بازار شعبي وسط غزة لإسناد مشاريع صغيرة وإعادة نبض الحياة (تقرير)
ـ أول فعالية اقتصادية مجتمعية منذ وقف حرب الإبادة تشهد مشاركة عشرات النساء والرجال في محاولة لإحياء مصادر الدخل المتوقفة ودعم صمود العائلات النازحة
Gazze
إسطنبول / الأناضول
ـ أول فعالية اقتصادية مجتمعية منذ وقف حرب الإبادة تشهد مشاركة عشرات النساء والرجال في محاولة لإحياء مصادر الدخل المتوقفة ودعم صمود العائلات النازحة- مديرة طاقم شؤون المرأة بيسان أبو جياب للأناضول: الفعالية رسالة بأننا تجاوزنا مرحلة النجاة نحو القوة والإنتاج
- أحمد شاهين أحد المشاركين للأناضول: لم تكن لدينا إمكانيات لكننا بدأنا من الصفر
- المشاركة إسراء سحلوب للأناضول: وجودنا في البازار يمثل رسالة تحدٍّ وصمود
شهدت مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، الخميس، التي تحولت إلى مركز استقبال رئيسي لمئات آلاف النازحين من مناطق القطاع، ميلاد أول فعالية اقتصادية مجتمعية منذ توقف حرب الإبادة الإسرائيلية.
واحتضن البازار الشعبي الذي نظمه مركز شؤون المرأة، عشرات من أصحاب المشاريع الصغيرة، بهدف إعادة إحياء مصادر الدخل التي تعطلت خلال عامين من النزوح والظروف الاقتصادية القاسية.
وعرض المشاركون من النساء والرجال، منتجات منزلية وتراثية في مشهد يعكس رغبة واضحة في استعادة الحياة رغم الأعباء الإنسانية التي ما تزال تلقي بتداعياتها على المدينة.
وعانى الفلسطينيون على مدى عامين من حرب إبادة بدأتها إسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بدعم أمريكي، ما أدى لتعطل شبه كامل للحياة الاقتصادية والاجتماعية في القطاع، بعد تدمير الشركات والمصانع والمحال التجارية والمشاريع الصغيرة، ونزوح مئات الآلاف منهم.
وخلال تلك الفترة، فقدت آلاف الأسر مصادر رزقها، وتوقفت سلاسل الإنتاج المحلي، مع حصار خانق وغياب الخدمات الأساسية، الذي جعل أي محاولة لإعادة النشاط الاقتصادي تمثل خطوة رمزية نحو استعادة الحياة.
وفي البازار، عرض 40 مشاركا مخبوزات ومشغولات يدوية وأعمال خياطة وتطريز فلسطيني، كأنها محاولة جماعية لإعادة بناء ما هدمته الحرب في النفوس قبل البيوت.
** من البقاء إلى القوة
من جانبها، قالت مديرة طاقم شؤون المرأة في غزة بيسان أبو جياب، إن تنظيم هذا البازار جاء "لإيصال رسالة بأن النساء والرجال في غزة ما زالوا صامدين رغم حرب الإبادة التي استمرت لعامين، وما تخللهما من تدمير للمنازل والمشاريع الصغيرة والبنية التحتية، والتهجير القسري، وإغلاق المعابر وحرب التجويع".
وأضافت في مقابلة مع الأناضول أن الهدف من الفعالية هو دعم النساء والرجال عبر مشاريع التمكين الاقتصادي، ومنحهم مساحة للعودة إلى الإنتاج.
وأشارت إلى أن المشاركين "انتقلوا من مرحلة النجاة إلى مرحلة البقاء والقوة، مؤكدين أنهم باقون في أرضهم ومتمسكون بهويتهم الفلسطينية رغم كل ما مرّ بهم".
وأكدت أبو جياب أن استمرار النساء في الإنتاج يمثل "رسالة قوة وصمود"، مشيرة إلى أن الفعالية تساهم في الإنعاش الاقتصادي للأسر المتضررة.
وخلفت الإبادة الإسرائيلية واقعا مأساويا يعيشه 2.4 مليون فلسطيني في مختلف مناطق القطاع، وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية وصعوبة الوصول إلى الخدمات، بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.
وأنهى اتفاق وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، تلك الإبادة التي استمرت عامين في غزة وخلفت أكثر من 70 ألف قتيل فلسطيني وما يزيد على 171 ألف جريح معظمهم أطفال ونساء.
** نساء غزة
بدورها، قالت إسلام أبو عيشة للأناضول، وهي إحدى زوار البازار، إن الفعالية "منظمة بشكل جميل وتدل على قوة نساء غزة اللواتي خرجن من حرب طويلة مليئة بالجراح والدمار، لكنهن ما زلن يواصلن إنتاج الأعمال اليدوية والمخبوزات والتطريز بإرادة قوية".
وأضافت: "هذه المنتجات تعكس صمود المرأة الغزية وقدرتها على النهوض من تحت الركام".
** خلقنا شيئًا من لا شيء
أما أحمد شاهين، أحد المشاركين في البازار، فقال إنهم شاركوا بمخبوزات فلسطينية صُنعت بوسائل بديلة بعد فقدان الغاز وانهيار سبل الإنتاج.
وأضاف: "أعددنا المخبوزات على الحطب وأفران الطين. لم تكن لدينا إمكانيات لكننا بدأنا من الصفر… من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية وتعزيز صمود الأسر المتضررة".
وأكد للأناضول أن المشاركة في البازار تزيدهم "إصرارًا على التمسك بالأرض وتحقيق مصدر دخل يساعدهم على البقاء".
ورغم مرور أكثر من شهرين على انتهاء الحرب، لم يشعر الفلسطينيون بأي تحسن ملحوظ في ظروف حياتهم، إذ ما زالوا يعيشون في خيام مهترئة غرق آلاف منها مع أول هطل للأمطار ما فاقم معاناتهم.
** من تحت الركام
بدورها، قالت إسراء سحلوب، المشاركة بمنتجات للعناية بالبشرة، إن وجودها في البازار يمثل "رسالة تحدٍّ وصمود".
وأضافت في مقابلة مع الأناضول: "خرجنا من تحت الركام لنقول للعالم إن نساء غزة قويات، يحملن قصصًا عن الصبر والنهوض من الألم".
وأوضحت أنها تعرض كريمات علاجية ومستحضرات تجميل وتنظيف، في محاولة لدعم مشاريع النساء وإعادة تشغيل ما توقف منها.
ومع استمرار الحصار وغياب المواد الخام والخدمات الأساسية، باتت المبادرات المجتمعية مثل هذا البازار من بين المحاولات القليلة لإعادة الحياة الاقتصادية تدريجيًا داخل قطاع غزة.
