نتنياهو يخاطب قاعة فارغة واحتجاجات تندد باعتلائه منبر الأمم المتحدة
مع الإعلان عن كلمته، انسحبت معظم وفود الدول من قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في موقف احتجاجي ضد نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم "ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في غزة

Istanbul
إسطنبول / الأناضول
ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، خطاب بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بمدينة نيويورك، في قاعة شبه فارغة بعد انسحاب معظم الوفود احتجاجا على حرب الإبادة بقطاع غزة التي توشك على دخول عامها الثالث.
ومع الإعلان عن كلمته، انسحبت معظم وفود الدول من قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في موقف احتجاجي ضد نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم "ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في غزة.
فيما شهد ميدان تايمز سكوير القريب من مقر الأمم المتحدة بالتزامن مظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف المحتجين من ولايات أمريكية عدة، مرددين هتافات رافضة لاعتلاء نتنياهو منبر الأمم المتحدة، وتتهمه بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة.
وحمل المحتجون الأعلام الفلسطينية، ولافتات ترفض حرب الإبادة الجماعية في القطاع، وأخرى تدعو إلى إنهاء تلك الحرب ووقف استهداف المدنيين الفلسطينيين.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة بدعم أمريكي، خلفت 65 ألفا و549 قتيلا و167 ألفا و518 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 442 فلسطينيا بينهم 147 طفلا.
ورغم موافقة حركة حماس على صفقات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ورفض تل أبيب لها، خاطب نتنياهو بكلمته أمام الأمم المتحدة قادة الحركة: "ألقوا أسلحتكم وحرروا جميع الرهائن الـ48، فإذا فعلتم فستعيشون، وإن لم تفعلوا فستطاردكم إسرائيل".
وزعم أنه "إذا وافقت حماس على مطالبنا، فقد تنتهي الحرب الآن".
وتقدر تل أبيب وجود 48 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها نحو 11 ألفا و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، قتل العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وأكدت حركة حماس مرارا استعدادها للتوصل إلى صفقة جزئية أو شاملة لتبادل الأسرى، فيما يواصل نتنياهو تعنته وعدوانه على القطاع، وسط اتهامات المعارضة وأهالي الأسرى له بمواصلة الحرب للحفاظ على منصبه السياسي.
ومضى نتنياهو في خطابه: "غزة ستكون منزوعة السلاح، وستحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية الشاملة، وستنشأ سلطة مدنية سلمية من قِبل سكان غزة وغيرهم ممن يلتزمون بالسلام مع إسرائيل".
وعلى مدى عامين، عقدت جولات عدة من المفاوضات، وجرى التوصل إلى اتفاقين جزئيين، الأول في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، والثاني في يناير/ كانون الثاني 2025 والذي تهرب نتنياهو، من استكماله، واستأنف حرب الإبادة على غزة في 18 مارس/ آذار الماضي.
نتنياهو مضى في ادعاءاته خلال خطابه أما الجمعية العامة للأمم المتحدة، زاعما أن 90 بالمئة من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية يؤيدون هجوم 7 أكتوبر 2023.
وبشأن الاعتراف الواسع بدولة فلسطين، خلال الأيام الأخيرة، زعم أن قادة عدة دول أعلنوا الاعتراف "دون قيد أو شرط"، لافتا إلى أن تل أبيب لن تسمح بقيام دولة فلسطينية.
وخلال الأيام الماضية، أعلنت 11 دولة، بينها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا وبلجيكا، اعترافها بدولة فلسطين، ليرتفع عدد المعترفين إلى 159 من أصل 193 دولة عضو بالأمم المتحدة.
وجاءت هذه الاعترافات على ضوء حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، بدعم أمريكي، في قطاع غزة اقتربت من دخول عامها الثالث، إضافة لعدوان عسكري دموي ومدمر بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
وخلال الخطاب جدد نتنياهو شكره للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على دعمه، وقال: "وعدتُ أنا والرئيس ترامب بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، وقد وفينا بهذا الوعد".
وأضاف: "يجب ألا نسمح لإيران بإعادة بناء قدراتها النووية العسكرية"، مضيفا أنه "يجب التخلص من مخزونات اليورانيوم المُخصّب لدى إيران، ويجب إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي عليها".
وفي 13 يونيو/ حزيران الماضي، شنت إسرائيل بدعم أمريكي عدوانا على إيران استمر 12 يوما، وردت عليه طهران، قبل أن تعلن الولايات المتحدة وقفا لإطلاق النار.
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الألد لها، وتتبادلان منذ سنوات اتهامات بالمسؤولية عن استهدافات وهجمات إلكترونية.
وفي ما يتعلق بسوريا ولبنان، ادعى نتنياهو أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاقات "تحترم السيادة وتحمي أمن إسرائيل والأقليات".
وتحدث نتنياهو في الخطاب عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع سوريا.
والأربعاء، قال نتنياهو إن المفاوضات التي تجريها تل أبيب مع دمشق يجب أن تنتهي بنزع السلاح من جنوب غربي سوريا، وبالحفاظ على "أمن الدروز" هناك.
وتنتهك إسرائيل منذ سقوط نظام بشار الأسد، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سيادة سوريا عبر قصف وتوسيع رقعة احتلالها لأراضيها، رغم أن الإدارة الجديدة لم تبد أي توجه عدواني إزاءها.
ومنذ عام 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد بعد إسقاط الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين عام 1974.
وفيما يتعلق بلبنان، زعم نتنياهو أن "السلام بين إسرائيل ولبنان ممكن أيضا بشرط إجراءات حقيقية ومستمرة لنزع سلاح حزب الله".
ورغم شن الجيش الإسرائيلي بشكل شبه مستمر غارات على لبنان وإيقاع قتلى وجرحى، توعد نتنياهو بأنه "حتى ذلك الحين (نزع السلاح) سنتخذ أي إجراء ضروري للدفاع عن أنفسنا وللحفاظ على شروط وقف إطلاق النار، الذي تم الاتفاق عليه" .
وفي أكتوبر 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان حولته في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين.
ورغم التوصل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل، فإن الأخيرة خرقته أكثر من 4 آلاف و500 مرة، ما أسفر عما لا يقل عن 276 قتيلا و613 جريحا، وفق بيانات رسمية.
وفي تحدٍ للاتفاق تحتل إسرائيل 5 تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.
ولم يكد ينتهي خطاب نتنياهو، إلا وواجه سيلا من الانتقادات حتى من الداخل الإسرائيلي، حيث قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، على حسابه بمنصة شركة "إكس" الأمريكية، إن "العالم شاهد اليوم رئيس وزراء متعبا ويتباكى في خطاب حافل بألاعيب مستهلكة".
فيما رأى زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض أفيغدور ليبرمان، على حسابه بمنصة شركة "إكس" الأمريكية أيضا، كلمة نتنياهو "مجرد خطاب زعيم حزب وليس رئيس وزراء للجميع".
بينما علقت حكومة غزة على الخطاب في بيان بالقول، إن "أكاذيب نتنياهو لن تغير من الحقيقة شيئا ويبدو أن العالم بات أكثر وعيا وإدراكا لطبيعة الاحتلال كقوة استعمارية قائمة على الكذب والتضليل والقتل الممنهج".