إنقاذ التاريخ من إسرائيل.. انتشال مخطوطات من تحت الركام بغزة (تقرير)
- خلال الإبادة بقطاع غزة، دمر الجيش الإسرائيلي مكتبة المسجد العمري ما أدى إلى دفن كتب ومخطوطات أثرية

Gazze
غزة / محمد ماجد / الأناضول
- خلال الإبادة بقطاع غزة، دمر الجيش الإسرائيلي مكتبة المسجد العمري ما أدى إلى دفن كتب ومخطوطات أثرية- بأقل الإمكانات، يستخرج طاقم فني فلسطيني مخطوطات ووثائق وكتب نادرة تعود إلى نحو 700 عام من مكتبة المسجد العمري
- المسجد ضم مكتبة أسسها الظاهر بيبرس، وزودها بنحو 20 ألف كتاب، وهي ثالث أكبر مكتبة في فلسطين بمساحة 4100 متر مربع
وسط ركام مكتبة "المسجد العمري الكبير" التي تأسست قبل سبعة قرون ودمرتها آلة الحرب الإسرائيلية، تمسك الفلسطينية حنين العمصي ببقايا كتب ومخطوطات قديمة، تزيل برفق الغبار المتراكم عليها، وتفحص بحذر أوراقها المتهالكة التي تحمل بين سطورها تاريخا عريقا.
في المكان المدمر جراء الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة لأكثر من 15 شهرا، تتناثر حجارة متكسرة مختلطة بأوراق وكتب ممزقة، بينما يعلو صمت الخراب.
ورغم مشهد الدمار الذي يحيط بكل شيء، لا يزال الأمل في إنقاذ هذا التاريخ العريق ينبض في قلوب الفلسطينيين، الذين يسعون لإحياء ما دُمّر وحفظ ما تبقى من إرث ثقافي وديني.
** مخططات تعود إلى نحو 700 عام
بأقل الإمكانيات المتاحة، وبأيديهم التي لم تتوقف عن البحث، يواصل طاقم فني فلسطيني من وزارة الأوقاف بمدينة غزة، برئاسة حنين العمصي، عمله في استخراج المخطوطات والوثائق والسجلات والآلاف من الكتب النادرة التي تعود إلى نحو 700 عام من مكتبة المسجد الأثري.
المسجد يُعد من أقدم وأعرق مساجد مدينة غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة قرب السوق القديم، وتبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.
خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة تعرض المسجد لأضرار كبيرة، لكن الإبادة التي ارتكبتها تل أبيب بغزة من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 19 يناير/كانون الثاني 2025 دمرته بالكامل ولم تُبق منه سوى جزء بسيط.
** سبع قرون بين الركام
المسجد يضم مكتبة في الجانب الغربي منه، تأسست قبل أكثر من سبعة قرون، وهي مزودة بنحو عشرين ألف كتاب، وتعد ثالث أكبر مكتبة في فلسطين، حيث تبلغ مساحتها 4100 متر مربع.
تحتوي المكتبة على مخطوطات تتنوع بين المصنفات الكبيرة والرسائل الصغيرة، ويعود أقدمها إلى سنة 920 هجريا.
ومن أبرز المخطوطات الموجودة فيها، مخطوطة "شرح الغوامض في علم الفرائض" لبدر الدين المرديني، التي يبلغ عمرها حوالي 500 عام، حسب مؤسسة الدراسات الفلسطينية (غير حكومية).
وحسب المؤسسة، أغلقت المكتبة أبوابها في أكتوبر 2023، ودُمرت بعد 3 أشهر من الحرب، حيث قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي يوم الثامن من ديسمبر/ كانون الأول المسجد العمري الكبير ودمرته بالكامل.
المخطوطات التي دفنت تحت الأنقاض بفعل القصف العنيف على غزة، والتي كانت شاهدة على حقب زمنية متعاقبة، تجد اليوم فرصة جديدة للحياة.
** إنقاذ 123 مخطوطا
العمصي، مديرة فريق ترميم مجموعة مخطوطات الجامع العمري، تقول في حديثها للأناضول: "انتشلنا مجموعة مخطوطات أثرية، وقمنا بإنقاذ حوالي 123 مخطوطا من أصل 128، بالإضافة إلى أوراق متفرقة بلغ عددها 78، واستطعنا إنقاذ 63 منها".
وتضيف أن المخطوطات في حالة يُرثى لها، وإنها تعرضت لصواريخ واستهداف مباشر، بالإضافة إلى آثار العفن والرطوبة العالية نتيجة بقائها تحت الأنقاض لفترة طويلة.
وتلفت العمصي إلى أن "كل شيء أُبيد: الحجر، البشر، والمخطوط"، في إشارة إلى حجم الدمار الهائل الذي طال المسجد وما يحتويه.
وتوضح أن الفترة الزمنية للمخطوطات تراوح بين العصر المملوكي والعصر العثماني، أي منذ 700 إلى 500 عام.
وتشير إلى أنه بعد انتشال المخطوطات، يتم تقديم إسعاف أولي لها من خلال تنظيفها بعناية والحفاظ عليها وإزالة العفن ومحاولة استرجاعها إلى حالتها الأصلية قبل الحرب.
وفي 2 فبراير/ شباط الماضي أعلن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، سلامة معروف، خلال مؤتمر صحفي عقد بين ركام مشفى الشفاء، أن القطاع أصبح منطقة "منكوبة" جراء حرب الإبادة الإسرائيلية.
وعقب الإبادة، أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في قطاع غزة، أن الجيش الإسرائيلي دمر خلال حرب الإبادة 1109 مساجد من أصل 1244، تدميرا كليا أو جزئيا.
وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
ومطلع مارس/آذار الجاري انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية التي تشمل إنهاء الحرب.
وتريد تل أبيب تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من أسراها المحتجزين في غزة، دون تقديم مقابل أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية، وذلك إرضاء للمتطرفين في حكومته.
بينما تؤكد حماس، مرارا التزامها بتنفيذ الاتفاق وقف إطلاق النار، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.