دولي, الدول العربية, فلسطين, إسرائيل, قطاع غزة

أكاديمي فرنسي: اعترافنا بدولة فلسطين خطوة حاسمة وسط مأساة غزة (مقابلة)

البروفيسور جان بول شانيولا: إعلان ماكرون في ظل المأساة التي يشهدها قطاع غزة، عزمه الاعتراف بدولة فلسطين يحمل أهمية خاصة

Esra Taşkın, Hişam Sabanlıoğlu  | 11.09.2025 - محدث : 11.09.2025
أكاديمي فرنسي: اعترافنا بدولة فلسطين خطوة حاسمة وسط مأساة غزة (مقابلة)

Ile-de-France

باريس/ إسراء طاشقين/ الأناضول

البروفيسور جان بول شانيولا:
- إعلان ماكرون في ظل المأساة التي يشهدها قطاع غزة، عزمه الاعتراف بدولة فلسطين يحمل أهمية خاصة
- باريس تستعد رسميًا للاعتراف بفلسطين خطوة منتظرة من قبل الكثيرين
- موقف فرنسا يبعث برسالة مفادها أن "الحرب لن تحقق أي نتيجة، بل ستؤدي فقط إلى مآسٍ لا تنتهي"
- حدة الانتقادات التي واجهها قرار ماكرون تُظهر أن هذه الخطوة الدبلوماسية "مهمة ولها قيمة ومغزى مهم"
- إسرائيل تسير نحو كارثة على جميع الأصعدة، فالأمر لا يقتصر على عزلة دبلوماسية، بل يشمل أيضًا انهيارًا أخلاقيًا

قال أستاذ العلوم السياسية الفرنسي البارز والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، البروفيسور جان بول شانيولا، إن "العالم بأسره، باستثناء الدول الغربية، اعترف بدولة فلسطين"، وأكد أن قيام بلاده بذلك هو "خطوة حاسمة، لاسيما في ظل المأساة التي يشهدها قطاع غزة".

وفي مقابلة مع الأناضول، شدد شانيولا، الذي يشغل أيضا منصب الرئيس الفخري لمعهد أبحاث البحر المتوسط والشرق الأوسط، على أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزمه الاعتراف بدولة فلسطين، رسالة مفادها أن "الحرب لن تحقق أي نتيجة، بل ستؤدي فقط إلى مآسٍ لا تنتهي".

يأتي ذلك بينما تتواصل الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بقطاع غزة منذ قرابة عامين، في وقت أعلنت فيه دول أوروبية، من بينها فرنسا وبلجيكا وبريطانيا، عزمها الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، خلال اجتماعات الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الجاري.

وكان البرلمان الفرنسي في عهد الرئيس السابق فرانسوا أولاند، قد صوّت مرتين في ديسمبر/ كانون الأول 2014، لصالح مقترحين يطالبان الحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين، غير أن السلطات آنذاك لم تقدم على هذه الخطوة بسبب اعتبارات داخلية وخارجية.

ورغم أن فرنسا اعترفت رسميًا بإسرائيل في 25 يناير/ كانون الثاني 1949، وظلت لعقود تؤكد دعمها لخيار "حل الدولتين"، إلا أنها لم تُقدم على أي خطوة ملموسة للاعتراف بفلسطين.

لكن الحكومة الفرنسية أعلنت في يوليو/ تموز الماضي أنها ستتخذ هذه الخطوة خلال الشهر الجاري.

وفي 24 يوليو/ تموز الماضي، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عبر تدوينة على منصة شركة "إكس" الأمريكية: "وفاءً لالتزام فرنسا التاريخي بتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، قررنا الاعتراف بدولة فلسطين".

وأثار هذا الإعلان ردود فعل غاضبة في إسرائيل، حيث اتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في رسالة رسمية بتاريخ 17 أغسطس/ آب الماضي، ماكرون بتأجيج "نيران معاداة السامية" عبر دعوته دولًا أخرى للاعتراف بفلسطين.

ورد قصر الإليزيه في 20 أغسطس بأن ما ورد في رسالة نتنياهو "تحليل خاطئ ومقزز".

كما رفض ماكرون اتهامات نتنياهو في رسالة رد نشرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية في 26 أغسطس، مؤكّدًا أن "احتلال غزة لن يجلب أبدًا النصر لإسرائيل".

- انتظار 11 عامًا

وفي سياق هذه التطورات، أوضح البروفيسور شانيولا أن إعلان الرئيس ماكرون اعتزامه الاعتراف بدولة فلسطين كان "خطوة منتظرة" من قبل الكثيرين.

وأضاف: "قبل 11 عامًا، طالبت الجمعية الوطنية إضافة إلى مجلس الشيوخ الحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين".

وأشار شانيولا إلى أن "إعلان ماكرون، في ظل المأساة التي يشهدها قطاع غزة، عزمه الاعتراف بدولة فلسطين يحمل أهمية خاصة".

وأوضح أن فرنسا بهذا الموقف بعثت رسالة مفادها أن "الحرب لن تحقق أي نتيجة، بل ستؤدي فقط إلى مآسٍ لا تنتهي".

وشدّد على أن الحل الوحيد الممكن لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو حل الدولتين.

واعتبر أن الاعتراف بدولة فلسطين يعني تبنّي خيار الحل.

وأضاف: "بالطبع، هذا يعني أيضًا وجوب احترام القانون الدولي، الذي تنتهكه حكومة نتنياهو يوميًا ما يخلق ظروفًا مأساوية".

- خطوة مشجعة

ولفت شانيولا إلى أن فرنسا من خلال هذه الخطوة تهدف إلى تشجيع دول غربية أخرى على اتخاذ الموقف نفسه.

وتابع: "في الواقع، العالم كله اعترف بدولة فلسطين، باستثناء الغرب".

وذكّر بأن دولًا غربية قليلة، مثل إيرلندا، اعترفت بالفعل بفلسطين.

وشدد أن قيام دولة مثل فرنسا، ذات الثقل الكبير في الغرب، بهذه الخطوة "أمر حاسم للغاية".

وأضاف أن القرار الفرنسي سيدفع دولًا أخرى مثل كندا إلى الاتجاه ذاته.

وأكد على أهمية هذه الخطوة التي "تظهر بداية تحرك الغرب تجاه الاعتراف بدولة فلسطين".

وأوضح أن قرار ماكرون جاء بعد فترة طويلة من التفكير، تخللتها مراحل من التردد.

وأشار إلى أنه خلال شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران الماضيين ظهرت مؤشرات على تغيّر في موقف الإليزيه.

ويرى الخبير الفرنسي أن "ما شهده العالم في الأشهر الأخيرة من انتهاكات للقانون الدولي، ومجاعة، وأعمال إبادة جماعية، كل ذلك شجّع ماكرون على اتخاذ هذه الخطوة".

وأردف: "بالنظر إلى مواقف بعض الأحزاب في فرنسا، والعلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، كان لا بد من شجاعة لاتخاذ هذا القرار".

وفي معرض وصفه للانتقادات الشديدة التي واجهها ماكرون فور إعلانه القرار، خصوصًا من إسرائيل، قال شانيولا: "حدة الانتقادات تُظهر أن هذه الخطوة الدبلوماسية مهمة ولها قيمة ومغزى مهم".

وخلص إلى أن رسالة ماكرون إلى إسرائيل مفادها: "عودوا إلى إطار القانون الدولي، واقبلوا بحل الدولتين كخيار وحيد ممكن، مقابل أن توافق دول عربية عدة، وربما جميعها، على تطبيع علاقاتها مع تل أبيب (..)".

وأكد أن ذلك "أمر بالغ الأهمية لأنه يستند إلى فكرة دمج إسرائيل في الشرق الأوسط بشكل سلمي ومن خلال الأطر السياسية".

- إسرائيل نحو كارثة

ورأى البروفيسور شانيولا أن رسالة الرئيس الفرنسي إلى نتنياهو تضمنت بين سطورها فكرة "حماية إسرائيل من نفسها".

وأشار إلى أن "ماكرون قال ضمنيًا لنتنياهو إن بلاده تسير نحو كارثة بكل معنى الكلمة".

وقال شانيولا: "إسرائيل تسير نحو كارثة على جميع الأصعدة، فالأمر لا يقتصر على عزلة دبلوماسية، بل يشمل أيضًا انهيارًا أخلاقيًا، من خلال ارتكاب أعمال إبادة جماعية، وتنفيذ تطهير عرقي، والتفكير في التهجير وتنظيمه، ما يشكل مسؤولية تاريخية جسيمة".

واستطرد: "كل ذلك يعكس انحطاطًا أخلاقيًا خطيرًا. ولهذا أعتقد أن هذه النقطة لعبت دورًا في موقف الرئيس الفرنسي الحالي".

وبشأن ادعاءات نتنياهو بأن قرار ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر/ أيلول الجاري سيؤدي إلى زيادة معاداة السامية، علّق شانيولا قائلًا: "نتنياهو يحاول تسييس مسألة معاداة السامية، ويستخدم هذه التهمة في كل موقف تقريبًا".

وأوضح أن فرنسا، منذ عهد الرئيس الأسبق شارل ديغول، تبنت في مسألة فلسطين موقفًا يستند إلى القانون الدولي.

وأردف: "بما أن القانون الدولي أكد أن حل الدولتين هو الحل الوحيد، فقد سارت فرنسا في هذا الاتجاه".

وأشار إلى أن "الاتحاد الأوروبي، كان قد أعلن عام 1999، أن الوقت سيحين للاعتراف بدولة فلسطين، إلا أن مختلف الرؤساء اعتقدوا، على مدى 25 عامًا، أن الوقت لم يحن بعد".

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلّفت هذه الإبادة 64 ألفا و656 قتيلا و163 ألفا و503 مصابين من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 404 فلسطينيين، بينهم 141طفلا.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.