رحلة تعويم الجنيه المصري.. استبعاد أعقبه تمهيد فقرار
(تسلسل زمني)

Al Qahirah
القاهرة/ الأناضول
في نهاية يوليو/ تموز الماضي بدأت الحكومة المصرية أولى جولات المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم الاقتصاد، مقابل شروط رغم عدم الإعلان عنها في حينها، إلا أن التوقعات ذهبت إلى أن يكون بينها تحرير سعر الصرف أو كما يُعرف إعلاميا بـ"تعويم الجنيه".
ومع إعلان البنك المركزي المصري المنوط به وضع السياسة النقدية في البلاد صباح الخميس الماضي وفي خطوة مفاجأة إلا أنها لم تكن مستبعِدة تحرير سعر الصرف، أعطى الحرية للبنوك العاملة في السوق المحلي لتحديد سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية دون الرجوع إليه وذلك حسب مبدأ العرض والطلب.
وما بين يوليو/ تموز الماضي ونوفمبر/ تشرين ثان الجاري وما قبلهما ظهرت بوادر أزمة طاحنة في توفير العملة الأجنبية في مصر لاسيما الدولار الأمريكي الذي يعد العملة الأساسية للتعامل الخارجي في البلاد والذي يعتد بها في احتياطاتها الاستراتيجية.
ومنذ توليه منصبه كمحافظ للبنك المركزي في 27 نوفمبر/ تشرين ثان 2015، دأب طارق عامر أن يدلي بتصريحات يستبعد فيها النية لخفض الجنيه أو تعويمه واضعاً شرطاً لذلك، إلى إعلانه في الثالث من الشهر الجاري هذا القرار.
وتعاني مصر من شح في سيولة النقد الأجنبي، خاصة الدولار الأمريكي، تزامناً مع تراجع احتياطات النقد الأجنبي من 35 مليار دولار قبل 2011، إلى 19 ملياراً في الوقت الحالي، وتراجع الإيرادات المالية المقومة بالدولار (إيرادات قناة السويس، والسياحة).
ووفق رصد للأناضول، مرت خطوة تخفيض سعر الجنيه ثم الإقبال على تعويمه خلال 9 أشهر كالتالي:
- 21 فبراير/ شباط 2016
استبعد محافظ البنك المركزي تخفيض قيمة العملة المحلية (الجنيه) قبل أن يزيد احتياطي النقد الأجنبي إلى مستوى يتراوح بين 25 و30 مليار دولار أمريكي، وكان حينذاك 16.5 مليار.
وأكد عامر في مقابلة مع إحدى القنوات المحلية الخاصة أن اقتصاد بلاده لن يتأثر سلبا بأزمة نقص في العملة، وأن البنك لديه خطة لتوفيرها.
وشدد آنذاك على أنه لا يوجد نية مطلقاً لتعويم الجنيه، وأن المركزي يفكر دائماً في مصلحة المواطن وضبط الأسعار.
ومؤخراً أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي بنهاية سبتمبر/ أيلول الماضي لتسجل نحو 19.592 مليار دولار مقابل نحو 16.564 مليار دولار بنهاية الشهر السابق عليه، بزيادة تشكل نحو 18.28% تعادل 3.028 مليار دولار تقريبا.
- 14 مارس/ آذار 2016
خفض المركزي سعر العملة المحلية بمقدار 1.12 جنيه مقابل الدولار في أول تخفيض رسمي في عهد طارق عامر، ليرتفع سعر العملة الأمريكية إلى 8.85 جنيها بعد أن كانت 7.73.
- 16 مارس/ أذار 2016
رفع البنك سعر صرف الجنيه إلى 8.78 مقابل الدولار، وذلك بعد يومين فقط من الارتفاع السابق.
- 20 أبريل/ نيسان 2016
عاود عامر الحديث مجدداً عن عدم وجود نية لخفض جديد في قيمة الجنيه المصري.
وقال في تصريحات لوكالة الأبناء المصرية الرسمية إنه "لا توجد نية أو اتجاه لخفض جديد في قيمة الجنيه" بالسوق الرسمية.
وأضاف أن "ما يتردد في السوق بشأن اتجاه المركزي لخفض جديد في قيمة الجنيه أو اتفاقه مع أية جهات خارجية في هذا الشأن عار تماما من الصحة.
- 8 أكتوبر/ تشرين أول الماضي
قالت مدير عام صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، إنها تأمل في أن يجتمع مجلس إدارة الصندوق قريبا لإقرار قرض مصر.
وأضافت في مؤتمر صحفي بواشنطن على هامش اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين أنه "سيكون على الحكومة المصرية أن تنفذ تعهداتها بإنجاز الإصلاحات المتفق عليها ومنها خفض دعم الطاقة وجعل سعر الصرف أكثر مرونة".
وعادت لاغارد قبل نهاية الشهر الماضي لتؤكد أن مصر تواجه أزمة عملة، يجب التعامل معها في ظل الظروف المحلية.
وفي تصريحات لوكالة بلومبيرغ الأمريكية أوضحت أنه "حينما يكون لديك احتياطي نقدي منخفض للغاية، ويكون الفرق بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق السوداء كبيرا، رأينا أن التغييرات السريعة هي الأكثر كفاءة".
3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016
كانت الأسواق بمصر على موعد الخميس الماضي حيث قرر البنك المركزي، تعويم الجنيه وترك سعره يتحدد بناء على عوامل العرض والطلب، ليرتفع الدولار إلى نحو 15 جنيها مقابل 8.78 جنيه مصري في اليوم الذي سبقه.
واعتبر رئيس البنك المركزي أن قرار تحرير صرف الجنيه خطوة "تاريخية وغير مسبوقة تهدف إلى تصحيح أسلوب إدارة الموارد المالية لتتوافق مع المواصفات المالية العالمية لتحقيق آمال الشعب المصري والاستفادة من قدراته الكبيرة".
وأشار عامر إلى أن التفكير في "القرار التاريخي" بدأ في ديسمبر/ كانون أول الماضي، إذ وضع البنك المركزي وقتها من خلال المجلس التنسيقي للسياسة النقدية تصوراً كاملاً لدعم الاقتصاد المصري وتنافسيته.
ولفت الرجل إلى أن قرار التعويم جاء من أجل تصحيح بعض الأوضاع الناتجة عما مرت به مصر خلال الخمس سنوات الأخيرة، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، حيث خسرت مصر في السنوات الـ6 الماضية أموالاً طائلة.
من جانبها، قالت لاغارد إن تعويم الجنيه المصري "خطوة محل ترحيب" تظهر جدية الحكومة في التصدي للمشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.