واشنطن تبرر إبادة غزة: القانون الدولي لا يجبر إسرائيل على إدخال مساعدات
إفادة ممثل الولايات المتحدة خلال اليوم الثالث من جلسات الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في لاهاي لتقييم العواقب القانونية للقيود الإسرائيلية على منظمات الأمم المتحدة

Netherlands Antilles
لاهاي/ الأناضول
واصلت الولايات المتحدة دعمها المطلق للإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضد قطاع غزة، مدعية أن القانون الدولي "لا يجبر قوة الاحتلال" على إدخال المساعدات الإنسانية.
جاء ذلك خلال إفادة الموفد الأمريكي غوش سيمنز أمام محكمة العدل الدولية، الأربعاء، خلال اليوم الثالث من جلسات الرأي الاستشاري للمحكمة في لاهاي لتقييم العواقب القانونية للقيود الإسرائيلية على منظمات الأمم المتحدة.
وعلى مدار اليومين الماضيين اتفقت الدول المشاركة في جلسات الاستماع على تنصل إسرائيل من كافة الالتزامات الدولية استغلالا لسياسة الإفلات من العقاب، فضلا عن تعمدها ممارسة "التطهير العرقي" عبر منعها إدخال الغذاء والدواء والوقود لغزة.
وادعى سيمنز في كلمته "وجود مخاوف" حول حياد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، زاعما أن "القانون الدولي لا يجبر قوة الاحتلال على إدخال المساعدات الإنسانية".
ودافع عن موقف بلاده الداعم لإسرائيل في وقفها دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بأن بنود القوانين الدولية تحمل في طياتها نصوصا تلزم "الحياد" في مسار دخول ووصول المساعدات إلى مستحقيها وهو ما "ليس متوفرا في قطاع غزة"، على حد قوله.
واستمر المسؤول الأمريكي في تحميل حركة "حماس" المسؤولية عن القرار الإسرائيلي بوقف دخول المساعدات الإنسانية للقطاع الفلسطيني.
وفي المقابل، اعتبر أن بلاده "تدعم تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة مع ضماناتٍ تضمن عدم نهبها أو إساءة استخدامها من قبل الجماعات الإرهابية"، على حد قوله.
وتواصل إسرائيل منذ نحو شهرين منع دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إذ أوقفت في 2 مارس/ آذار الماضي، عبور المساعدات من معابر كرم أبو سالم، وإيريز، وزيكيم، ما أدى إلى توقف دخول المواد الإغاثية والوقود بشكل كامل.
وفاقم هذا القرار الأوضاع الكارثية التي يعيشها الفلسطينيون، الذين يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الخارجية نتيجة حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة، فيما أعلنت الحكومة في غزة أن القطاع دخل "المراحل الأولى للمجاعة".
- تحدي القانون الدولي
وعلى صعيد آخر، أدانت إندونيسيا في كلمة ممثلها الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، بجانب الحرب الدائرة التي حصدت آلاف الضحايا.
وطالبت أمام محكمة العدل الدولية بـ"إلزام إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
وقال موفد إندونيسيا للمحكمة، وزير الخارجية سوجيونو، إن "إسرائيل لا تتعاون مع الهيئات الأممية وتتسبب في حدوث أسوأ كارثة إنسانية (بغزة) في هذا القرن".
وشدد على أن إندونيسيا "لن تتخلى أبدا" عن دعمها للقضية الفلسطينية، داعيا إلى "محاسبة إسرائيل على سلوكها في الحرب الجارية بقطاع غزة".
كما وصف أفعال إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنها تمثل "تحديا للقانون الدولي، وجعلت من المستحيل على الفلسطينيين ممارسة حقوقهم الأساسية، بما في ذلك حق تقرير المصير".
وشدد سوجيونو على أن إجراءات محكمة العدل الدولية "ليست سياسية أو أخلاقية بطبيعتها فحسب، بل متجذرة في التزامات قانونية".
- رفع القيود عن المساعدات الإنسانية
ومن جانبه، حثّ ممثل فرنسا لدى المحكمة، دييغو كولاس، إسرائيل على "رفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية إلى غزة فورا"، والتعاون مع الشركاء الدوليين.
وقال كولاس: "يجب أن تصل المساعدات الإنسانية إلى غزة على نطاق واسع، كما يجب رفع القيود المفروضة على وصولها دون تأخير"، داعيا إلى فتح جميع المعابر وحماية العاملين في المجال الإنساني "بما يتوافق مع القانون الدولي".
وفي السياق، أكد الموفد الفرنسي أن حل الدولتين يبقى "الحل الوحيد القادر على ضمان السلام والأمن على المدى الطويل للإسرائيليين والفلسطينيين".
كما شدد على أن إسرائيل "مُلزمة" بتقديم الدعم الكامل لعمل وكالة أونروا، ويجب ألا تُعيق أنشطتها.
وأضاف: "على إسرائيل أن تُصرّح بعمليات الأونروا وتُسهّلها، وأن تحمي عمال الإغاثة بما يتماشى مع واجباتها كقوة احتلال".
واختتم كولاس كلمته بتجديد مناشدة بلاده السلطات الإسرائيلية لـ"وضع حدٍّ للوضع الإنساني المأساوي في غزة".
- أزمة قانونية وإنسانية
وبدورها، أبلغت روسيا محكمة العدل الدولية أن أفعال إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة تؤدي إلى "أزمة قانونية وإنسانية".
وقال الموفد الروسي لدى المحكمة مكسيم موسيخين: "نواجه اليوم أزمة قانونية وإنسانية إثر التقويض المُمنهج لعمل وكالة أونروا من قبل إسرائيل، وتجاهلها للالتزامات العامة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك تلك النابعة من وضع إسرائيل كقوة احتلال".
وأضاف: "لا يمكن المبالغة في الحديث عن هذه المسألة (في إشارة لوقف تدفق المساعدات لغزة) القطاع على شفا المجاعة".
وشدد على أنه بدون عمل الأونروا "سينهار النظام الإنساني في غزة".
وفي السياق، أعرب موسيخين عن مخاوف موسكو إزاء مواصلة إسرائيل للعملية العسكرية في الضفة الغربية في 21 يناير/ كانون الثاني 2025، محذرا من أنها "تنذرع بتكرار سيناريو غزة المروع".
والاثنين، بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي جلسات استماع تستمر أسبوعًا لمناقشة الالتزامات الإنسانية لإسرائيل تجاه الفلسطينيين، بعد 56 يوما على فرضها حصارا شاملا يمنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي دمرته حرب الإبادة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفي 9 أبريل/ نيسان الجاري، أعلنت "العدل الدولية" وهي الجهاز القضائي الرئيسي بالأمم المتحدة، أن 40 دولة (ليس بينها إسرائيل) و4 منظمات دولية وإقليمية أعربت عن نيتها المشاركة في المرافعات الشفوية أمام المحكمة في مدينة لاهاي بهولندا.
وأعلنت المحكمة أن جلسات الاستماع الشفوية في نطاق العملية ستعقد بين 28 أبريل و2 مايو/ أيار 2025.
وتتحدث في الجلسات كل من الأمم المتحدة وفلسطين ومصر وماليزيا، وتركيا، وجنوب وإفريقيا، والولايات المتحدة، إضافة إلى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2024، قرارا يطلب رأيا استشاريا من العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل فيما يتعلق بوجود وبأنشطة الأمم المتحدة ومنظمات أخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة.
جاء ذلك عقب تصديق البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) على قانون قاد إلى حظر أنشطة وكالة الأونروا في إسرائيل، رغم اشتداد حاجة الفلسطينيين إلى خدماتها تحت وطأة الإبادة التي ترتكبها تل أبيب بحقهم.
من جانبها، أكدت إسرائيل عدم مشاركتها في جلسات استماع علنية بدأتها محكمة العدل الدولية، وشنت هجوما حادا على الأمم المتحدة.
وادعى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) "منظمة مخترقة من قبل الإرهاب بشكل لا يمكن إصلاحه".
وهاجم ساعر الأمم المتحدة مدعيا أنها "أصبحت هيئة فاسدة، معادية لإسرائيل، ومعادية للسامية".
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 170 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وبالتوازي مع الإبادة الجماعية بغزة؛ صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 958 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، إضافة إلى تسجيل 16 ألفا و400 حالة اعتقال، وفق معطيات فلسطينية.