الدول العربية, تونس

أكاديمي تونسي: الإبادة الإسرائيلية بغزة "استعمارية" ويمكن إفشالها (مقابلة)

** أستاذ علم الاجتماع منير السعيداني: - تُطلَق أيدي الإباديين كلما وجدوا أنفسهم غير محاسبين

Adel Bin Ibrahim Bin Elhady Elthabti  | 01.10.2025 - محدث : 01.10.2025
أكاديمي تونسي: الإبادة الإسرائيلية بغزة "استعمارية" ويمكن إفشالها (مقابلة) أرشيفية

Tunisia

تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول

** أستاذ علم الاجتماع منير السعيداني:

- تُطلَق أيدي الإباديين كلما وجدوا أنفسهم غير محاسبين
- للإبادة منظومة متكاملة ويبدأ إسقاطها بتفكيكها
- لم يعد أحد يصدق السردية الصهيونية التي انحدرت إلى الخرافة
- نخشى أن تحقق الإبادة بغزة بعض أهدافها لكني على يقين من إفشالها

قال الأكاديمي التونسي منير السعيداني، إن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة هي "إبادة استعمارية لإحلال شعب مكان آخر"، و"مدعومة خارجيا"، وأكد على وجود "إمكانيات كبيرة جدا لإفشالها بينها الضغط الدولي المناهض لها".

وفي مقابلة مع الأناضول، أشار السعيداني، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، إلى أن الإبادة الإسرائيلية بغزة "هي استعمارية لأن من يمارسونها مستعمرون يريدون استبدال سكان البلد الأصليين بآخرين من أماكن مختلفة".​​​​​​​

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 66 ألفا و97 قتيلا و168 ألفا و536 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 453 فلسطينيا بينهم 150 طفلا.

** عدم المحاسبة

وبشأن الأسباب الكامنة وراء إطلاق يد إسرائيل لتمارس "أبشع إبادة في العصر الحديث"، قال السعيداني: "تُطلق أيدي الاباديين كلما وجدوا أنفسهم غير محاسبين".

وأضاف أن "وضع الإبادة في إطار الإبادات الاستعمارية يعني أنها جزء من النظام الاستعماري العالمي".

وتابع: "عندما بدأت المحاسبات الأولى للصهاينة في ممارساتهم الإبادية في غزة بعد 7 أكتوبر 2023 تحركت القوى الاستعمارية لفائدتهم، بداية بتعطيل المجريات التي بدأت تشتغل عليها محكمة العدل الدولية، بدأت بمحاصرات وأنواع إسكات لوسائل الإعلام التي يمكن أن تفضح ذلك".

ووفق السعيداني "هناك غلق كامل لقطاع غزة تجاه الصحافة العالمية، بل نوع من الإبادة للصحفيين الذين يمكن أن يوصلوا المعلومة".

وقتلت إسرائيل 251 صحفيا منذ بدء إبادتها في 7 أكتوبر 2023، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة.

** الإبادة كمنظومة

وتحدث السعيداني عن "منظومة متكاملة للإبادة"، موضحا أنه "إضافة إلى الجوانب القانونية والإعلامية والسياسية، يمكن الاكتفاء بمثال واحد وهو الولايات المتحدة التي رفعت إلى حد الآن سلطة النقض (الفيتو) 6 مرات تجاه قرارات ممكنة لإيقاف الحرب داخل مجلس الأمن الدولي".

وأضاف: "الأمريكان يعلمون جيدا أن هناك إبادة وتجويعا وإجلاء قسريا وهذه مكونات تدعم الإبادة".

وأردف: "الإبادة لا يمكن أن تمارس هكذا دون منظومة تدعمها، وهذه المنظومة لها أذرع اقتصادية، وبالإمكان أن نتحدث حتى عن الاقتصاد السياسي للإبادة".

وفي السياق، أوضح السعيداني أن "كل الشركات التي تساهم في بناء الطائرات التي تقصف غزة وتزودها بأنظمة الترصد والتوجيه والقصف متواطئة في عملية الإبادة".

** انقسام الغرب

وعن "التناقض بين القيم الإنسانية التي يعلنها الغرب كالتقدم والحرية والتنوير وبين التوحش الحالي في غزة"، قال السعيداني: "للأمانة يجب أن نلاحظ أنه منذ اللحظات الأولى لمشاهد الابادة في غزة، ظهر الانقسام في ما يسمى الغرب".

وأضاف: "عند الحديث عن الحكومات، نتحدث عن نخب سياسية حاكمة، لكن هناك نخب أخرى معارضة نبهت للطبع الإجرامي للممارسات الصهيونية في غزة وفي فلسطين عموما".

وتابع: "نحن أمام نوع من الانقسام بدأ أولا بالنخب السياسية، لكننا لا ننسى إسهامات كبيرة جدا ومساندة إلى حد كبير للقضية الفلسطينية صدرت من نخب فكرية وأكاديمية وإعلامية".

وزاد: "نعلم جيدا أن الأمر بدأ في الولايات المتحدة، بانقسامات واضحة داخل الأوساط الأكاديمية، اندلعت أولا بين الطلاب وقيادات الجامعات وتوسعت إلى باحثين مرموقين في جامعات كبرى، تلتها موجات بجامعات أوروبية".

** خارج الغرب

وعند الحديث عن موقف العالم غير الغربي من القضية الفلسطينية، قال السعيداني: "كلما ابتعدنا عن المجال الأوروبي الأمريكي الشمالي ودخلنا المجالات الإفريقية والأسيوية وأمريكا الجنوبية وجدنا أصواتا أعلى ومبادرات أكثر إنفاذا للحق الفلسطيني والحق العربي عموما".

وأضاف: "علينا أن ننتبه إلى أن هذه الخريطة متحركة، حتى بالنسبة لأوروبا وأمريكا الشمالية، مثلا كانت معارضة الإبادة في بدايتها بعد أكتوبر 2023 أضعف بكثير مما عليه الآن".

وأردف: "وصلنا الآن إلى ممارسات متقدمة جدا تتمثل في اضطرابات ومعارضات واضحة وتتمثل أيضا في انقسامات حتى وسط النخب الحاكمة".

وزاد: "كلنا يعلم بالصراع الكبير داخل الاتحاد الأوروبي وبرلمانه، لا حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية فقط وإن كان فيه نقاش كثير، بل أيضا حول ما يجب أن يتخذ من إجراءات لتبيين الانسجام مع المبادئ المعلن عنها، لأن حبل النفاق قصير جدا وعلينا أن ننتبه إلى هذا".

** نهاية السردية

أشار السعيداني إلى "انهيار السردية الصهيونية" قائلا إن "الانتباه واجب إلى أن الانهيار القيمي والفكري والثقافي لأنظمة الاستبداد والابادة والاستعمار يكون أبكر دائما من سقوطها الفعلي المادي".

وأضاف: "نحن على عتبات سقوط المشروع الصهيوني ممثلا في كيانه الاحتلالي، وهذا أمر واضح، حيث أن منظومة الإبادة الموجودة في المستوى السياسي والاقتصادي والفكري، بصدد الانهيار".

وتابع: "السردية الصهيونية لم يعد يصدقها أحد، القيادات الصهيونية السياسية الحاكمة ممثلة في (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو والإباديون الآخرون يلجؤون أكثر فأكثر إلى الأساطير وإلى ما ورد في التوراة والكتابات التي يعتبرونها مقدسة ويتبجحون أنهم بصدد تطبيق تعاليم التوراة".

وأردف: "الدليل على تهاوي عناصر الإقناع في السردية الصهيونية، يمكن أن نراه عند أكبر عتاة المدافعين عن الصهاينة في المجالات الإعلامية والفكرية والأكاديمية، حين يعلن بعضهم تباعا بشي من البطء أنهم كانوا غير واعين بما يحدث، أو لم يروا الأمر كما هو في حقيقته وكأنهم مغرر بهم".

** تفكيك المنظومة

وبشأن المخاوف من وصول الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى أهدافها، لم يستبعد السعيداني وجود مخاطر في تحقق بعض الأهداف، لكنه، قال: "أنا على يقين أن هناك إمكانيات كبيرة جدا لإفشال الإبادة".

وتابع: "ليس فقط في مستوى المقاومة العسكرية بوصفها مقاومة من حق كل شعب مستعمر أن يقوم بها حسب القانون الدولي والمرجعيات الأخلاقية للحياة الحرة وكرامة الإنسان وحقه في أن يعيش في بلده في سلامة وطمأنينة، بل في الرفض العالمي المتزايد لها".

وأضاف السعيداني: "لننظر إلى الموجة العارمة من المساندة للمقاومة في البلدان العربية، رغم قلتها وضعفها، وهناك مبادرات مثل أسطول الصمود وقافلة الصمود المغاربية التي مكنت - وهذا مهم - من مجابهة الإبادة".

وزاد: "كلما تقدمت مقاومة الإبادة تنكشف المنظومة التي تساندها، وعند كشف المنظومة ننتقل من مرحلة الوعي بخطر الإبادة بوصفها لا خطرا على الشعب الفلسطيني فحسب بل على البشرية جمعاء، ننتقل إلى مستوى أعلى وهو مستوى الممارسة".

وأردف: "نحن الآن بصدد مقاطعات وإضرابات بالعالم، وبصدد تفكيك منظومة الإبادة بوصفها استعمارية".

** مبادرات شعبية

وأكد السعيداني أن "المنظومة الاستعمارية لا يمكن أن تكون مسيطرة مطلقا على كل شيء ويمكن اختراقها بالمقاومة المتطورة"، مضيفا أنه "كلما تطورت المقاومة تفككت جبهة مساندة الإبادة".

ومشيرا في هذا السياق، إلى الحراك الشعبي العربي المساند للشعب الفلسطيني، قال السعيداني: "ما وقع في تونس مثلا بالأشهر الأخيرة من إطلاق قافلة الصمود ثم أسطول الصمود يذكر بما حدث سنوات 1946 و1947 و1948".

وأضاف: "هناك مظاهر لا تصدق من حيث الاستعداد الشعبي، ليس فقط للمناصرة وإرسال الأموال والدعم المالي، بل أيضا التطوع، آلاف تطوعوا من أجل المقاومة".

وذهب السعيداني إلى أنه "كلما تطورت المقاومة صارت المنظومة الاستعمارية المساندة لإسرائيل في حالة تفكك، وتتصاعد التناقضات والانقسامات والخلافات بين قادتهم ويتحولون إلى نوع من الذئاب التي يمكن أن يتحول الصراع بينهم إلى مواجهة، بينما في الأول كانت متحدة في جبهة واحدة".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.