وسط دمار غزة.. أطفال يهربون من قسوة النزوح إلى "كرة السلة" (تقرير)
في طريق عام يتوسط خيام النازحين بمنطقة المواصي غرب مدينة خان يونس (جنوب) ويخلو من أي بنى تحتية رياضية، في ظل الدمار الواسع الذي ألحقته حرب الإبادة الإسرائيلية بقطاع غزة..
Gazze
غزة/ الأناضول
تحوّل جزء من طريق رملي ضيق يتوسط خيام النازحين في منطقة المواصي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، إلى مساحة بديلة لممارسة الأطفال كرة السلة، في ظل الموت المحدق بهم والدمار الواسع الذي ألحقته حرب الإبادة الإسرائيلية بالبنى التحتية الرياضية.
مرتان أسبوعيا، يتجمع عدد من الأطفال والفتيان للتدريب على هذه الرياضة بإشراف لاعبين يسعون لإحيائها بإمكانيات شبه معدومة، بعد أن أعادوا تركيب شباك السلة (الرينج) الذي انتشلوه بصعوبة من تحت أنقاض مباني مدمرة.
يلتف حول اللاعبين الصغار مجموعة من الأطفال من أبناء المخيم، يطلق بعضهم هتافات تشجيعية عفوية تضفي للمكان حياة وحيوية وسط أجواء النزوح القاسية.
ويمنح هذا التدريب اللاعبين فسحة قصيرة للابتعاد عن الواقع المأساوي الذي خلفته حرب الإبادة الجماعية التي بدأتها إسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واستمرت لعامين، وانتهت باتفاق وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
وغالبا ما تقطع التدريبات بمرور عربات تجرها دواب ومركبات في الشارع الرملي غير المجهز بأي بنية رياضية، والذي تحوّل بجهود فردية إلى ملعب مؤقت لكرة السلة.
وتعرض القطاع الرياضي خلال أشهر الإبادة لدمار واسع، حيث أفادت معطيات المكتب الإعلامي الحكومي أن الجيش الإسرائيلي دمر خلال العامين الماضيين 292 منشأة وملعبا وصالة رياضية.
** بداية فردية
الفلسطيني عاطف البيطار (64 عاما)، لاعب كرة سلة سابق في نادي خدمات خان يونس، يوجه اللاعبين الصغار خلال فترة التدريبات في الشارع العام.
وبهذا الخصوص، قال البيطار للأناضول إنه قرر استغلال فترة وجوده في منطقة المواصي لتدريب الأطفال على كرة السلة، وللحفاظ على موهبته القديمة.
وأوضح أن هذه التدريبات بدأت منذ أسبوعين، حيث سيتم تنظيمها على مدار يومين كل أسبوع في فترة الإجازات حيث ينخفض مرور المركبات والعربات من هذا الشارع.
وفي معرض وصفه للوضع الراهن، قال البيطار: "نتدرب رغم الصواريخ والعدوان المتواصل"، في إشارة إلى خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار ومواصلتها أعمال نسف المباني السكنية في المناطق التي تسيطر عليها، وقصف مناطق الفلسطينيين جوا.
وذكر أنهم جمعوا الأطفال والفتية الذين لديهم موهبة كرة السلة من أجل تطويرها وتجهيزهم للمشاركة في مباريات محلية أو خارجية.
وأشار البيطار إلى أن الإبادة الإسرائيلية حرمته على مدار العامين الماضيين من هذه الرياضة التي يمارسها منذ نحو 20-25 عاما.
وبشأن رسالته للجهات المعنية، قال المدرب الفلسطيني إننا "نريد أن نلعب ونعود للنوادي والصالات المغلقة.. لا نريد أن نبقى هنا جالسين بين الخيام".
** إمكانيات ضعيفة
بدوره، أكد المدرب جهاد الشرافي، لاعب كرة السلة في نادي خدمات جباليا (شمال) والنازح في منطقة المواصي، أن "الإبادة الإسرائيلية دمرت معها كل شيء في قطاع غزة".
وفي حديثه للأناضول، أوضح الشرافي: "كل شيء محطم، النوادي وحتى المدارس التي كنا ندرب فيها الأطفال ونمارس فيها مواهبنا.. تدمرت".
وأشار إلى أنهم يدربون اللاعبين الجدد على كرة السلة بلا أي مقومات أو بنى تحتية رياضية.
وذكر أنهم انتشلوا شباك السلة (الرينج) بصعوبة من تحت أنقاض المباني المدمرة، وأعادوا تركيبه بغرض إقامة هذه التدريبات.
وعن اختيارهم للموقع المؤقت للملعب، قال الشرافي في هذا الطريق يقل وجود الرمال، حيث لا يجوز لعب كرة السلة في مكان مليء بالرمال.
واستكمل قائلا: "عدنا لكرة السلة بإمكانيات بسيطة"، رغم الدمار الواسع الذي خلفته الإبادة الإسرائيلية.
وطالب الشرافي الجهات المعنية بتوفير الأحذية والزي الرياضي للاعبين الصغار، وتوفير الملاعب والصالات من أجل الحفاظ على المواهب الرياضية.
** أحلام صغيرة
الطفل فارس العيادي، من سكان مدينة غزة والنازح في المواصي، قال للأناضول بعدما أنهى تدريباته: "حلمي أن ألعب كرة السلة، وأكون لاعبا كبيرا".
وعن تأثير الإبادة على أحلامه، تابع: "الحرب دمرتنا.. لم نجد أحذية ولا زيا رياضيا".
وأوضح العيادي أنهم يمارسون هذه الرياضة حفاة الأقدام، بين خيام النزوح، وعلى الرمال دون توفر صالة مغلقة ودون أي بنى رياضية أو خدمات.
وأشار إلى أن أجواء التدريب في الشارع العام غير مناسبة حيث يقطعها مرور العربات بينهم بشكل متكرر.
وأعرب العيادي عن أمنياته في تحقيق حلمه بأن يصبح لاعبا كبيرا، يشارك في مباريات خارج قطاع غزة.
وخلفت الإبادة الجماعية واقعا مأساويا يعيشه 2.4 مليون فلسطيني في مناطق مختلفة من القطاع، وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية وصعوبة الوصول إلى الخدمات، بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.
ورغم مرور أكثر من شهر على انتهاء الحرب، إلا أن الفلسطينيين لم يشعروا بأي تحسن ملحوظ على ظروف حياتهم حيث ما زالوا يعيشون في خيام مهترئة غرق الآلاف منها مع أول هطول للأمطار ما فاقم من معاناتهم.
يأتي ذلك في ظل ارتكاب إسرائيل عشرات الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات من المدنيين، غالبيتهم من النساء والأطفال والكبار في السن.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
