مشاركون بـ"أسطول الصمود" يخشون ليلة الوصول ويتمسكون بالسلمية (تقرير)
- عبد الله مبارك المطوع: رسالتنا تتركز على مبدأ السلامة الإنسانية؛ لذا فإننا لسنا هنا للمواجهة على الإطلاق - الناشط فرانك رومونو: نحن مستعدون لأي نوع من المواجهة سواء كان اعتراضا أو هجوما مسيرا أو تقليديا

Jordan
ليث الجنيدي/ الأناضول
- عبد الله مبارك المطوع: رسالتنا تتركز على مبدأ السلامة الإنسانية؛ لذا فإننا لسنا هنا للمواجهة على الإطلاق- الناشط فرانك رومونو: نحن مستعدون لأي نوع من المواجهة سواء كان اعتراضا أو هجوما مسيرا أو تقليديا
- الشاب الأسترالي أبو بكر ريفيك: مهمتنا تتمحور حول العمل السلمي
- الناشطة الحقوقية الفرنسية برونو ميسوسي: النقطة الأساسية هي تجنب أي استفزاز أو تكتل غير ضروري
دخل أسطول الصمود العالمي، بـ50 سفينة تحمل أكثر من 500 ناشط من 40 دولة، مرحلة حرجة في منطقة تُعرف بأنها نقطة اعتراض وخطف سابقة للسفن الإنسانية التي حاولت كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
ويأتي هذا التقدم تزامنا مع رصد تحليق لطائرات عسكرية مجهولة فوق الأسطول، ومع إعلان قناة "كان" العبرية الرسمية استعداد إسرائيل "للسيطرة" على السفن.
أسطول الصمود يحمل على متنه مستلزمات طبية وإغاثية، بهدف كسر حصار إسرائيلي دام 18 عاما، وسط استمرار إبادة جماعية ومجاعة تضرب القطاع.
مشاركون على متن السفينة "سبكتر" التي تحمل 22 ناشطا، أكدوا في حديثهم للأناضول التزامهم المطلق بالثبات السلمي في مواجهة أي اعتراض.
واعتبروا أن أي محاولة لاعتقالهم أو مصادرة حمولتهم ستُعتبر "جريمة دولية"، لافتين إلى أن استراتيجيتهم، الهادفة لـ"فتح ممر إنساني"، تتضمن رفع شكاوى فورية أمام المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى خيار الإضراب عن الطعام.
** السلامة الإنسانية
عبد الله مبارك المطوع (46 عاما)، رجل أعمال كويتي قال للأناضول، إن "رسالتنا تتركز على مبدأ السلامة الإنسانية؛ لذا فإننا لسنا هنا للمواجهة على الإطلاق".
وأضاف: "تم تدريبنا على أننا إذا تعرضنا للاعتراض، وهو الهدف الوحيد لإيقافنا، فسوف نجلس ونرتدي سترات النجاة، لنؤكد على رسالتنا الإنسانية ونظهر أننا لا نريد أي إجراء دفاعي آخر".
وأردف المطوع: "هدفنا الأساسي هو الإبحار بأمان وسلام وإنزال المساعدات والإغاثة الإنسانية على شواطئ غزة، حتى لو تطلب ذلك وقتاً طويلاً أو كان مصحوباً بحراسة بسيطة من أي جهة".
وتابع: "نحن مستعدون لقبول أي إجراء لا يمنعنا من تحقيق هدفنا في إيصال المساعدات إلى أطفال غزة".
ومضى المطوع قائلا: "تم تدريب جميع من هم على متن الأسطول على الإسعافات الأولية، كما خضعوا لدورات مكثفة في الشؤون القانونية التي توضح لهم حقوقهم في المياه الإقليمية والدولية وحقوقهم عند التعرض للاعتراض أو الاستجواب".
واعتبر أن "أي محاولة مصادرة للمواد الإغاثية هي سرقة في مياه دولية (..) مؤمنون أن إبحارنا من تونس إلى غزة هو عمل قانوني 100بالمئة (..)".
ورأى المطوع أن "هذه الرحلة قد حققت هدفها الأولي، فقد كسرنا الحصار بالفعل بهذه الخطوة من العزيمة والإصرار".
وأردف "مجرد وجودنا في البحر لهذه الفترة الطويلة قد فتح ممرأ إنسانيا، بعد هذه الخطوة سوف تتوالى الأساطيل، وسوف يتم التنسيق على مستوى أكبر لضمان الحماية".
وأعرب المطوع عن شكره لدعم الدول التي مروا بها، وهي إسبانيا وإيطاليا وتركيا، مبينا أنها "أرسلت لنا حماية بعضها جوية وبعضها بحرية في أجزاء من الرحلة".
وأكد على أن "وصولنا إلى غزة لا يتعارض إطلاقا مع أي صراع قائم بين جهات المقاومة أو أصحاب الأرض وحقهم، فالعمل الإنساني وتقديم الإغاثة الطبية هو شيء إنساني بحت لا يمكن أن يتعارض مع أي ظروف صراع".
وشدد المطوع: "نحن نعمل على أن يكون دخولنا سلما، لذلك، يجب على قوات الاحتلال أن تدير هذا الممر الذي تم فتحه كـمعبر إنساني سلمي إغاثي، فهو لا يحمل أي دعوة للمقاومة".
وأوضح أنه هناك "خطة" لإيصال المساعدات حال اعتراض الأسطول، دون ان يكشف عن تفاصيلها.
** بروتوكول مختلف
أما الناشط فرانك رومونو (73 عاما)، قال للأناضول: "لقد عززتني خبرتي المتعددة في هذه الرحلة؛ فأنا محامٍ وممثل لفلسطين أمام المحكمة الجنائية الدولية، كما أنني أستاذ جامعي وممثل محترف".
وأشار إلى أنه "كان هناك تدريب وبروتوكول في مرحلة سابقة، لكنه تغير بعد الهجوم الذي وقع في ميناء تونس".
وفي توضيحه لذلك قال رومونو: "أصبح لدينا الآن بروتوكول مختلف ومحدد للتعامل مع هجوم الطائرات المُسيَّرة؛ حيث نتجمع في دائرة ونتمركز في منطقة محمية على متن السفينة".
واستدرك "الآن، نحن مستعدون لأي نوع من المواجهة: سواء كان اعتراضا، أو هجوما مسيرا، أو تقليديا".
وزاد رومونو بالقول: "إذا تعرض القارب لقصف، لدينا بروتوكول آخر: نتبع تعليمات القبطان بدقة، ونجهز سترات النجاة، القبطان هو من سيقرر ما إذا كنا سنهجر السفينة ونقفز في الماء".
وأردف: "أنا على دراية تامة بالمخاطر، وبصفتي مطلعا على سير العمل، ندرك أن القوات الإسرائيلية، التي تتصرف عبر الكوماندوز، هي قوات عنيفة جداً. لذلك، فإن أفضل فرصة لنا هي عدم الاستفزاز".
واستدرك رومونو: "نحن ندرك أنه إذا قمنا بأي استفزاز، يمكن أن يقتلونا بسهولة لأنهم يحاولون القتل".
واستطرد "لكننا ندرك أيضا أنه إذا اعترضونا ولم نقم بأي تحركات عدوانية، فسيتم اعتقالنا واقتيادنا إلى السجن".
وتابع "لدينا محامون يمثلوننا، ونعلم أنه إذا تعرضنا لأي إساءة معاملة، سواء أثناء الاعتراض أو في السجن ،فإننا سنتواصل مع محاميينا، والذين سيقومون بتقديم شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، لانتهاك حقوقنا"، رومونو متابعا.
وكشف أنه "لدينا خطة عمل متفق عليها داخل السجن، وهي خوض إضراب عن الطعام بمجرد سجننا، وسنوجه محامينا لإرسال رسالة فورية إلى وسائل الإعلام تؤكد التزامنا بقضيتنا وقدرتنا على الصمود رغم كل الصعاب".
ومن بين الإجراءات التي سيتبعونها، بينه أن المحامين سيقومون برفع شكاوى قانونية في المحاكم الإسرائيلية والدولية نيابة عنا، إلى جانب عقد المؤتمرات الصحفية بعد الترحيل.
** لا نهدف إلى ارتكاب أي فعل غير قانوني
أما الشاب الأسترالي أبو بكر ريفيك (24 عاما) ويعمل في مجال التسويق بسيدني، قال للأناضول: "تتمحور مهمتنا حول العمل السلمي، وقد كنا وسنظل كذلك".
وأضاف "نحن لا نحمل أي أسلحة، ولا نعتزم إلحاق أي ضرر، ولا نهدف إلى ارتكاب أي فعل غير قانوني، على النقيض من ذلك، فإن لإسرائيل سجلاً طويلاً في انتهاك القانون الدولي وارتكاب الإبادة الجماعية".
وتابع ريفيك للأناضول: "نحن ندرك أن أي اعتراض محتمل لأسطولنا هو فعل غير قانوني بموجب القانون الدولي، وإذا قامت إسرائيل بإبعاد المشاركين عن السفن، فإن هذا يعتبر بمثابة اختطاف واقتياد لهم إلى إسرائيل رغما عن إرادتهم، وهو ما يمثل جريمة دولية".
وأكد "نحن نلتزم بالقانون الدولي وقد فعلنا ذلك طوال الوقت، السؤال المطروح هو: هل ستحترم إسرائيل القانون الدولي وتسمح لنا بالوصول؟ وهل ستسمح لنا بتقديم المساعدات الإنسانية لسكان يتعرضون للقتل والإبادة الجماعية؟"
وأوضح ريفيك أنه "عند الوصول إلى غزة، سنعلن عن فتح هذا الممر الإنساني، وهذه فرصة حاسمة للدول في جميع أنحاء العالم لتقديم المزيد من الإغاثة لشعب غزة الذي يتعرض للمذابح".
وأردف: "نحن نتحمل هذا الوضع بسبب الحكومات والقادة حول العالم الذين يُمكّنون الإبادة الجماعية برفضهم فرض العقوبات على إسرائيل ورفضهم وقف إمدادات الأسلحة، مما يغذي سفك الدماء الذي استمر طوال الفترة الماضية".
ودعا ريفيك تلك الحكومات إلى "ممارسة الضغط المناسب في الأماكن الصحيحة لاتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الأفعال".
** تجنب أي استفزاز
برونو ميسوسي (34 عاما)، ناشطة حقوقية فرنسية، اعتبرت أن "النقطة الأساسية هي تجنب أي استفزاز أو تكتل غير ضروري (..)".
وقالت للأناضول: "لدينا خطوط حمراء يجب عدم تجاوزها، مثل عدم الاحتكاك أو الاتصال بقوات الاحتلال الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال، نحاول بكل جهدنا احتواء أي عنف، لأننا لا نعرف ما الذي يجب أن نتوقعه منهم، ونحن ندرك تماما قدراتهم على الخداع".
واعتبرت أنه "من المهم حقاً أن نحافظ على صمودنا وأن نواصل مسيرتنا معاً، ونبقي هذا الممر مفتوحا".
وأردفت ميسوسي: "هناك حشد شعبي ضخم من جميع أنحاء العالم لدعمنا، وهذا لا يمكن أن يمر دون تأثير؛ لقد أحدث تأثيرا بالفعل، ويمكنه الاستمرار في ذلك".
تابعت: "نحن ندرك تماماً خطر الاعتراض الليلة، وأعتقد أننا جميعاً نعرف المخاطر، بالطبع، كل شيء يعتمد على جنودهم، إذا قرروا استخدام العنف معنا، فقد نتعرض للضرب أو حتى للقتل".
ورجحت ميسوسي أن "الاحتمال الأكبر هو أن يتم أخذنا واختطافنا، ثم وضعنا في حافلات ونقلنا إلى السجن، في الغالب، سنتعرض للاحتجاز الإداري لبضعة أيام، وهو ما حدث في الأساطيل السابقة".
وقالت: "هناك أيضا خطر كبير هذه المرة يتمثل في أن يتم توجيه تهم جنائية لنا تتعلق بالإرهاب، هذا الخطر وارد، لأنه يعني شروط اعتقال أكثر صعوبة ومدة أطول بكثير".
وتابعت ميسوسي: "لكنني أعتقد أنه يجب علينا أن نتذكر أن هذا هو ما يمر به بالفعل عدد ضخم من الشعب الفلسطيني يومياً دون ارتكاب أي ذنب سوى أنهم على قيد الحياة".
وبينت أنه "إذا كان هذا سيحدث لنا لبضعة أيام من حياتنا، فيمكننا تحمل ذلك، لا يمكننا أن نبقى صامتين ولا نفعل شيئا عندما تكون هناك فرصة للمقاومة السلمية".
ويضم "أسطول الصمود" اتحاد أسطول الحرية، وحركة غزة العالمية، وقافلة الصمود، ومنظمة "صمود نوسانتارا" الماليزية، وعلى متنه أكثر من 500 ناشط من 40 دولة على متن 50 سفينة.
والثلاثاء، ذكرت هيئة البث الرسمية، أن "أكثر من 50 سفينة من الأسطول قد دخلت نطاق اعتراض إسرائيل، ويقول مشغلو الأسطول بأنه على بُعد حوالي 150 ميلاً من قطاع غزة".
وأوضحت أن "البحرية الإسرائيلية تواصل استعداداتها للسيطرة على السفن في البحر".
وبشأن عملية الاعتراض المحتملة، قالت الهيئة: "نظرًا لكثرة أعداد السفن، تجري الاستعدادات لنقل المشغلين (المشاركين) إلى سفينة حربية كبيرة، وسحب السفن إلى ميناء أسدود، مع احتمال غرق بعضها في البحر".
وأكدت أن "إسرائيل لن تسمح للأسطول بدخول قطاع غزة بأي حال من الأحوال، وفقًا لتوجيهات القيادة السياسية".
وتُعد هذه المرة الأولى التي تُبحر فيها عشرات السفن مجتمعة نحو غزة، التي يقطنها نحو 2.4 مليون فلسطيني، وتحاصرها إسرائيل منذ نحو 18 عاما.
وشددت إسرائيل الحصار منذ 2 مارس/ آذار الماضي، عبر إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة أي مواد غذائية أو أدوية أو مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 66 ألفا و97 قتيلا و168 ألفا و536 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 453 فلسطينيا بينهم 150 طفلا.