عامان من الإبادة.. إسرائيل تقتل الفلسطينيين بالتجويع الممنهج (تقرير)
الوضع الغذائي في القطاع مر بمحطات متدرجة من المعاناة منذ 7 أكتوبر 2023 وصلت هذا الصيف إلى إعلان المجاعة في مدينة غزة ومحيطه

Gazze
غزة/ محمد ماجد / الأناضول
** مراحل التجويع الإسرائيلي بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وصولا إلى إعلان المجاعة في أغسطس 2025- سوء التغذية يقتل 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا
- رصيف بحري أمريكي لم يقدم حتى واحد بالمئة من حاجة القطاع من الغذاء واتهامات باستخدامه لأغراض عسكرية
- وسائل بديلة للبقاء على قيد الحياة شملت أكل النباتات البرية مثل "الخبيزة" وطحن علف الدواجن وحبوب الطيور
- إسقاطات جوية للمساعدات تسببت بمقتل 23 فلسطينيا وتدمير خيام وممتلكات نازحين
- آلية مشبوهة نفذتها "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية" رافقها مقتل ألفين و605 فلسطينيين وأكثر من 19 ألفا و124 مصابا
لم تقتصر الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل على مدار عامين بقطاع غزة على القتل المباشر بالقصف والقنابل، بل استخدمت التجويع سلاحا للفتك بالمدنيين، وخاصة الأطفال، وسط حصار شامل يمنع الغذاء والدواء والوقود عن أكثر من مليوني فلسطيني.
الوضع الغذائي في القطاع مر بمحطات متدرجة من المعاناة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وصلت هذا الصيف إلى إعلان المجاعة في مدينة غزة ومحيطها، فيما تتوسع المخاطر إلى مناطق أخرى مع استمرار القيود على دخول المساعدات وتعطل سلاسل الإمداد.
وفي 22 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت "المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" حدوث المجاعة في مدينة غزة (شمال)، وتوقعت امتدادها إلى مدينتي دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب).
وبحسب آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة نشرها الأحد، فقد بلغ عدد الوفيات الناجمة عن سوء التغذية منذ أكتوبر 2023 إلى 460 فلسطينيا، بينهم 154 طفلًا، في مؤشر على عمق الكارثة.
** حصار وتقطيع أوصال القطاع
بدأت المأساة في 9 أكتوبر 2023، عندما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي المُقال يوآف غالانت، فرض حصار شامل على القطاع شمل قطع الكهرباء ومنع دخول الغذاء والوقود والمياه.
وبعد أقل من ثلاثة أسابيع، في 27 أكتوبر توغلت القوات الإسرائيلية في غزة وقطعت محور نتساريم جنوب مدينة غزة، ما أدى إلى تقسيم القطاع إلى شطرين شمالي وجنوبي، ومنع وصول المساعدات إلى الشمال.
ومع نهاية العام 2023، تجذر الجوع بالشمال حيث تقع بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون ومدينة جباليا ومخيمها ومدينة غزة، وارتفعت الأسعار بشكل حاد، واضطرت عائلات إلى ذبح الخيول، فيما اختفى الطحين والخبز من الأسواق جراء الحصار الإسرائيلي.
وفي تلك الفترة اقتصرت المساعدات الخارجية على كميات محدودة دخلت عبر معبر رفح إلى مناطق الجنوب فقط (رفح وخان يونس والمحافظة الوسطى)، قبل أن تسيطر عليه إسرائيل بشكل كامل في مايو/ أيار 2024 وتغلقه، لتخنق الإمدادات عن المناطق الجنوبية أيضا.
** الرصيف البحري
في 8 مارس/ آذار 2024، أعلن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، إصدار تعليماته لجيشه بإنشاء ميناء مؤقت (رصيف بحري) قرب ساحل غزة، لإدخال مساعدات إنسانية لمحافظتي غزة والشمال تحت رقابة إسرائيلية.
جرى تشغيل الرصيف في 17 مايو/ أيار من ذلك العام، لكنه توقف عن العمل وتم سحبه في 10 يوليو/ تموز، دون أن يقدم ولا واحد بالمئة من حاجة القطاع، وسط اتهامات باستخدامه لأغراض عسكرية.
وخلال تلك الفترة تعطل الرصيف أكثر من مرة بسبب سوء الأحوال الجوية.
** بدائل قاسية للبقاء
تحت وطأة الحصار، لجأ الفلسطينيون في غزة إلى وسائل بدائية للبقاء على قيد الحياة، حيث طحنوا علف الدواجن وحبوب الطيور لصنع خبز مر المذاق يخبز على نار مكشوفة.
كما اعتمدوا على أكل النباتات البرية مثل "الخبيزة" التي أصبحت وجبة رئيسية، خاصة في الشمال خلال مارس وأبريل/ نيسان 2024.
ومع انعدام الحليب، اضطرت عائلات لإطعام الرضع بوسائل غير آمنة مثل التمر المهروس والحمص المطحون.
وبعد دخول مساعدات محدودة إلى القطاع، لعبت "التكيات" المجتمعية دورا في إطعام مئات الآلاف يوميا، لكنها توقفت مرارا بسبب النقص وإغلاقات المعابر.
أما الطهي فتحول إلى تحد آخر، إذ أدى نفاد الغاز المنزلي إلى استخدام الخشب والورق والبلاستيك وحتى نفايات المنازل لإشعال النار، ما تسبب بمخاطر صحية وبيئية جسيمة.
** إسقاط جوي للمساعدات
وفي محاولة لتخفيف المجاعة، نفذت دول عربية وأجنبية عشرات الإسقاطات الجوية لمساعدات غذائية خلال فترات مختلفة، لكن الفلسطينيين وصفوها بأنها "غير مجدية" أمام حجم المجاعة الهائل.
ووفق آخر إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي، فإن عمليات الإنزال الجوي "الخاطئ" للمساعدات تسببت بمقتل 23 فلسطينيا وذلك منذ 7 أكتوبر 2023.
كما قالت وزارة الداخلية في القطاع إن عمليات الإسقاط تلك أسفرت أيضا عن جرحى من المدنيين، فضلا عن تدمير خيام وممتلكات نازحين.
واتهمت "داخلية غزة" إسرائيل باستغلال عمليات إسقاط المساعدات، كأداة لتعزيز الفوضى، ضمن سياسة "هندسة التجويع" في القطاع.
كما وصف المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، عمليات إسقاط المساعدات جوا لغزة بأنها "غير كافية" وتكلف ما لا يقل عن 100 ضعف مقارنة بالشحن البري.
** هدنة لم تصمد
في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل حيز التنفيذ، مترافقا مع صفقة لتبادل الأسرى، واستمرت الهدنة حتى 18 مارس من العام ذاته، أي نحو شهرين.
وفي 27 يناير 2025، انسحب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم ضمن اتفاق الهدنة، ما سمح بعودة عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع.
وخلال الهدنة، دخلت كميات محدودة من المساعدات الإنسانية لم تف باحتياجات السكان، واقتصرت على تخفيف معاناتهم بشكل طفيف.
لكن الاتفاق لم يصمد طويلا، إذ استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية في 18 مارس، فعادت وأغلقت شارع صلاح الدين شرقا، وأبقت شارع الرشيد الساحلي تحت القصف والنيران، لتكتمل عزلتها لغزة وشمالها من جديد لاحتلالها وتهجير أهلها.
ومنذ 2 مارس الماضي، تغلق إسرائيل كافة المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة عبور أي مساعدات إنسانية، رغم تكدس شاحنات المساعدات على حدوده.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما يعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، يطلق عليها الفلسطينيون اسم "مصائد الموت".
ومنذ بدء عمل هذه الآلية وحتى 5 أكتوبر الجاري، قتل الجيش الإسرائيلي "ألفين و605 شهداء، وأكثر من 19 ألفا و124 مصابا"، معظمهم في محيط مراكز التوزيع الأمريكية، ضمن سياسة "هندسة التجويع" وفق ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي لأكثر من مرة.
وفي 8 أغسطس الماضي، أقرت حكومة إسرائيل خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة، التي يسكنها نحو مليون فلسطيني.
وبعد ذلك بـ3 أيام، بدأ الجيش الإسرائيلي هجوما واسعا على مدينة غزة، شمل تدمير منازل وأبراج وممتلكات مواطنين وخيام نازحين، وقصف مستشفيات، وتنفيذ عمليات توغل.
ومنذ ذلك الحين، يعيش أهالي المدينة في أجواء خانقة، حيث يغطي الدخان جميع معالمها، ورائحة البارود تملأ الأجواء، بينما تواصل طائرات "الكوادكابتر" بث أوامر الإخلاء نحو الجنوب، فيما يرزح الأهالي تحت وطأة الجوع والنزوح.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، خلّفت 67 ألفا و139 قتيلا، و169 ألفا و583 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.