أرملة محمد شعلان: إسرائيل سرقت حياته وهو يسعى لإطعام أطفاله (تقرير)
برصاصة إسرائيلية استقرت في القلب، انطفأت حياة نجم كرة السلة الفلسطيني محمد شعلان، بعدما خرج لتأمين لقمة العيش لأطفاله الـ5 وسط مجاعة متفاقمة دخلت مراحل خطيرة في قطاع غزة.

Gazze
غزة/ الأناضول
**عضو المنتخب الفلسطيني لكرة السلة محمد شعلان قتل في محيط مركز توزيع المساعدات الأمريكية في خان يونس**زوجته ميساء جودة:
- لجأ إلى مراكز التوزيع الأمريكية بعدما تراكمت عليه الديون وانعدمت سبل توفير الغذاء
- التجويع الإسرائيلي وتدهور وضع طفلته الصحية عاملان دفعاه للتوجه إلى مركز المساعدات الأمريكي
**والدته "أم محمد":
- خرج من أجل جلب الطعام لأطفاله الذين كانوا يئنون جوعا
- هذه المراكز مصائد للموت وعلى الفلسطينيين الامتناع عن التوجه إليها
برصاصة إسرائيلية استقرت في القلب، انطفأت حياة نجم كرة السلة الفلسطيني محمد شعلان، بعدما خرج لتأمين لقمة العيش لأطفاله الـ5 وسط مجاعة متفاقمة دخلت مراحل خطيرة في قطاع غزة.
شعلان، وهو عضو المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة السلة، وأحد أبرز نجومها بغزة، خرج الثلاثاء متوجها إلى مركز توزيع المساعدات الأمريكية – الإسرائيلية في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، للحصول على ما يسد رمق أطفاله.
ولجأ شعلان إلى هذه المراكز التي حولتها إسرائيل إلى "مصائد للموت" كآخر السبل المتوفرة لإنقاذ عائلته من الموت جوعا، بعد تراكم الديون المالية التي اضطر لها من أجل شراء القليل من الأساسيات.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، باشرت تل أبيب منذ 27 مايو/ أيار الماضي آلية لتوزيع المساعدات عبر ما يعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة أمميا.
ومنذ ذلك الوقت، قتلت إسرائيل ألفين و95 من منتظري تلك المساعدات وأصابت أكثر من 15 ألفا و431 آخرين، وفق أحدث إحصائية لوزارة الصحة بغزة، الأحد، ما أدى إلى وصف تلك الآلية فلسطينيا بـ"مصائد الموت".
ورغم إدراك شعلان للمخاطر، إلا أنه آثر التضحية بروحه من أجل الحصول على كسرة خبز تخفف أنين أطفاله الجوعى، لكنه عاد محمولا على الأكتاف، بدلا من أن يحمل لأسرته ما يسد رمقها.
وقال نجله الكبير (لم يذكر اسمه) وهو يذرف دموعه حزنا على فراق والده، إن شعلان أبلغه قبيل مغادرة المنزل أنه متوجه إلى مركز المساعدات "لجلب بعض الحلوى لمريم (شقيقته الصغرى)، لكنه ذهب ولم يعد (...) حتى وصلنا نبأ استشهاده".
ولعب شعلان، وفق الوكالة الفلسطينية الرسمية "وفا"، مع عدد من فرق كرة السلة المحلية، أبرزها خدمات البريج، وخدمات المغازي، وخدمات خان يونس، وخدمات الشاطئ، وغزة الرياضي، وجمعية الشبان المسيحيين، وخدمات جباليا، كما لعب في المنتخب الوطني لكرة السلة.
**انعدام البدائل
بدورها، قالت زوجته ميساء جودة (33 عاما)، للأناضول، إن شعلان توجه إلى مراكز توزيع المساعدات الأمريكية لجلب الطعام لأطفاله؛ أكبرهم بعمر 10 سنوات، وأصغرهم أقل من 50 يوما.
وأشارت جودة إلى أن واحدة من أطفاله (لم تذكر اسمها) تعاني من ظروف صحية صعبة للغاية، وتحتاج بشكل عاجل لزراعة "الحالبين" ويتهددها خطر الإصابة بالفشل الكلوي.
وذكرت أنها أيضا مصابة بسوء التغذية جراء سياسة التجويع الإسرائيلية، إذ تشكل هذه الإصابة خطرا حقيقيا على صحتها، ما دفع والدها للتحرك بحثا عن الطعام لإنقاذها وأشقائها من الموت جوعا.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة مانعة أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، وتسمح بدخول كميات محدودة جدا لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين.
وأوضحت جودة أن هذا الخيار جاء بعدما تراكمت الديون على شعلان، والتي اضطر إليها من أجل توفير الطعام والأدوية لأطفاله خاصة المريضة منهم.
وأضافت: "حينما خرج إلى هناك، خرج كأي أب في القطاع توجه لجلب الطعام لأطفاله لسد رمق جوعهم، وهو نفسه أصيب بسوء تغذية جراء نقص الطعام".
وخلال رحلته للحصول على الطعام، أصيب شعلان "برصاصة استقرت في القلب وسرقت حياته"، كما قالت زوجته.
**ظروف صعبة
وقالت الزوجة جودة، إن شعلان مر خلال أشهر الإبادة الإسرائيلية بظروف معيشية صعبة للغاية، إذ تزامنت مع تفاقم وضع طفلته الصحي وحاجتها الماسة للعلاج والطعام الذي كان يوفرهم على حسابه الخاص.
وتابعت: "قبل شهر مكثنا مع الطفلة لمدة 42 يوما في المستشفى، وبين الفينة والأخرى نعود بها للمستشفى بسبب إصابتها المتكررة بالحمى".
وعجزت العائلة عن توفير مستلزمات الطفلة بالتزامن مع تدهور الوضع الاقتصادي العائلي وارتفاع أسعار ما يتوفر في الأسواق، وفق قولها.
وطالبت الفلسطينيين بعدم التوجه إلى "مصائد الموت" التي تستغل حاجة الفلسطينيين للمساعدات من أجل قتلهم، مؤكدة على ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة في توزيع المساعدات كي تصل إلى المحتاجين.
وبحزن شديد، تتفقد العائلة الميداليات والكؤوس التي حصدها شعلان في مسيرته الرياضية، إذ تؤكد زوجته أنه كان من أفضل اللاعبين في الفرق التي شارك فيها، وكان له أحقية الاحتفاظ بهذه الجوائز.
وبمقتل شعلان، يرتفع عدد قتلى الحركة الرياضية في فلسطين إلى نحو 670 رياضيا، إلى جانب تدمير الجيش الإسرائيلي 288 منشأة رياضية وكشفية في قطاع غزة والضفة الغربية، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأما والدته "أم محمد" (لم تذكر اسمها)، فقالت للأناضول إنه "كان أفضل لاعب كرة سلة في قطاع غزة".
**جوع شديد
وأوضحت والدة شعلان، أن نجلها خرج إلى مركز توزيع المساعدات الأمريكي بعدما نفد لديهم آخر ما يتوفر من دقيق في المنزل وانعدمت سبل توفير الغذاء.
وتابعت: "كان الأطفال يئنون من شدة الجوع، ويطلبون الطعام من والدهم"، مشيرة إلى أنه لم يكن قادرا على تلبية احتياجاتهم بسبب الظروف الاقتصادية الخانقة.
وحذرت الفلسطينيين من التوجه إلى هذه المراكز التي تحولت إلى "مصائد لقتل الشباب"، معربة عن آمالها في وقف الحرب والمجاعة التي تفتك بفلسطينيي غزة.
والجمعة، قالت "المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (آي بي سي) التابعة للأمم المتحدة، في تقرير: "تأكدت المجاعة في محافظة غزة (شمال)، ومن المتوقع أن تمتد إلى محافظتي دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب) بنهاية سبتمبر (أيلول المقبل)".
وسارعت إسرائيل إلى مهاجمة التقرير رغم اعتماده على معطيات وحقائق، زاعمة أنه استند إلى "شهادات هاتفية".
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفا و686 قتيلا، و157 ألفا و951 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 281 بينهم 115 طفلا.