مجلس الأمن يبحث ضرب الدوحة.. إدانات واسعة وغضب تجاه إسرائيل
في جلسة طارئة بمشاركة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي

Istanbul
إسطنبول/ الأناضول
عقد مجلس الأمن الدولي، مساء الخميس، جلسة طارئة لبحث العدوان الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة هذا الأسبوع، والذي أثار إدانات إقليمية ودولية واسعة ومطالبات بتحرك عاجل لردع إسرائيل.
ووفق مراسل الأناضول، بدأ اجتماع مجلس الأمن بطلب من الجزائر وبدعم الصومال وباكستان والمملكة المتحدة، ويشارك فيه رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
وفي افتتاح الجلسة، قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو إن الضربة الإسرائيلية على الدوحة "صدمت العالم وشكلت تصعيدا خطيرا ومقلقا".
مندوب الجزائر عمار بن جامع، قال إن الهجوم "يضاف إلى الأعمال الطائشة من الاحتلال الإسرائيلي المتطرف الذي يعتقد أنه يمكنه الإفلات من العقاب".
واعتبر مندوب الجزائر أن الهجوم "إهانة للدبلوماسية" و"فعل خطير وغير قانوني ضد وسيط يعمل بلا كلل لوقف إراقة الدماء في غزة"، و"يثبت أن الاحتلال الاسرائيلي لا يسعى إلى السلام".
وحذر من أن "صمت المجلس إزاء اعتداءات إسرائيل يؤجج الفوضى".
وتساءل مستنكرا: "متى سيردع مجلس الأمن المحتل ويوقف جرائمه؟"
وطالب بن جامع، المجلس بفرض تدابير لردع إسرائيل ووقف إفلاتها من العقاب.
كذلك، أكد مندوب باكستان بمجلس الأمن عاصم افتخار أحمد، أن "العدوان الإسرائيلي على قطر يمثل استفزازا خطيرا ويمكن أن يهدد السلام والاستقرار الإقليميين".
واعتبر مندوب باكستان، الهجوم استهدافا للدبلوماسية، محذرا من أن "تقويض دور قطر وسيطا موثوقا قد ينسف مسارا أساسيا نحو السلام الدائم بالمنطقة".
بدوره، لفت مندوب الصومال بمجلس الأمن أبو بكر طاهر عثمان إلى أن الهجوم الإسرائيلي على قطر "ليس صدفة" بل يأتي ضمن "استراتيجية متعمدة" للتصعيد.
أما الولايات المتحدة الداعم الأكبر لإسرائيل في حرب الإبادة على غزة، فأكدت على لسان مندوبتها بمجلس الأمن دوروثي شيا، أن "القصف على الدوحة التي تعمل إلى جانبنا للوصول إلى سلام لا يحقق أهداف إسرائيل، و(الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب أكد لأمير قطر أن الهجوم لن يتكرر".
وفي السياق ذاته، شدد مندوب روسيا فاسيلي نيبينزيا، على أنه "لا شيء يبرر الهجوم على قطر، التي تقوم بدور إيجابي لوقف الحرب في غزة، وعملت بلا كلل خلال عامين لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين".
وتساءل مندوب روسيا متعجبا: "لماذا يتم التفاوض بشأن إطلاق الرهائن ووقف إطلاق النار إذا كان بالإمكان إطلاق رصاصة على رأس المفاوض؟!"
كما وصفت مندوبة المملكة المتحدة باربرا وودورد الضربة بأنها "انتهاك سافر" لسيادة قطر، وأكدت تضامن بلادها معها.
مندوب فرنسا جيروم بونافو، ألقى هو الآخر كلمة أمام مجلس الأمن شدد فيها على أن "هجوم إسرائيل بالأراضي القطرية ليس مقبولا بغض النظر عن الدوافع ويمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي".
وقال إن "الهجوم استهدف منطقة كان تجرى فيها محادثات مهمة لوقف إطلاق النار بغزة، وندعو قطر إلى مواصلة جهود الوساطة".
أما مندوب الصين فو تسونغ، فاتّهم إسرائيل بأنها تسعى إلى تدمير المفاوضات بشأن غزة.
وقال مندوب الصين إن هجومها على قطر "يعكس سوء النية وانعدام المسؤولية ويهدف إلى تخريب المفاوضات".
كذلك، ألقى رئيس وزراء قطر وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن، كلمة أمام المجلس، وصف فيها "الهجوم الإسرائيلي بأنه استهداف غادر وتهديد للسلم والأمن الإقليميين".
وشدد رئيس وزراء قطر على أن "الهجوم يمثل انتهاكا لسيادة دولة قامت به حكومة متطرفة ويضع المجتمع الدولي برمته أمام اختبار كبير".
ووصف قادة إسرائيل "بأنهم مصابون بالغرور وسكرة القوة لأنهم ضمنوا الإفلات من العقاب".
وأكد بن عبد الرحمان، أن بلاده ستواصل دورها الإنساني والدبلوماسي دون تردد لكنها لن تتهاون إزاء المساس بسيادتها وتحتفظ بحقها المشروع في الرد.
أما وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، فوصف الحكومة الإسرائيلية بأنها "مارقة، ملطخة بدماء الأبرياء، مجبولة على التطرف والكراهية، لا تكترث بقانون دولي، ولا ترتدع بقيمة إنسانية، ترى نفسها فوق القانون، وتعتمد البطش لفرض عقائدية عنصرية، وتحقيق أهداف توسّعية، تهدّد السلم والأمن في المنطقة والعالم".
وأضاف الصفدي: "آن للمجتمع الدولي أن يتحرّك فورًا وبفاعلية للجم غطرستها، وحماية المنطقة كلها من كارثية أفعالها".
وتابع: "تكذب الحكومة الإسرائيلية ومتطرفوها في كل ما يسوقون من مزاعم لتبرير غدرهم بقطر بعد كل ما بذلته من جهود لإنجاز اتفاق تبادل لإنهاء الحرب".
وطالب الوزير الأردني، مجلس الأمن بـ"حماية ما تبقى من صدقية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، لإعادة الإيمان بأن القيم الإنسانية والقانون الدولي وجدوا ليطبقوا من دون تمييز أو انتقائية".
كما طالبهم بتأكيد على أنه "لا حصانة لمعتدٍ، وأن لا دولة فوق القانون، لإحياء الأمل أن الصراع ليس قدر المنطقة، وأن السلام العادل مُتاح، وهدف مُشترك لنا جميعًا، قادرون إن توفرت الإرادة على تحقيقه".
أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، من جانبه، أكد في كلمته على أن "الهجوم الإسرائيلي ضد قطر يمثل انتهاكا سافرا لسيادتها ولأمن دول الخليج".
وشدد قرقاش، على أن "عدوان إسرائيل المتهور على قطر لن يجلب لها السلام".
ووصف الهجوم الإسرائيلي على الدوحة بـ"غير المسبوق"، لافتاً إلى أنه "يقوض آفاق إنهاء الحرب وفرص إحلال السلام".
فيما اعتبر مندوب العراق لقمان عبد الرحيم الفيلي، أن "الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة هي عدوان على المنطقة بأكملها وتهديد السلم والأمن الدوليين".
وأضاف مندوب العراق: "نساند دولة قطر في أي إجراءات تتخذها ردا على الاعتداء الإسرائيلي السافر".
ودعا إلى "عدم التهاون مع الانتهاكات الإسرائيلية التي تمثل إرهاب دولة".
بينما قال مندوب الكويت طارق البناي: "لن نتهاون مع أمن دولنا (الخليجية) أو العبث بأمن منطقتنا".
وتابع مندوب الكويت، في كلمته: "الأمن القومي لدول المجلس (التعاون الخليجي) خط أحمر، وأي تكرار لمثل هذه الأفعال سيواجه بمواقف جماعية أشد، وإجراءات سياسية وقانونية رادعة".
بدوره، قال مندوب مصر أسامة عبد الخالق، في كلمته أمام المجلس: "ندين بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي السافر ونؤكد التضامن الكامل مع دولة قطر".
وأكد مندوب مصر على أن العدوان الإسرائيلي على قطر "غادر وحججه غير مقبولة".
وحذر من أن "إسرائيل ستستمر في جرائمها طالما لم يتخذ المجتمع الدولي موقفا لردعها".
واعتبر عبد الخالق، أن العدوان الإسرائيلي "يكشف عن الجهة المعرقلة للتوصل لاتفاق لوقف الحرب".
وشدد أن على مجلس الأمن "اتخاذ إجراءات جادة لردع إسرائيل عن سياستها العدوانية المتطرفة وخروجها المتكرر عن القانون الدولي".
من جانبه، ادعى المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، في كلمته بمجلس الأمن أن تل أبيب تخوض قتالا "مع حركة حماس وليس مع شعب غزة ولا دولة قطر".
وبخصوص المفاوضات، زعم دانون أن إسرائيل وافقت على مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإنهاء الحرب في غزة، مدعيا أن "حماس رفضته".
في حين أن الهجوم على مكتب الحركة في الدوحة كان أثناء مناقشة وفد الحركة المفاوض لمقترح ترامب الذي تسلمته من الوسيط القطري قبل يوم واحد فقط من الهجوم، وفق ما أعلنه القيادي في حماس فوزي برهوم، في مؤتمر صحفي اليوم.
وادعى مندوب إسرائيل أيضا أن قادة حماس كانوا "الهدف الوحيد" لهجومهم على الدوحة، رغم أن الهجوم أسفر عن مقتل مواطن قطري، ونجل رئيس وفد الحركة المفاوض ومدير مكتبه، إضافة لثلاثة مرافقين.
ومكررا لتهديدات نتنياهو، قال المندوب الإسرائيلي إن "الضربة (لمكتب حماس في قطر) مفادها ألا ملاذ آمنا للإرهابيين في أي مكان لا في غزة ولا في طهران ولا في الدوحة"، على حد تعبيره.
وعاد المندوب الباكستاني لأخذ الكلمة موجها خطابه لمندوب إسرائيل قائلا: "من غير المقبول لقوة معتدية كإسرائيل نشر أكاذيب وافتراءات واضحة أمام مجلس الأمن".
ومساء الأربعاء، أدلى نتنياهو بتصريحات تحمل تهديدات لقطر والدول التي تستضيف قادة من "حماس"، داعيا إياها إلى طردهم "أو ستفعل إسرائيل ذلك".
وسبق الجلسة إعلان "بيان صحفي" صادر عن أعضاء المجلس الـ15، بمن فيهم الولايات المتحدة، أدانوا فيه الضربة الإسرائيلية على الدوحة، دون ذكر إسرائيل بالاسم.
وشدد الأعضاء على "أهمية خفض التصعيد"، وأعربوا عن تضامنهم مع قطر، مؤكدين دعمهم "لسيادتها وسلامة أراضيها".
و"البيان الصحفي" الصادر عن مجلس الأمن هو إعلان قصير غير ملزم يصدره رئيس مجلس الأمن أو أحد أعضائه، لتوضيح موقف المجلس من مسألة معينة أو للتعليق على أحداث طارئة.
ولا يحمل هذا البيان قوة قانونية مثل "القرارات" أو "البيانات الرئاسية".
والثلاثاء، أعلنت إسرائيل أن جيشها شن هجوما جويا على قيادة حركة حماس بالدوحة، وتوعدت بعدها بمهاجمة قادة الحركة الفلسطينية "في كل مكان"، ما أثار إدانات إقليمية ودولية ومطالبات بتحرك عاجل لردع إسرائيل.
وأدانت قطر الهجوم الإسرائيلي واصفة إياه بأنه "إرهاب دولة"، مؤكدة احتفاظها بحق الرد على هذا العدوان الذي أسفر عن مقتل عنصر من قوى الأمن الداخلي.
فيما أعلنت حماس نجاة وفدها المفاوض بقيادة رئيسها بغزة خليل الحية، من محاولة الاغتيال، ومقتل مدير مكتبه جهاد لبد، ونجله همام الحية، و3 مرافقين هم عبد الله عبد الواحد، ومؤمن حسونة، وأحمد المملوك.
وجاء الهجوم على قطر رغم قيامها بدور وساطة إلى جانب مصر، وبمشاركة أمريكية، في مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، للتوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار بقطاع غزة.
ويعكس هذا الهجوم توسيع إسرائيل اعتداءاتها إقليميا، إذ شنت في يونيو/ حزيران الماضي عدوانا على إيران، وترتكب منذ نحو عامين إبادة جماعية بغزة واعتداءات بالضفة الغربية المحتلة، وتنفذ غارات جوية على لبنان وسوريا واليمن.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.