هآرتس: اضطرابات نفسية حادة تطارد جنودا إسرائيليين شاركوا في حرب غزة
كشف 6 جنود احتياط في الجيش الإسرائيلي، في مقابلات أجرتها معهم صحيفة "هآرتس" العبرية، نُشرت الأربعاء، عن معاناتهم من اضطرابات نفسية حادة، عقب مشاركتهم في حرب بقطاع غزة.
Quds
القدس/ الأناضول
- تومر باداني: الشيء الوحيد الذي يدور في ذهني هو حرق نفسي بالبنزين- ناڤيه أمسالم: كل خروج من المنزل يرافقه خوف أو حالة انفصال نفسي
- ليئام حايكا: أعاني من الأرق والضغط النفسي ونوبات هلع وكوابيس
- أساف عازر: قواتنا فجرت منزلا دون أن تعلم بوجودنا قربه
- هنري بن شبات: أعاني من نوبات غضب حادة نتيجة أصوات الانفجارات
- نوريئيل فايتسمان: تحولت من جندي ينقذ المدنيين إلى شخص يتجول بحفاضة
كشف 6 جنود احتياط في الجيش الإسرائيلي، في مقابلات أجرتها معهم صحيفة "هآرتس" العبرية، نُشرت الأربعاء، عن معاناتهم من اضطرابات نفسية حادة، عقب مشاركتهم في حرب بقطاع غزة.
وأدت مشاهد القتل والدمار التي استمرت على مدى عامين إلى إصابة عدد من الجنود الإسرائيليين بنوبات هلع واضطرابات نفسية، وفق ما رووه للصحيفة، فيما قال أحدهم إن الأفكار التي راودته وصلت إلى حد التفكير في إحراق نفسه.
والثلاثاء، ارتفع عدد الجنود الإسرائيليين الذين انتحروا منذ بداية حرب الإبادة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 61، بعدما انتحر أحد الجنود داخل قاعدة عسكرية شمالي البلاد.
وتحدث الجنود لـ"هآرتس" عن معاناتهم من "أعراض اضطراب ما بعد الصدمة الحاد" نتيجة ما عاشوه خلال الحرب.
ووصف تومر باداني (48 سنة)، وهو جندي احتياط خدم في وحدة تحديد هوية القتلى بالجيش، بشاعة المشاهد التي واجهها خلال مهمته.
وقال: "لا ترى شخصا مات وعيناه مغمضتان كما في الأفلام، بل ترى أجزاء من الجثث، أشياء غير مألوفة".
وأضاف باداني: "في درجات الحرارة المرتفعة، يلتصق اللحم والعظام بهياكل الدبابات وناقلات الجنود المدرعة".
وتابع: "أمسكت بكبد جندي بعد فصل جثته عن هيكل المدرعة".
ولفت إلى وجود حشرات ووصول جثث محترقة تعذر التعرف عليها.
وأشار باداني، إلى أنه "بعد حادثة قُتل فيها 21 جنديا، لم ينطق بكلمة واحدة لمدة ثلاثة أيام".
وأضاف أنه سُرح من الخدمة الاحتياطية بعد نحو 200 يوم من مباشرته فيها.
وقال إن حالته النفسية بلغت حدا جعله يرى أن "النجاة الوحيدة" قد تكون بـ"إحراق نفسه عند مدخل جناح إعادة التأهيل".
** خوف دائم وانفصال نفسي
من جهته، قال ناڤيه أمسالم (31 سنة)، الذي عمل مسعفا في اللواء 551 بالجيش، إن شعور الخوف بات يلازمه بشكل دائم.
وأوضح أمسالم: "كل خروج من المنزل يرافقه خوف، لا أعرف ما الذي قد يفجر داخلي نوبة عنف أو حالة انفصال نفسي، قد يكون صوتا أو مجرد شخص مريب، لكن أكثر ما أخشاه هو سماع شخص يتحدث العربية".
والانفصال النفسي؛ استجابة دفاعية للدماغ عند التعرض لصدمة شديدة أو ضغط نفسي حاد، يشعر خلالها الشخص بانفصال مؤقت عن الواقع أو عن ذاته، وقد يفقد الإحساس بالزمان والمكان أو الوعي لبرهة قصيرة.
وغالبا ما ترتبط هذه الحالة باضطراب ما بعد الصدمة وتُثار بمحفزات مفاجئة تعيد استحضار التجربة الصادمة.
وأضاف أمسالم: "الأمر صعب جدا بالنسبة لي، لأنني لست عنصريا ولا أكره العرب، لكن بعد ما حدث لا أستطيع المخاطرة بفقدان السيطرة".
وروى أنه تعرض ذات مرة لحالة انفصال نفسي أفقدته الوعي لبضع دقائق، خلال نزهة خرج فيها مع كلبه في أغسطس/ آب الماضي، بعدما رأى "شخصا عربيا ينزف على الرصيف".
** أرق وكوابيس
أما ليئام حايكا (21 عاما)، الجندية في لواء الإنقاذ والإغاثة التابع لقيادة الجبهة الداخلية، فقالت إن قدرتها على النوم والحياة الطبيعية تلاشت بعدما شهدته من مشاهد مروعة خلال الحرب.
وتروي حايكا: "كنت في (بلدتَي) جباليا وبيت لاهيا (شمالي غزة)، وشاركت في إجلاء الجرحى. رأيت جنودا قتلى، وبتر أطراف، والدم في كل مكان، وناسا يصرخون طلبا للمساعدة، وفوضى ورعبا".
وأضافت: "كان من المتوقع أن نواصل حياتنا كما لو أن كل شيء طبيعي، وكأننا لم نكن قبل لحظات في ساحة معركة، لكنني شعرت بضيق شديد، ولم أعد أستطيع النوم".
وأشارت حايكا، إلى أنها عانت من الأرق والضغط النفسي ونوبات هلع.
ولفتت إلى أن الجهات الإسرائيلية المختصة تجاهلت طلباتها للحصول على المساعدة، وأنها تعاني اليوم بشكل دائم من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
وتتابع حايكا قائلة: "كنت أحلم بمسلحين يقتربون مني من مسافة قريبة وهم يحملون قذيفة (آر بي جي) وكنت أطلق النار عليهم دون أن يموتوا".
وأضافت: "وفي كابوس آخر رأيت نفسي أبحث عن جثث أفراد عائلتي".
** صدمة نفسية عميقة
بدوره، قال أساف عازر (47 عاما)، جندي احتياط في سلاح الهندسة بالجيش، إنه شهد مقتل جنود في شمال غزة، وهي لحظات قال إنها شكلت صدمة نفسية عميقة بالنسبة له.
ويروي عازر: "تمركزنا في منزل ببلدة بيت حانون، وصعد أحد جنودنا إلى السطح فأصيب بطلق ناري وسقط عند أقدامنا بجروح متوسطة، ثم بدأنا بهدم منزل تلو الآخر".
وأضاف أنه بعد نحو أسبوعين، شاهد جنودا وضابطا يركضون في أحد الأزقة باتجاه منزل، قبل أن يعودوا بعد نصف ساعة وهم يحملون الضابط على نقالة.
وقال: "كنا نقف هناك، مجموعة من الرجال حول نقالة ونبكي. كان المشهد غير واقعي، في ظل الانفجارات وإطلاق النار في الخلفية".
وأشار عازر، إلى أنه في اليوم التالي أُصيب هو نفسه بانفجار ناجم عن عملية نفذها الجيش، قائلا: "كنت أنا وجندي آخر نقف قرب منزل، فانفجر المنزل فوقنا. قواتنا فجرت الموقع من دون أن تعلم بوجودنا هناك".
** نوبات غضب حادة
من ناحيته، قال هنري بن شبات (40 عاما)، وهو مختص عتاد في قوات الاحتياط باللواء الخامس، إنه بات يعاني من نوبات غضب حادة نتيجة أصوات الانفجارات ومشاهد المباني التي تنهار فوق ساكنيها.
وأوضح بن شبات: "زرعت القوات عبوات ناسفة في مبنيين تمهيدا لهدمهما، لكن صاروخ (آر بي جي) أطلقه مسلحون خرجوا من نفق أدى إلى تفجير المتفجرات، ما تسبب في انهيار المبنيين فوق جميع من كانوا بداخلهما".
وأضاف: "قُتل 21 جنديا، ودخلنا للمساعدة في عمليات الإخلاء، وكانت هناك مشاهد يصعب وصفها بالكلمات، إذ شاركنا في إخلاء أجزاء من الجثث للتعرف عليها".
وقال بن شبات، إن تلك الذكريات لم تمنحه الراحة، بل غيّرت شخصيته بشكل جذري.
وأردف: "بدأت أعاني من نوبات غضب، وكنت أرتعب من أبسط الأصوات، ولم أعد قادرا على النوم".
وتابع بن شبات: "وصل بي الأمر إلى التفكير في الانتحار، فقررت أن أطلب المساعدة".
** جندي يتجول بحفاضة
أما نوريئيل فايتسمان (22 عاما)، الجندي في الوحدة التكتيكية لحرس الحدود، فأشار إلى أنه أصيب بنيران صديقة.
وقال إنه أُصيب في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على شاطئ أسدود (جنوبي إسرائيل)، إثر إطلاق نار بالخطأ من قبل جنود إسرائيليين، بعدما اعتقدوا أن مسلحين تسللوا من (شمالي) غزة هم من أطلقوا الرصاص.
ونقلت عنه الصحيفة قوله: "كنت أشعر بالخجل، لأنني تحولت من جندي ينقذ المدنيين إلى شخص يتجول بحفاضة ويحتاج مساعدة الآخرين للاستحمام. إنه شعور بالعجز، وهو شعور فظيع".
وخلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة التي بدأت في 8 أكتوبر 2023 واستمرت لعامين، أكثر من 70 ألف قتيل وما يفوق 171 ألف جريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء.
وبالإضافة إلى الضحايا ومعظمهم أطفال ونساء، تسببت إسرائيل بدمار هائل في غزة، مع تكلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
