلات خارجية ودراسات لم تنضج بعد".

واعتبر أن تردد الدولة في تغيير شركائها الدوليين وتقاطع "توازنات خارجية" يعطلان التوجه شرقا نحو الصين.

ـ "العائق سياسي قبل أن يكون ماليا"

من جهته، قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية أرام بلحاج إن "المشاريع الكبرى هي إعلان نوايا وليس هناك أمر حقيقي".

وأضاف بلحاج، للأناضول: "مشروع ميناء النفيضة نتحدث عنه منذ سنوات ولا شيء تحقق على أرض الواقع لأن الدولة ليس لها الإمكانيات الضخمة التي تتطلبها هذه المشاريع".

وتابع أن "الإشكال الثاني يتمثل في غياب قناعة لدى الفاعل السياسي بأهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، رغم وجود تشريعات تتيح ذلك".

واعتبر بلحاج، أن القرار السياسي ما يزال غير جاهز لمثل هذه المشاريع، مشددا على أن الإشكال السياسي هو الأهم، فإذا جرى تجاوزه تُطرح بعدها إشكالية القوانين التي تحتاج إلى تعديل، ثم مسألة التمويل.

ورأى أنه حال حلّ الإشكال السياسي تُصبح بقية الإشكاليات قابلة للحل.

ولفت بلحاج: "إذا أردنا إثراء الشراكة لابد من وحدة متابعة على مستوى رئاسة الحكومة، ويجب أن يكون هناك تنسيق كبير بين الوزارات المتداخلة، (على غرار) وزارة الداخلية ووزارة الشؤون العقارية وغيرها من الوزرات التي يجب أن يكون بينها تنسيق".

وختم بلحاج مؤكدا أن "القرار السياسي يبقى دائما هو الأهم".

ـ "المشاريع موجودة وليست خيالا"

طارق رحومة، السكرتير العام المساعد لحزب مسار 25 جويلية (موال للرئيس قيس سعيد)، قال للأناضول، إن الاجتماعات الحكومية المكثفة حول هذه الملفات تؤكد "الإعداد لاستراتيجية تنفيذ هذه المشاريع".

وأضاف رحومة، أن "الدولة تعمل جيدا لتحقيق ذلك وعلى الأقل الشروع في التنفيذ".

وفي تعقيبه على الآراء التي ترى أن الوضع الاقتصادي لا يسمح بإنجاز المشاريع الكبرى، قال رحومة إن ما تؤكده الحكومة هو أنها تعمل على تحقيق هذه المشاريع "وليس مجرد المشاهدة".

وأضاف أن الصعوبات الاقتصادية الحالية "ليست أكبر مما كان يعانيه الاقتصاد قبل 25 يوليو/ تموز 2021".

وأوضح رحومة، أن البلاد "تسير منذ سنتين في مسار استعادة الاقتصاد الوطني"، وأن الدولة تعمل على جذب مستثمرين جدد.

وفيما يتعلق بضرورة استقطاب الاستثمارات الخارجية والانفتاح على الشركاء في الشرق مثل الصين، قال رحومة، إن الدولة "تعرف ما تنجز".

وأشار إلى أن المستثمرين لا يقدمون على الاستثمار ما لم يكن الوضع مستقرا وما لم تقدم لهم الدولة حوافز، خاصة على مستوى الأعباء الجبائية المفروضة على المشاريع.

وأضاف أن تنفيذ مشاريع كبرى يقتضي "تشجيعات واضحة من الدولة".

وختم رحومة، بالتأكيد على أن هذه المشاريع "ليست خيالا ولا كلاما في الهواء"، بل هي "مشاريع قائمة تعمل الدولة على توفير شروط إنجازها".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın