بين جنوب وشمال الليطاني.. ماذا حقق لبنان وماذا تريد إسرائيل؟ (تقرير)
** لبنان يواصل تنفيذ التزاماته بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل التي تهدد بشن هجوم واسع ما لم يتم نزع سلاح "حزب الله" جنوب نهر الليطاني بحلول نهاية 2025
Lebanon
بيروت/ وسيم سيف الدين/ الأناضول
** لبنان يواصل تنفيذ التزاماته بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل التي تهدد بشن هجوم واسع ما لم يتم نزع سلاح "حزب الله" جنوب نهر الليطاني بحلول نهاية 2025** المحلل العسكري هشام جابر:
- جنوب الليطاني أصبح بيد الدولة اللبنانية بنسبة 90 بالمئة وإسرائيل تعرقل المتبقي بعدم السماح للجيش اللبناني بالانتشار حتى أقصى الحدود
- لا يمكن البدء بالبحث في المرحلة الثانية كما تطلب إسرائيل مطلع العام المقبل قبل وقف عدوانها وانسحابها
** المحلل السياسي ألان سركيس:
- الدولة اللبنانية تنتظر تقرير الجيش عن الانتشار جنوب الليطاني ولا يوجد حتى الآن قرار بالانتقال إلى شماله في ظل مطالب لبنانية لإسرائيل
- تأخر بيروت في الانتقال إلى شمال الليطاني وباقي المناطق قد يفتح الباب أمام حرب إسرائيلية جديدة على لبنان
يتصدر ملف حصر السلاح جنوب وشمال نهر الليطاني واجهة المشهد السياسي والأمني في لبنان.
ويحدث ذلك تحت وطأة ضغوط إسرائيلية وأمريكية ودولية متصاعدة للدفع باتجاه ما تعتبره تل أبيب "استكمال تنفيذ الالتزامات"، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
وتؤكد بيروت أن الجزء الأكبر من المتطلبات جنوب الليطاني أُنجز فعليًا.
لكن لا يزال الانتقال إلى المرحلة الثانية موضع تجاذب داخلي وتعقيدات ميدانية وسياسية وعراقيل إسرائيلية، فيما يتمسك "حزب الله" بسلاحه.
وقتلت إسرائيل أكثر من 4 آلاف شخص، وأصابت نحو 17 ألفا آخرين، خلال عدوان على لبنان بدأته في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قبل أن تحوله في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة.
ويوميا تخرق اتفاقا لوقف إطلاق النار مع "حزب الله" بدأ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ما خلّف مئات القتلى، كما تحتل 5 تلال لبنانية إضافة لمناطق أخرى تحتلها منذ عقود.
ومنذ بدء سريان الاتفاق تضغط تل أبيب وواشنطن على الحكومة اللبنانية لحصر السلاح بيد الدولة، بينما يرفض "حزب الله" نزع سلاحه، ويدعو إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية.
وتتزامن الضغوط والجدل مع تحركات دبلوماسية ومفاوضات غير مباشرة، ضمن آلية "الميكانيزم"، وسط تباين في تفسير ما تحقق وما هو مطلوب لاحقا.
و"الميكانيزم" هي لجنة تجمع لبنان وإسرائيل وقوات الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل)، برعاية أمريكية فرنسية، بهدف مراقبة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية.
والأسبوع الماضي، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام قرب انتهاء المرحلة الأولى من خطة الجيش لتنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة، ومن ضمنه سلاح "حزب الله".
وأعرب سلام عن استعداد الدولة للمباشرة بالمرحلة الثانية، شمال نهر الليطاني وحتى نهر الأولي، داعيا إلى توفير الدعم الكامل لتمكين الجيش للقيام بالمهام المطلوبة منه لاستكمال تنفيذ الخطة.
ومن المرتقب أن تعلن الحكومة، في جلسة لها مفترضة بداية العام، عن انتهاء المرحلة الأولى.
فيما يسود ترقب حيال انطلاقة المرحلة الثانية من خطة الجيش، التي كشف سلام في تصريحات صحفية عن أنها ستكون بين ضفتي نهري الليطاني جنوبا والأولي شمالا.
أما المرحلة الثالثة فستكون في بيروت وجبل لبنان، ثم الرابعة في البقاع، وبعدها بقية المناطق، بحسب سلام.
في المقابل قال الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، الأحد الماضي، إن "نزع السلاح مشروع إسرائيلي أمريكي حتى لو سمّي رسميا حصرية السلاح".
وأضاف: "نحن سهلنا فيما أنجزه الجيش اللبناني من الانتشار في جنوب الليطاني خلال الفترة الماضية".
والاثنين، اجتمع الرئيس اللبناني جوزاف عون برئيس وفد بلاده في لجنة "الميكانيزم" السّفير السّابق سيمون كرم، وعرض معه التحضيرات لاجتماع اللجنة في 7 يناير/ كانون الثاني 2026.
** جنوب الليطاني
المحلل العسكري العميد المتقاعد هشام جابر قال للأناضول إن منطقة جنوب نهر الليطاني تختلف عن شماله.
وأضاف أن مبدأ حصر السلاح بيد الدولة يحظى بإجماع، لكنه يحتاج إلى وقت وإجراءات تنفيذية لا يمكن تطبيقها بالشكل الذي تطالب به إسرائيل.
واعتبر أن "لبنان قدّم كل ما يمكن تقديمه، ولا يستطيع تقديم أكثر مما قدّم".
وجنوب الليطاني "أصبح، بشهادة الملحقين العسكريين والسفراء وقوات اليونيفيل والآلية المعتمدة، بنسبة 90 بالمئة بيد الدولة اللبنانية"، بحسب جابر.
وزاد بأن إسرائيل "تعرقل نسبة الـ10 بالمئة المتبقية، من خلال عدم السماح للجيش اللبناني بالانتشار حتى أقصى الحدود، ومنع المواطنين من العودة إلى القرى الحدودية".
ورأى أن ملف جنوب الليطاني "انتهى من الجانب اللبناني"، وتساءل عمّا قدمته إسرائيل في المقابل قائلا إنها "تواصل عدوانها".
ويبرز دور الجيش اللبناني باعتباره الجهة المكلفة ميدانيا بتنفيذ القرارات الدولية، وسط تشديدات على عدم الزج به في أي مواجهة داخلية.
وفي 5 أغسطس/ آب الماضي، أقرّت الحكومة اللبنانية حصر السلاح بيد الدولة، بما فيه سلاح "حزب الله"، ورحبت في سبتمبر/ أيلول المنصرم بخطة من خمس مراحل وضعها الجيش لتنفيذ قرارها.
غير أن الحكومة لم تحدد مهلة زمنية لتطبيق القرار، الذي تشمل مرحلته الأولى سحب سلاح "حزب الله" من جنوب نهر الليطاني بحلول نهاية 2025.
واعتبر جابر أنه "لا يمكن إطلاقا البدء بالبحث في المرحلة الثانية، كما تطلب إسرائيل مطلع العام، قبل وقف العدوان الإسرائيلي وانسحابها".
وقال إن المفاوض اللبناني "يجب أن يتمسك بهذا الموقف".
ومستنكرا، أضاف أن "المطلوب من لبنان تنفيذ كل شيء، في حين لا تنفذ إسرائيل شيئا".
وزاد بأن حزب الله "لن يسلم سلاحه كما صرّح"، مشددا على ضرورة البحث في برنامج زمني يلتزم به الطرفان.
و"لا يمكن الذهاب أبعد من ذلك"، بحسب جابر الذي حذر من "الزج بالجيش اللبناني في مواجهة عسكرية مع حزب الله”.
** المرحلة الثانية
وبحسب المحلل السياسي والكاتب الصحفي ألان سركيس فإن الدولة اللبنانية "تنتظر تقرير الجيش اللبناني بشأن (الانتشار في) جنوب الليطاني، كما تنتظر الآلية المعتمدة التقرير ذاته".
وأشار سركيس، في حديث للأناضول، إلى الاجتماع المرتقب للميكانزيم برئاسة السفير كرم وبمشاركة المندوب الإسرائيلي.
وتابع أن إسرائيل أنهت "تقريبًا كل شيء" (أهداف لحزب الله) خلال الحرب الأخيرة في جنوب الليطاني، والجيش اللبناني دخل لاحقا و"نفذ عمليات تنظيف".
والانتقال إلى المرحلة الثانية، أي شمال الليطاني، "مرتبط بقرار سياسي من الدولة اللبنانية"، بحسب سركيس.
ورأى أنه "لا يوجد حتى الآن قرار سياسي بالانتقال إلى شمال الليطاني"، في ظل مطالب لبنانية باتخاذ إسرائيل خطوات محددة.
وأردف أن من بين المطالب اللبنانية "الانسحاب من عدد من النقاط المحتلة على الشريط الحدودي، ووقف الغارات والاعتداءات، وإنهاء ملف الأسرى اللبنانيين، ولا سيما أسرى حزب الله".
وزاد بأن غياب القرار السياسي بشأن شمال الليطاني "يرتب على الدولة اللبنانية مسؤوليات والتزامات أمام المجتمعين العربي والدولي”.
وتابع أن مخرجات قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، تشير إلى أن “المطلوب نزع السلاح الكامل لحزب الله”.
وأضاف أن خطاب نعيم قاسم "حصرَ مسألة نزع السلاح بجنوب الليطاني"، في وقت "لا يزال جزء من الدولة اللبنانية يتبنى نظرية الفصل بين شمال الليطاني وجنوبه والاتفاقات الدولية”.
سركيس حذر من أن تأخر الدولة اللبنانية في الانتقال إلى شمال الليطاني وباقي المناطق "قد يحمّلها فاتورة باهظة"، و"قد يفتح الباب مجددًا أمام الحرب على لبنان".
ومنذ فترة يتحدث إعلام عبري عن "استكمال" الجيش الإسرائيلي إعداد خطة لشن "هجوم واسع" ضد مواقع تابعة لـ"حزب الله"، إذا فشلت الحكومة والجيش اللبنانيان بتنفيذ تعهدهما بتفكيك سلاحه قبل نهاية 2025.
ورأى سركيس أن الدولة اللبنانية "تعيش حالة تخبط بين متطلبات الداخل وضغوط المجتمع الدولي، إلى جانب خشيتها من رد فعل حزب الله".
والمرحلة الحالية هي "مرحلة ترقب بانتظار مفاعيل قمة ترامب–نتنياهو والاجتماع المرتقب للآلية المعنية"، كما ختم.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
