أفريقيا, التقارير

مابوتو.. عاصمة تجمع بين الإرث الاستعماري وروح إفريقيا الحديثة (تقرير)

- في مابوتو عاصمة موزمبيق تمتزج العمارة البرتغالية العائدة إلى القرن الـ19، مع أبنية شُيّدت بعد استقلال البلاد

Gökhan Kavak, Hişam Sabanlıoğlu  | 27.12.2025 - محدث : 28.12.2025
مابوتو.. عاصمة تجمع بين الإرث الاستعماري وروح إفريقيا الحديثة (تقرير)

Maputo

مابوتو/ كوكهان قاوق/ الأناضول

- في مابوتو عاصمة موزمبيق تمتزج العمارة البرتغالية العائدة إلى القرن الـ19، مع أبنية شُيّدت بعد استقلال البلاد
- شوارع المدينة تحمل أسماء شخصيات تاريخية وسياسية تعكس تحولات موزمبيق بعد الاستقلال من الاستعمار البرتغالي
- قلعة مابوتو من أقدم معالم المدينة وشُيّدت لتكون مركزًا للسيطرة العسكرية خلال الحقبة الاستعمارية البرتغالية
- متحف التاريخ الطبيعي في مابوتو، يعد من أبرز المعالم الثقافية، وتم بناؤه خلال الحقبة الاستعمارية لأغراض علمية

في مشهد يعكس تاريخا متعدد الطبقات، تقدم العاصمة الموزمبيقية مابوتو نموذجا فريدا لمدينة تتعايش فيها الذاكرة الاستعمارية مع ملامح إفريقيا الحديثة، حيث تمتزج العمارة البرتغالية العائدة إلى القرن الـ19، مع أبنية شُيّدت بعد استقلال البلاد.

وعلى إيقاع نسائم المحيط الهندي، تبدو شوارع مابوتو وكأنها مساحة مفتوحة يلتقي فيها الماضي بالحاضر.

وتتميّز مابوتو بشوارعها الواسعة، وواجهاتها ذات الألوان الهادئة، والمباني الاستعمارية ذات الشرفات، إلى جانب العمارة المعاصرة التي فرضت حضورها في العقود الأخيرة، ما يجعلها واحدة من أكثر عواصم إفريقيا تفرّدًا من حيث الهوية المعمارية والثقافية.

وتحمل شوارع المدينة أسماء شخصيات تاريخية وسياسية تعكس تحولات موزمبيق بعد الاستقلال، بدءا من شوارع تحمل اسم أول رئيس للبلاد سامورا ماشيل، وصولًا إلى أسماء قادة أفارقة بارزين مثل جوليوس نيريري، السياسي المناهض للاستعمار البريطاني في تنزانيا.

كما تحمل شوارع المدينة أسماء مفكرين عالميين مثل الروسي فلاديمير لينين والألماني كارل ماركس، في دلالة على التوجهات الأيديولوجية والسياسية التي طبعت مرحلة ما بعد الاستعمار.

** قلعة مابوتو.. رمز السيطرة الاستعمارية

تُعد قلعة مابوتو أقدم معالم المدينة التي شُيّدت لتكون مركزًا للسيطرة العسكرية خلال الحقبة الاستعمارية البرتغالية.

وبجدرانها الحجرية السميكة وفتحاتها الضيقة وساحتها المغلقة، تعكس القلعة الطابع الدفاعي لها، وهي التي تحتضن معروضات عسكرية تعود إلى الحقبة الاستعمارية، إلى جانب قطع توثّق تاريخ موزمبيق.

الصحفي الموزمبيقي هيرمينيو كوسي تشاوكي، قال للأناضول إن البرتغاليين وصلوا إلى المنطقة في القرن الخامس عشر، موضحا أن القلعة بُنيت في القرن الثامن عشر لحماية المدينة من هجمات القراصنة القادمين من دول أوروبية.

وأشار تشاوكي إلى أن موزمبيق خضعت لنحو خمسة قرون من الحكم الاستعماري، عانى خلالها السكان من العبودية، حيث نُقل آلاف الأشخاص قسرًا إلى البرازيل والبرتغال ودول أخرى.

وأوضح أن الكفاح من أجل الاستقلال بدأ في ستينيات القرن الماضي واستمر قرابة عشر سنوات، قبل أن تعلن البلاد استقلالها رسميا في يونيو/ حزيران 1975 عقب اتفاق مع البرتغال في سبتمبر/ أيلول عام 1974.

** متحف التاريخ الطبيعي.. ذاكرة علمية وثقافية

يُعد متحف التاريخ الطبيعي في مابوتو، من أبرز المعالم الثقافية التي شُيّدت خلال الحقبة الاستعمارية لأغراض علمية.

وافتُتح المتحف عام 1913، ليكون أول متحف في موزمبيق.

موظف المتحف أوجينيو كوامبا أوضح للأناضول أن المعروضات تضم نماذج حيوانات تعيش في البلاد بأحجامها الحقيقية، من بينها آكل النمل الحرشفي (البانغولين) وغزلان إفريقية وأنواع من الظباء تُعد الأكبر في موزمبيق.

وأكد أن هذه النماذج تمثل جزءا من الهوية الطبيعية للبلاد.

** مسجد الجمعة.. أول معلم إسلامي

دخل الإسلام إلى موزمبيق عبر التجار العرب القادمين من منطقة الخليج، وتعزّز حضوره في البلاد مع استقرار مجموعات مسلمة من أصول إيرانية هندية.

ورغم الضغوط التي مورست خلال الحقبة الاستعمارية البرتغالية، حافظ المسلمون على وجودهم، لا سيما في مناطق مثل كابو ديلغادو وبيمبا.

ويُعد "مسجد الجمعة" في مابوتو أقدم مسجد في المدينة، إذ شُيّد لأول مرة عام 1876، قبل أن يأخذ شكله الحالي عام 1887.

إمام المسجد حسين سالم، قال للأناضول، إن الإسلام وصل إلى موزمبيق عبر العرب، وبدأ انتشاره من منطقة نامبولا، قبل أن يمتد إلى أنحاء البلاد، مشيرًا إلى أن "مسجد الجمعة" يتمتع بتاريخ يتجاوز قرنين من الزمن.

ورغم عدم وجود حضور مباشر للدولة العثمانية في موزمبيق، إلا أن العلاقات الدينية والروحية ربطت مسلمي المنطقة بالعالم الإسلامي، حيث قدّم مسلمو مابوتو تبرعات لدعم مشروع سكة حديد الحجاز، كما جمع مسلمو كابو ديلغادو وجزيرة إيبو تبرعات للهلال الأحمر التركي عام 1912.

** سوق وساحة

شُيّد السوق المركزي في مابوتو عام 1901، ويُعد أحد أبرز نماذج العمارة الاستعمارية البرتغالية، وكان يمثل مركزًا للتجارة والاقتصاد خلال فترة الحكم الاستعماري.

وتقع ساحة المدينة ودار البلدية في قلب مابوتو، وتشكل مركزها الإداري، فيما يتوسط الساحة تمثال سامورا ماشيل، الذي يُجسّد رمزًا للنضال من أجل الاستقلال.

وإلى جانب معالمها التاريخية، تتميز مابوتو بحدائقها ومساحاتها الخضراء التي توفر متنفسًا لسكان المدينة، وسط غطاء نباتي استوائي.

أما المباني الحديثة التي بدأت بالظهور منذ ستينيات القرن الماضي، فتؤكد انتقال المدينة إلى مرحلة جديدة من التطور العمراني.

ويشكّل هذا التوازن بين العمارة الاستعمارية والمباني الحديثة أحد أبرز عناصر تفرّد مابوتو، ويجعلها من أكثر العواصم الإفريقية تميزًا من حيث الطابع والهوية.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.