تركيا, الثقافة والفن, التقارير

بعد 4 قرون.. شاب تركي يوثق خطى الرحالة العثماني أولياء جلبي (تقرير)

الشاب التركي سيمان بوزاصلان تتبّع خطى جلبي داخل تركيا، بزيارة 74 مدينة وأصدر كتابا مصورا يوثق المواقع التي زارها

Aişe Hümeyra Akgün, Hişam Sabanlıoğlu  | 06.04.2025 - محدث : 06.04.2025
بعد 4 قرون.. شاب تركي يوثق خطى الرحالة العثماني أولياء جلبي (تقرير)

Istanbul

إسطنبول/ عائشة حميراء آقكون/ الأناضول

- الشاب التركي سيمان بوزاصلان تتبّع خطى جلبي داخل تركيا، بزيارة 74 مدينة وأصدر كتابا مصورا يوثق المواقع التي زارها
**بوزاصلان للأناضول:
- بدأت رحلتي من جامع "آخي جلبي" في إسطنبول، حيث رأى جلبي الحلم الذي قاده للترحال
- كتابي يحتوي على خرائط جلبي، والصور التي التقطتها أنا، والنصوص والملاحظات الشخصية
- جميع هذه العناصر شكلت كتاب "على خطى أولياء جلبي في القرن الـ21" 

"على خطى أولياء جلبي في القرن 21"، هكذا عنون الشاب التركي سيمان بوزاصلان كتابه الذي هو ثمرة مشروع فريد من نوعه، أعاد فيه تتبّع خطى جلبي داخل تركيا بزيارة 74 مدينة، موثقا بذلك رحلات الرحالة العثماني الشهير بعد مرور 385 عامًا على أوّلها.

ووثق الشاب التركي أكثر من 1200 موقع بعدسته، ليصدر كتابًا مصورًا بعنوان "على خطى أولياء جلبي في القرن الـ 21".

وفي هذا المشروع الذي استغرق تحضيره نحو 17 شهرًا، استلهم بوزاصلان رحلات جلبي (1611 – 1682) المدوّنة في كتاب أسفاره الشهير الذي يعرف باسم "سياحت نامه"، طارحًا التساؤل التالي: "كيف كانت ستبدو الصور لو أن أولياء جلبي التقطها بنفسه؟".

الكتاب الذي صدر عن "دار الكتب الذهبية" (Altın Kitaplar Yayınevi) في إسطنبول، يضم أكثر من 800 صورة فوتوغرافية.

إلى جانب القصص والتحولات التي طرأت على الأماكن التي زارها جلبي قبل أربعة قرون، بالإضافة إلى رمز الاستجابة السريعة (QR) الخاص بخرائط غوغل والذي يتيح للقراء تتبع المسارات داخل المدن.

- وثّقت رحلات جلبي فوتوغرافيًا في 74 مدينة

وفي حديثه للأناضول، أهدى الرحالة سيمان بوزاصلان هذا العمل إلى روح والده الراحل "حاجي بوزاصلان".

وأوضح أن شغفه بالترحال يمتد لأكثر من 17 عامًا.

وقال إنه قرأ حتى الآن نحو 55 كتابًا من أدب الرحلات، وكانت قراءته لموسوعة "سياحت نامه" هي الشرارة التي أطلقت المشروع.

وبعد قراءته للجزء الأول المترجم حديثًا إلى التركية المعاصرة، لاحظ أن كثيرًا من المواقع التي ذكرها جلبي لا تزال قائمة حتى اليوم، وفق حديث الشاب التركي.

وتابع: "بعد إنهائي للجزء الأول، قلت لنفسي إن تلك التفاصيل من الممكن أن تتحوّل إلى مشروع بصري، ورحلة موثقة بالصور".

وزاد: "بدأت بإعادة قراءة سياحت نامه، ووضعت إشارات تحت كل موقع. ثم أنشأت خرائط رقمية باستخدام خرائط غوغل".

وأردف بعد ذلك انطلقت لأزور تلك المواقع واحدًا تلو الآخر، وأقارن بين ما كتبه هو، وما أراه أنا بعد نحو 4 قرون. لقد أضفت إلى القصة ما لم يفعله جلبي نفسه وهو التقاط الصور الفوتوغرافية".

- جزء من الرحلة على ظهر الخيل

وزار بوزاصلان أكثر من 1200 موقع داخل تركيا، إلا أن عدد الصور المضمّنة في الكتاب اقتصر على 800 موقع فقط، لأسباب تتعلق بحجم الكتاب، وفق حديثه.

وفي سعيه لتقمّص تجربة أولياء جلبي، قام بجزء من الرحلة على ظهر الخيل، تحديدًا لمسافة 20 كيلومترًا في هضبة باشقونوش بولاية قهرمان مرعش التركية.

وقال: "في بعض الفقرات، ذكر جلبي أنه دخل غابة كثيفة، وكان وقتئذ خائفا من اللصوص الذين كانوا يسكنون فوق الأشجار. حاولت أن أعيش هذه اللحظة كما عاشها، لذا قررت عبور الغابة على ظهر حصان".

وأشار إلى أنه بدأ رحلته من جامع "آخي جلبي" في إسطنبول، حيث رأى جلبي الحلم الذي قاده للترحال، ثم توجّه إلى ولاية بورصة قبل أن يُنهي رحلته في منطقة قريبة من مدينة كليس (جنوب)، تمامًا كما فعل جلبي قبل أن يكمل طريقه إلى مكة عبر الشام.

وأوضح بوزاصلان أن أكثر المدن التي أحبها وقضى فيها وقتًا كانت، إسطنبول، وبورصة، وأدرنة، ومانيسا، وأماسيا، وطوقات، و"تيره" في إزمير.

- 27 ألف كيلومتر و50 ألف صورة برحلة واحدة

وأوضح بوزاصلان أنه تلقى دعمًا فكريًا وأكاديميًا من البروفيسور زكريا قرشون وجلال شنغور.

وعنهما قال: "اعتمدت على أرشيفهم وأفكارهم. كانوا مصدر إلهام ومنهلًا للعلم في هذا المشروع".

وأضاف أنه خلال الرحلة، قطع 27 ألف كيلومتر، وقاد السيارة يوميًا لحوالي 8 ساعات، والتقط نحو 50 ألف صورة.

إضافة إلى أكثر من 5 آلاف فيديو، شملت تصوير المساجد والقلاع من الأرض والجو باستخدام طائرة درون.

كما أشار إلى وجود خريطتين يُعتقد أنهما من رسم أولياء جلبي، الأولى محفوظة في المكتبة الوطنية القطرية، وتوثّق مجرى نهري الفرات ودجلة من أرضروم (شرق) حتى الخليج، والثانية في الفاتيكان وتُظهر وادي نهر النيل.

وعرض الشاب مشروعه على المكتبة القطرية، وتمكن من الحصول على نسخة رقمية للخريطة، وهي موجودة في الكتاب الذي اجتمعت فيه كل العناصر، خرائط جلبي، والصور التي التقطتها، والنصوص، والملاحظات الشخصية، بحسب بوزاصلان.

جميع هذه العناصر شكلت كتاب "على خطى أولياء جلبي في القرن الـ 21"، وفق كلام بوزاصلان.

- هدفي تعرّف الناس على هوية المكان الذي يعيشون فيه

العمل لا يوثّق رحلة فقط، بل يحمل رسالة هكذا يقول صاحب المشروع قائلا: "أريد للناس أن يدركوا أن السياحة الواعية ممكنة، وأن يضيفوا معنى لرحلاتهم".

ويواصل: "لا أريدهم فقط أن يمرّوا بجانب مسجد أو جسر، بل أن يعرفوا قصته، وتاريخه، وهويته. أولياء جلبي ترك كنوزًا معرفية، وأنا أريد أن أرويها من جديد عبر الصورة".

وأشار إلى أن الكتاب يحتوي على تكامل رقمي، فبفضل رمز الاستجابة السريعة (QR)، يمكن للقارئ أن يفتح خرائط تفصيلية للأماكن التي زارها جلبي داخل 74 مدينة.

كما نوه بوزاصلان إلى أن كتابه السابق، والذي حمل اسم "تركيا في مئويتها"، احتوى أيضًا على عناصر رقمية، لافتًا إلى حبه الشديد للجمع بين الورق والتقنيات الرقمية.

وتابع بوزاصلان حديثه قائلًا: "أشعر وكأني شاركت جلبي في كتابة هذا العمل. بعض فصول هذا العمل مأخوذة حرفيًا من ترجمات المؤرخ سيد علي قهرمان، أهم من قام بتحقيق وشرح وتبويب سياحت نامه".

والبعض الآخر كتبه بنفسه بناءً على زياراته وتحقيقاته حول الزلازل والحرائق والترميمات التي مرّت بها تلك المواقع من القرن السابع عشر حتى يومنا هذا، حسب الشاب.

وختم بوزاصلان حديثه كاشفًا عن نيته إعداد كتاب جديد يعمل على توثيق القلاع الموجودة في تركيا، إذا ما تمكّن من الحصول على دعم مالي لتغطية تكاليف المشروع.

وأولياء جلبي بن درويش محمد أغا ظلي المعروف بلقبه أولياء جلبي هو رحالة ومستكشف عثماني سافر عبر أراضي الإمبراطورية العثمانية والأراضي المجاورة على مدار أربعين عامًا ابتدأها عام 1040 هـ - 1630م من إسطنبول، حيث دوّن مشاهداته في رحلاته في كتاب مكون من عشرة أجزاء.




الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.