ندى أرحومة.. طفلة سرقت إسرائيل عينها وغيبت ضحكتها (تقرير)
نجت ندى أرحومة من موت محقق بعد قصف خيام النازحين في خان يونس، لكنها فقدت عينها اليمنى وتعيش اليوم بأنبوب أكسجين، شاهدة على طفولة طحنتها حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة.
Gazze
غزة/ الأناضول
نجت ندى أرحومة من موت محقق بعد قصف خيام النازحين في خان يونس، لكنها فقدت عينها اليمنى وتعيش اليوم بأنبوب أكسجين، شاهدة على طفولة طحنتها حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة.شقيتها حلا للأناضول:
- كنا نلعب أمام خيمتنا وبعد الانفجار رأيت أختي بنصف وجه والدماء تسيل بغزارة
- أختي عادت من الموت بمعجزة ربانية
- تحتاج ندى لزراعة عين وعظم للأنف والفك، إضافة إلى عمليات ترميم دقيقة للوجه
على سرير صغير داخل مجمع ناصر الطبي جنوبي قطاع غزة، ترقد الطفلة ندى أرحومة (15 عامًا) بين الحياة والموت، تتنفس عبر أنبوب في رقبتها وتحدق إلى الفراغ بعين واحدة، فيما غابت الأخرى، بعد أن مزقتها شظايا صاروخ إسرائيلي استهدف خيام النازحين.
وجهها الغض الذي كان يوما مليئا بالضحك، صار اليوم شاهدا على جرح لا يندمل، فعينها اليمنى مطفأة إلى الأبد، بينما اليسرى مهددة بالعمى الكامل.
**صراخ ودماء
أصيبت ندى بشظية في عينها اليمنى خلال قصف إسرائيلي استهدف خيمة مجاورة في منطقة النزوح بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، حيث كانت تلهوا مع شقيقاتها.
وعندما دوى الانفجار خلال حرب الإبادة، حول اللعب واللهو إلى فوضى من الصراخ والدماء، وامتزجت رائحة البارود بصرخات الأطفال، فيما غمر اللون الأحمر المكان كله.
إذ سقط صاروخ بجوار الخيمة التي كانت تلهو ندى قربها، فأصابتها شظاياه مباشرة في الوجه، ومزقت عينها وأنفها وفكيها،.
ووفق بيانات المكتب الإعلامي الحكومي ووزارة الصحة في غزة، أسفرت حرب الإبادة الإسرائيلية التي دعمتها واشنطن، عن مقتل أكثر من 69 ألف فلسطيني، بينهم أكثر من 20 ألف طفل، في واحدة من أكثر الحروب دموية ضد المدنيين في التاريخ الحديث.
وعلى مدار عامين من الحرب التي بدأت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وضعت أوزارها في 10 من الشهر الماضي، أصيب عشرات الآلاف من الأطفال بجروح وإعاقات دائمة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، في ظل انهيار شبه كامل للنظام الصحي.
ورغم توقف القتال، يبقى الألم حاضرًا في ملامح الأطفال الذين ما تزال جراحهم تنزف، بين من فقد أطرافه ومن ينتظر علاجًا لن يأتي قريبًا، ومن يحمل في ذاكرته صور الحرب التي لا تُنسى، وكانت الطفلة ندى إحدى صور تلك المعاناة.
ترقد ندى اليوم في سرير المستشفى بأنبوب أكسجين في رقبتها يساعدها على التنفس، وبقلب ضعيف أنهكه الألم.
فقدت الطفلة الكثير من ذاكرتها وحركتها، وتتحدث بصعوبة، في وقت يعيش فيه جسدها بين محاولات البقاء وآلام الجروح المفتوحة.
إلى جوارها، تقف شقيقتها حلا أرحومة تمسك بيدها وتهمس باسمها، وتمنحها طاقة علها تتخطى تلك اللحظة.
وتروي حلا ما جرى وتقول: "كنا نلعب ووالدتي تطبخ، وفجأة قصفوا خيمة بجانبنا، وإذ بالدماء تنزف بغزارة من وجه أختي ندى".
وتضيف للأناضول: "رأيتها بنصف وجه، وظهرت أسنانها، بينما خرجت عينها من مكانها، وكانت تنزف بغزارة".
**معجزة الحياة
في لحظة الفوضى تلك، هرع الجيران والطواقم الطبية لإنقاذ الجرحى ومن بينهم ندى، هكذا تواصل حلا الحكاية.
وبعد أن وصلت إلى المستشفى أعلنت الطواقم الطبية وفاتها، وفق شقيتها حلاـ التي قالت إن والدها لم يصدق أن ابنته رحلت، حاول تحريكها على جانبها الأيمن، فاكتشف أنها ما زالت تتنفس بضع أنفاس واهنة.
على عجل أدخلت إلى غرفة العمليات وهي بين الحياة والموت، وتوقف قلبها مرتين قبل أن تعود للحياة ، كما تقول شقيقتها، "كانت معجزة من الله."
وبعد 22 يوما في العناية المركزة، فتحت ندى عينها المتبقية للمرة الأولى، لكنها لم تعد كما كانت، فذاكرتها مثقوبة وصوتها مبحوح لا يخرج إلا بصعوبة، وكتفها الأيسر لا يتحرك.
أنبوب الأكسجين في رقبتها أصبح رفيقها الدائم، وفق حلا التي تساعدها في التعامل معه، وتكفكف دموعها التي لا تكاد تتوقف حزنا على ما أصابها.
تقول حلا وهي تمسح على يد أختها: "ندى كانت من أجمل بنات غزة، كانت تحب الحياة وتضحك كثير. اليوم تتمنى تموت من كتر الوجع".
**خطر العمى الكامل يهددها
الفتاة التي فقدت عينها اليمنى وتواجه خطر فقدان الأخرى بسبب تلف الأعصاب، تحتاج إلى زراعة عين وعظم للأنف والفك، إضافة إلى عمليات ترميم دقيقة للوجه، تضيف حلا.
وفي 11 مايو/أيار الماضي، قال مدير مستشفى العيون بغزة عبد السلام صباح، إن حرب الإبادة تسببت بفقدان 1500 فلسطيني بصرهم كليًا، فيما يواجه أكثر من 4000 آخرين خطر فقدانه بسبب نقص الأدوية والتجهيزات الطبية.
وتلفت حلا إلى أن السوائل التي تنزف من عينها ملوثة بالبكتيريا وقد تصل للدماغ، ما يجعل حالتها حرجة للغاية.
ورغم محاولات الأطباء، يؤكد الجميع أن علاجها يتجاوز قدرات مستشفيات غزة المنهكة بفعل الحرب والحصار.
تقول حلا وهي تنظر إلى صورة شقيقتها قبل الإصابة: "كانت تضحك قبل دقائق من القصف… ما لحقت حتى أودّع ابتسامتها."
تجلس إلى جوارها لساعات طويلة دون كلل أو ملل، تساعدها على التنفس وتخفف عنها آلاف صدمة الإصابة,
في غزة، ندى ليست حالة نادرة، لكنها وجه جديد لحرب طحنت الطفولة.
ومع انهيار المنظومة الصحية التي دمرتها الحرب، يحتاج أكثر من 5200 طفل إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم.
فيما تشير بيانات صادرة عن المكتب الإعلامي بغزة، إلى تسجيل نحو 4800 حالة بتر في صفوف الجرحى، يشكل الأطفال 18 بالمئة منها.
وفي تقرير صادر في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إن ما يصل إلى 64 ألف طفل في غزة فقدوا أو أُصيبوا خلال العامين الماضيين، بينهم ألف رضيع على الأقل.
وأضافت المنظمة: "لا نعلم عدد الذين توفوا بسبب أمراض يمكن الوقاية منها أو ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض".
وأكدت "اليونيسف" أن نحو مليون طفل في غزة يعيشون اليوم في "المكان الأخطر على الأطفال في العالم".
في السياق ذاته، ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التابعة للأمم المتحدة، في بيان بوقت سابق، أن ما لا يقل عن 21 ألف طفل في غزة يعانون إعاقات منذ اندلاع الحرب.
وأشارت اللجنة إلى أن أكثر من 40 ألفًا و500 طفل أُصيبوا بإصابات مرتبطة بالحرب، أكثر من نصفهم أصبحوا يعانون إعاقات دائمة.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
