دولي, أفريقيا, التقارير

تحديات ورهانات التدخل العسكري بالنيجر في 3 أسئلة (إضاءة)

يوشك انقلاب النيجر أن يتحول إلى حرب إقليمية تشترك فيها عدة جيوش من الساحل وغرب إفريقيا، وقد تجر تلك الحرب قوى عالمية بعد تهديد المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" باستخدام القوة لتحرير الرئيس محمد بازوم.

Mustapha Dalaa  | 04.08.2023 - محدث : 05.08.2023
تحديات ورهانات التدخل العسكري بالنيجر في 3 أسئلة (إضاءة)

Istanbul

إسطنبول/ الأناضول

ـ "إيكواس" تريد إظهار الحزم عبر التلويح باستخدام القوة إزاء موجة الانقلابات العسكرية التي تجتاح غرب إفريقيا
ـ قادة الانقلاب في مالي وبوركينا فاسو وغينيا يخشون أن يؤدي نجاح قوات "إيكواس" بالنيجر إلى تكرار نفس التجربة في بلدانهم
ـ الجزائر تعارض تدخلا عسكريا بالنيجر حتى لا يتكرر سيناريو عدم الاستقرار الذي خلفه التدخل الفرنسي شمال مالي عام 2013

يوشك انقلاب النيجر أن يتحول إلى حرب إقليمية تشترك فيها عدة جيوش من الساحل وغرب إفريقيا، وقد تجر تلك الحرب قوى عالمية بعد تهديد المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" باستخدام القوة لتحرير الرئيس محمد بازوم.

الجزائر، الجارة الشمالية للنيجر، عارضت استخدام القوة العسكرية ضد الانقلابيين مع تأكيدها على شرعية الرئيس بازوم، وتقاطع الموقفان الإيطالي والروسي مع الموقف الجزائري.

بالمقابل، من غير المستبعد أن تدعم باريس تحركا عسكريا لمجموعة "إيكواس" ضد المجلس العسكري في النيجر، وهذا ما أشار إليه بيان للرئاسة الفرنسية، شددت فيه أنها "تدعم كل المبادرات الإقليمية" الهادفة إلى "استعادة النظام الدستوري (..) وعودة الرئيس المنتخب محمد بازوم الذي أطاح به الانقلابيون".

تمتلك فرنسا قاعدة عسكرية في العاصمة النيجرية نيامي، تضم نحو 1500 جندي وضابط، تعتبر مركز عملياتها العسكرية في الساحل بعد انسحاب قواتها من مالي.

وشرعت باريس في إجلاء رعاياها من النيجر، البالغ عددهم نحو 600 فرد، عقب مظاهرات مؤيدة للانقلابيين أمام مقر سفارتها في نيامي، رفعت خلالها أعلام روسيا وشعارات مناهضة لفرنسا، وحاول المتظاهرون اقتحامها.

بينما أرسلت الولايات المتحدة ألف جندي إلى قاعدتيها في النيجر، إحداها تمثل أكبر قاعدة أمريكية للطائرات المسيرة خارج البلاد.

ورغم أن واشنطن أدانت الانقلاب في النيجر إلا أنها لم تعلن أي نية للتدخل عسكريا لإعادة بازوم إلى الحكم، خاصة وأنها تعتبر البلاد منطقة نفوذ فرنسية، وتكتفي بتقديم الدعم الاستخباراتي واللوجيستي لباريس.

لماذا ترغب "إيكواس" بالتدخل عسكريا؟

"إيكواس" منحت مهلة أسبوع "لاستعادة النظام الدستوري الكامل" في النيجر، خلال قمة طارئة بنيجيريا في 30 يوليو/تموز المنصرم، وهددت باتخاذ إجراءات "قد تتضمن استخدام القوة" حين تنتهي المهلة في 6 أغسطس/آب الجاري.

وفعلا اجتمع رؤساء أركان دول "إيكواس" في عاصمة نيجيريا أبوجا بين 2 و4 أغسطس، لبحث أوضاع النيجر، فيما يعتبر مؤشرا قويا على الاستعداد لوضع خطة للتحرك العسكري.

ومؤخرا بدأت تتساقط الأنظمة الدستورية في دول "إكواس" التي تضم 15 دولة، واحدة تلو الأخرى بدءا من مالي ثم غينيا وبعدها بوركينا فاسو، وأخيرا النيجر، وتمثل البلدان الأربعة نحو نصف مساحة المنظمة.

وسبق أن فرضت "إيكواس" عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على الانقلابيين في مالي وغينيا وبوركينا فاسو للضغط عليهم للعودة سريعا إلى الوضع الدستوري، لكن ذلك لم يُجدِ نفعا.

وكادت غينيا بيساو، الواقعة بين السنغال وغينيا، أن تنضم إلى قائمة الدول الخاضعة لسلطة انقلابية، في 1 فبراير/شباط 2022، لكن المحاولة الانقلابية فشلت.

وتصاعدت المطالبات بين قادة "إيكواس" بضرورة تشكيل قوة عسكرية لمنع الانقلابات في دول المنظمة، خاصة وأنها سبق وأن تدخلت عسكريا في ظروف مختلفة بكوت ديفوار وليبيريا عام 2003، ومالي في 2013، وغامبيا في 2017، وغينيا بيساو في 2012 و2022.

"إيكواس" تريد إظهار مزيد من الحزم إزاء موجة الانقلابات العسكرية التي تجتاح غرب إفريقيا، وعدم الاكتفاء بغلق الحدود والأجواء والمنع من السفر وتجميد الحسابات البنكية للانقلابيين، لأنها عقوبات لم تحقق المرجو منها.

لماذا حذرت الحكومات الانقلابية "إيكواس"؟

تضامنت الحكومات الانقلابية في كل من مالي وبوركينا فاسو بالإضافة إلى غينيا مع الانقلابيين في النيجر، وحذروا دول "إيكواس" من التدخل عسكريا.

بل إن مالي وبوركينا فاسو اللتين تشتركان مع النيجر في منطقة الحدود الثلاثة المشتعلة أمنيا، اعتبرتا أن "أي تدخل عسكري في النيجر سيكون بمثابة إعلان حرب علينا".

غينيا كوناكري، وإن لم يعلن مجلسها العسكري صراحة المشاركة في أي حرب قد تندلع في النيجر بين قوات "إيكواس" وجيوش الساحل الثلاثة، إلا أنه أعلن صراحة عدم التزامه بالعقوبات التي فرضتها "إيكواس" على النيجر.

وحذر من أن "التدخل العسكري في النيجر سيؤدي إلى تفكك مجموعة إيكواس"، في إشارة إلى إمكانية انسحاب الدول الأربعة التي شهدت انقلابات منذ عام 2020.

ويخشى قادة الانقلاب في مالي وبوركينا فاسو وغينيا، أن يؤدي نجاح قوات "إيكواس" في وضع حد للانقلاب في النيجر، لتشجيع الأخيرة لتكرار نفس التجربة في بلدانهم.

ناهيك عن أن كلا من النيجر ومالي وبوركينا فاسو يشتركون في قتال التنظيمات الإرهابية التابعة لـ"داعش" والقاعدة خاصة في منطقة الحدود الثلاثة، إلا أن دعم فرنسا للأولى وروسيا للأخيرتين يصب بالتنسيق الأمني بين البلدان الثلاثة.

وفي هذا الصدد، قال رئيس المجلس العسكري في بوركينا فاسو إبراهيم تراوري، في القمة الإفريقية الروسية في سانت بترسبورغ، في 29 يوليو، "تخوض بوركينا فاسو والنيجر نفس المعركة ضد الإرهاب، ولكن نظرًا لوجود شركاء مختلفين، تجد هاتان الدولتان الساحليتان صعوبة في التعاون على الرغم من كونهما جارتين".

واستدرك قائلا: "بمجرد أن يصبح الشريك مشتركًا بين بوركينافاسو والنيجر نأمل أن نتمكن من دعم بعضنا البعض من خلال الاتفاقية الجديدة".

فالتصور الجديد لكل من مالي وبوركينا فاسو دعم الانقلابيين في النيجر، ومساعدتهم على إنهاء التعاون العسكري مع فرنسا، والتحول نحو روسيا، والتوقيع على اتفاقية أمنية بين الدول الثلاث لمكافحة الإرهاب برعاية موسكو.

لماذا عارضت الجزائر التدخل العسكري؟

بعد ثلاثة أيام من تلويح "إيكواس" باستخدام القوة، حذرت الجزائر من محاولات التدخل العسكري في النيجر ودعت إلى استعادة النظام الدستوري عن "طريق الوسائل السلمية".

وبررت الخارجية الجزائرية موقفها الرافض لتحرك عسكري بدعم فرنسي بأنه "سيكون عاملًا يُعقد ويزيد من خطورة الأزمة الحالية"، وحتى "لا تواجه النيجر والمنطقة بأكملها نقصًا في الأمن والاستقرار".

وسبق بيان الخارجية الجزائرية، اتصال من الرئيس عبد المجيد تبون، برئيس بنين تريس تالون، في 29 يوليو، قبيل يوم من انعقاد قمة إيكواس، بحث فيه عن الوضع بالنيجر.

وشدد الرئيسان على "تمسكهما الصارم بضرورة العودة إلى النظام الدستوري في النيجر"، وفق بيان الرئاسة الجزائرية.

لكن الخلاف واضح حول طريقة "إعادة الرئيس محمد بازوم لمنصبه كرئيس دولة منتخب شرعيا"، فبينما تفضل الجزائر الوسائل السلمية، تميل إيكواس للخيار العسكري.

وسبق للجزائر أن تحفظت على العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إيكواس على مالي، ورفضت المشاركة فيها، كما عارضت التدخل العسكري الفرنسي في مالي عام 2013، والذي تسبب في انتشار الجماعات الإرهابية في معظم دول الساحل وأجزاء من غرب إفريقيا.

ناهيك عن معارضتها التحالف العسكري الذي قادته فرنسا في ليبيا عام 2011، والذي ترى بأنه فتح عليها أبواب جهنم، بسبب عدم استقرار ليبيا إلى اليوم، وسقوط شمال مالي في 2012، وتعرض منشأة غازية جزائرية لهجوم إرهابي في 2013، انطلق من مالي مرورا بالنيجر ودخل عبر الحدود الليبية، ما اضطرها لحشد عشرات الآلاف من جنودها عبر الحدود الجنوبية والجنوبية الشرقية.

وتدخل عسكري من دول إيكواس في النيجر، من شأنه أن يعقد الأوضاع الأمنية في المنطقة، مع إصرار الانقلابيين في النيجر ومالي وبوركينا فاسو على صد أي عملية عسكرية، ما سيشعل حرب إقليمية في المنطقة بين الدول الدستورية المدعوم من فرنسا والدول الانقلابية المدعومة من روسيا.

لذلك تعارض الجزائر تدخلا عسكريا جديدا من شأنه أن يهدد استقرار المنطقة لسنوات طويلة، خاصة وأن شعوب الساحل تعاني من أزمات اقتصادية وأمنية حادة، ولا تحتمل حربا جديدة.


الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın