
أنقرة، روما / الأناضول
** وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني:- الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي على إسرائيل غير كاف ولم يصل إلى حد الردع
- العالم كله شاهد كيف انتهكت إسرائيل جميع القواعد التي تعتبر مقدسة لدى الإنسانية
- الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي والقيم الغربية ستكون له عواقب وخيمة
أفاد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، بأن الإبادة الجماعية ما زالت مستمرة في قطاع غزة جراء التجويع الممنهج الذي تمارسه تل أبيب بحق الفلسطينيين، محذّرا من أن التهديد الإسرائيلي يتوسع في المنطقة.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده مساء الخميس، مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني، في العاصمة روما، أوضح فيه أن الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي على إسرائيل "غير كاف ولم يصل إلى حد الردع".
وقال: "الوهم الذي خلقته إسرائيل في أعين الرأي العام الدولي على مر السنين يتلاشى تدريجيا، إذ تكشّف وجهها الحقيقي ونواياها الحقيقية، ورغم تأخر الوقت إلا أننا نشهد صحوة كبيرة في المجتمع الدولي".
وذكر فيدان أن "العالم كله شاهد كيف انتهكت إسرائيل جميع القواعد التي تعتبر مقدسة لدى الإنسانية؛ واحدة تلو الأخرى، وبلا اكتراث".
وأضاف قائلاً: "العالم، وخصوصا المجتمع الغربي، يعيش صراعاً مع قيمه الخاصة"، مبينا أن الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي والقيم الغربية ستكون له عواقب وخيمة.
وشدد على ضرورة بذل المجتمع الدولي جهودا أكبر، واعتماد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على قرارات أكثر فاعلية للجم إسرائيل، وإلا فإن النظام الدولي المتآكل بشكل كبير قد ينهار تماما.
** العلاقات التركية الإيطالية
وأعلن وزير الخارجية التركي عزم بلاده على تعميق شراكتها الاستراتيجية مع إيطاليا.
وأشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، أكدا مرارا التزامهما الراسخ بهذا الشأن.
وذكر أن مجالات مثل التجارة والطاقة والدفاع والهجرة ومكافحة الجريمة المنظمة تأتي في صدارة العلاقات الثنائية بين تركيا وإيطاليا.
ولفت فيدان إلى أن حجم التجارة بين تركيا وإيطاليا يتجاوز 32 مليار دولار، وأن الهدف هو زيادة الرقم إلى 40 مليار دولار.
وحول التعاون الثنائي في الصناعات الدفاعية ذكر فيدان أن استحواذ شركة "بايكار" التركية على الشركة الإيطالية العريقة "بياجيو آيروسبيس" في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2024، يُعدّ "نموذجا يُحتذى به للمنطقة".
وأوضح أن التقدم المُحرز في ملف طائرات "يوروفايتر" (يصنعها تحالف يضم ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا) يمثل أهمية بالغة بالنسبة لتركيا وإيطاليا.
وشدد في هذا الصدد على أن منطقة البحر المتوسط تحتل موقعا محوريا بالنسبة لأمن الطاقة والربط في أوروبا.
وأضاف: "تعزيز تعاوننا في هذه المجالات سيعود بفوائد كبيرة على المستويين الثنائي والإقليمي".
وذكر أن الأنشطة المتوقعة في مناطق الصلاحية البحرية للبلدين يجب أن تجري بما يتوافق مع قانون البحار الدولي وبشكل منسق وفعّال يحترم الحقوق السيادية.
وأعرب وزير الخارجية التركي عن ارتياح أنقرة للحساسية التي تبديها إيطاليا بهذا الشأن.
وأوضح أنه ناقش مع نظيره الإيطالي أيضا مسألة الهجرة غير النظامية في البحر المتوسط، مؤكداً أن تركيا تكافح هذه الظاهرة بإصرار.
ولفت إلى أن التدفق على طريق الهجرة شرق البحر المتوسط انخفض بفضل جهود تركيا، وأن التعاون مستمر بين البلدين بهذا المجال.
** العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي
من جهة أخرى، أكد فيدان أن عضوية تركيا الكاملة في الاتحاد الأوروبي لا تزال هدفاً استراتيجياً بالنسبة لأنقرة.
وأوضح أن ما تتطلع إليه تركيا من الاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة هو ألا يتبنى مواقف قائمة على أحكام مسبقة بناءً على حسابات سياسية ضيقة، وأن يطور رؤية تشمل خطوات من شأنها تنشيط مسار عضوية تركيا.
وأشار إلى أن دعم إيطاليا لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي يعكس وجهة نظر استراتيجية طويلة الأمد، وأن تركيا تنتظر من جميع الدول الأعضاء أن تتبنى هذا المفهوم.
وشدد على أن البلدين يتشاركان رؤية مشتركة بشأن تعزيز الدفاع الأوروبي، مؤكدا أن أي بنية أمنية مستدامة ورادعة لا يمكن تحقيقها إلا بمشاركة كاملة من تركيا التي تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وأوضح فيدان أنه ناقش مع نظيره الإيطالي أيضاً القضايا الإقليمية والدولية بشكل مفصل، وأنهما تبادلا وجهات النظر حول الجهود الرامية إلى "إرساء سلام عادل ودائم" في أوكرانيا.
وأكد أن تركيا تقدم مساهمة ملموسة في هذا السياق من خلال استضافتها لمفاوضات مباشرة بين طرفي الصراع (روسيا وأوكرانيا).
وعبّر عن استعداد أنقرة لمواصلة دورها التسهيلي وبذل كل الجهود الممكنة من أجل إنهاء الحرب.
** الوضع في ليبيا
وبخصوص الوضع في ليبيا، قال فيدان: "من الأهمية بمكان الحفاظ الدائم على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها وسيادتها واستقرارها وأمنها".
وأضاف: "ستواصل تركيا وإيطاليا جهودهما في هذا الاتجاه".
وتابع: "أكدنا على موقفنا المشترك الداعي إلى استمرار المسار السياسي في ليبيا وتشجيع الأطراف الفاعلة في الميدان على الحوار".
وأكد أن تركيا وإيطاليا تتبعان نفس السياسة بشأن ليبيا، وأن بلاده تمكنت خلال السنوات الأخيرة من إقامة نفس مستوى العلاقة التي تربطها مع الغرب الليبي، مع الشرق أيضا.
وقال: "في هذا الإطار، جرت زيارة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى أنقرة، كما حل (نائب قائد قوات الشرق الليبي) صدام حفتر و(رئيس صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا) بلقاسم حفتر ضيوفا على تركيا في مناسبات مختلفة وأجريا لقاءات فيها".
وأضاف: "حالياً، لا يوجد على جدول أعمالنا زيارة للجنرال (قائد قوات الشرق الليبي) خليفة حفتر إلى تركيا، لكن ذلك سيكون أمرا طبيعيا لو حدث".
** الهجوم الإسرائيلي على قطر
فيدان شدد في سياق آخر على أن المسألة الرئيسية على جدول أعمال المجتمع الدولي هي الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة وسياستها التوسعية في المنطقة.
وقال إن إسرائيل، من خلال هجومها في العاصمة القطرية الدوحة، انتهكت سيادة دولة أخرى، مجددا تضامن تركيا التام مع قطر في مواجهة هذا الهجوم الغادر.
وأشار إلى أن قطر دولة "تنتهج سياسة خارجية سلمية" وتؤدي دور الوساطة بنجاح.
وشدد على أن "امتداد السياسات التوسعية الإسرائيلية حتى قطر يجب أن يُوقظ الجهات التي تتغاضى عن أفعال (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو".
ودعا فيدان المجتمع الدولي إلى اتخاذ التدابير اللازمة ضد إسرائيل، مرحبا بإعلان عدد كبير من الدول الغربية نيتها الاعتراف بدولة فلسطين خلال الاجتماع المقبل للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الجاري.
وأشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أواخر الشهر الجاري.
وقال إن تركيا ستواصل جهودها خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني والتوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية.
ومساء الثلاثاء، شنت إسرائيل هجوما جويا على قادة "حماس" بالدوحة، قتل فيه همام الحية، نجل رئيس الحركة بغزة خليل الحية، ومدير مكتبه جهاد لبد، و3 مرافقين هم عبد الله عبد الواحد، ومؤمن حسونة، وأحمد المملوك، وعنصر أمن قطري.
وجاء الهجوم على قطر رغم قيامها بدور وساطة إلى جانب مصر، وبإشراف أمريكي، في مفاوضات غير مباشرة بين "حماس" وإسرائيل، للتوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار بقطاع غزة.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة 64 ألفا و718 قتيلا، و163 ألفا و859 جريحا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 411 فلسطينيا بينهم 142 طفلا.
** انتهاك روسيا لأجواء بولندا
وحول التطورات المتعلقة بانتهاك روسيا للمجال الجوي البولندي خلال تنفيذها هجمات على أوكرانيا، أشار فيدان إلى انعقاد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين للدول الأعضاء لمناقشة إدراج المسألة تحت المادة الرابعة من ميثاق حلف "الناتو".
وأعرب في هذا الصدد عن أمله في عدم تكرار مثل هذه الحادثة مرة أخرى، مؤكدا أن تركيا حذرت مرارا منذ بداية الصراع بين روسيا وأوكرانيا من وجود خطر لتوسع نطاق الحرب.
وقال إن تركيا استضافت مفاوضات للسلام ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين طرفي الصراع، وأنها ستواصل مبادراتها في هذا الاتجاه على مختلف المستويات.
والأربعاء، أفادت قيادة عمليات القوات المسلحة البولندية في بيان، بوقوع انتهاكات "غير مسبوقة" للمجال الجوي البولندي مساء الثلاثاء، خلال "هجوم روسي" على الأراضي الأوكرانية.
وأعلنت القوات البولندية تفعيل الإجراءات الدفاعية على الفور، وقالت إنها وحلفاءها رصدت بواسطة الرادارات "عشرات الأجسام التي قد تُشكل تهديداً، واتُّخذ قرار بتحييدها، وإسقاط بعضها".
وعلى خلفية ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، أنها شنت هجمات مكثفة على أهداف عسكرية في أوكرانيا مساء الثلاثاء، إلا أنها لم تستهدف خلالها مواقعا في بولندا.
ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022 تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.